لماذا يُدافع السلفيون في المغرب عن رجل الدين مغتصب الأطفال؟

لماذا يُدافع السلفيون في المغرب عن رجل الدين مغتصب الأطفال؟


26/09/2020

 أثارت قضية رجل الدّين المغربي، مغتصب الطفلات في دار القرآن، جدلاً واسعاً بالمغرب، لا سيما بعد دفاع شيوخ الفكر السلفي عن الفقيه، رغم اعترافه باغتصاب 8 إناث و4 ذكور.

ومن بين المدافعين؛ الشيخ السلفي حسن الكتاني، الذي علّق على قضية فقيه طنجة قائلاً: "الزنا في الشرع لا يُثبت إلا بشهادة 4 شهود، شهادتهم متطابقة يرون العملية كالميل في المكحلة".

سبب شعور السلفيين بالسمو عن بقية خلق الله

ومن جهته، يقول الباحث في شؤون الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة والإرهاب، سعيد الكحل: "العقيدة الأيديولوجية للسلفيين تجعلهم يعتقدون جازمين أنّهم وحدهم الفئة الناجية، أي وحدهم يُخلصون في إيمانهم ويتمثلون تعاليم الإسلام وقيمه، في سلوكهم ومعاملاتهم، وما عداهم جاهليون أو كفّار مرتدّون".

 الشيخ السلفي حسن الكتاني

 ويضيف الباحث في شؤون الإسلام السياسي، لــ "حفريات": "لهذا يشعر السلفيون بالسمو عن بقية خلق الله، ومصدر سموهم هو صدق إيمانهم، في اعتقادهم، فهذه الصورة المثالية التي يحملها السلفيون عن أنفسهم تسمح باستغفال الناس والاحتيال عليهم لأغراض مادية وسياسية".

تدنيس الطهرانية

يُتابع سعيد الكحل: "فالدين جعلوه تجارة مربحة، لهذا يعملون كلّ ما هو في وسعهم لتنمية تجارتهم وتراكم أرباحهم وتوسيع قواعدهم الاجتماعية، فهم يُدركون أنّ أية فضيحة في صفوفهم هي تدنيس لطهرانيتهم، ومن ثم كساد لتجارتهم، بسبب نفور الأتباع والمتعاطفين ونضوب مواردهم المالية والبشرية".

اقرأ أيضاً: كيف وصلت السلفية المتشددة إلى تونس؟

 ويُضيف الباحث المغربي: "لأجل هذا كلّما انفجرت فضيحة بين أتباعهم سارعوا إلى تطويقها مهما كان الأمر، فهم أولاً لا يتحاكمون إلى قانون الدولة إلا اضطراراً؛ لأنّه في عقيدتهم قانون الطاغوت".

تقوية الصفوف بالتستر على الفضائح

ويستأنف الكحل "ثم ثانياً: لا يسمحون لأيّ كان من خارج تيارهم أن يعرف أسرارهم، وثالثاً: يرون أنفسهم في حروب ضدّ العلمانيين والحداثيين، لهذا يحرصون على تقوية صفوفهم بالتستر على فضائحهم".

الفقيه المتهم اعترف بأنّه ارتكب فعلاً جريمة هتك عرض قاصرات كان يشرف على تعليمهن بالكتّاب القرآني بمدينة طنجة وكان يمارس معهن أفعالاً مخلة بالحياء وفاحشة في حقّهن

وفي هذا الإطار، يُشير الباحث المغربي، "يأتي دعمهم لفقيه قرية الزميج، مغتصب الطفلات والأطفال، والسعي لتبرئته من كلّ التهم الموجهة إليه، فدفاعهم عنه هو دفاعهم عن أنفسهم وتيارهم ومصالحهم، لهذا يستعملون كلّ الأساليب لتبرئة الفقيه من التهم الموجهة إليه حتى وهو يعترف بها".

 تيار مهووس بالجنس

ويلفت الكحل في هذا السياق إلى أنّ "هذه التهم عرّت حقيقة هذا التيار المهووس بالجنس، وكشفت عوراته وفضحت ممارسات أتباعه المنحرفة، فالسلفيون يتغذون على اتهام العلمانيين بالانحراف الأخلاقي وبالتفسخ، وحين تنفجر في صفوفهم مثل هذه الفضيحة فهي تعصف برأسمالهم الاعتباري والمادي".

 ويشدّد على أنّ "ما يفعلونه من مناصرة ودفاع عن الفقيه يرون أنّه يدخل ضمن "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، ويبررونه لأتباعهم بأنّ العلمانيين يشنون حرباً على الدين والمتدينين، ومن ثم فالتهم الموجهة للفقيه تدخل في إطار هذه الحرب، لذا وجب الدفاع عنه بتبرئته".

"الاتهام بالزنا في الشرع لا يثبت إلا بشهادة 4"

وكان حسن الكتاني، أحد شيوخ السلفية، قد علق على قضية رجل الدين، مغتصب الأطفال في مدينة طنجة: "البعض يتلذذ بأخبار أهل الدين إن اتهموا بما يشينهم، إنّ تصبهم حسنة تسوؤهم، وإن تصبهم مصيبة يفرحوا بها، أما إذا اتهموا في عرضهم فهذا عندهم خبر يقين، ولو لم يفصل فيه قضاء، ولم يعرض صاحبه على محكمة".

الباحث المغربي سعيد الكحل لـ"حفريات": السلفيون يتغذون على اتهام العلمانيين بالانحراف الأخلاقي وبالتفسخ، في حين تنفجر في صفوفهم مثل هذه الفضيحة وتعصف برأسمالهم الاعتباري والمادي

وأضاف الكتاني، في تدوينة نشرها في صفحته الرسمية على فيسبوك: "هؤلاء يعلنون صراحة أنّ من حقهم أن يزنوا ويلوطوا ويرتكبوا الفواحش، بل وتنشر أخبار اغتصابهم للنساء وتزوجهم بالباطل، فلا يحرك ذلك منهم ساكناً... قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، نعوذ بالله من كيدهم وشرهم".

وتابع الكتاني "الاتهام بالزنا في الشرع لا يُثبت إلا بشهادة 4 شهود شهادتهم متطابقة يرون العملية كالميل في المكحلة، أو الاعتراف الصريح، وكل كلام غير هذا فهو قذف يستحق صاحبه الجلد 80 جلدة".

 ويُضيف الشيخ السلفي: "ما نراه اليوم هو انتشار الفواحش وتحبيبها وتسهيلها...النظام الجديد هو أن التهمة ثابتة قبل أن ينطق القاضي وأن المحامي مجرد مجادل بالباطل".

النقاط السلبية للكتاني

ومن جهته، يرى الصحفي المغربي، حمزة بصير؛ أنّ "الشيخ الكتاني من النقاط السلبية المسجلة عليه أنه لا يُتقن التعامل مع مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما يضعه في كثير من الأحيان في مواقع محرجة، فالمصطلحات والإيحاءات التي تصدر من منشوراته تكون مبهمة في أحيان عديدة لدى كثيرين".

اقرأ أيضاً: لماذا تألّم سلفي مغربي من وقوع انفجار بيروت في منطقة سُنيّة؟

 ويُضيف الصحفي المغربي، في تصريحه لـ "حفريات": "إلى جانب ذلك؛ هو مندفع نوعاً ما ومتأثر بتجربته في السجن، التي تجعله يُشكك في قرارات السلطة، ويراها ضمنياً موجهة لضرب الإسلام، وهو ما يمكن إسقاطه على هذه الحالة".

ويمضي المتحدث ذاته قائلاً: "وفق منظور الكتاني، فما حدث ما بعد قضية طنجة، يتعلق بالهجوم الإعلامي على الإمامة كرمز ديني تقليدي له مكانته، وليس على شخص الإمام المتهم بالاغتصاب، فمن خلال توضيحاته يُطالب بانتظار فصل القضاء دون إصدار العامة للأحكام المسبقة، مشيراً بذلك لقرينة، أو قاعدة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"".

الفقيه واغتصاب الأطفال

وفي المقابل، كتب السلفي السابق، محمد عبد الوهاب رفيقي: "الفقيه واغتصاب الأطفال من المسكوت عنه في المجتمع، مع أنّه أمر واقع وبشكل كبير جداً، وتتداخل فيه عوامل نفسية واجتماعية كثيرة".

وأضاف الباحث المغربي رفيقي في تدوينته: "بحكم أنّي مررت من كتاتيب مختلفة في مناطق مختلفة، أؤكد أنّ الموضوع خطير، ولا يمكن السكوت عنه، وأنّ هناك تطبيع مع الظاهرة أو محاولة إنكار لها، فقط لأنّ الفاعل إمام المسجد".

اقرأ أيضاً: كيف تنمو السلفية في السويد؟

ويمضي قائلاً: "الموضوع لا يمكن توظيفه لتصفية حسابات مع أيّة جهة، بقدر ما يحتاج إلى فضح وحزم وكشف المستور".

وكان الفقيه المتهم (ع.ع)، قد اعترف أثناء البحث الأولي معه من طرف عناصر الضابطة القضائية، بأنّه فعلاً ارتكب جريمة هتك عرض قاصرات كان يشرف على تعليمهن بالكتّاب القرآني المتواجد بقرية الزميج، بمدينة طنجة، شمال المغرب.

واعترف بأنّه "كان يستغلهن أثناء حضورهن إلى الكتاب، وكان يمارس معهن أفعالاً مخلة بالحياء وفاحشة في حقّهن".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية