كيف ساهمت الجهود الدبلوماسية والسياسية الأوروبية في دعم تنظيم الإخوان؟

كيف ساهمت الجهود الدبلوماسية والسياسية الأوروبية في دعم تنظيم الإخوان؟

كيف ساهمت الجهود الدبلوماسية والسياسية الأوروبية في دعم تنظيم الإخوان؟


21/01/2024

تقوم مجموعات أوروبية مرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين العالمي بممارسة نشاط مكثف في محافل التأثير السياسي الأوروبية، مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي، بغية التأثير على السياسات فوق الوطنية التي تؤثر على المسلمين الأوروبيين.

(المركز العربي لدراسات التطرّف) اهتم في دراسة تحت عنوان "أوروبا والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين: التأثيرات الدبلوماسية والسياسية" بالجهود التي تبذلها المجموعات الأوروبية المرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين للتأثير على السياسة فوق الوطنية  التي تمس المسلمين الأوروبيين، من خلال الضغط على الهيئات التنفيذية والتشريعية مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي.

وقد أقامت هذه المجموعات شراكات مع شبكة واسعة من منظمات المجتمع المدني اليسارية والمنظمات الدينية، ممّا أدى إلى بناء تحالفات ممتدة عبر القارة. ويمكن النظر إلى هذا التعاون، بحسب الدراسة، على أنّه جزء من تاريخ طويل من شراكة الإخوان المسلمين مع اليسار السياسي، علاوة على دخولهم في تحالفات بين الأديان، في محاولة لدعم القضايا المفضلة واكتساب شرعية معززة. 

وتأتي مجموعات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الأوروبية الرئيسة في هذا الصدد كالآتي:

المنتدى الإسلامي الأوروبي للشباب والطلاب: وهو الذراع الشبابي/ الطلابي لمجلس مسلمي أوروبا (اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا سابقاً)، وهو من يمثل شبكة الإخوان المسلمين في أوروبا، ومقره في بروكسل- بلجيكا، من بين قادته السابقين إبراهيم الزيات، رئيس جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا.

الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية: وتضم أكثر من (150) منظمة غير حكومية، وتصف الشبكة نفسها بأنّها "صوت الحركة المناهضة للعنصرية في أوروبا"، ويقع مقرها الرئيس في بروكسل- بلجيكا. 

جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا كثيراً ما تكون موضعاً للجدل

المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة: يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمجلس مسلمي أوروبا. وعلى الرغم من أنّ المنتدى لا يذكر هذه الخلفية، فإنّ المنظمات الأعضاء في المنظمة والقيادة الحالية تظهر العديد من الروابط مع مجلس مسلمي أوروبا والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، كما أنّ العديد من مسؤولي المنتدى الحاليين والسابقين هم زوجات أو أقارب لقياديين في مجلس مسلمي أوروبا.

كليم ـ التحالف ضد الإسلاموفوبيا وكراهية المسلمين في ألمانيا: وهو شبكة جامعة تضم (47) منظمة مدنية ومجموعة إسلامية مناصرة في جميع أنحاء ألمانيا، تعمل ضد "الميول العنصرية والمعادية للإسلام والمسلمين". والعديد من المنظمات الشريكة في التحالف تربطه علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا.

مجالات السياسة

وبحسب الدراسة، تمارس مجموعات الإخوان المسلمين الأوروبية المذكورة أعلاه ضغوطاً نشطة في عدد من ميادين السياسة الرئيسة، وتتبنّى عموماً لغة حديثة، ولكنّها تسعى على الأرجح إلى تحقيق أهداف إسلامية طويلة الأمد لتعزيز شرعيتها، وتشمل ميادين السياسة هذه ما يلي:

الحقوق المدنية والحرية الدينية: تاريخياً كان ميدان السياسة الرئيس لمجموعات الإخوان المسلمين الأوروبية يشتمل على مكافحة الإسلاموفوبيا/ التمييز ضد المسلمين، وعلى نطاق أوسع الأنظمة المحيطة بالحقوق المدنية والحرية الدينية. 

 

أقامت هذه المجموعات شراكات مع شبكة واسعة من منظمات المجتمع المدني اليسارية والمنظمات الدينية، ممّا أدى إلى بناء تحالفات ممتدة عبر القارة

 

وفي الأعوام الأخيرة تحالفت هذه المجموعات مع حركات المجتمع المدني اليسارية التي تطالب بزيادة التنوع في المناصب العامة، واتخاذ موقف أكثر صرامة ضد العنصرية المجتمعية، وغالباً ما يقال إنّ المنظور "التقاطعي" مطلوب، وهو مصطلح يستخدم بشكل روتيني في اليسار، لوصف كيف أنّ أنظمة عدم المساواة القائمة على الجنس والعرق والانتماء العرقي وأشكال التمييز الأخرى "تتقاطع" لخلق ديناميكيات وتأثيرات سلبية.

ولفتت الدراسة إلى أنّ هذه المطالب لمجموعات الإخوان المسلمين الأوروبية تخدم أهدافاً إسلامية طويلة المدى، وخاصة فيما يتعلق بالحجاب؛ ففي ظل الأنظمة العلمانية اختفى الحجاب إلى حد كبير في المجتمعات العربية، لكنّه عاد بحلول السبعينيات.

وقد كان تأثير جماعة الإخوان المسلمين، وفقاً لأحد المحللين، هو المفتاح لهذا التطور؛ إذ لم يكن من الممكن أن يعود الحجاب لولا قيام الإسلاميين، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، بإبرازه على أنّه الطريقة الصحيحة أو الإسلامية في ارتداء الملابس وأسلمة المجتمع أيضاً.

مكافحة الإرهاب: لطالما نظرت جماعة الإخوان المسلمين إلى الإرهاب على أنّه نتاج "مظالم مشروعة"، وعارضت بشدة معظم الجهود الغربية لمكافحته، بالإضافة إلى أيّ محاولة لربط الدين الإسلامي بالعنف أو الإرهاب. وبناء على ذلك شنت الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية منذ عام 2018 هجوماً واسع النطاق على سياسات مكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفق الآتي:

ـ في عام 2018 سعت (المجموعة الأداتية لمكافحة الإرهاب) الممولة جزئياً من الاتحاد الأوروبي إلى توثيق التأثير التمييزي المزعوم لسياسات مكافحة الإرهاب والتطرف في الاتحاد الأوروبي، وزعمت المجموعة أنّ جرائم الإرهاب الجديدة في الاتحاد الأوروبي، مثل "التدريب لغرض الإرهاب وتمويل الإرهاب"، يمكن أن توفر مساحة للتطبيقات التعسفية والتمييزية، كما أنّ مؤشرات التطرف ينبغي ألّا تشمل "التعبير الديني".

وفي عام 2020 أصدرت الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية بياناً قالت فيه: إنّ "السرديات الرائجة حول مكافحة الإرهاب والتطرف تجعل المجتمعات الإسلامية كبش فداء"، وإنّ هناك مبالغة في التركيز على "الإرهاب الجهادي" على حساب تهديد التطرف اليميني.

وفي عام 2021 حثت الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية الاتحاد الأوروبي على الامتناع عن استخدام تسميات مثل "الجهادية والإسلاموية والإسلام السياسي"، بحجة أنّ تأثيرها الوصمي يفوق قيمتها التحليلية.

تطبيق القانون: في ربيع عام 2020 بدا أنّ عناصر من جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يحاولون الاستفادة من حركة "حياة السود مهمة" لأغراض الدعوة. وفي الوقت نفسه تقريباً طالب العديد من مجموعات الإخوان المسلمين الأوروبية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، في رسالة موقعة، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بقيادة الجهود ضد ما يؤكدون أنّه عنف الشرطة والعنصرية المنهجية داخل الاتحاد الأوروبي. واستشهدت الرسالة بإحصائيات الاتحاد الأوروبي التي قيل إنّها تدعم فكرة تعرض الشباب السود أو العرب للتنميط العنصري والعنف المفرط.

 

في الأعوام الأخيرة تحالفت هذه المجموعات مع حركات المجتمع المدني اليسارية التي تطالب بزيادة التنوع في المناصب العامة، واتخاذ موقف أكثر صرامة ضد العنصرية المجتمعية

 

وأخذت الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية زمام المبادرة في معالجة ما تراه عنصرية في تطبيق القانون في الاتحاد الأوروبي، مدعية أنّ مؤسسات ووكالات إنفاذ القانون "تحتفظ بهياكل سلطة عنصرية وإقصائية".

 تأثير مجموعات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين

وفي حين أنّ هناك القليل من الأدلة على وجود تأثير واسع النطاق ومستدام لمجموعات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين على عملية صنع القرار فوق القومي في أوروبا، إلا أنّها حققت درجات متفاوتة من النجاح، بحسب الدراسة، في بعض المجالات.

فقد أقامت مجموعات الإخوان المسلمين علاقات عمل مع أعضاء البرلمان الأوروبي وكبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك نائب رئيس الاتحاد، وقد وجهت إليهم دعوات مراراً وتكراراً لحضور أحداث تضم قادة رفيعي المستوى في الاتحاد، بما في ذلك رئيس المفوضية الأوروبية، ومفوض الاتحاد الأوروبي للمساواة، والمفوض الأوروبي للعدالة والمستهلكين والمساواة بين الجنسين.

وقد سُمح لمجموعات الإخوان المسلمين بالمشاركة في الأحداث واستضافتها في المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي، مع الإشارة إلى العلاقات الجيدة مع موظفي الاتحاد الأوروبي، كما سُمح لهم أيضاً بالتعامل مباشرة مع الأحداث في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ عام 2019، ووصل الأمر إلى الشراكة الرسمية مع البرلمان.

 

أقامت مجموعات الإخوان المسلمين علاقات عمل مع أعضاء البرلمان الأوروبي وكبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك نائب رئيس الاتحاد

 

هذا، وأدّت دعوة الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية في عام 2016 إلى وضع قواعد إجرائية جديدة للبرلمان الأوروبي، بما في ذلك فرض عقوبات أكثر صرامة على أعضاء البرلمان الأوروبي المتورطين في خطاب الكراهية، وزعمت الشبكة أيضاً أنّ أنشطة الضغط الخاصة بها أثرت على المفوضية الأوروبية في نشر المبادئ التوجيهية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن تنفيذ تشريعات الاتحاد المتعلقة بالجرائم العنصرية. 

وقالت الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية أيضاً: إنّها دفعت البرلمان الأوروبي إلى اعتماد قرار بشأن الحقوق الأساسية للأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي لأول مرة، ودعوة الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بأنّهم يتعرضون للعنصرية والتمييز وكراهية الأجانب.

من جانبه، قال المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة: إنّه ساهم في وثيقة مجلس أوروبا التي تدعو إلى إدراج "التقاطعية" في جميع سياسات المساواة المستقبلية داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وحث المؤسسات العامة على وضع أحكام نافذة لاستيعاب المطالب الدينية، وإزالة التمييز والعوائق القانونية أمام بناء دُور العبادة الإسلامية.

مواضيع ذات صلة:

مدارس الإخوان في أوروبا بين تكريس خطاب الكراهية وغسيل الأموال

"شبكات الإخوان في أوروبا".. طرد الجماعة الإسلامية في ألمانيا

الإخوان في أوروبا.. من التجاهل إلى الاستهداف




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية