ما علاقة إخوان اليمن بدعم السلفية السرورية للحوثيين؟

ما علاقة إخوان اليمن بدعم السلفية السرورية للحوثيين؟


25/11/2021

يبدو غريباً لغير المتابع بدقة لألوان الطيف السلفي اللقاء الذي جمع عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، محمد علي الحوثي، بوفد من مشايخ الدعوة السلفية في إب وتعز، مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، نظراً للصورة الذهنية عن التشدد السلفي تجاه الفكر الشيعي، والحركات التي تجمعها علاقات بإيران، مثل الحوثيين "جماعة أنصار الله"، التي يرى مراقبون أنّها باتت أقرب إلى الشيعة الإثني عشرية من الشيعة الزيدية، التي ينتسب بيت الحوثي والبيوت الإمامية في اليمن إليها.

اقرأ أيضاً: "التحالف" يواصل قصفه الاستراتيجي لمواقع حوثية... ماذا استهدف هذه المرة؟

وتزول الغرابة إذا اقتصر الاجتماع على لقاء قيادات السلفية مع الحوثي بصفته ممثل السلطة، بحكم الأمر الواقع، لكن متابعة المواقع الرسمية وتصريحات هذه القيادات تكشف أنّ هناك علاقة قوية تجمعهم مع الحوثيين؛ إذ تؤيد بعض هذه القيادات العدوان الحوثي على الأراضي السعودية، وتصف التحالف العربي والشرعية بالكلمات نفسها التي يستخدمها الحوثي، فضلاً عن إشادتهم في لقاءاتهم الصحفية بالسلطة الحوثية.

السرورية والحوثيون

أوجدت السيطرة الحوثية على معظم المناطق الشمالية في اليمن، بعد انقلاب عام 2014، واقعاً جديداً، ومن ذلك؛ وجود سلطة تنتمي إلى أيديولوجيا الإسلام السياسي الشيعي تحكم كتلة سكانية سنّية كبيرة، بما تحمله من تيارات فكرية دينية، مثل الإخوان المسلمين والسلفية بتنوعاتها كافة وغير ذلك.

قيادات سلفية من إب وتعز في اجتماع مع قيادات حوثية

واتخذت العلاقة بين الحوثيين والإخوان منحى تصادمياً، على الرغم من وجود اتصالات سابقة بين الطرفين للوصول إلى اتفاق حول السلطة، ما أدى إلى هروب قيادات حزب الإصلاح الإخواني من مناطق السيطرة الحوثية، وتعرض بعضهم للاعتقال ومصادرة الممتلكات، بينما كان التوافق هو السائد بين الحوثيين وعدد كبير من قيادات السلفية ورموزهم، المنتمين إلى التيار السروري، الذي يجمع بين الفكر السلفي التقليدي والإخواني.

العديد من القيادات السلفية السرورية تتعامل مع الحوثي بحكم كونه سلطة الأمر الواقع، لكنّ بعض هذه القيادات ذهبت بعيداً إلى حدّ تأييد الحوثيين، والتماهي مع مشروعهم

ومنذ سيطرة الحوثي عسكرياً على صنعاء والتوسع في محافظات إب وتعز، وقعت مناطق تعد من معاقل السلفية السرورية تحت الاحتلال الحوثي، ولم يحدث صدام بين الطرفين، وتمكنا من إيجاد توافق بينهما، على الرغم من اشتهار التيار السروري بعدائه الصريح للشيعة، وربما خفّف انتساب الحوثيين إلى المذهب الشيعي الزيدي من حدة العداء، وإن كان هناك تقارب غير خافٍ، في الوقت نفسه، بين الحوثيين والشيعة الإثني عشرية، بحكم العلاقات القوية التي تجمعهم بالنظام الإيراني منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

اقرأ أيضاً: تصنيف الحوثي "إرهابية".. ماذا يدور في الكونغرس؟

وعُقدت اجتماعات عديدة بين القيادات السلفية السرورية والتي تعبّر عن نفسها في عدّة تيارات وجمعيات خيرية وأحزاب سياسية، منها: جمعية الحكمة، وجمعية الإحسان، وأصحاب أبو الحسن، أصحاب الحجوري، وجمعية التآلف، ومركز بن الأمير الصنعاني، وحزب الرشاد، وحزب السلم والتنمية، وفق تقرير لموقع "المنهاج السلفي" اليمني.

القيادي السلفي محمد طاهر أنعم في لقاء مع القيادي الحوثي الراحل، مهدي المشاط

وكان آخر لقاء بين الطرفين جمع عضو مجلس الشورى، بقيادات جمعية الإحسان، الشيخ محمد الوادعي، والشيخ عبد الخالق حنش، مع عضو المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد، في صنعاء، في 17 من الشهر الجاري، وسبقه لقاءان متتاليان؛ في اليوم التاسع، بين القيادات الحوثية وقيادات سلفية سرورية من عدن، وقبله بيوم لقاء بين وفد من جمعية الحكمة اليمانية السلفية وجمعية التآلف ومركز بن الأمير الصنعاني في محافظتَي إب وتعز، مع عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، وعضو المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد، في الثامن من الشهر الجاري.

اقرأ أيضاً: شركات يمنية ومصارف متورطة في تهريب النفط الإيراني وغسل الأموال لحساب الحوثيين

وعلى الرغم من اتخاذ حزب السلم والتنمية موقفاً مؤيداً للشرعية بقيادة رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، إلا أنّ قيادات من الحزب حضرت ندوة مؤيدة للعدوان الحوثي في صنعاء، في حزيران (يونيو) الماضي، بمشاركة قيادات حوثية وسلفية.

براجماتية أم تحالف

وفي تصريح لـ "حفريات"، قال صحفي وباحث يمني في الحركات الإسلامية، فضل عدم الكشف عن اسمه، عن القيادات السلفية الداعمة للحوثيين: "هؤلاء تيار حركي يجيز المشاركة في العملية السياسية، ويشارك فيها، وهم أقرب إلى السرورية، وبحكم الواقع لا خيار أمامهم غير التعامل مع جماعة الحوثي، واعتبارها سلطة أمر واقع مُتغلبة، لأنهم في مناطقهم".

الباحث اليمني د. ثابت الأحمدي لـ"حفريات": الودّ الذي يبديه الحوثي للسلفيين هو تكتيك مرحلي، سينقضونه بعد حين؛ فالحوثي لم يقبل ببني عمومته من المذهب نفسه

وأضاف: "المحسوبون على حزب الرشاد في مناطق سيطرة الحوثيين لهم موقف من الجماعة يختلف عن موقف المحسوبين على الحزب ممن يتواجدون خارج هذه المناطق، ويمكن تلخيص الأمر بأنه ضرورة". ولفت إلى أنّ "الشيخ السلفي محمد الإمام، في مدينة معبر بمحافظة ذمار، وهو مدخلي جامد، هاجم الحوثيين كثيراً من قبل، وألّف كتباً ضدهم، وبات يشيد بهم الآن، لأنّه لا يستطيع أن يتخذ موقفاً آخر".

السكرتير الإعلامي برئاسة الجمهورية اليمنية، د. ثابت الأحمدي

ومن جانبه، قال السكرتير الإعلامي برئاسة الجمهورية اليمنية، الكاتب والباحث، ثابت الأحمدي: "لم يحصل أيّ ثناء أو ترحيب من قبل السلفيين اليمنيين بالحوثي خلال السنوات السابقة، وكلّ الذي حصل نوع من الاستسلام للأمر الواقع، وفرّق بين الثناء والترحيب من جهة، والاستسلام أو الاستكانة لما هو مفروض من جهة ثانية".

اقرأ أيضاً: ميليشيات الحوثي تزعم استهداف مطارات سعودية ومصافي أرامكو

وتابع لـ "حفريات": "اللقاء الذي تمّ جاء بطلب من الإخوة السلفيين مع قيادة الحوثي الأولى بصنعاء، جاؤوا إليه من تعز وإب، لطرح بعض القضايا على الحاكم الفعلي الأول لسلطة صنعاء، محمد علي الحوثي، منها تعرضهم لكثير من المضايقات من بعض المشرفين المحليين، ومصادرة بعض المساجد والمراكز عليهم، ويأملون التخفيف عليهم من هذه المضايقات، لا الطمع بأيو استزادة، كما عرفت من شخصيات سلفية أخرى مقربة منهم".

وأوضح الأحمدي؛ أنّ الودّ الذي يبديه الحوثي للسلفيين هو "تكتيك مرحلي، سينقضونه بعد حين؛ فالحوثي لم يقبل ببني عمومته من المذهب نفسه، الذين يُطلق عليهم "أهل الطيرمانات" الصنعانيين، مقابل أهل "الكهف" الصعداويين. وما يتظاهر به اليوم من القبول بالسلفيين رسائل يبعث بها إلى خصومه السياسيين في الداخل والخارج، محاولاً إضفاء الشرعية على حكمه لا أكثر. أما تلك الشخصيات السلفية التي ظهرت في ذلك اللقاء، فهم فصيل من عدة فصائل سلفية أخرى، ولا يمثلون الكل بكل تأكيد".

اقرأ أيضاً: ميليشيا الحوثي على صفيح ساخن

ويمكن القول إنّ العديد من القيادات السلفية السرورية تتعامل مع الحوثي بحكم كونه سلطة الأمر الواقع، لكنّ بعض هذه القيادات ذهبت بعيداً إلى حدّ تأييد الحوثيين، والتماهي مع مشروعهم، خصوصاً أنّ الجانب الحركي لدى هؤلاء، والمستمد من أيديولوجيا الإخوان المسلمين، ومنه مركزية القضية الفلسطينية في طرحهم الإعلامي والسياسي، يجمعهم مع الحوثيين، الذين يرفعون الطرح الإخواني.

ما علاقة الإخوان؟

وفي حوار صحفي لرئيس جمعية الحكمة اليمانية، الشيخ محمد المهدي، قال عن الحوثيين: "المجال مفتوح لنا ولهم إلى الآن، فلم يمنعونا من أن ننشر دعوتنا ومنهجنا، وبالنسبة إلى الإخوان على العكس؛ في المدة التي عشناها في إب، قرابة أربعين عاماً، كانوا يأخذون مساجدنا من أيدينا بالقوة، وكانوا ينكلون بنا، ربما أبلغوا عنا بعض الجهات الأمنية لإيذائنا، وهذا مسجل عندي، وأستطيع أن أذكّرهم بحوادث معينة".

ندوة في صنعاء شاركت فيها قيادات سلفية من جنوب اليمن

وفي السياق ذاته، قال الصحفي والباحث اليمني لـ "حفريات": "الحملة التي قامت ضدّ محمد المهدي، بعد لقائه بمحمد علي الحوثي، كان لها حسابات ومواقف قديمة. والإصلاح، أو الإخوان، هاجموا المهدي كثيراً، لأنّ هناك حرباً قديمة بينهم، وليس لأنّه التقى الحوثي".

وأفاد المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، بأنّ "الإصلاح سعى لفتح صفحة جديدة مع الحوثي حين سيطر على العاصمة صنعاء، وأمينه العام زار صعدة والتقى بزعيم الجماعة، ولو لم تعلن السعودية العملية العسكرية، لكان الإصلاح أول من يشرعن سلطة الحوثي".

اقرأ أيضاً: ميليشيات الحوثي تواصل جرائمها بحق موظفي السفارة الأمريكية والأطفال

وبحسب ما سبق، فالقمع الذي مارسه حزب الإصلاح الإخواني حين كان شريكاً في السلطة، مع المؤتمر الشعبي العام، في عهد الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بحقّ السلفية بشكل عام، وخصوصاً السلفية القريبة من التيار السروري، كان له دور كبير في تطبيع العلاقات بين السلفيين والحوثيين، حتى وإنّ كان هذا التطبيع مؤقتاً. ويدعم ذلك اللقاءات التي عقدتها قيادات سلفية جنوبية في مناطق تابعة للشرعية مع قيادات حوثية وأخرى سلفية في مناطق شمالية، والتباحث حول الأحوال في اليمن بشكل عام.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية