قطر تعرقل اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا بهذه الطريقة

قطر تعرقل اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا بهذه الطريقة


27/10/2020

فور الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، اتخذت كل من تركيا وقطر إجراءات تعكس محاولتهما عرقلة ذلك الاتفاق، عن طريق عقد اتفاقيات أمنية تخالف بمضمونها بنود الاتفاق الذي وقعه الفرقاء الليبيون يوم الجمعة الماضي.

اقرأ أيضاً: وزيرا خارجية وداخلية الوفاق في قطر قبيل إطلاق منتدى الحوار الليبي... لماذا؟

ورغم ترحيب قطر بتوصل طرفي النزاع في ليبيا إلى اتفاق، وإعرابها عن تمنياتها بأن "يكون هذا الإعلان خطوة للأمام في طريق الحل السياسي الشامل الذي يحافظ على وحدة الأراضي الليبية، ويحترم حقوق الشعب الليبي الشقيق، ويؤسس لدولة القانون والمؤسسات المدنية"، إلا أنّها كانت ثاني دولة بعد تركيا في مخالفة بنود ذلك الاتفاق بعقد اتفاقيات أمنية مع حكومة الوفاق.

قطر كانت ثاني دولة بعد تركيا في مخالفة بنود الاتفاق

وفي السياق، وقّعت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية غير الدستورية،  مع وزارة الداخلية في دولة قطر مذكرة تفاهم في مجال التعاون الأمني، تتركز في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، لمدة 3 أعوام قابلة للتجديد، ممّا اعتبره مراقبون مناورة جديدة لإفشال الحوار السياسي القائم برعاية أممية، وفق ما أوردت وكالة قنا القطرية.

اقرأ أيضاً: هل تفتح قطر سفارة لدى ميليشيات الحوثي الإرهابية؟

وتناولت الاتفاقية، التي وقعت برعاية شخصيات موالية لقطر وتركيا، العديد من البنود، والتي تحاصر ليبيا وتضمن الإبقاء على الاتفاقية في حال تغيرت الحكومة، فالمادة السادسة من الاتفاق، توفر طريقة لتمويل الجماعات التي ترعاها الدوحة وأنقرة في ليبيا، من خلال التأكيد على أنّ جميع الالتزامات المالية الناتجة من تنفيذ أحكام الاتفاقية يتفق بشأنها كتابياً.

 

قطر توقع مع حكومة الوفاق الوطني الليبية مذكرة تفاهم في مجال التعاون الأمني، لمدة 3 أعوام قابلة للتجديد

 

كما جرّدت المادة السابعة ليبيا من حقّ اللجوء إلى التحكيم الدولي أو إدخال طرف ثالث حال النزاع على بنود الاتفاقية، وتنصّ على: "أنّ أي خلاف قد ينشأ عن تفسير أو تطبيق أحكام هذه المذكرة يتم تسويته ودياً دون اللجوء إلى طرف ثالث أو إلى التحكيم الدولي"، وهو ما يحصّن هذه الاتفاقية من الإلغاء في حال تغيرت الحكومة الموالية لقطر.

أمّا المادة الثامنة والأخيرة، فقد أكدت أنّ الاتفاقية تدخل حيز التنفيذ فور التوقيع عليها، وتسري أحكامها لمدة 3 أعوام تجدد تلقائياً لمدّة مماثلة.

وتم توقيع المذكرة في الدوحة بحضور رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، وكلّ من وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني الليبية محمد الطاهر سيالة ووزير الداخلية فتحي باشاغا.

وقد استقبل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الوفد الليبي الذي ضمّ وزيري الخارجية والداخلية في حكومة الوفاق.

من الجانب التركي، بدأت حكومة رجب طيب أردوغان في خرق الاتفاق العسكري الذي وقعه أطراف النزاع الليبي بشأن وقف دائم لإطلاق النار، فيما يبدو أنه تحدٍّ للأمم المتحدة وتجاهل لرغبة الليبيين في تحقيق السلام في بلادهم.

 

بنود الاتفاقية التي عقدت برعاية شخصيات موالية لقطر تحاصر ليبيا وتضمن الإبقاء على الاتفاقية في حال تغيرت الحكومة

 

 وأعلنت وزارة الدفاع التركية، قبل يومين، عبر حسابها الرسمي على موقع "تويتر"، وفق ما نقلت وكالة الأناضول، أنّ "قواتها تستمرّ في تدريب قوات حكومة الوفاق في نطاق اتفاقية التدريب والتعاون والاستشارات العسكرية"، في إشارة إلى مذكرة التفاهم الموقعة بين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شباط (فبراير) الماضي، وذلك في خرق واضح للمادة الثانية من الاتفاق العسكري الليبي لوقف إطلاق النار، التي تنصّ على "تجميد جميع الاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي وخروح أطقم المدربين الأجانب إلى حين استلام الحكومة الموحدة مهامها، وتكليف الغرفة الأمنية المشكلة بموجب هذا الاتفاق باقتراح وتنفيذ ترتيبات أمنية خاصة تكفل تأمين المناطق التي تمّ إخلاؤها من الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة".

اقرأ أيضاً: تفاصيل المشروع السري للإخوان بفرنسا.. وما حقيقة الدعم القطري؟

وفي إشارة واضحة إلى عدم الاكتراث التركي بالمفاوضات الليبية أو باتفاق وقف إطلاق النار، نشرت أنقرة صوراً لعدد من الضباط الأتراك وهم يقومون بتدريب أفراد من مجموعات مسلحة ليبية تابعين لقوات حكومة الوفاق في إحدى المناطق الواقعة غرب ليبيا.

وقلل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أهمية اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّعه الليبيون في جنيف يوم الجمعة الماضي، معلقاً على الاتفاق بقوله: إنه ضعيف المصداقية، مبدياً شكوكه في صحة التوافق بين طرفي النزاع على انسحاب جميع المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد في غضون 3 أشهر وعلى وقف دائم لإطلاق النار.

بالمقابل، وصف الجيش الوطني الليبي توقيع اتفاقية التعاون الأمني التي أُعلن عنها أمس، بين حكومة الوفاق وقطر، بأنها محاولة خبيثة لتقويض ما اتفق عليه ضباط الجيش الليبي في جنيف من وقف لإطلاق النار ووقف التصعيد.

وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، في بيان عبر صفحته على فيسبوك: إنّ ما قامت به دولة قطر يعتبر خرقاً لمخرجات حوار جنيف 5+5، ومحاولة خبيثة لتقويض ما اتفق عليه ضباط الجيش الليبي في جنيف من وقف لإطلاق النار، ووقف التصعيد وإنهاء التدخل الأجنبي الهدام في الشأن الليبي.

اقرأ أيضاً: هذا ما كشفته تسريبات لمراسلات هيلاري كلينتون.. ما علاقة قطر وقناة الجزيرة؟

وأضاف المسماري: إنّ اتفاق وقف النار في ليبيا سيواجه تحديات، مضيفاً: "سنعمل على تجاوزها"، متابعاً: إنّ "الجيش الليبي ملتزم تماماً باتفاق جنيف، والكرة الآن في ملعب الطرف الآخر".

 

الجيش الوطني الليبي: توقيع اتفاقية التعاون الأمني بين قطر وحكومة الوفاق محاولة خبيثة لتقويض اتفاق جنيف العسكري

 

وقال المسماري: "اتفاق جنيف يتفق مع رؤيتنا في مكافحة الإرهاب وحلّ الميليشيات، والجيش الوطني الليبي سيلتزم بكامل اتفاق جنيف"، مضيفاً: "أردوغان هو الوحيد الذي رفض اتفاق وقف النار في ليبيا"، وسنواصل ملاحقة الإرهابيين خارج اتفاق جنيف".

وفي سياق متصل بالمصالح القطرية في ليبيا، كان موقع "سوفريب" الأمريكي المتخصص في الشأن العسكري قد نشر تقريراً قبل أسبوع، حول الدور الذي تلعبه قطر في الصراع بليبيا، وكيف تسعى الدوحة إلى إذكاء نار الصراع في طرابلس لضمان مصالحها الخاصة.

وكشف التقرير مصالح قطر في ليبيا وأسباب دعمها المالي لحكومة الوفاق الوطني غير الدستورية. ونظراً لأنّ السياق الجيوسياسي في المنطقة ما يزال متقلباً، فقد تمّ تحديد توقيت التنبؤ لمدة 6 أشهر، للجمع والمعالجة .

وخلص التقرير إلى بعض الأحكام الرئيسية، وهي أنّ قطر راعية رئيسية للميليشيات التي قاتلت النظام السابق في الحرب الأهلية الليبية الأولى (2011). ومن المحتمل أن تكون الدولة قد احتفظت بمعظم وكلائها في المنطقة، وتستخدم الوسائل نفسها (المالية والسياسية) لدعم حكومة الوفاق.

كما أنه من غير المرجح أن تغير قطر استراتيجيتها في الأشهر الـ6 المقبلة. هناك احتمال واقعي بأن تزيد قطر من تمويلها لحكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها، لضمان أمن طرابلس ضد قوات الجيش الوطني الليبي.

وقال موقع "سوفريب": إنه في حالة فوز حكومة الوفاق، فمن المرجح أن يزداد عرض القوة القطرية في ليبيا، وفي حالة فوز الجيش الوطني الليبي، فمن المرجح أن تحاول قطر الحفاظ على وكلائها في البلاد لزعزعة استقرار النظام.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية