كيف ستواجه إسرائيل تنامي قدرات حماس في الضفة الغربية؟

كيف ستواجه إسرائيل تنامي قدرات حماس في الضفة الغربية؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
11/12/2021

ترجمة: إسماعيل حسن

رفعت إسرائيل مؤخراً مستوى التوتر لدى جهاز الأمن، بعد موجة العمليات المسلحة التي تقودها خلايا حماس في الضفة الغربية، والتي أسفرت مؤخراً عن قتل إسرائيليين، ما ينذر بعهد جديد لحماس تقف إسرائيل على عتبته، خاصة في ظل تراجع قوة السلطة الفلسطينية بسبب الأزمات الواقعة عليها.

وجه مسؤولو حماس في الخارج شبكة الإرهاب الواسعة، التي عملت في أرجاء الضفة الغربية، بهدف تنفيذ عمليات في عدة مسارات في المنطقة وفي أراضي دولة إسرائيل

 في المقابل هناك تخوّف لدى القيادة من وقوع مزيد من الهجمات المسلحة في البلدة القديمة، كونها واحدة من أكثر النقاط حساسية في الشرق الأوسط، فبعد مرور أكثر من أسبوعين على عملية القدس التي نفذها فادي أبو شخيدم قرب باب السلسلة، لا تزال الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تواجه تحدياً في كيفية منع وقوع عمليات أخرى مشابهة، رغم الانتشار الواسع لقوات الأمن في القدس، لكنّ الإسرائيليين أنفسهم سكان المنطقة لا يعرفون من أين سيأتي الخطر التالي، سواء بعمليات الطعن أو إطلاق النار أو الدعس، ما يدفع الجيش لأن يكون على يقظة تامة والاستعداد لحدث ما قد ينفجر، ويتحول الوضع الأمني على إثر ذلك إلى مستويات خطيرة، وينقلب الروتين القائم إلى توتر سائد في المنطقة، فقد كشف بيان جهاز الشاباك الإسرائيلي في أعقاب عملية أبو شخيدم عن شبكة تابعة لحماس في الضفة الغربية، وهذا الكشف السريع من قبل الأمن الإسرائيلي، يدل على مدى صعوبة منظمات الإرهاب في رفع رأسها، فجهاز الشاباك والجيش يعملان جيداً في الضفة الغربية وفي شرقي القدس.

حماس تتفاخر بالهجمات

بذلت حماس جهداً كبيراً من خلال الكلمات والتصريحات والمنشورات التي أشادت من خلالها بعملية إطلاق النار في البلدة القديمة بالقدس، وهذه التصريحات كانت كافية من وجهة النظر الإسرائيلية لإظهار حماس مزيداً من الفخر، بأنّ منفذ العملية فادي أبو شخيدم من كبار أعضائها في مخيم شعفاط، رغم امتناعها عن التصريح بأنّه نفذ هجومه بناءً على تكليف رسمي منها، لكن حماس تعلم أنّ هجوماً مسلحاً على بوابات المسجد الأقصى، لن يعد عملاً إرهابياً بنظر المجتمع الدولي لأنّه استهداف لجنود إسرائيليين.

 وهذا السبب الذي جعل العملية تأخذ أصداء إعلامية عالية، بزعم أنّ مثل هذه العمليات تتسبب بازدياد الفوضى الأمنية في الضفة الغربية والقدس، فوحدة المهام الخاصة في الجيش الإسرائيلي (دوفدفان)، اعتقلت أعضاء من شبكة الإرهاب التابعة لحماس وكان بينهم تجار سلاح ومواد متفجرة، حيث شارك في المهمة (170 ) مقاتلاً من الوحدة لإحباط هجمات ضد أهداف كانت تنوي الشبكة الأكبر حجماً تنفيذها، حيث ضمّت الشبكة نحو(60) شخصاً وانكشفت بشكل سريع، والأشخاص الذين كانوا جزءاً منها لم يتقرر اعتقالهم إلا عشية الخروج إلى العمليات، وتبيّن في التحقيقات أنّها أعدت أيضاً أربعة أحزمة ناسفة، كان يفترض أن تتفجر في القدس وفي مدن أخرى وكل هذا تم تحريكه من إسطنبول، كما خططت شبكة الإرهاب لتنفيذ عمليات قاسية بواسطة عبوات في الجبهة الداخلية لدولة إسرائيل، وهي عمليات كانت ستنفذ كالتي نفذت بداية الانتفاضة الثانية، واعتقل في تلك الحملة ثمانية نشطاء من حماس ممن تاجروا بالوسائل القتالية وبالمواد المتفجرة، ومن أبرزهم الناشط محمود السعدي الذي ينتمي لحماس وجُند لتنفيذ عمليات، فخطط حماس في تنفيذ عمليات داخل مناطق الضفة الغربية والقدس مثلما في الانتفاضة الثانية قطعت في مرحلة مبكرة، فقد نفذت الاعتقالات على مدى الأشهر الأخيرة بشكل واسع، وحسب الشاباك يدور الحديث عن اعتقال خمسين ناشطاً، كما وضعت اليد على وسائل قتالية كالأسلحة والمواد المتفجرة وأموال.

حماس تركيا تمول الإرهاب

وجه مسؤولو حماس في الخارج شبكة الإرهاب الواسعة، التي عملت في أرجاء الضفة الغربية بهدف تنفيذ عمليات في عدة مسارات في المنطقة وفي أراضي دولة إسرائيل، ويجري الحديث أيضاً عن عمليات تفجير وعمل على تمويل هذا النشاط قادة من حماس، وعلى رأسهم صالح العاروري نائب رئيس الحركة المقيم في تركيا وعمل إلى جانبه مبعدون آخرون، وخطط جهاز الأمن لنشر معلومات عن الخلية، ولكن تأجل الإعلان بسبب التوتر الذي نشب مع تركيا عقب اعتقال الإسرائيليين في إسطنبول.

 كما جُند لشبكة الإرهاب هذه نشطاء من مناطق مختلفة في الضفة الغربية، أحد النشطاء المركزيين يدعى حجازي القواسمي رجل حماس المعروف في الخليل، اعتقل عدة مرات في الماضي لنشاط تضمن التخطيط لعمليات، وهو إبن لعائلة من نشطاء حماس البارزين بينهم محمود القواسمي، الذي أبعد في صفقة الجندي شاليط إلى قطاع غزة، ويعمل من هناك على تحريك نشاط التنظيم في مناطق الضفة الغربية.

تأهب إسرائيلي واسع

الإسرائيليون يعيشون حالة من خيبة الأمل، لأنّ أجهزتهم الاستخبارية لم تعد تراقب بشكل جيد الفلسطينيين، الذين تشير نواياهم لتنفيذ هجمات واعتقالهم قبل تنفيذها، ولذلك يمكن الافتراض أنّ هذا هو ما سيحدث في الأيام المقبلة، رغم أنّه لا توجد طريقة محددة بموجبها يمكنها إيقاف الهجمات الفردية تماماً، في حين تعتقد أوساط سياسية في إسرائيل، بأنّ هناك ميول كبير في طبيعة الأحداث الأخيرة التي جرت في محيط القدس، في محاولة لإشعال حريق أكبر في القدس وفي مناطق الضفة الغربية، فالعملية الأخيرة كانت على مقربة من حائط المبكى الذي يعج بالإسرائيليين، وقد يؤدي مثل هذا العمل إلى نتائج مشابهة، لكنّ الشرطة تعزز قواتها في البلدة القديمة، والجيش الإسرائيلي يزيد حدة تأهب وحداته في الضفة الغربية على أمل ألا يحدث مرة أخرى، مع العلم أنّ إشعال الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية من قبل حماس، سيساعدها مرة أخرى على إضعاف السلطة الفلسطينية، وإجبارها على تقليص إجراءاتها العدوانية ضد عناصرها وكبار مسؤوليها، وبالتزامن مع القلق الذي تبديه أجهزة الأمن الإسرائيلية من اندلاع موجة جديدة من العمليات الفلسطينية المسلحة، فإنّها في الوقت نفسه تسلط الضوء على ما تقوم به السلطة الفلسطينية، من مواقف متشددة في الأيام الأخيرة ضد أي محاولة من حماس لإظهار قوتها بالضفة الغربية، خلال احتفالات إطلاق سراح أسراها من السجون الإسرائيلية بعد قضاء محكوميتهم، وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، تعلن السلطة عن نيتها إطلاق عملية لإعادة السيطرة على مخيم جنين الذي تبدو سيطرتها فيه ضعيفة، كما تنوي أيضاً اعتقال عشرات المطلوبين في المخيم، وهي عملية يتوقع أن تؤدي إلى مواجهات بين رجال الشرطة الفلسطينيين والخلايا المسلحة، التي هي غير معتادة ولا توافق على حركة دوريات من الأجهزة في المناطق التي تعتبرها مناطق لها، كما أنّ حماس ومنذ نيسان(أبريل) الماضي وخلال فترة الاعياد اليهودية، عمل هذا التنظيم الإرهابي على الاستعداد لتنفيذ سلسلة من عمليات إطلاق النار على المحاور ضد متنزهين وجنود إسرائيليين، وكانت خطة تركيز الجهد جاهزة لزرع سلسلة كمائن نارية، وإصابة أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين في أثناء الأعياد، إلى جانب هذه الخطة كان هناك مخطط لدفع الضفة إلى الفوضى، في مثل هذا السيناريو كان الجيش الإسرائيلي سيضخ القوات، ويفرض حظر التجول وتبدأ الاحتكاكات مع السكان المحليين، وكانت صورة السلطة المهزوزة أصلاً ستتلقى ضربة أخرى، ولعل هذا سيكون المسمار الأخير في نعش أبو مازن.

حماس تتجهز بوتيرة سريعة

في أيار (مايو) الماضي عندما ازداد التوتر حول الحرم، استغله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار من أجل القيام باستعراض قوة منظمته، أطلقت حماس في الأثناء ستة صواريخ نحو منطقة القدس بحجة الدفاع عن المسجد الأقصى، وأدى ذلك الحدث إلى رد إسرائيلي شديد في عملية حارس الأسوار، وبعد توقف العملية باشرت حماس في تفعيل منظومة الصواريخ التي استخدمت في الحملة لأول مرة، واستؤنف العمل في قسم كبير من مصانع السلاح المتضررة في القطاع، بما في ذلك بناء وسائل خاصة مثل الطائرات المسيّرة بوتيرة سريعة.

 بالتوازي تجري حماس تجارب على صواريخ ومسيّرات، فقبل بضعة أسابيع اعترضت القبة الحديدية مسيرة قادمة من غزة فوق البحر، هذا التسلح يأتي استعداداً لمواجهة عسكرية أخرى، وفي وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي يتمسكون بالتسوية كعنصر يضمن نوعاً من الاستقرار، فإسرائيل أقنعت نفسها بأنّ السنوار زعيم يريد قبل كل شيء أن يحسن شروط المعيشة في القطاع، ولهذا تبدو التسوية مهمة له لإعادة بناء ذراعه العسكري، من ناحيته يعد تحسين مستوى المعيشة علاوة تسمح له بمواصلة السيطرة في القطاع، والتسوية من ناحيته ليست إستراتيجية بل هذا تكتيك هدفه كسب الوقت، للوصول إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل في وضع أفضل، فالمحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة ومصر للمصالحة بين فتح وحماس، ولإقامة حكومة وحدة فلسطينية للوصول إلى تسوية مع إسرائيل، هي الأخرى هراء مطرز من إنتاج وزارة الخارجية الأمريكية والمخابرات المصرية.

فصل غزة عن الضفة

القيادة الأمنية في إسرائيل تدرك بأنّ قيادة حماس باتت تفكر بفصل عملها في غزة عن عملها في الضفة، وبالتحديد تفعيل عملياتها في الضفة كيلا تكون هناك ذريعة من قبل إسرائيل تجاه غزة، فتنفيذ عملية انتحارية في باص إسرائيلي بحيث لا تتضرر غزة جراء ذلك هذا ما يتم العمل عليه، فحماس تعتقد أنّ في إسرائيل أنصاف رجال لا يريدون إلا الهدوء، ولهذا يملون على إسرائيل متى التهدئة ومتى تفتح النار، وبالفعل هذا حدث عندما قتل إيلي دافيد في القدس على يد ناشط من حماس، سارع الناطق بلسان حماس إلى الثناء على الرجل، وإسرائيل خدمت حماس فهي لم ترد على العملية حتى ولا بأي عقاب.

القيادة الأمنية في إسرائيل تدرك بأنّ قيادة حماس باتت تفكر بفصل عملها في غزة عن عملها في الضفة، كيلا تكون هناك ذريعة من قبل إسرائيل تجاه غزة

 في المقابل هناك تهديد جديد من إنتاج حماس، حين قررت إقامة فرع لها في الشمال، وشقت الطريق لإقامة قوة عسكرية على أرض لبنان، لتكون جزءاً لا يتجزأ من التنظيم وتابعة له وكمدير لهذا المشروع، ومن يقود إقامة هذا الفرع هو صالح العاروري الذي يتنقل بين قطر وتركيا ولبنان، في المرحلة الأولى تقرر بناء قوة عسكرية هدفها التحرش بإسرائيل، من خلال إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية لخلق جبهة إضافية لها، إقامة القوة العسكرية الجديدة جُند لها نشطاء فلسطينيون متماثلون أيديولوجياً مع التنظيم ويعيشون في لبنان تحديداً حول مدينة صور، عدد النشطاء يقدر ببضع مئات يعملون بسرية تحت غطاء مدني ويقع مركز الفرع أيضاً في صور، ولكن يبدو أنّ له قواعد نشاط في أماكن أخرى في لبنان، التنظيم الجديد على اتصال مع حماس في غزة أيضاً، ولكن ليس تابعاً بشكل مباشر مع القيادة في غزة، بل يتلقى الأوامر من قيادة حماس في الخارج فقط، أما الإرشاد والتأهيل في إنتاج وإطلاق الصواريخ، فقد حصل عليهما نشطاء حماس في لبنان من محافل إيرانية، وهم يعملون اليوم أساساً على إنتاج ذاتي للصواريخ لمسافة عشرات الكيلومترات، ويمولون نشاطهم من خلال تهريب وتجارة المخدرات.

 وحسب رؤية حماس يفترض أن تحوز الوحدة وسائل متطورة أكثر مثل الطائرات المسيّرة، تنظيم حزب الله على علم بنشاط فرع الذراع العسكري لحماس في لبنان، بل وأعطى ضوءاً أخضر لإقامته، والتخوّف اليوم هو إطلاق كمية صواريخ كبيرة من الفرع الشمالي في أثناء تصعيد عسكري في غزة، يستوجب رداً إسرائيلياً قوياً في لبنان وقد يجر حزب الله إلى الساحة، والسيناريو الأسوأ هو فتح معركة إضافية في الساحة الشمالية.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://www.ynet.co.il/news/article/rkxuqmdot




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية