في ذكرى التأسيس.. كيف قدّم حسن البنا الإسلام لصالح جماعته؟

في ذكرى التأسيس.. كيف قدّم حسن البنا الإسلام لصالح جماعته؟


24/03/2022

بالتزامن مع الذكرى الرابعة والتسعين لتأسيس جماعة الإخوان، واحتدام الصراعات الداخلية في التنظيم وانهيار المشروع تقريباً بشكل شبه كامل، يتجدد الحديث عن "فساد الفكرة" التي تأسست عليها الجماعة، وكيف أنّها أضرّت بالإسلام وقدّمت فهماً خاطئاً عنه لصالح المشروع السياسي الذي أسسه حسن البنا في العام 1928، في وعاء ديني اعتمد على الشعارات الدينية كأحد أهم أدوات تأثيره وتوغّله في المجتمعات.

وقدم الدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية، رؤية نقدية معمقة لفكر الإخوان، خلال برنامج "الحق المبين"، تحدث فيها عن تعارض الأفكار التي قدمها مؤسس التنظيم حسن البنا مع صحيح الإسلام، وأنّها تركت موروثاً خاطئاً لدى قطاع كبير من الناس عن المفاهيم الدينية، وذلك بالتزامن مع ذكرى تأسيسها.

وأوضح الأزهري أنّ "البنا كان لديه حماس أهوج بمشاعر متأججة تجاه الدين، وكانت مشاعره تجعله لا يهنأ أو يمكث صافي الذهن، وتصور أنّ الإسلام في خطر والأمة الإسلامية تضيع، وأضاع عمره في تجارب دائمة التكرار دون الوصول لشيء يذكر، لأنه لم يصبر على تعلم أي من العلوم ويتفوق فيها".

  بالتزامن مع الذكرى 94 لتأسيس الجماعة واحتدام الصراعات الداخلية يتجدد الحديث عن "فساد الفكرة" التي 6عليها

وتابع: "نتج عن ذلك افتقاده لأدوات فهم الشريعة، وبات لديه 3 علوم فقط من أصل 12 علماً متعارفاً عليها بين العلماء، كما أنّه لم يدرس المنطق أو الحديث، أو أياً من العلوم المهمة".

تأصيل الإرهاب

وفي حواره ببرنامج "الحق المبين"، المختص بقضايا الإسلام السياسي، قال الأزهري إنّ "حسن البنا لديه سمات، ومنها الحماس الأهوج، والاندفاع الطائش، وافتقاد أدوات فهم الشريعة، افتقاد مقاصد الشريعة، شدة التباس الواقع".

وأضاف أنّ "البنا ليس أول من يفكر بطريقته التكفيرية، لكن الموجة الأولى كانت في أيام الخوارج، غاب فكر الخوارج 5 قرون وبدأ مرة أخرى في القرن السابع وعكف أهل ذلك العصر على التفنيد حتى ظهر المودودي وبوكوحرام والقاعدة وداعش، وبداية فكرة التفكير وإراقة الدماء انطلقت من حسن البنا".

وتابع الأزهري: "أمامنا ميدان جدلي كبير وفكرة التكفير ظهرت على هيئة بذرة عند حسن البنا ثم منهج تبنته الجماعات الإرهابية من  حسن البنا إلى القاعدة إلى داعش".

ونوّه إلى أنّ "البنا وأرباب الفكر الإخواني وقعوا في خطأ كبير مما قاد بعض الشباب الذين انساقوا وراءهم كمدخل لفكر التكفير، وهو ما حاول سيد قطب أن يرسخ له من بعد البنا، حيث فتح الباب أمام فكر التكفير والجاهلية وكان مدخلًا لظهور الإخوان والدواعش، وهو الذي يعد من أشد صور الخطر وملخص ظهور الجماعات الإرهابية من الدواعش والإخوان التي ترمي الناس بالكفر وتشجع على حمل السلاح بناء على فتاوى وتفسير خاطئ الدين".

جماعة أسست على "ضلالات"

وفي سياق متصل، يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، أحمد سلطان، إنّ الجماعة أحيت هذا العام ذكرى تأسيسيها، في ٢٢ آذار (مارس) الجاري، في ضوء حالة غير مسبوقة من الانقسام، والأزمة التاريخية التي تعصف بكافة مفاصلها وتكتب نهاية حتمية لها، مشيراً إلى أنّ حسن البنا قد أسس فكرته على ضلالات اختلطت بالدين وقدمت فكراً مغلوطاً عن الإسلام وتسببت في تشويهه إلى حد كبير، لصالح المشروع السياسي للجماعة.

وفي تصريح لـ"حفريات"، يرى سلطان أنه لم يسبق للجماعة أن كانت متشرذمة وضعيفة ومنقسمة على نفسها في أي وقت مضى حتى في أوج أزماتها التاريخية، أن مرت بمثل هذه الظروف التي تهدد بزوال هيكلها التاريخي وتلاشي التنظيم وانشقاق قواعده.

أسامة الأزهري: حسن البنا أضاع عمره في تجارب دائمة التكرار دون الوصول لشيء يذكر

وحول الفارق يقول سلطان إنّ الجماعة نجحت في حشد قواعدها وكسب تأييدهم في مختلف الأزمات التي مرت بها، مشيراً إلى أنّ الانشقاقات كانت نخبوية وغير مؤثرة على نشاط التنظيم أو هيكله، لكن ما يحدث في الوقت الراهن يعد "تشظياً رأسياً، وتشتتاً تنظيمياً"، مشيراً إلى أنّ عدداً من الجبهات يحاول كل منها تصفية الآخر لصالحه.

ويبرهن سلطان على حالة الشقاق التاريخية بالمحاولات المستمرة لعزل المرشد من جانب جبهتي اسطنبول ولندن، وهي سابقة في تاريخ التنظيم ولم تحدث حتى في أثناء أزمة المرشد الثاني حسن الهضيبي ومجموعة التنظيم الخاص التي حاولت عزله من منصبه.

ويرى الباحث المصري أنّ "الجماعة تحاول استغلال الأزمات الدولية وحالة الصراع الإقليمي لاستعادة نشاطها، لكنها تعاني شللاً تنظيمياً بسبب الصراعات المحتدمة على مستوى القيادة"، ولا يتوقع سلطان "أن يتم حسم الصراع الراهن داخل الجماعة في وقت قريب، بالرغم من حالة السجال الدائر بين الطرفين".

نهاية قاتمة

وفي السياق توقعت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات، أعدها الباحث بشؤون الحركات الإسلامية صلاح وهبة، "تعقد مسارات المستقبل لجماعة الإخوان بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة".

أحمد سلطان: لم يسبق للجماعة أنّ كانت متشرذمة وضعيفة ومنقسمة على نفسها كما اليوم

وأوضح الباحث أنه "في ظل التطورات المتلاحقة التي تزداد يوماً بعد يوم تعيش الجماعة حالة من الانهيار الداخلي والتفتت المؤسسي؛ إذ انقسمت الجماعة رسمياً إلى قسمين يقوم كل منهما بتكذيب الآخر والتأكيد على أنه الممثل الوحيد والشرعي للجماعة الإرهابية، ويمتلك كل قسم منهما قائداً وكوادر مساعدة ومجلس شورى وأدوات إعلامية وإلكترونية، وهو ما يعزز من حالة الانهيار القائم والتي تصل أولًا بأول لعناصر التنظيم من الصفين الثاني والثالث، لتصل لاحقاً إلى مرحلة الانهيار الكامل وانفصال تلك العناصر عن قياداتها ومنهجية الإخوان بشكل كبير.

ويرى وهبه أنّ العوامل التي تعيشها جماعة الإخوان حالياً تؤدي إجمالاً إلى ازدياد قتامة مستقبلها خاصة، مع عدم وصول جناحي تركيا وبريطانيا لسُبل الحل وتمسك كل منهما بموقفه وانقشاق القيادات حولهما، وهو ما قد يسبب انهيار التنظيم بشكل كامل ويندثر بفعل الصراعات البينية التي لن تنتهي، أو قد يفتح الباب أمام انشقاق القيادات الصغرى بالجماعة وتشكيلها كياناً جديداً وربما جناحاً ثالثاً يقوم على إزاحة جناحي النزاع ويحظى بدعم عدد من القيادات الوسيطة التي فشلت في تحقيق مصالح لها بسبب الصراع الدائر وتقديم نفسه كوكيل جديد للجماعة الإرهابية، وقد يلجأ الكيان أو الجناح الجديد للعنف المسلّح في عدة دول بالمنطقة لإثبات إمكانية المراهنة عليه والحصول على دعم المانحين الأساسيين للجماعة بشكلها القديم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية