لماذا لم يعزف النشيد الوطني العراقي في مراسم تنصيب رئيس إقليم كردستان؟

العراق

لماذا لم يعزف النشيد الوطني العراقي في مراسم تنصيب رئيس إقليم كردستان؟


19/06/2019

انكسرت قاعدة الجمود السياسي في إقليم كردستان العراق، بعد اتفاق الكتل السياسية الكردستانية على تشكيل الحكومة الجديدة، سيما على منصبي رئاستي الإقليم والحكومة المرتقبة، في حين بقيت كركوك حجر عثرة أمام استكمال الاتفاق السياسي المبرم بين الكتل الكردية الفائزة في الانتخابات مؤخراً، وأبدى الشارع الكردي عدم ارتياحه لترشيح أبناء الأسر السياسية للمواقع التنفيذية مجدداً، مطالباً بضرورة تنفيذ الوعود الانتخابية لمعالجة الراهن الكردستاني.

حرج سياسي لعدم عزف النشيد الوطني العراقي في مراسم تنصيب نجيرفان بارزاني رئيساً لإقليم كردستان في أربيل

إلى ذلك، انتقد رئيس الحكومة المركزية، عادل عبد المهدي، سياسة الإدارة الكردية وتغاضيها عن تسليم واردات النفط المصدّر من أربيل إلى بغداد، فيما حذّر مراقبون من عودة "أزمة الثقة" مجدداً بين المركز والإقليم.
وتأخّر تشكيل حكومة إقليم كردستان، نتيجة الصراع السياسي بين الكتل الفائزة في الانتخابات، التي جرت في 30 أيلول (سبتمبر) الماضي، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية في الإقليم، وتردي الواقع الاقتصادي الذي أصاب العديد من الشرائح الاجتماعية بكردستان.  

الرئيس العراقي برهم صالح

تنصيب "صهر" بارزاني رئيساً لكردستان

أدى رئيس حكومة إقليم كردستان، والقيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، نجيرفان بارزاني، اليمين الدستورية كرئيس لإقليم كردستان، بعد التوافق السياسي بين حزبه وباقي الكتل السياسية ضمن اتفاق تشكيل وتعيين رئيس جديد للإقليم.
ويعدّ منصب رئيس إقليم كردستان شاغراً، منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بعد تخلّي الرئيس السابق، مسعود بارزاني، عن منصبه، جرّاء فشل مشروع الاستفتاء، وحضر حفل التنصيب قرابة 1200 شخصية سياسية محلية ودولية، فضلاً عن البعثات الدبلوماسية.

اقرأ أيضاً: أكراد كردستان ينتفضون ضدّ تركيا لهذا السبب
وأحرج الرئيس الجديد الوفد السياسي القادم من بغداد، والذي حضر مراسم التنصيب في أربيل، لدى قوله في كلمته: "نسعى إلى تمتين العلاقات بين العراق وكردستان"، فضلاً عن عدم عزف النشيد الوطني العراقي، في خطوة عدّها كثيرون "متعمدة". 
وتعزو النائبة الكردية، آلا طالباني، عدم عزف النشيد الوطني العراقي في حفل تنصيب بارزاني إلى "حذف النشيد الكردستاني في اللحظات الأخيرة، خشية ردّ فعل وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، الذي كان حاضراً في الحفل"، مبينة أنّ "الأتراك لا يعترفون بنشيد كردستان، والقيادة الكردستانية كانت تخشى عدم وقوف الوزير التركي أثناء عزف النشيد، مما يسبب إهانة للإقليم ويولد مشاكل بين أنقرة وأربيل".

رئيس حكومة إقليم كردستان، والقيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، نجيرفان بارزاني

تكليف "نجل بارزاني" بتشكيل الحكومة
وفي إطار اتفاقات الكتل السياسية الكردية بشأن ملف تشكيل حكومة كردستان؛ صوّت برلمان الإقليم على تسمية مسرور بارزاني، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ونجل رئيس الحزب، مسعود بارزاني، رئيساً للحكومة الجديدة.

وجرت تسمية بارزاني الابن للمنصب، بأصوات 87 عضواً في برلمان كردستان، من أصل 97 حضروا الجلسة، ومنهم أعضاء كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني (طالباني)، الذين لم يشاركوا في جلسة انتخاب رئيس إقليم كردستان.

برلمان إقليم كردستان يصوّت بالغالبية على مسرور بارزاني رئيساً للحكومة الجديدة... وقوباد طالباني نائباً له

وفي وقت لاحق، سيكلف رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، رئيس الوزراء، مسرور بارزاني، بتشكيل الحكومة الجديدة في غضون ثلاثين يوماً.
وقال رئيس كتلة الحزب الديمقراطي في البرلمان الكردي، أوميد خوشناو، لـ "حفريات" إنّ "خطوات تشكيل الحكومة الجديدة قد بدأت فعلياً"، مبيناً أنّ "رئيس الوزراء المنتخب سيبدأ، بعد أن يُكلف رسمياً، بإجراء مفاوضات مع باقي القوى السياسية للإسراع بتشكيل الحكومة".
ويضيف خوشناو: "الاتفاق السياسي بين الكتل الكردستانية، أعطى رئاسة الحكومة للحزب الديمقراطي، في حين سيكون منصب نائب رئيس الحكومة للاتحاد الوطني، الذي رشّح بدوره القيادي في الاتحاد قوباد طالباني لهذا المنصب".
كركوك وعرقلة الاتفاق السياسي
ما تزال محافظة كركوك (المدينة المتنازع عليها) تمثّل حجر عثرة في استكمال مفاوضات الحزبَيْن الكرديَّيْن الرئيسَيْن، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، بشأن ملف المناصب الكردية؛ حيث يرفض الديمقراطي الكردستاني تولي مرشحي الاتحاد الوطني منصب المحافظ، مطالباً بمرشح توافقي بين الحزبين، خشية تكرار تفرد الاتحاد الوطني بقرار كركوك وحده، فيما أعلن الأخير إيقاف مفاوضاته مع الديمقراطي الكردستاني، وتعليق مجمل الاتفاقات بينهما لحين تنازل الديمقراطي عن شروطه.

اقرأ أيضاً: للمرة الأولى افتتاح معبر بين كردستان العراق وسوريا.. تفاصيل
وأكّد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، عثمان كريم؛ أنّ "مشاركة حزبه في حكومة إقليم كردستان متعلقة بإنهاء أزمة كركوك وتنصيب محافظ جديد للمدينة"، مشيراً إلى أنّ "ذلك سينهي الخلاف وسيعيد الأمور إلى مجرياتها".
وأضاف لـ "حفريات" بأنّ "الوقت ما يزال متاحاً للتفاوض، والاجتماعات ستستمر بهذا الصدد"، معتبراً حضور حزبه مراسم جلسة تنصيب نيجرفان بارزاني رئيساً للإقليم "مبادرة حسن نية، لإنهاء القضايا الخلافية بين الحزبَيْن"، وداعياً "الحزب الديمقراطي إلى المضي بتطبيق الاتفاق الكامل مع الاتحاد الوطني، والذي يتعلق الجزء الرئيس منه بقضية كركوك".

 

الشارع الكردي... إحباط جديد
لم يبدِ العديد من مواطني إقليم كردستان، أية حماسة تجاه انفراج أزمة تشكيل الحكومة المرتقبة؛ حيث إنّهم يشعرون بخيبة أمل تجاه وعود الساسة بتنفيذ برامجهم الانتخابية حال تسلّمهم المناصب الوزارية.
ويقول محمد الجاف، ناشط مدني كردي، لـ "حفريات" إنّ "الشارع الكردي أصابه الملل تجاه النهوض بالواقع الاقتصادي المتردي في إقليم كردستان، سيما الأزمات المتعددة التي تصيب عصب حياتهم، وهي الرواتب المعيشية، فضلاً عن انعدام فرص العمل للخريجين الشباب"، متوقعاً "اندلاع تظاهرات قد تواجه الحكومة الجديدة في حال عدم تلبية المطالب البسيطة للناس".

اقرأ أيضاً: تركيا تشنّ حملة اعتقالات ضدّ حزب العمال الكردستاني
أما عمر رشيد، وهو خريج كلية الحقوق من جامعة صلاح الدين في أربيل؛ فقد أكّد "انعدام التعيينات لشريحة الطلبة الخريجين تواً، والسابقين في الوظائف الحكومية"، مبيناً أنّ "الأحزاب السياسية مهيمنة على كلّ الوظائف، ولا تدع شيئاً لنا نحن الغالبية غير المتحزبة".
في حين رأت لينا سالم، صحفية من مدينة السليمانية، خطاب نجيرفان بارزاني لدى تنصيبه رئيساً لكردستان؛ أنّه "حبر على ورق، وأنه سيسير على خطى أسلافه". 

 

 

بغداد وأربيل... أزمة ثقة جديدة
أعلن رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي؛ أنّ "حكومة كردستان لم تسلم بغداد واردات أي برميل نفط لغاية الآن، يأتي ذلك بعدما ضمن عبد المهدي حصة كردستان في الموازنة الاتحادية"، تصريح عبد المهدي يأتي في أول اتهام له للإقليم، منذ تسلّمه رئاسة الحكومة المركزية، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

وقال رئيس الوزراء: إنّ "إدارة كردستان لم تسلم الحكومة الاتحادية برميل نفط واحد، خلافاً لما نصّت عليه بنود الموازنة"، مبيناً أنّ حكومته "لن تقطع رواتب موظفي حكومة الإقليم".

اقرأ أيضاً: هذا ما فعلته تركيا في كردستان العراق

وبشأن تلك الاتهامات؛ يعلّق الدكتور إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية: "حكومة المهدي أعطت لإقليم كردستان نسبة 20% من الموازنة الاتحادية، وهذا ما لم تكن تحلم به كردستان من قبل"، لافتاً الى أنّ "الحصة السنوية للإقليم كانت نحو 17% فقط".

وذكّر في تصريح لـ "حفريات" بأنّ "الكرد خالفوا التزامهم بشأن تسديد واردات الصادرات النفطية من الإقليم إلى بغداد"، محذراً من "العودة إلى المربع الأول وإشعال فتيل أزمة ثقة مجددة بين المركز والإقليم، مثل ما كانت عليه الحكومات السابقة بعد عام 2003".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية