قمة بايدن-أردوغان.. تصحيح مسار تركيا

قمة بايدن-أردوغان.. تصحيح مسار تركيا


12/06/2021

جويس كرم

قمة ثنائية ستكون الأولى هذا الاثنين بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونظيره التركي، رجب طيب إردوغان، وتشكل فرصة لواشنطن لتوظيف الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تمر بها أنقرة لتغيير بعض سياساتها الاشكالية.

المرة الأخيرة التي التقى بها إردوغان وبايدن كانت في 2016، بعد محاولة الانقلاب في تركيا. يومها حاول الجانب الأميركي طمأنة إردوغان، والاستماع لمطالبه. اليوم انقلبت المعادلة، وتمتلك واشنطن اليد الفوقية في العلاقة وبشكل يلعب لصالح بايدن، ولهذه الأسباب:

1 - العامل الاقتصادي: تراجع الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق هذا الشهر وارتفاع التضخم والتوقعات بأن البنك التركي المركزي سيخفض أسعار الفائدة قريبا، يضع إردوغان في موقع صعب أمام بايدن، الذي يتعافى اقتصاده ويركب موجة القضاء على كورونا وشعبية تناهز الستين في المئة. 

2- العامل السياسي: مخاوف إردوغان من انتخابات مبكرة ومن أزمات إقليمية دخلتها أنقره وغير قادرة على الخروج منها، يجعله أكثر حاجة إلى واشنطن. فروسيا قد تكون شريكاً في الضرورة إنما ليس هناك ثقة على الإطلاق والتنافس التاريخي طويل بين موسكو وأنقره. وبالتالي معظم حلول إردوغان تمر عبر واشنطن خاصة إذا تم التوصل إلى اتفاقات اقتصادية بين الجانبين.

3- العامل العسكري: تركيا بدأت تدرك أن لا غنى عن مظلة حلف الشمال الأطلسي (الناتو) وأن استحواذها لمنظومة الأس-400 الروسية كلفتها طائرات الأف 35، ووضعتها تحت عقوبات أميركية من المقرر ان تستمر طبقا لقانون "كاتسا" المفروض من الكونغرس. 

4- العامل القضائي: وهنا تبرز دعاوى جدية في الولايات المتحدة على مصرف "هالك بانك" التركي الضخم، والتي حاول إردوغان التوسط مع ترامب لإزالتها وفشلت جهودهما. 

بايدن أدرك كل هذه العوامل عندما وصل الحكم. ورغم صداقته وعلاقته الشخصية مع إردوغان التي عمرها أكثر من عقدين، حاول الإفادة من تراجع تركيا لتغيير نهج إردوغان. 

الجفاء الأميركي حيال إردوغان، اعتراف بايدن بإبادة الأرمن الجماعية وتوقيع دول الأف-35 اتفاقا جديدا يستثني تركيا، الانفتاح العسكري الأميركي على اليونان، كلها خطوات من واشنطن لإيصال رسالة لإردوغان بأن أميركا وليس تركيا هي المحرك الأساس للعلاقة.

إردوغان الذي عاصر ثلاثة رؤساء أميركيين هو خبير في اللعبة السياسية ويحاول منذ يناير إعادة التموضع لإرضاء بايدن. فهو بدأ يعزف نغم الإصلاح وحقوق الإنسان فيما تركيا هي ثاني أكبر سجان للصحافيين في العالم. كما يحاول استرضاء بايدن في ملف الأس-400 بطرد الخبراء الروس والحديث عن فريق أميركي-تركي مشترك للإشراف على المنظومة. 

إردوغان يوظف أيضا ورقة أفغانستان للمساعدة في الانسحاب وإدارة مطار كابول بشكل يرضي الأوروبيين والمنظمات الدولية. 

قمة الاثنين هي فرصة أمام بايدن الذي يشتم ضعف إردوغان لحصد تنازلات منه. فالتعاون في أفغانستان ممكن وضروري لواشنطن، كما هو ضبط تصرف تركيا داخل الناتو. أما عقوبات الأس-400 فرفعها يعود لموافقة الكونغرس وليس فقط بايدن. ومن هذا الباب فإن تشكيل فريق مشترك لن يكون كافيا. 

بخروج ترامب من الحكم، خسر إردوغان الوزة التي كانت تبيض ذهباً وإعادة التأقلم مع ادارة تضع مصالح أميركا الجيوسياسية أولا سيتطلب نقلة نوعية من إردوغان لتفادي شرخاً أكبر وتفاقماً لأزماته الداخلية.

عن "الحرة"

الصفحة الرئيسية