ماذا تريد قطر مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟

ماذا تريد قطر مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟


01/11/2020

نشرت صحيفة "تاغستسايتونغ" اليسارية الألمانية، في آب (أغسطس) الماضي، حواراً مع الخبير العسكري الأمريكي، لورانس ويكرسون، حول تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل، وكيف ستجري الأمور في الأشهر القادمة،  ليوضح ويكرسون في حواره؛ أنّ قطر مرشحة بقوة لهذا التطبيع، لكن ربما تكون الخطوة مؤجلة قليلاً، وأشار إلى اقتراب هذا الحدث بالنسبة إلى السودان، وهو ما حدث بالفعل.

سترضخ قطر لرغبة الولايات المتحدة، التي تريد من جميع دول الخليج تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بالشكل الذي يناسب كلّ نظام حاكم، ويتماشى مع سياسات هذه الدول

في الوقت نفسه الذي انتقدت فيه قطر دولة الإمارات لعزمها شراء مقاتلات "إف-35"، ذكرت "رويترز"، في وقت سابق؛ أنّ قطر قدمت طلباً رسمياً لشراء الطائرة "إف-35" التي تنتجها شركة "لوكهيد مارتن"، والتي لم يحصل عليها أحد، إلى الآن، سوى إسرائيل فقط، وقد أشارت تسريبات نشرتها صحف عبرية، إلى إمكانية حصول قطر على هذه الصفقة، مقابل السلام وتطبيع العلاقات.

 قطر والسلام الخفي  

في أعقاب اتفاقية السلام، التي عقدت بين الإمارات وإسرائيل خلال آب (أغسطس) الماضي، قال الشيخ مشعل بن حمد بن خليفة آل ثاني؛ إنّ قطر "لن تعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، حتى يتم تطبيق حلّ الدولتين، وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، معلناً التزام بلاده بمبادرة السلام العربية، والتي تدعمها المملكة العربية السعودية، منذ عام 2002، وتعد إسرائيل بعلاقات دبلوماسية كاملة مع دول المنطقة، مقابل إقامة دولة فسلطينية على حدود، عام 1967.

 وتحت عنوان "دفء العلاقات الإسرائيلية القطرية وسط جهود مشتركة لضمان الهدوء في غزة"؛ أفاد تقرير نشرته صحيفة "التايم" الإسرائيلية، في 21 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بأنّ "المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أنّ العلاقات مع قطر آخذة في التحسن، بعد أن تمّ التوصل إلى اتفاق لزيادة المساعدات لقطاع غزة؛ حيث زار وفد إسرائيلي قطر خلال الشهر الجاري (الماضي)، ووصل إلى اتفاق يرضي الطرفين فيما يخصّ قطاع غزّة، وذكر التقرير أيضاً أنّ قطر متفائلة بهذا التواصل الإيجابي، والذي يمكن من خلاله إنهاء حالة المقاطعة التي تعاني منها الدولة الخليجية منذ سنوات، من قبل جيرانها في الخليج العربي"، كما أوضحت "القناة الـ 13" الإسرائيلية، في تقريرها الشهر الماضي، أنّ المسؤولين طرحوا فكرة تحرّك قطر لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في المستقبل القريب.

اقرأ أيضاً: هل تسعى إسرائيل لهدنة طويلة مع حماس بوساطة قطرية؟

وخلال أيلول (سبتمبر) الماضي، صرّح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأنّ الولايات المتحدة لا تمانع ببيع مقاتلات "إف – 35" للإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى، ويبدو أنّ هذا التصريح هو ما شجّع الدولة الخليجية الغنية على طلب شراء هذه المقاتلات، حيث صرّح وزير المخابرات الإسرائيلي، إيلي كوهين، مطلع الشهر الماضي، بأنّ إسرائيل ستمانع بيع هذه المقاتلات إلى أية دولة عربية، واختتم حديثه قائلاً: "تفوّقنا الأمني والعسكري، هو أهمّ شيء بالنسبة إلينا".

تطبيع قريب

بموجب القانون الأمريكي؛ فإنّ الكونغرس مكلّف بفحص مبيعات الأسلحة إلى دول الشرق الأوسط، ومقارنتها بالتزامات أمريكا بالتفوق العسكري الإسرائيلي، لكنّ قطر، التي تتمتّع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتستضيف الدولة الخليجية حوالي 8 الآف جندي أمريكي في قاعدة العديد الجوية، وهي أكبر قاعدة للجيش الأمريكي في المنطقة، تشير وسائل الإعلام الأمريكية إلى أنّ علاقة قطر بحماس هي أكبر ما يعرقل مثل هذه الصفقة، ورغم معارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينامين نتنياهو، في البداية، لبيع المقاتلات إلى أيّة دولة من دول المنطقة، إلّا أنّ هذا الموقف خفّت حدّته، حسبما نقلت "القناة الـ 13" الإسرائيلية، موضحة أنّه مع المزيد من صفقات التطبيع التي تلوح في الأفق مع دول خليجية وأفريقية، تعتقد إسرائيل أنّ الإدارة الأمريكية يمكن أن تدفع نحو المزيد من صفقات الأسلحة مع القوى الإقليمية.

يوضح الباحث في شؤون الشرق الأوسط والدراسات الخليجية، عبد الرحمن سلمان، أنّ تطبيع قطر مع إسرائيل قاب قوسين أو أدنى، لكنّ البلد الخليجي، صاحب العلاقات الأقوى مع حركة حماس، يريد اللعب على كافة الحبال، بما يحقق أهدافه المنشودة.

اقرأ أيضاً: هل تغير قطر سياستها مع حماس؟ تقرير استخباراتي يجيب

يتابع سلمان، في حديثه لــ "حفريات": "لما لقطر من باعٍ طويل في تمويل الجماعات المسلحة؛ فإنّ التطبيع، بالنسبة إليها، يحتاج وقتاً ليس إلا، خاصّة أنّها تسعى لإنهاء المقاطعة التي أضرّت باقتصادها، كما أنّها، عاجلاً أم آجلاً، سترضخ لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تريد من جميع دول الخليج تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بالشكل الذي يناسب كلّ نظام حاكم، ويتماشى مع السياسات الخارجية لهذه الدول المستهدفة من التطبيع؛ إذ يثير تاريخ قطر في التقلبات السياسية، أسئلة مهمة حول علاقتها الدبلوماسية الحالية مع إسرائيل؛ فعلى مدى العقود القليلة الماضية، أقامت الدوحة علاقات مع إسرائيل وعارضتها، وفي الوقت نفسه، قطعت أيضاً علاقاتها مع دول الخليج، من خلال دعم الجماعات المتطرفة وتعزيز العلاقات مع إيران، كلّ هذه التناقضات تجعل من التطبيع أمراً ليس باليسير على الإمارة الخليجية المتقلبة، لكنّه مؤكّد الحدوث، خاصّة في ظلّ عزلتها الإقليمية التي طالت، وسمعتها الدولية الملطخة بتمويل الإرهاب ونشره من خلال جميعتها الخيرية الشهيرة، والتي كانت سبباً أساسياً في نشر الإرهاب إلى قلب أوروبا".

تاريخ من التقلّبات

حتى وصول الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى السلطة، عام 1995، كانت قطر على هامش الشؤون العالمية، وبمجرد تولّيه منصبه، عمل حمد على تطوير الاقتصاد القطري، ودفع البلاد لتصبح قوة عظمى في مجال الطاقة، ومركزاً للتمويل، ولأنّ هذه الدولة الخليجية، تحديداً، تمتاز، على عكس جيرانها، بالتجانس العرقي والديني، فإنّ الاحتقان السياسي كان الأقل حدّة في المنطقة، وهو ما استفاد منه حمد لمتابعة أجندته السياسية الخارجية، وأصبحت دولته لاعباً رئيساً في الإقليم، بعد أعوام من الأدوار الهامشية للغاية، وحتى يكتمل الدور، رأت القيادة القطرية أنّه من المفيد تحسين علاقاتها مع إسرائيل، حتى تتمكن من تحقيق ازدهارها الاقتصادي الذي ترنو إليه، حسبما وضّح سلمان.

الباحث عبد الرحمن سلمان لـ"حفريات": تطبيع قطر مع إسرائيل قاب قوسين أو أدنى، لكنّ البلد الخليجي، صاحب العلاقات الأقوى مع حركة حماس، يريد اللعب على كافة الحبال

بدأت العلاقات مع إسرائيل في التحسّن، منذ عام 1993، بعد توقيع اتفاقيات أوسلو؛ حيث أيّدت قطر التقدم نحو التعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في هذا الوقت تقريباً، استضافت زيارات من مسؤولين إسرائيليين، وخفّت اللهجة المعادية لها، على وسائل الإعلام القطرية، وبحسب مقال للكاتب الأمريكي، تايلور كوتلر، في صحيفة "اونست ريبورت"؛ فإنّ تطبيع العلاقات بين إسرائيل وقطر تمّ عام 1996؛ حيث سُمح لإسرائيل بفتح مكتب تمثيل تجاري في الدوحة،  ثمّ توترت العلاقات عندما انتخب نتنياهو رئيساً للوزراء للمرة الأولى، حيث انتقدت قطر سياساته، التي كان منها فتح نفق حائط المبكى.

حافظت حكومة قطر، لأعوام، على العلاقات مع إسرائيل، وسمحت للمكتب التجاري بمواصلة العمل، وعام 1997؛ أصرّت الإمارة الخليجية على السماح لممثل إسرائيلي بحضور مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الدوحة، وباعتبارها الدولة الخليجية الوحيدة التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ فإنّ موقف قطر أظهر سياستها الخارجية الجريئة والمستقلة، واعترفت قطر برفض الدول العربية، لكنّها رفضت قطع العلاقات مع القدس، حسبما يذكر كوتلر، وعندما بدت قطر ثابتة في دعمها لإسرائيل، خضعت لضغوط خارجية، بعد الانتفاضة الثانية؛ حيثُ أصرت منظمة المؤتمر الإسلامي (OIC)، في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2000، على أن تقطع قطر علاقاتها مع إسرائيل، وهدّدت كل من السعودية وإيران بمقاطعة القمّة، ولاستشعارها الحرج، أغلقت قطر المكتب التجاري الإسرائيلي، معربة عن تضامنها مع الدول العربية في دعمها للفلسطينيين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية