ما مصلحة إيران من الشروط التعجيزية لميليشيا الحوثي؟

ما مصلحة إيران من الشروط التعجيزية لميليشيا الحوثي؟


25/05/2021

التطورات اللافتة في اليمن مؤخراً، كشفت، مجدداً، الدور الإيراني المحموم نحو رفع وتيرة الصراع، وكذا الدور الوظيفي الذي تؤديه الميليشيات الحوثية لحساب طهران، لا سيما أنّ وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت، يوم الجمعة الماضي، عقوبات على قيادات عسكرية حوثية، بينما رأت أنّ هذه المجموعات المسلحة المدعومة من الحرس الثوري الإيراني إنّما تعمد إلى "إطالة أمد الحرب".

كما رأت الولايات المتحدة، منتصف الشهر الحالي، أنّ مستقبل اليمن أضحى "رهينة" في قبضة تلك الميليشيات، حسبما ورد في تغريدة لوزارة الخارجية الأمريكية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مضيفة أنّ "الصفقة العادلة المطروحة على الطاولة ستجلب أخيراً الراحة للشعب اليمني. ويجب على الحوثيين المشاركة".

الحوثي يرفض محادثات السلام

وقبل أيام، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، فرض عقوبات على اثنين من كبار القياديين العسكريين في ميليشيا الحوثي؛ إذ أوضح بلينكن في تغريدة على حسابه الرسمي في "تويتر"، أنّ الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يطالبان بـ "وقف هجوم الحوثيين على مأرب ووقف فوري لإطلاق النار".

وتابع بلينكن: "أرحب اليوم بتصنيف القادة العسكريين في ميليشيات الحوثي والمشرفين على العمليات العسكرية الحوثية في مأرب ومعاقبتهم. العمليات العسكرية الحوثية تعرّض حياة اليمنيين للخطر وتهدد بكارثة إنسانية غير مسبوقة. يجب على الحوثيين وقف العنف والانخراط في محادثات السلام".

اقرأ أيضاً: لماذا لا يأبه الحوثيون لدماء اليمنيين؟

اللافت أنّه مع إعلان البحرية الأمريكية ضُبطت شحنة أسلحة إيرانية "غير قانونية" في بحر العرب، كان يتم تهريبها للميليشيات المدعومة من طهران في اليمن، رفضت الأخيرة لقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص، مارتن غريفيث، في العاصمة العمانية مسقط؛ وقد كشف مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنّ التحقيقات أوضحت وجود "شحنة صواريخ وأسلحة وذخيرة كانت مهربة في سفينة مجهولة في المياه الدولية بشمال بحر العرب، وقد جاءت من إيران بينما تهدف إلى تسليح الحوثيين في اليمن"، وهو ما يخالف مبدأ حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً: التصعيد الحوثي في مأرب والاتفاق النووي الأمريكي الإيراني.. ما العلاقة؟

وفي أعقاب رفض الحوثيين لقاء مبعوث الأمم المتحدة في مسقط، قالت الخارجية الأمريكية: "هناك صفقة عادلة مطروحة على الطاولة ستجلب الإغاثة الفورية للشعب اليمني، فوّت الحوثيون فرصة كبيرة لإثبات التزامهم بالسلام وإحراز تقدم في هذا الاقتراح من خلال رفض مقابلة مبعوث الأمم المتحدة الخاص في مسقط، لا سيما بالنظر إلى استعداد حكومة الجمهورية اليمنية المعلن للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع. وعلى عكس تصريحاتهم فيما يتعلق بالوضع الإنساني في اليمن، فإنّ الحوثيين يزيدون الوضع سوءاً؛ من خلال الاستمرار في مهاجمة مأرب، وتفاقم الظروف القاسية لليمنيين المعرضين للخطر بالفعل والنازحين داخلياً".

إيران تؤجج الصراع باليمن

وأردفت الخارجية الأمريكية: "مع تزايد الإجماع الدولي والزخم نحو إنهاء الصراع في اليمن دون مزيد من التأخير، يجب على جميع الأطراف التواصل مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة ومعالجة الاقتراح المطروح على الطاولة، من أجل الشعب اليمني".

ومن جانبه، رأى قائد القيادة المركزية الأمريكية أنّ "إيران ما تزال تمارس أنشطة تخريبية واسعة النطاق، سواء بشكل مباشر أو من خلال مجموعات تعمل بالوكالة". لافتاً إلى أنّ طهران "لا تهددنا فقط، بل تهدد أصدقاءنا وشركاءنا في جميع أنحاء المنطقة".

وتابع قائد القيادة المركزية: "عندما أتحدث عن خيارات للتعامل مع إيران، أعني الرد على أيّ هجوم محتمل قد يضرّ بالمصالح الأمريكية". وتابع بأنّ "إيران تحاول اتّباع سياسة إخراج القوات الأمريكية من العراق بشنّ هجمات من خلال الميليشيات التابعة لها، لكن يجب أن أؤكد أنّ هذا ستقرره الولايات المتحدة والحكومة العراقية، وليس بعض الدول الأخرى مثل إيران".

يعمد الحوثيون إلى المماطلة في الوصول إلى المفاوضات، وتحديد أفق سلمي للحل السياسي، وإنهاء النزاع، ومن ثم، إقرار حلول مستدامة، لمصلحة خيار التصعيد الميداني والعسكري

وبينما نفت طهران صلاتها بشحنة الأسلحة المهربة، وقال الناطق بلسان الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إنّه "لا يوجد لإيران سوى وجود دبلوماسي في اليمن وهذه التقارير غير صحيحة على الإطلاق"، فإنّ بياناً رسمياً صادراً عن الأسطول الخامس في البحرية الأمريكية، أكّد أنّ "طراد الصواريخ الموجهة "يو إس إس مونتيري" صادر شحنة أسلحة غير قانونية على متن سفينة مجهولة في بحر العرب"، وأردف: "شحنة الأسلحة ضمت عشرات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات روسية الصنع، والآلاف من بنادق "تايب 56" الصينية الهجومية، ومئات من مدافع "بي كيه إم" الرشاشة، وبنادق قنص، ومنصات إطلاق قذائف صاروخية، إضافة إلى أدوات رؤية متقدمة".

تهريب الأسلحة للحوثي.. صناعة الأزمات بالمنطقة

بيد أنّ وزير الخارجية الأمريكي السابق، مايك بومبيو، أوضح في سياق تعقيبه على الحادث بأنّ الشحنة "تضمّنت "358 صاروخاً إيرانياً وقطع غيار معدات عسكرية أخرى".

وبحسب بيان البحرية الأمريكية، فإنّها ليست المرة الأولى التي تجري فيها مصادر شحنة أسلحة مهربة من إيران للحوثيين؛ إذ صودرت شحنات مماثلة في سنوات سابقة، وتحديداً خلال الفترة بين عامي 2016 و2020؛ ففي شباط (فبراير) العام الماضي، كشفت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) عن سفينة تحمل على متنها أسلحة في المياه الدولية لبحر العرب، وفيها نحو "150 صاروخاً مضاداً للدبابات (دهلاوية) وثلاثة صواريخ أرض جو".

اقرأ أيضاً: إدارة بايدن و"الحوثي".. خطوة سيئة

ودان السفير الأمريكي لدى اليمن، كريستوفر هنزل، شحنات الأسلحة الضخمة التي تصادرها البحرية الأميركية؛ وذكر عبر الصفحة الرسمية للسفارة الأمريكية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنّ "ميناءً إيرانياً كان آخر محطة لشحنة الأسلحة التي تم اعتراضها في بحر العرب، والتي تحوي صواريخ موجهة مضادة للدبابات، وآلاف البنادق، ومئات المدافع الرشاشة، وبنادق القنص، وقاذفات القنابل الصاروخية".

كما ذكر السفير الأمريكي أنّ "التدفق المستمر للأسلحة إلى الحوثيين من شأنه إطالة معاناة الشعب اليمني والمساهمة في صراع إقليمي أوسع".

وقال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إن إيرانّ ما تزال تمثّل التهديد الأكبر والأخطر للاستقرار في الشرق الأوسط.

الصحفي والباحث اليمني عبد العزيز العامر

إذاً، يعمد الحوثيون إلى المماطلة في الوصول إلى طاولة المفاوضات، وتحديد أفق سلمي للحل السياسي، وإنهاء النزاع، ومن ثم، إقرار حلول مستدامة، وذلك في مقابل خيار التصعيد الميداني والعسكري، بحسب الصحفي والباحث اليمني، عبد العزيز العامر، الذي يرى أنّه "كان من المقرر أن تكون هناك جولة مشاورات مرتقبة بين طرفي الأزمة اليمنية (الحكومة اليمنية الشرعية- ميليشيا الحوثي الإرهابية)، وذلك بعد جولة مكوكية قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، بين الرياض ومسقط وطهران".

شروط الحوثي التعجيزية

ويضيف العامر لـ "حفريات": "رغم وجود دعم دولي كبير من أجل إنجاح عملية سلام في اليمن، وموافقة الحوثي، بشكل مبدئي، على صيغة وبنود الاتفاق، وأيضاً كانت هناك موافقة كاملة من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، إلا أنّه سرعان ما أبلغ الحوثي عبر الناطق الرسمي، محمد عبد السلام، المبعوث الأممي إلى اليمن تحفظهم عن بعض بنود الإتفاق، وطالبوا بأنّ صيغة الحلّ في اليمن لا بدّ من أن يتمّ تعديلها بحسب شروط الحوثيين، والتي من بينها فتح مطار صنعاء الدولي إلى وجهات يحدّدها الحوثي، منها طهران وبغداد وبيروت، وكذا فتح الملاحة البحرية (ميناء الحديدة) أمام السفن الإيرانية، وهو ما رفضته الحكومة الشرعية جملة وتفصيلاً".

الباحث اليمني عبد العزيز العامر لـ"حفريات": الـ "شروط التعجيزية" التي أضافتها ميليشيا الحوثي الإرهابية على الصيغة النهائية لمشروع المشاورات والمفاوضات، ترافقت مع التصعيد العسكري

وهذه الـ "شروط التعجيزية"، التي أضافتها ميليشيا الحوثي الإرهابية على الصيغة النهائية لمشروع المشاورات والمفاوضات، المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل رئيس، رافقها التصعيد العسكري، مؤخراً، على محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز، وآخر معقل للحكومة اليمنية الشرعية في الشمال اليمني، بحسب الصحفي والباحث اليمني، كما كانت الجولة المقرر عقدها بين طرفي الأزمة برعاية أمريكية، وتمّ على إثرها تعيين المبعوث الأمريكي إلى اليمن من أجل تسهيل عملية التفاوض قد فشلت وأخفقت في نتائجها بعد رفض الحوثي مبادرات السلام.

ويختتم: "رفض وفد الحوثيين لقاء المبعوث الأممي إلى اليمن في مسقط، رغم إقامة الوفد في عُمان، يدخل ضمن محاولات كثيرة بذلت بغية إنجاح عمليات التفاوض، منها إعلان الرياض وقف إطلاق النار في اليمن، لكنّ الحوثي استغل هذا الإعلان بتكثيف إطلاق الطائرات المسيرة نحو السعودية؛ وهو ما دفع بالقوات البحرية الأمريكية المرابطة في بحر العرب إلى تضييق الخناق على عمليات تهريب إيران للسلاح، وفي تقديري؛ ثمة رسالة أمريكية لإيران بأنّ الولايات المتحدة لن تغض الطرف عن تقديم المزيد من الدعم العسكري للحوثي، كما لن تسمح  باستمرار التصعيد، حالياً، والدخول لمأرب، وبالتبعية، ضرورة الانخراط في عملية سلام وحوار".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية