فرنسا تلاحق كل من يمجد الإرهاب... ما علاقة مغني الراب؟

فرنسا تلاحق كل من يمجد الإرهاب... ما علاقة مغني الراب؟


01/12/2020

تواصل السلطات الفرنسية ملاحقة كل من يمجّد الإرهاب، أو يعبّر عن دعمه للأعمال الإرهابية، التي يقوم بها متطرفون أو موالون أو متعاطفون مع التنظيمات، على اختلاف خلفياتهم المهنية والثقافية.

تأتي الجريمة التي نفذها شيشاني متطرّف بحق مدرس فرنسي في باريس، في الوقت الذي تحاول فيه السلطات الفرنسية السيطرة على حالة تمدّد الفكر المتطرف.

وقد أصدرت محكمة فرنسية يوم الجمعة الماضي حكماً بالسجن 15 شهراً على مغني راب بتهم تتعلق بتمجيد الإرهاب، وذلك بسبب أغنية مصوّرة قام بنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب مقتل مدرس التاريخ صامويل باتي، نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وفق ما أوردت "سكاي نيوز".

 

حكم بالسجن 15 شهراً على مغني راب بتهم تتعلق بتمجيد الإرهاب بسبب أغنية نُشرت في أعقاب مقتل المدرس صامويل

ومثل مغني الراب "ماكا" (18 عاماً) أمام القاضي في محكمة لاني سور مارن، شرق باريس، بحالة إيقاف، بعد اعتقاله من طرف الشرطة في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري ، بعد انتشار أغنيته التي يقول فيها: "قطعنا صامويل دون رحمة".

وخلال الجلسة قال المدعي العام: إنّ المقطع المصوّر للأغنية تم تصويره أمام سيارة محترقة، فيما كان المغني "ماكا" محاطاً بالعديد من أصدقائه المقنّعين والمسلحين بالسكاكين والمناجل والمناشير، وقد تم حذفه لبعض الوقت من منصة فيديو يوتيوب، ثم تمّ تداوله مرّة أخرى.

وبحسب المدعي العام، فقد سجل الفيديو أكثر من 30 ألف مشاهدة في يوم واحد، مشيراً إلى أنّ "هذا النوع من المقاطع يمكن أن يشكّل دعوة للعنف والقتل".

وقالت المحكمة: إنّ وقت تصوير الكليب كان في نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عندما كان مغني الراب "ماكا" يخضع للرقابة القضائية في ملف قضائي آخر، كما أنه قام بخرق منع التجوال الليلي بعد الساعة الـ8 مساء، الذي كان مفروضاً حينذاك.

من جانبه، قدّم المغني اعتذاره للمحكمة، قائلاً: إنّه لم "ينتبه إلى عواقب ما فعله"، مشيراً إلى أنّه "يدرك أنّ العبارات المروعة تهدف إلى جذب الناس، وإحداث ضجة، وأنا أعلم أنها ليست لطيفة". مضيفاً: "أريد أن أصبح فناناً، كنت بحاجة إلى القليل من الدعم".

يُشار إلى أنّ هذه ليست هي المرّة الأولى التي يُربط فيها بين فناني الراب في فرنسا وبين الدعوة للكراهية وتمجيد الإرهاب.

فقد أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في شباط (فبراير) الماضي، بحلّ منظمة يديرها مطرب راب، بسبب ترويجها لخطاب الكراهية والدفاع عن الإرهاب، وذلك بعد نشر أغنية له على يوتيوب تُدعى "إرهابي"، والتي يستلهم فيها هجمات باريس الإرهابية عام 2015 التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً.

فرنسا تحلّ منظمة يديرها مطرب راب، بسبب ترويجها لخطاب الكراهية والدفاع عن الإرهاب

وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية الفرنسية: إنّ المنظمة التي يُطلق عليها "كيلوميناتيم- جنود على درب الله" تنشر رسائلها تحت غطاء مساعدة المحتاجين.

وأضاف البيان: إنّ "النشاط الرئيسي (للمنظمة) هو تنظيم تحركات علنية لدعوات للكراهية والعنف"، وإنّ المجموعة استخدمت الإنترنت والتسجيلات المصورة التي تعجّ بمحتوى يعكس "طبيعة تآمرية ومعادية للسامية ومعادية للمسيحية... وللدفاع عن الإرهاب".

ومطرب الراب الذي يرأس المجموعة يطلق على نفسه "كيلوميناتي ماستا إكس". وكان قد أدين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 باتهامات بالدفاع عن الإرهاب، وعوقب بالسجن لمدة 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ.

وتلاحق السلطات الفرنسية خلال الفترة الأخيرة كلّ من يقوم بتمجيد العمليات الإرهابية على شبكات التواصل الاجتماعي، لا سيّما الأغاني التي يطلقها بعض هواة الراب أو التعليقات التي يتركها رواد الشبكات على أخبار تتعلق بمقتل المدرس باتي.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حكمت محكمة فرنسية الجمعة بالسجن 4 أشهر مع وقف التنفيذ على طالبة تدرس البيولوجيا وتبلغ من العمر 19 عاماً، بعد إدانتها بتهمة "تمجيد الإرهاب"، لأنها كتبت على موقع فيسبوك: إنّ أستاذ التاريخ باتي كان "يستحق" الموت.

وفي بداية تشرين الثاني (نوفمبر)، استدعت الشرطة تلميذاً في مدرسة ابتدائية بلاسيوتا في جنوب البلاد للتحقيق، وتمّ الاستماع لأقواله في قضية "تمجيد الإرهاب".

وأخذ على الطفل قوله في 2 من الشهر ذاته، يوم الوقوف في فرنسا دقيقة صمت ترحماً على المعلم باتي المذبوح على خلفية رسوم مسيئة للنبي محمد، عليه السلام، قوله: "جيد ما حصل له، لم يكن لديه الحق في شتمنا".

هذا، وأطلقت وزيرة المواطنة الفرنسية مارلين شيابا، منتصف الشهر الماضي، مشروع "وحدة الخطاب الجمهوري المضاد"، لمراقبة ورصد خطابات التطرف في الفضاء الإلكتروني، بعد أن رصدت السلطات رسائل ومنشورات تحريضية ضد الضحية باتي، أياماً قليلةً قبل وفاته، تعتقد السلطات أنها كانت وراء مقتله ذبحاً.

ومنذ العام 2009 أطلقت فرنسا منصة "فاروس" لمكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال 30 ضابطاً من الشرطة والدرك المتخصصين في الجرائم الإلكترونية، يقومون بتحليل التقارير التي يرسلها مستخدمو الإنترنت يومياً، حول جرائم التطرف والجرائم ضد القُصّر، لكنّ المنصة تعرّضت للكثير من النقد بعد حادثة مقتل المدرس باتي، بسبب المحتوى الذي كان يروّج ضده دون رقابة.

وبحسب تقرير نشرته وزارة الداخلية الفرنسية نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فإنّ هذه المنصة تتلقى أكثر من 20000 تقرير شهرياً، وقد نجحت في إزالة أكثر من 3000 محتوى إرهابي منذ بداية العام الحالي.

الصفحة الرئيسية