في "يوم زايد للعمل الإنساني"... إمارات الإنسانية بين الأمس واليوم

في "يوم زايد للعمل الإنساني"... إمارات الإنسانية بين الأمس واليوم


02/05/2021

تحيي دولة الإمارات العربية المتحدة "يوم زايد للعمل الإنساني" الذي يصادف 19 رمضان من كل عام، الموافق لذكرى رحيل مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

ويُعدّ "يوم زايد للعمل الإنساني" مناسبة سنوية للاحتفال بما حققته الإمارات منذ عهد الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، إلى اليوم من إنجازات على صعيد العمل الإنساني، من خلال المساعدات التي تقدمها للدول والشعوب الأخرى، ويمثل أيضاً موعداً سنوياً للإعلان عن العديد من المبادرات الإنسانية والخيرية الحيوية والنوعية عبر مئات الفعاليات الحكومية والمجتمعية التي تنظمها المؤسسات العامة والخاصة والأهلية، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام).

وتحلّ المناسبة للعام الثاني على التوالي في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم جرّاء تفشي فيروس كورونا المستجد، والتي تتطلب الاقتداء بإرث الشيخ زايد، من أجل مزيد من التعاون والتكاتف لمواجهة التحديات الناجمة عن أزمة "كورونا".

وأكدت الإمارات خلال جائحة كورونا التزامها بالرؤية والرسالة الإنسانية التي رسّخها الشيخ زايد، رحمه الله، وذلك من خلال جهودها ودورها في مساعدة دول العالم على التصدي لهذه الأزمة، فقد أرسلت نحو 2000 طن من المساعدات الطبية إلى 130 دولة، في إطار سعيها لنشر قيم الخير والتعاون والتضامن بين البشر.

وعمّت شواهد عطاء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مختلف دول العالم، فلا تكاد تخلو بقعة من بقاع الدنيا من أثر كريم يمجّد ذكراه العطرة، وقد بلغ حجم المساعدات التي قدّمتها دولة الإمارات بتوجيهات من الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في شكل منح وقروض ومعونات شملت معظم دول العالم أكثر من 98 مليار درهم حتى أواخر عام 2000.

وعلى الصعيد العربي، وفي عام 1981 ترأس الشيخ زايد قمة الإعلان عن ميلاد مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالتزامن مع انعقاد القمة وجّه الشيخ زايد "صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي" بتقديم قرضين لدولة البحرين بقيمة 160 مليون درهم لتمويل المشروعات الكهربائية والصناعية.

وقرّر، طيّب الله ثراه، في عام 1972 مساعدة اليمن بإنشاء إذاعة صنعاء، وفي عام 1974 قدّم الشيخ زايد مبلغاً إضافياً قدره مليون و710 آلاف دولار لتكملة مشروع الإذاعة والتلفزيون في اليمن، وبتوجيهات منه، قدّمت دولة الإمارات مساعدة عاجلة وقدرها 3 ملايين دولار لتخفيف آثار الفيضانات والسيول التي اجتاحت جمهورية اليمن في التسعينيات من القرن الماضي.

وقد احتلت مصر على الدوام مكانة متميزة في قلب المغفور له الشيخ زايد، الذي ترك فيها أثراً طيباً اتخذ أشكالاً كثيرة؛ منها بناء عدد من المدن السكنية السياحية، واستصلاح عشرات الآلاف من الأراضي الزراعية، وإقامة العديد من القرى السياحية، وتقديم الدعم المادي للمراكز والمستشفيات الطبية.

وتكفل، طيّب الله ثراه، بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973 بمساعدة مصر على إعادة إعمار مدن قناة السويس "السويس - الإسماعيلية - بور سعيد"، التي دُمّرت في العدوان الإسرائيلي عليها عام 1967.

وتبرّع، رحمه الله، في العام 1990 خلال مشاركته في الاحتفال التاريخي العالمي الذي أقيم في أسوان بجمهورية مصر العربية بمبلغ 20 مليون دولار، وذلك لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة.

وتنهض في المغرب عشرات المشاريع الشامخة أمام الأعين والتي تحمل اسم "زايد"، ومن أبرزها مؤسسة الشيخ زايد العلاجية، والمركز الخاص برعاية الطفولة، والعديد من الوحدات السكنية المتكاملة، وقد وجّه، رحمه الله، "صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي" في العام 1976 لتقديم قرض بقيمة 40 مليون درهم لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالمملكة المغربية.

مشروع ضاحية الشيخ زايد في القدس

وفي فلسطين، يُعدّ مشروع ضاحية الشيخ زايد في القدس الذي تكلف نحو 15 مليون درهم واحداً من أبرز المشاريع التي وجّه، رحمه الله، بتنفيذها في فلسطين، إلى جانب مشاريع أخرى، منها إعمار مخيم جنين الذي تكلف إنشاؤه نحو 100 مليون درهم، وبناء مدينة الشيخ زايد في غزة بتكلفة بلغت نحو 220 مليون درهم، ومدينة الشيخ خليفة في رفح والحي الإماراتي في خان يونس، إضافة إلى العديد من المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية ومراكز المعاقين التي انتشرت في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.

وشكلت مساعدات الشيخ زايد إلى السودان أبرز ملامح العطاءات الخيرية، فقد تبرع، رحمه الله، بإنشاء كلية الطب ومستشفى ناصر بمدينة ود مدني السودانية، وتم تقديم مبلغ 3 ملايين دولار أمريكي لمشاريع مياه الشرب في السودان، وقدّم "صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي" قرضاً بقيمة 5.16 ملايين درهم لمشروع التنمية الريفية في منطقة دارفور بغرب السودان.

واهتمّ الشيخ زايد بمساعدة لبنان، على نفقته الخاصة، من خلال مبادرته بنزع الألغام التي خلّفها الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، وكذلك اهتم بأن تقوم الإمارات بدور فاعل في عملية إعادة بناء لبنان بعد الحرب، فقدمت الدولة المساعدات المالية والهبات والقروض للمشاريع الحيوية والتنموية.

ونالت سوريا في عهد الشيخ زايد قسطاً وفيراً من الدعم للمشاريع الخيرية والتنموية، فقد وقع "صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي" في دمشق 3 اتفاقيات مع سوريا لتمويل 3 مشاريع صناعية بقيمة 911 مليون درهم.

وعلى الصعيد الدولي، وفي باكستان على سبيل المثال، تقف مدن كراتشي ولاهور وبيشاور شامخة مزهوة بالمراكز الإسلامية الـ3 التي أقامها الشيخ زايد لنشر الثقافة الإسلامية والعربية بين أبناء باكستان، إضافة إلى تمهيد وتوسيع الطريق الجبلية من مدينة خاران وبناء مسجد دالي وحفر آبار المياه وبناء المساجد والمدارس والمساكن.

وتبرع، طيّب الله ثراه، في عام 1982 بمبلغ 500 ألف دولار لمشروع مبنى الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة في كراتشي، ووجّه بتقديم المساعدات الطبية والمنح الدراسية والمساعدات العاجلة لضحايا الزلازل والفيضانات.

وتجاوزت المشاريع الخيرية الإماراتية في عهد الشيخ زايد نطاق العالم العربي والإسلامي، وامتدت لتشمل دول العالم أجمع، ففي عام 1992 تبرعت دولة الإمارات بـ5 ملايين دولار لصندوق إغاثة الكوارث الأمريكي لمساعدة منكوبي وضحايا إعصار آندرو الذي ضرب ولاية فلوريدا الأمريكية.

ويسجل التاريخ مواقف مشرّفة للشيخ زايد في نصرة ودعم شعب البوسنة والهرسك خلال تعرضه لأبشع جرائم الحرب في تسعينيات القرن الماضي، فقد وجّه في 26 نيسان (أبريل) 1993 بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار لإغاثتهم من الأوضاع المأساوية التي يمرون بها.

وأمر، رحمه الله، بإرسال العديد من شحنات الإغاثة من المواد الغذائية والطبية إلى البوسنة، ووجّه باستقبال أفواج من الجرحى لعلاجهم بمستشفيات الدولة، وتكفل بإقامة العشرات من العائلات في شقق مجهزة بالكامل وتوفير فرص العمل لهم.

وفي أيار (مايو) 1990 تم التوقيع على اتفاق لإقامة مطبعة إسلامية في العاصمة الصينية بكين بمنحة من الشيخ زايد لدعم أنشطة المسلمين الصينيين ونشر الدعوة الإسلامية بتكلفة 3.1 ملايين درهم، وتبرع بنصف مليون دولار لدعم جمعية الصداقة بين الإمارات والصين.

وفي عام 1999، وبتوجيهات من الشيخ زايد، رحمه الله، غادرت مطار أبو ظبي طائرة إغاثة متوجهة إلى اليونان لمساعدة المتضررين من الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة من البلاد.

وبتوجيهات منه، رحمه الله، في عام 2000 بدأ "الهلال الأحمر الإماراتي" بتوزيع الأضاحي بجمهورية أنجوشيا على النازحين الشيشان، وقدمت مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية 145 طناً من المساعدات الغذائية للمتضررين من المجاعة التي اجتاحت منطقة القرن الأفريقي، كذلك قرر مجلس الوزراء تقديم مساعدة عاجلة بقيمة 100 ألف دولار لمنكوبي الزلزال الذي ضرب جواتيمالا.

وعلى خطى المؤسس الشيخ زايد، مع كل أزمة يواجهها العالم، وفي كل موقف تواجهه دولة صديقة أو شقيقة، كانت الإمارات حاضرة دائماً لتقديم يد العون والمساعدة، بتوجيه من ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

ومن المبادرات التي كانت برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي تنفذ لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم، بعد أن استطاعت الإمارات تجاوز تحديات تفشي وباء "كوفيد– 19"، واستأنفت الحملات وإيصال اللقاحات إلى الأطفال، ونجحت خلال 2020 والأشهر الـ3 الأولى من عام 2021 في إعطاء 83 مليون جرعة تطعيم ضد شلل الأطفال، لتصبح أول حملة في العالم تستأنف التطعيم ضد شلل الأطفال في ظل الوباء.

وبمجموعة من المبادرات والمواقف المشرفة، تجاوزت الإمارات حسابات السياسة الضيقة، وأعلنت التضامن الإنساني، مؤكدة أنها ستبقى على الدوام خير سند لأشقائها وأصدقائها وللإنسانية جمعاء، إيماناً منها بأنّ التضامن الإنساني بين الشعوب راسخ، والخلاف السياسي عابر مهما امتد.

وفي ترجمة عملية لتلك المبادئ والقيم، جاء الاتصال الهاتفي الذي أجراه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس السوري بشار الأسد في آذار (مارس) 2020 مع بدء تفشي الفيروس، لبحث دعم الشعب السوري جرّاء تفشي جائحة كورونا.

مبادرة هي الأولى من نوعها لمد يد العون للشعب السوري الشقيق في تلك الظروف الحرجة، تقدم بها الإمارات للعالم رسالة بشأن إعلاء القيم الإنسانية على المسائل السياسية مهما كانت الخلافات والاختلافات.

وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالات مكثفة مع عدد من قادة العالم والشخصيات المؤثرة حول العالم، لبحث جهود احتواء انتشار فيروس كورونا، عبّر خلالها عن دعم بلاده لتلك الدول لمواجهة كورونا.

وحظيت تلك المبادرات والاتصالات بتقدير وشكر من قادة العالم وشعوبه للإمارات قيادة وحكومة وشعباً على جهودها الخيرة لدعم الإنسانية في مواجهة هذا الوباء.

وقدّمت دولة الإمارات حتى اليوم أكثر من 2000 طن من المساعدات لأكثر من 130 دولة، استفاد منها نحو 1.8 مليون من العاملين في المجال الطبي.

وفي أحدث تلك الجهود، أرسلت الإمارات إلى دمشق 3 طائرات مساعدات خلال شهر نيسان (إبريل) الماضي، كان آخرها يوم 27 من الشهر نفسه على متنها كميات كبيرة من لقاحات "كوفيد-19 " والأدوية والمواد الطبية، سيّرتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر السوري، لدعم قدرة القطاع الصحي السوري على مواجهة تداعيات جائحة "كورونا" وتعزيز الإجراءات الوقائية للحد من تفشيها.

وفي 21  آذار (مارس) الماضي، أرسلت دولة الإمارات طائرة مساعدات ثانية تحتوي على 7.7 طن من الإمدادات الطبية وأجهزة الفحص إلى جمهورية القمر المتحدة، لدعم جهود 7700 من العاملين في مجال الرعاية الصحية لتعزيز جهودهم في احتواء انتشار "كوفيد-19".

وقبلها بأيام، أرسلت دولة الإمارات شحنة ثانية من اللقاح الروسي "سبوتنيك - في" المضاد لفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" إلى قطاع غزة، تحتوي على 38700 جرعة، وتسلمتها وزارة الصحة الفلسطينية عبر معبر رفح.

وعبّرت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان صحفي عن شكرها وامتنانها لدولة الإمارات على هذا الدعم الذي يعزز من الإجراءات الصحية في مواجهة جائحة "كوفيد-19" في قطاع غزة، وثمّنت الوزارة دور كل من ساهم في تسهيل وصول هذه الشحنة إلى قطاع غزة.

وأرسلت دولة الإمارات أيضاً في  شباط (فبراير) الماضي 20 ألف جرعة من لقاح "سبوتنيك-في" الروسي المضاد لكوفيد-19.

وتأتي هذه المساعدات في إطار التزام دولة الإمارات المستمر في دعم الشعب الفلسطيني وتعزيز جهود الكوادر الطبية في مكافحة الجائحة، فقد أرسلت دولة الإمارات في هذا الصدد 3 طائرات مساعدات طبية تحمل 36.6 طن، بالإضافة إلى 10 آلاف جهاز فحص كورونا و10 أجهزة تنفس، ليستفيد منها 36.6 ألف من الكوادر الطبية.

ومن أبرز المبادرات الإماراتية لدعم الجهود العالمية لمكافحة كورونا، مبادرة "ائتلاف الأمل"، التي أعلنت الإمارات عن إطلاقها من أبو ظبي في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، التزاماً منها بدعم الجهود العالمية في توزيع لقاحات "كوفيد-19" لجميع أنحاء العالم.

و"ائتلاف الأمل"، هو شراكة بين القطاعين العام والخاص تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، وتهدف إلى الإشراف على تنسيق عملية التوزيع الآمن لمليارات الجرعات من لقاح "كوفيد-19" حول العالم.

وفي سياق متصل، أصبحت "الإمارات للشحن الجوي" الأولى على مستوى العالم التي تنجح في نقل أكثر من 59 مليون جرعة من لقاحات "كوفيد-19" على رحلاتها.

وتمكنت "الإمارات للشحن الجوي" منذ تشرين الثاني (أكتوبر) 2020 من نقل وتسليم نحو 5% من إجمالي لقاحات "كوفيد-19" بسرعة وأمان في مختلف أنحاء العالم.

ونقلت ذراع الشحن في طيران الإمارات نحو 59 مليون جرعة من لقاحات "كوفيد-19" من مواقع الإنتاج إلى أكثر من 50 وجهة حول العالم ضمن شبكة خطوطها عبر دبي، وتوزعت اللقاحات التي نقلتها على 6 أنواع مختلفة.

وبرز العمل الإنساني للإمارات خلال أزمة "كوفيد- 19" في العديد من المبادرات منذ بداية الأزمة على الصعيدين الوطني والدولي، ولا ينسى العالم مبادرة "الإمارات وطن الإنسانية"، حيث قامت أبو ظبي في آذار (مارس) 2020 مع بدء تفشي كورونا بإجلاء 215 من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من مقاطعة هوبي الصينية بؤرة تفشي وباء كورونا إلى مدينة الإمارات الإنسانية في أبو ظبي، ومن ثم نقلهم إلى دولهم بعد وضعهم تحت الحجر الصحي للتأكد من سلامتهم.

ودشنت الإمارات جسور المساعدات الإنسانية لتصل أياديها البيضاء إلى أكثر من 130 دولة حول العالم، حملت مساعدات طبية وإنسانية عاجلة، على الرغم من جميع التحديات التي أفرزتها الظروف.

وأسّست الإمارات صناديق دعم ضمن جهودها الوطنية والإنسانية، منها "صندوق الإمارات - وطن الإنسانية"، لتوحيد الجهود الوطنية للتصدي لوباء "كوفيد-19".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية