لماذا استبقت حركة "حمس" الإخوانية الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات في الجزائر؟

لماذا استبقت حركة "حمس" الإخوانية الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات في الجزائر؟


14/06/2021

تبدو الأحداث متلاحقة، لمتابعي الانتخابات التشريعية الجزائرية، حيث شهدت التجمعات الانتخابية للأذرع السياسية للإخوان، تناقضات حادة، عكست نوعاً من الإفلاس السياسي، واستخداماً ً للشعبوية، فرئيس حركة مجتمع السلم (حمس) الذراع السياسي للإخوان، لعب بكل الأوراق التي يملكها، حيث وظّف الدين، كعادة الإخوان، ووضع قضية فلسطين على طاولة المزايدات الهزلية، حتى أنّه وقف بين أنصاره، ليرقص على إيقاع الدبكة الفلسطينية، ما أثار سخرية المتابعين.

 

في خطوة مباغتة، استبقت حركة مجتمع السلم، الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات النيابية، وزعمت تصدرها لمعظم الدوائر، وحصولها على أغلبية مقاعد البرلمان الجزائري

 

وقبيل الانتخابات، أودع محاميان جزائريان، شكوى قضائية ضد الإخواني المثير للجدل، عبدالقادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني، على خلفية تصريحات عنصرية منسوبة إليه عن منطقة القبائل الأمازيغية، قال فيها: إنّ "منطقة القبائل صنيعة السلطة، وتحظى بمعاملة خاصة من طرف النظام"، كما سخر من اللغة الأمازيغية، وقلل من شأنها.

تفخيخ المشهد الانتخابي

اتبع الإخوان استراتيجية التشكيك المسبق في نزاهة الانتخابات، في محاولة لتلغيم المشهد، وإرباك السلطة المستقلة للانتخابات، حيث زعمت حركة مجتمع السلم، أنّ التحقيقات الأمنية التي استبعدت عدداً من مرشحي الإخوان غير قانونية، لترد اللجنة بتقديم أرقام وبيانات تفصيلية، حول مخالفات الإخوان، بل وكشفت عن وجود عناصر إرهابية، من حركة رشاد المحظورة، ضمن القوائم الانتخابية لمرشحى الإخوان.

من جهة أخرى، انتقدت الأحزاب المدنية الجزائرية التصريحات الإخوانية، والتي دفعت لمين عصماني، رئيس حزب صوت الشعب، إلى الخروج عن صمته، متهماً الجماعة، بالمتاجرة بالدين لتحقيق أطماعها السياسية، واتهم الإخوان في تجمع انتخابي بــ "استغلال شعارات الدين، كسجل تجاري".

 

علي بو خلاف: يصعب على أيّ طرف الحصول على أغلبية، لكن من الممكن أن تتحصل الأحزاب الإخوانية على ما يكفي من النواب لتشترك في الحكومة

 

وكانت زبيدة عسول، رئيس حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، قد استخدمت نفس المصطلح، حيث شنت في وقت سابق، هجوماً حاداً على حركة مجتمع السلم، مؤكّدة أنّه "لا حاضر ولا مستقبل للإسلام السياسي في الجزائر"، لافتة إلى أنّها "تستخدم الإسلام سجلاً تجارياً مربحاً؛ لتحقيق مكاسب سياسية"، وطالبت بوضع حد لما وصفته بــ "المهازل غير الأخلاقية، والمنافية للشرع في حد ذاته".

من جهته، قلل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، من احتمالات وصول الإخوان إلى الحكم، أو قدرتهم على السيطرة على البلاد، في حال نجاحهم، قائلاً: "لا يزعجني وصول الإسلام السياسي، لأنّه ليس فوق القانون". وأضاف: "نحن نرفض الإسلاموية، التي عانينا منها في التسعينيات".

يذكر أنّ الإخوان صعّدوا من تملقهم لرئيس الجمهورية، خلال الأسابيع السابقة، طمعاً في قيادة الحكومة المقبلة، ما دفع مراقبين إلى التأكيد على أنّ حركة مجتمع السلم، عرضت تسلم السلطة، مقابل تقديم فروض الولاء، وبشكل علني، ما دفع البعض إلى التوجس من وجود "حسابات سياسية جديدة، للسلطة الجزائرية، من خلال الدفع بتيارات الإخوان، لتكون بديلاً جديداً جاهزاً، لواجهة النظام، بعد ورطة فراغ أحزاب السلطة، التي كانت مسيطرة، في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة".

استباق إعلان النتائج

في خطوة مباغتة، استبقت حركة مجتمع السلم، الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات النيابية، وزعمت تصدرها لمعظم الدوائر، وحصولها على أغلبية مقاعد البرلمان الجزائري، حيث زعم مقري في بيان أنّ "حركة مجتمع السلم، تؤكد أنّها تصدرت النتائج في أغلب الولايات وفي الجالية"، واستطرد مقري: "غير أنّنا ننبه، بأنّه ثمة محاولات واسعة؛ لتغيير النتائج وفق السلوكيات السابقة"، محذراً مما وصفه بــ "العواقب السيئة على مستقبل البلاد، ومستقبل العملية السياسية والانتخابية"، في حال لم يعلن عن فوز حزبه!

اقرأ أيضاً: سياسيون جزائريون لـ"حفريات": هكذا سيكون شكل البرلمان المقبل

الكاتب الصحفي الجزائري، على بو خلاف، خصّ "حفريات" بتصريحات، قال فيها إنّ حركة مجتمع السلم، من الأحزاب التقليدية، التي ربما تتوفر على قاعدة شعبية معتبرة، ونجحت في جمع عدد كبير من التوقيعات اللازمة للترشح، لكنّها ليست الحزب الإخواني الوحيد، فهناك أيضاً حركة البناء الوطني، التي أسسها منشقون عنها.

على بو خلاف

بو خلاف أكّد على تعدد القوائم والمترشحين، لافتاً إلى أنّه يصعب، بل يستحيل على أيّ طرف الحصول على أغلبية، وبالتالي فإنّ الأحزاب الإخوانية، في ظنه، لن تستحوذ على أغلبية، لكن من الممكن أن تتحصل على ما يكفي من النواب، لتشترك في الحكومة، التي ستتشكل بعد الاستحقاق الانتخابي، وبالتالي فإنّ مزاعم مقري بالحصول على الأغلبية، أمر غير منطقي، وغير متوقع الحدوث.

 

عبد السلام القصاص: قيام الإخوان باستباق النتائج الرسمية، مناورة مكشوفة، تستدعي أجواء العشرية السوداء، حيث إنّ تهديدات عبد الرزاق مقري، يفهم منها التلويح باستخدام العنف

 

من جانبه، أكّد الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسية، أنّ قيام الإخوان باستباق النتائج الرسمية، مناورة مكشوفة، تستدعي أجواء العشرية السوداء، حيث إنّ تهديدات عبد الرزاق مقري، يفهم منها التلويح باستخدام العنف، مواصلاً محاولاته الرامية إلى المشاركة في الحكم بأيّ وسيلة.

الدكتور عبد السلام القصاص

ولفت القصاص، في تصريحاته التي خصّ بها "حفريات"، إلى أنّ الأمر يختلف عن أجواء التسعينيات، والحراك الشعبي الذي حاول الإخوان توظيفه، سوف ينقلب عليهم، إن هم أصبحوا جزءاً من السلطة، كما أنّ الأذرع الإخوانية المختلفة في الجزائر، لن تسمح لعبد الرزاق مقري، بتحقيق طموحاته، وهو ما ظهر بوضوح في تصريحات القيادي الإخواني، لخضر بن خلاف، رئيس جبهة العدالة والتنمية، الذي رفض إعلان حركة حمس عن حصولها على الأغلبية، مؤكداً أنّ المحاضر الولائية لا تعكس النتائج النهائية في البلديات، والتي لم يتسلمها أحد، لافتاً إلى أنّ "نسبة المشاركة المعلن عنها، لا يمكن من خلالها حصول أيّ حزب أو تيار على الأغلبية".

اقرأ أيضاً: ماذا قال الرئيس الجزائري عن الإسلام السياسي في بلاده؟

وبحسب القصاص، فلربما تفلح مناورات حمس وألاعيبها، واستخدامها وسائل غير قانونية لشراء الأصوات، وكذلك استخدام الدعاية الانتخابية، في الحصول على نسبة تسمح لها بالمشاركة في تشكيل الحكومة، لكنّها تظل بعيدة عن قيادة الائتلاف الحاكم، وفي كل الأحوال فإنّ خطابها السياسي المستهلك، لن يسمح لها بتحقيق أيّ نجاح على الصعيد السياسي، مع التذكير بأنّ مقاطعة عدد مهم من الأحزاب والتيارات المدنية للاستحقاق الانتخابي، ربما يصب في صالح الإخوان، ولكن بقدر محدود.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية