مشروع "الإخوان" في أمريكا!

مشروع "الإخوان" في أمريكا!


25/11/2021

هيلة المشوح

تقدم عدد كبير من أعضاء الكونغرس خلال العقد المنصرم بأكثر من مشروع لإدراج جماعة «الإخوان» على لائحة الإرهاب، ومن أهم تلك المشاريع ما تقدم به السيناتور تيد كروز في عام 2009، إلا أن إدارة الرئيس باراك أوباما آنذاك تصدت لهذه المشاريع بالرفض الشديد واستخدمت حق الفيتو لنقضها، ويعود ذلك لعزم الإدارة الأميركية في ذلك الوقت على إقامة الشراكة التعاونية مع «القوى الإسلاموية»، سواء كانت منظمات مثل «الإخوان» أو دول مثل إيران. وكانت أهم إفرازات هذه الشراكة مشروع «الربيع العربي» الذي تسبب بخريف مريع ما زالت المنطقة العربية تدفع أثماناً باهظة جراءَه في بعض أقطارها المنكوبة، فسقطت بذلك مبادرات كروز ولوي غوميرت وبالارت وغيرهم حتى خلال سيطرة «الجمهوريين» على مجلسي النواب والشيوخ.

اختراق التنظيم الإخواني كَلوبٍ فاعل داخل الولايات المتحدة قديم وذو تاريخ طويل، بدأ يتشكل بوضوح خلال الحرب الباردة كـ«حليف» لأميركا ضد السوفييت ومدافع عن التواجد الأميركي ضد الشيوعيين، فحصد «الإخوان» بذلك أقوى حصيلة قد يحصدها حزب أو لوبٍ آخر حين فرضوا أنفسهم كممثلين لكل ما هو «إسلامي» داخل الولايات المتحدة، وصبغوا النظرة الأكاديمية والسياسية للمنطقة العربية داخل العقل السياسي الأميركي بصبغتهم الخاصة، فخلقوا بذلك هيكليةً انقلبت على الدول العربية المعتدلة داخل السياسة الأميركية، مما تجسد أخيراً في ما يسمى «بالربيع العربي» كما أسلفت.

في الفترة بين عامي 2017 و2019 وخلال فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب، تسيد «الجمهوريون» الأكثرية في مجلسي الكونغرس والشيوخ، ورغم ذلك لم يتمكن ترامب من إدراج «الإخوان» على لائحة الإرهاب لعدة أسباب، أهمها تشعب القضايا السياسية خلال رئاسته وبروز بعض الأولويات الهامة كالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ومشاغلة الإدارة الأميركية من بعض الدول المحورية لقرار الانسحاب، هذا فضلاً عن تحالف «الإخوان» مع اليسار المسيطر على الإعلام وعلى مقاعد عديدة في الكونغرس. ومع ذلك استمرت الكتلة المناوئة لنفوذ «الإسلامويين» في الكونغرس بالضغط عبر محاولات لإدراج التنظيم على قائمة الإرهاب، لكن دون نتيجة تذكر.

وعندما عاد فريق أوباما إلى الرئاسة عبر إدارة بايدن، أصبحت المطالبات بتوصيف «الإخوان» منظمةً إرهابيةً أمراً شبه مستحيل قبل حلول 2023، ولهذا السبب بدأ السيناتور كروز والنائب دياز بالار ومجموعة من المشرعين الجمهوريين التحرك من جديد لردع الإدارة عن إعادة تمكين «الإخوان» عبر صفقات ضغط على حلفاء واشنطن في المنطقة لإعادة إشراكهم في السلطة.

ففي لقاءات عدة اتهم السيناتور الجمهوري الأميركي تيد كروز إدارة بايدن بمحاولة ابتزاز مصر والضغط عليها للإفراج عن إرهابيين محكومين في قضايا أمنية من عناصر «الإخوان» لقاء إذنٍ بالحصول على 130 مليون دولار كان قد صوت الكونغرس عليها لتمويل الحملة ضد الإرهاب في مصر! واتهم كروز إدارة بايدن بإخفاء معلومات بشأن سياساتها تجاه «الشرق الأوسط» قائلاً: «إنهم لا يريدون أن يعرف الكونجرس، ولا يريدون أن يعرف الشعب الأميركي، وأحياناً يكذبون تماماً للأسف».

وأعلن كروز ودياز بالار أنهما سيتقدمان بمشروع جديد في محاولة أخرى لإدراج «الإخوان» على قائمة الإرهاب، إن توفر العدد المطلوب خلال تصويت أعضاء الكونغرس.

وبرأيي أن هذه السياسة السرية التي ينهجها الرئيس بايدن من شأنها أن تفتح نار الهجوم عليه حول ملف العلاقات الأميركية الإخوانية المشبوهة، وبمجرد طرح مشروع يستحدث قانوناً يحجّم تنظيم «الإخوان» داخل أميركا، فهذا بحد ذاته إجراء غير مسبوق في قوته وجرأته لفتح الملف سياسياً من جديد، وقد يبقى مفتوحاً حتى الانتخابات التشريعية العام المقبل. وأختتم مقالي بهذه الجملة للسيناتور كروز في ذات السياق: «من حق الشعب الأميركي معرفة ما إذا كانت إدارة بايدن تحاول ابتزاز حلفائنا للإفراج عن المتطرفين من عناصر الإخوان»!

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية