مساجد فلسطينية حوّلتها إسرائيل إلى معابد وخمارات وحظائر

مساجد فلسطينية حوّلتها إسرائيل إلى معابد وخمارات وحظائر


06/08/2020

لم تكتفِ سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتهويد الأراضي الفلسطينية وسرقة المنازل وبناء المستوطنات، بل اتخذ التهويد وجهاً آخر يغيب عن أذهان الكثيرين، بعد استباحة الاحتلال المساجد الفلسطينية في المدن المحتلة، عام 1948، لتوظيفها في أمور أخرى، ومحو أيّ أثر للعرب والمسلمين في فلسطين التاريخية والنيل من إسلاميتها، من خلال تحويلها إلى كنائس وحظائر لتربية المواشي، ومخازن، ومتاحف، وملاهٍ ليلية.

ولم تعد عشرات المساجد موجودة، بعد سيطرة الإسرائيليين عليها، وتحويل أسمائها إلى العبرية لتغيير ملامحها الإسلامية، كما لجأ الاحتلال إلى هدم العديد من مآذن المساجد، وأبقى على قبابها، لتكون أشبه بالكنائس ودور العبادة اليهودية.

تم تحويل مسجد عين الزيتون في صفد إلى حظيرة للأبقار، وتحويل الطابق الأرضي من مسجد السكسك في يافا؛ إلى مصنع للبلاستيك والطابق العلوي إلى مقهى لبيع الخمر ولعب القمار

ووفق معطيات وزارة الداخلية الإسرائيلية، في تشرين الأول (أكتوبر) 2015؛ فإنّه يوجد حوالي 400 مسجد في إسرائيل، وقد تنامى عدد المساجد في الأعوام الـ 25 الماضية خمسة أضعاف.

ويشير التقرير السنوي الصادر عن جمعية (سيكوي) الإسرائيلية، إلى أنّ 80 مسجداً وكنيسة تحولوا إلى خراب، نتيجة الإهمال المتعمد من قبل وزارة الشؤون الدينية الإسرائيلية، الواقعة في القرى المهجرة والمدن اليهودية.

مسجد بئر السبع الذي تم تحويله إلى متحف

ويفيد التقرير المذكور إلى وجود 16 مسجداً آيلاً للسقوط؛ في الجليل الغربي، والمجدل، والكرمل، والسهل الساحلي، والمناطق المحيطة بالقدس، إضافة إلى خمسة مساجد في الخالصة (كريات شمونة)، وصفد، وعين كارم، وبئر السبع، وطبريا، تستعمل كمتاحف ومعارض، وأربعة مساجد أخرى تمّ تحويلها إلى خمارات ومطاعم وأماكن سياحية، تقع في الزيب وقيسارية وعين حوض.

اقرأ أيضاً: هل يؤم الغنوشي صلاة الجمعة في آيا صوفيا؟

وصادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية، في الثامن من آذار (مارس)2017، على مشروع قانون منع الأذان، الذي ينصّ على منع استخدام مكبرات الصوت للصلاة في الأماكن السكنية في القدس والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948، في الفترة ما بين الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتى السابعة صباحاً، كما يفرض مشروع القانون غرامة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف شيكل إسرائيلي (بين 1500-3000 دولار أمريكي) على كلّ من يخرق هذا القانون.

رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا في الداخل المحتل، كمال الخطيب، لـ"حفريات": المساجد في الداخل الفلسطيني تتعرض لحملة إسرائيلية ممنهجة، لهدمها وتهويدها وتشويهها

وكان تقرير صادر عن مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، التي تنشط في أراضي الـ 48، قد أكّد أنّ 19 مسجداً استخدموا لأغراض غير الصلاة، وأنّ 14 مسجداً تمّ تحويلهم إلى معابد لليهود، وحوالي 50 مسجداً ومقاماً أغلقوا، أو أهملوا، أو هدموا.

وبحسب إحصاءات كشفت عنها مؤسسة الأقصى للوقف والتراث؛ فإنّ "المؤسسة الإسرائيلية دنّست ما يقارب 2350 مكاناً مقدساً، إسلامياً ومسيحياً، في القرى المهجرة وبلدات الساحل، نحو 1350 منها شمال فلسطين، من قيساريا في أقصى الشمال، والمدن الساحلية عكا ويافا وحيفا واللدّ والرملة، بينما 1000 موقع منها في القسم الجنوبي من فلسطين.

وذكرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، في نيسان (أبريل) الماضي؛ أنّ عدد سكان العرب في إسرائيل بلغ 1,9 مليون عربي، أي ما نسبته 21% من مجموع السكان.

آيا صوفيا وكراهية المسلمين

ويرى الباحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، زهير أبو صالح، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "السلطات الإسرائيلية انتهجت، بعد عام 1967، سياسة واضحة بهدم المساجد والسيطرة على غالبية المعالم الإسلامية في البلدات الفلسطينية المحتلة عام 48، لإقامة مشاريع تهويدية واستيطانية على أنقاضها، لخدمة اليهود والجماعات الصهيونية المتطرفة، لطمس الحضارة الإسلامية القائمة منذ آلاف السنين، والتحكم فيها، واستباحتها بطرق متطرفة".

جانب من مسجد حطين الذي استخدم حظيرة للأبقار فترة ثم تم إغلاقه

 وتوقّع أبو صالح أن تتصاعد الإجراءات العنصرية الإسرائيلية ضدّ المساجد والمقابر الإسلامية في كافة أنحاء فلسطين، بعد قيام تركيا باتخاذ موقف عنصري بتحويل متحف آيا صوفا إلى مسجد، ما فتح جدلاً واسعاً في كافة الأوساط، العربية والغربية، باعتباره استفزازاً لمعتنقي الديانة المسيحية، من شأنه أن يزيد في الكراهية والعنف ضدّ المسلمين في شتى أنحاء العالم.

ولفت إلى أنّ "اختيار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لهذا التوقيت الحرج التي تمرّ به المنطقة العربية، من نزاعات وحروب وتصارع، لإعادة آيا صوفيا مسجداً، والذي كان منذ ثلاثينيات القرن الماضي متحفاً، يحمل في طياته هدفاً لإثارة النزاعات الطائفية والمذهبية بهدف التغطية على تدخلاته الخارجية في ليبيا وسوريا والعراق، في وقت يحتاج به العالم الإسلامي، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الأديان".

تحويل مساجد ومقابر

وتابع: "هناك مساجد جرى تحويلها إلى غير أهدافها الطبيعية، كمسجد عين الزيتون في صفد؛ الذي تمّ تحويله إلى حظيرة للأبقار، ومسجد السكسك في يافا؛ الذي تمّ تحويل الطابق الأرضي منه إلى مصنع للبلاستيك، والطابق العلوي تحوّل إلى مقهى لبيع الخمر ولعب القمار، وكذلك مسجد مجدل عسقلان؛ الذي حُوِّل جزء منه إلى متحف والجزء الآخر إلى مقهى لبيع الخمور، ومصلَّى الستّ سكينة في طبريا؛ الذي تمّ تحويله إلى كنيس، ومصلَّى الغرباوي في بلدة مدية، الذي حوِّل إلى كنيس أيضاً، وهناك قائمة لا تنتهي، يضاف إليها العديد من المساجد والمصليات المهملة والمغلقة".

اقرأ أيضاً: واقعة «آيا صوفيا»: لا دين معتبر... ولا سياسة حكيمة!

وأكّد أبو صالح؛ أنّ "الاعتداءات الإسرائيلية لم تقتصر على المساجد فقط؛ بل شملت المقابر الإسلامية، لتنتهك بذلك حرمة الموتى المسلمين؛ كمقبرة الشيخ مؤنس في يافا، التي أقيمت على أنقاضها كلية تتبع لجامعة تل أبيب، ومقبرة قرية سلمة، ومقابر أخرى عديدة، شيِّدت عليها مواقف للسيارات وحدائق عامة وطرقات وفنادق".

حملة إسرائيلية ممنهجة

رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا في الداخل المحتل، كمال الخطيب، يقول: "المساجد في الداخل الفلسطيني تتعرض لحملة إسرائيلية ممنهجة، لهدمها وتهويدها وتشويهها، على اعتبار أنّ تلك المساجد ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفلسطيني الذي سكن هذه الأرض وهجِّر منها عام 1948"، مشيراً إلى أنّ "السلطات الإسرائيلية لم تكتفِ بتهجير الفلسطينيين، بل عمدت إلى تدمير 539 مدينة وقرية، بكلّ ما فيها من مساجد ومقابر ومدارس، وتريد بذلك أن تصدّق المقولة التي أطلقتها إسرائيل بأنّ "هذه أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"".

المساجد تتعرض لانتهاكات جسيمة، وتمّ تغييرها وتحويلها إلى غير أهدافها بأكثر من طريقة

ويضيف الخطيب، في حديثه لـ "حفريات": "المساجد تتعرض لانتهاكات جسيمة، وتمّ تغييرها وتحويلها إلى غير أهدافها بأكثر من طريقة؛ كمسجد مدينة العفولة الذي تمّ تحويله إلى كنيسة، ومسجد الأحمر في صفد، الذي تمّ تحويله إلى مركز لتصوير الأفلام الإباحية، ومسجد قيسارية؛ الذي تمّ تحويله إلى مطعم وخمارة، والمسجد الزيداني في طبريا، المهمل والمغلق منذ أعوام عديدة، إضافة إلى العديد من المساجد التي يرفض الاحتلال ترميمها، وما تزال مغلقة إلى يومنا هذا".

مساجد تحت الوصاية الإسرائيلية

وبيّن أنّ "هناك مساجد تسمح السلطات الإسرائيلية ببنائها داخل المناطق الفلسطينية، يتم تشييدها على نفقة الفلسطينيين، الذين يؤسسون جمعيات تقوم على رعاية تلك المساجد"، موضحاً أنّ "المؤسسة الإسرائيلية ليست لها أيّة صلة في بناء أيّ مسجد بالداخل الفلسطيني، وتتولى جمعيات خاصة الإنفاق على المساجد، ودفع رواتب أئمتها ومؤذنيها؛ حيث تحرص السلطات الإسرائيلية على جعل المساجد تحت وصايتها حتى تسكِت صوتها".

 وتابع الخطيب: "سلطات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت أكثر من 40 جمعية ومؤسسة خيرية، كانت تتبع للحركة الإسلامية في الداخل، وتمّ حظر أنشطتها خلال عام 2015، وكانت تلك المؤسسات تعمل على مشروعات لترميم المساجد وإعادة تأهيلها، في عكا وحيفا ومدن أخرى، ودفع رواتب لأكثر من 60 إماماً، لضمان حريتهم في التعبير عن آرائهم دون أيّة قيود إسرائيلية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية