مطرب شعبي مصري يتابعه 14 مليون مشترك يتحدى هاني شاكر ونقاد الفن

مطرب شعبي مصري يتابعه 14 مليون مشترك يتحدى هاني شاكر ونقاد الفن


27/10/2019

قبل 10 أعوام من الآن ظهرت أغنيات المهرجانات، وكان جمهورها محدوداً ويقتصر على سائقى التوك توك والميكروباص، وساعتها كان النقاد والفنانون يرجعون سبب ظهورها إلى ضحالة الثقافة لمستمعيها، لكن مع مرور الأعوام اتسع صداها لدرجة فاقت الوصف، وأصبح لا يخلو فرح، سواءً فى الشوارع أو القاعات الفاخرة منها، كما وصل صداها للدول العربية ولطلاب المدارس والجامعات، الذين حضروا حفلاتها بعشرات الآلاف.

اقرأ أيضاً: بالفيديو.. فنان مصري يُهدّد بتكسير نقابة الموسيقيين
لكنّ معارضي هذا اللون استغلوا المواضيع التي تطرحها أغنيات المهرجانات ومنها الفوضوية، أو السياسية مثل (أنا نفسي في ريس) في المطالبة بمنعها، كما استغلوا الحالة القانونية التي تجعل الأغنيات تمر من خلال نقابة الموسيقيين، وأن يكون المغني مقيداً بها أو حاصلاً على تصريح مزاولة لمرة واحدة ويكون هذا التصريح قابلًا للتجديد، وأيضاً الحصول على تصريح من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وهو الجهة الوحيدة المسؤولة بشكل قانوني عن المحتوى (كلمات الأغاني) من أجل منعها بشكل نهائي.

حمو بيكا وأزمة شاب من الهامش
مثلت أزمة (حمو بيكا) مع نقابة الموسيقيين المصريين أزمة فن المهرجانات بالكامل، وهو شاب بسيط قادم من هامش المجتمع المصري، كان يعمل (جزاراً) بالإسكندرية، وبسبب أغنية مرتجلة كان يغنيها في الأفراح الشعبية (رب الكون ميزنا بميزة)، تحول لنجم شهير وأصبح متابعوه بالملايين، حتى إنّ صفحته باليوتيوب حققت 14 مليون مشترك، وحصل من الموقع الشهير على الدرع الذهبي، وتصدر تريند "تويتر" أكثر من مرة، أهمها صراعه مع زميله المغني (مجدي شطة)، وآخرها بعد رفض التصريح له بالغناء في حفل بمدينة دمياط كان مقرر إقامته يوم 24 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وإبلاغ الجهات الأمنية بإيقاف الحفل، وتهديده نقابة الموسيقيين باقتحامها وتحطيمها حال عدم الموافقة الرسمية على غنائه بالحفلات.

حمو بيكا تحول لنجم شهير وأصبح متابعوه بالملايين حتى إنّ صفحته باليوتيوب حققت 14 مليون مشترك

هذا الشاب الذي يطلقون عليه الآن (مطرب الغلابة)، لا يتقن مخارج الحروف لكنه أصبح "مطربا" بقوة عدد متابعيه، وجمهور حفلاته الذي يفوق أكبر المطربين بمصر، وهذا ما استفز الكثير من نقاد الفن والمسؤولين عن الرقابة الفنية، ودفعهم لمنعه من الغناء، ومعه 16 من مطربي ما يسمى (المهرجانات)، وهم: (مجدي شطة، حنجرة، كزبرة، الزعيم، بصلة، الصواريخ، العفاريت، وزة، مطرية، الديزل، العصابة، عمرو حاحا، علاء فيفتي، شواحة، الكعب العالي، أبوليلة، أندرو الحاوي)، وتهديدهم بعقوبة الحبس من شهر إلى 3، والغرامة من 10 إلى 50 ألف جنيه، لكن (حمو بيكا) رفض القرار، وأصرّ على الغناء وإقامة حفل في مدينة دمياط المصرية، وذلك بعد زيارته إلى مستشفى سرطان الأطفال 57357، التي غالباً ما تستضيف المشاهير في إعلانات ترويجية، وهو الأمر الذي دفع النقابة لإصدار بيان تهديدي، قابله المطرب بتهديد مماثل باقتحامها وتحطيمها، وعدم اعترافه بالفن الذي يقدمه مطربوها، وعلى رأسهم النقيب هاني شاكر.

معركة المهرجانات المتواصلة
واستمرت معركة أغاني المهرجانات والبداية حينما استيقظ المصريون على سجال على صفحات التواصل الاجتماعي بين مغنين من قاع المجتمع المصري، وهما مجدي شطة، وحمو بيكا (اسمه الحقيقي هو محمد محمود) حينما أعلن الأخير عن حفل مجاني في الإسكندرية باسم "وش غضب" وقال: "انتظروني ومعايا كل النجوم اللي بتحبوها: هدى ناصر وهدى بندق وتيتو الفيلو وأبو ليلة وسوسي نوبي ومجدي شطة.

بمجرد ظهور هذا الفيديو خرج مجدى شطة وهو مطرب مهرجانات أيضاً بفيديو مماثل قال فيه: "أنا مش رايح الحفلة دي، عندي شغل في المطرية، وحمو بيكا بيقول كده عشان يلم الفانز بتوع الناس.. خلصانة". ثم بدأ يسخر من بيكا وقال إنه ينطق اسم الأغنية هكذا "رب الكون ميسنا بميسة"، وليس "ميزنا بميزة".

تعتمد أغاني المهرجانات، وفق الباحثة سارة رمضان، على خلط الراب بالتكنو، وإضفاء صبغة شعبية عليها لتلائم المجتمع المصري

اشتعلت الحرب الإعلامية بين بيكا وشطة، وعندما ذهب الأول لإقامة حفله فى شاطئ البيطاش بالعجمي، تدخلت الأجهزة المختصة، وأوقفته؛ لأنّ الفنان هاني شاكر نقيب الموسيقيين أعلن أنه لا يحق له الغناء لعدم عضويته بالنقابة.
ذاع صيت الاثنين شطة وبيكا عقب المعركة الكلامية، لدرجة فاقت ألمع نجوم الفن في مصر، وبعدها أصدر الفنان هاني شاكر، نقيب الموسيقيين، قراراً بمنع الاثنين من الغناء، لكنّ بيكا كان على موعد في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 مع جماهير بمئات الآلاف في الإسكندرية، أجبرتهم الشرطة على الانصراف دون إكمال الحفل.
ومنذ مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، وبالتعاون مع الهيئة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية، تمكنت نقابة المهن الموسيقية من منع ست حفلات لبيكا في محافظات مختلفة، وكذلك تحرير محاضر ضده بدعوى إفساد الذوق ومخالفة القوانين، واتهمته بالغناء بدون الحصول على تراخيص، وتلويث الذوق العام.
رد حمو بيكا على هاني شاكر في إصدار مسجل بصفحته اتهمه فيها بالغيرة من عدد جماهيره، وأنه لم يحقق رغم تاريخه الطويل هذه النجومية، فيما أعلن الأخير لوسائل إعلام مصرية عن استيائه من حالة التردي والتدني الفني التي يتعرض لها الذوق العام، موضحاً أنّ حماية الفن من "الظواهر السلبية" ضرورة، خاصة بعد ظهور مطربي المهرجانات الشعبية: حمو بيكا ومجدي شطة و"أمثالهما" من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، منتحلين صفة مطربين دون ترخيص أو إجازة من النقابة.

اقرأ أيضاً: هل كان زرياب المبدع الأول لموسيقى الروك آند رول؟
في نفس التوقيت عام 2018 أعلن (حمو بيكا) عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك" عن تنظيم حفلات أخرى تعويضاً لجمهوره، كما أعلن عن إقامته حفلاً مجانيّاً في (بورتو كايرو) احتفالاً بتخطي مهرجاناته ملايين المشاهدات على يوتيوب، لكن تم منع الحفل وتحرير محضر ضد كلٍّ من حمو بيكا، والمسؤول عن إدارة المكان، وذلك في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، ولاحقاً، أُلغي حفل آخر كان من المزمع تنظيمه في شاطئ البيطاش بالإسكندرية، وبعد ذلك تم إلغاء حفل جديد له في مدينة دمياط.
امتدت فيما بعد أزمة (بيكا) إلى البرلمان المصري؛ حيث أحيلت طلبات إحاطة من نوابٍ إلى لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، بشأن "ظاهرة إفساد الذوق العام والإسفاف والابتذال في الأغاني الشعبية وتأثير ذلك على المجتمع"، وعلى الرغم من ادعاء نقابة الموسيقيين عدم حصول "بيكا" على تصاريح لإقامة حفل، فإنّ جريدة "صوت الأمة" نشرت صور إيصالات دفع نقدي وقَّع عليها "بيكا" لصالح نقابة المهن الموسيقية بقيمة 1500 جنيه و3000 جنيه نظير إقامة حفلين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018.

اقرأ أيضاً: لماذا اعتقلت الشرطة في المغرب شابين عزفا الموسيقى في الشارع؟
في ظل المنع المُستمر، حصل "بيكا" على الدرع الذهبي لموقع "يوتيوب"، ليظهر بعدها لجمهوره قائلاً: "معنديش أنا بابي ومامي زيكم، أنا اللي علمت نفسي وصرفت عليّ بشقايا، مابتحبنيش وماتعرفنيش ماتدخلش تشتم على صفحتي، مابتعاملش معاكم على إنكم فانز ومعجبين ليا، بتعامل إنكم إخواتي وصحابي".
كما امتدت أزمات بيكا حتى عندما حاول دخول عالم السينما، وتحديداً عندما عرض عليه المنتج أحمد السبكي تصوير فيلم سينمائي، إلا أنّ المهن التمثيلية تدخلت من خلال نقيبها أشرف زكي، الذي علق خلال برنامج "على مسؤوليتي": "لن يتم السماح بالإساءة لمصر بأي حال من الأحوال، وسيتم القضاء على أي سرطان يستشري في المجتمع".

الناقد طارق الشناوي: ماذا يعني أنّ نقابةً تطالب بالقبض على مغنٍ أو ممثل لاختلاف ذوقي معه؟

كان حمو بيكا في كل مرة يرد بطريقته المعتادة، فطرح بعد هذه التصريحات أغنية جديدة بعنوان "هتفضل نمبر وان"، قصد من خلالها توجيه رسالة للفنان محمد رمضان، ورد الأخير بتوجيه رسالة شكر له عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، وعلق قائلاً: "شكرا حمو بيكا وشكرا قناة (هلا مصارعة) على الهدية الجميلة، ربنا يديم المحبة ويوفقكم في حياتكم وشغلكم".
الأزمة الكبرى التي حدثت فيما بعد كانت عندما عاد (حمو بيكا) من الإمارات بعد حفلٍ كبيرٍ ناجحٍ، ثم هاجم نقابة المهن الموسيقية بعد إلغاء حفله الغنائي في دمياط المقرر إقامته يوم 24 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وظهر وهو يصرخ في مقطع فيديو نشره عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قائلاً: "هغني غصب عن أي حد، وفيه ناس بتقول إن لازم يدفعوا 300 ألف عشان يخشوا النقابة اللي بتمنع أي شاب يكون له شعبية، أنا بيكو من غيركو هشتغل"، مهدداً أنه في حالة عدم حصوله على عضوية النقابة سوف يحطم مبنى النقابة.
سارة رمضان، الباحثة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، تجاوزت في دراسة لها عن العداء الشخصي بين نقيب الموسيقيين وبيكا، وذكرت أنّ مشكلة حمو تكمن في عدم امتزاجه مع السلطة مثل الفنان محمد رمضان، الذي يقدم نفس الفن والأغاني، وأنه كان عصياً على التطويع، ويعلن بوضوح عن عدائه للمنظومة الأمنية، ولا يكاد يخلو مهرجان واحد من جملة واحدة على الأقل تدين أداء الشرطة، ومحاولتها ترسيخ ثقافة "الإرشاد" في المناطق الشعبية (يُقصد بالإرشاد أنه عمل المدنيين مع ضباط أقسام الشرطة لإبلاغهم بمعلومات عن المواطنين في مناطق سكنهم).
وقالت إنّ السلطة الحالية أكثر عداءً تجاه أغاني ومطربي المهرجانات، في ظل طبيعة هذا الفن القادم من الهامش، الذي تتميز عملية إنتاجه بكونها تُخلق وتنتشر بمعزل عن منظومة الإنتاج التقليدي، حيث تتجاهل المهرجانات الأطر القانونية الناظمة ﻹنتاج الأغاني وتتمرد عليها، ومن جانب آخر، فهي نشأت بعيداً عن سيطرة شركات الإنتاج التي تملك رأسمالاً كبيراً.

الفن التقليدي أم الإمتاع
وتعتمد أغاني المهرجانات، وفق الباحثة سارة رمضان، على خلط الراب بالتكنو، وإضفاء صبغة شعبية عليها لتلائم المجتمع المصري، كما تطرح مواضيع اجتماعية حياتية تهم المجتمع والشباب وأهمها: الفقر والبطالة والحبيبة الخائنة والظلم الاجتماعي، بالإضافة إلى التغني بتعاطي المخدرات مثال على ذلك أغنية "سيجارة بني"، وهو أحد الأسباب لانتقاد هذا اللون، ومقابلته بهجوم ضخم من فنانين وملحنين تقليديين، منهم الموسيقار حلمي بكر، الذي قال في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي عمرو الليثي: "إن الذوق العام راح فى داهية.. ولا أمل".

اقرأ أيضاً: بليغ حمدي على الشاشة الصغيرة قريباً وإياد نصار يتعلم الموسيقى

يقول الموسيقار حلمي بكر في تصريح لصحيفة "الوطن" المصرية: "بُح صوتي في القنوات والصحف وبقالي 40 سنة أحارب في الإسفاف في كل جهة، وفي النهاية أنا مكروه من الناس بسبب التصدي لهؤلاء.. كلهم (مدعون) وأنا لوحدي حابس 8 من هؤلاء المبتذلين في السجن، لكن هناك آخرين مصدر رزقهم هذا (القرف)، وعلينا أن نضع رأسنا في الوحل".

الأديب والناقد علاء أبو زيد، قال في تصريح لـ"حفريات" رداً على حلمي بكر: ليس من حق أحد منع أحد، لأنه لا أحد يمتلك مقياساً لما هو فن أو غير فن، والمقياس الوحيد هو ذائقة الناس، وأنا لا أحب أغاني المهرجانات، لكن ليس من حقي أنا أو غيري مصادرتها تحت لافتة التدني أو الهبوط، وتاريخ الغناء يقول إنّ كل موجة غنائية تصدت لها الذائقة القديمة وأصحاب البزنس المرتبط ببقاء الوضع على ما عليه لم تنجح، وعبد الحليم نفسه قذفه الجمهور بالطماطم مع أول حفلاته، وطالبوه بالغناء لعبد الوهاب، لولا مساندة تحية كاريوكا وحمايته من الجمهور، وإصرارها أن يغني ثم يحكموا عليه، وحتى محمد منير مع بداية ظهوره لاقى الصعاب من الوسط الغنائي من أجل الاعتراف به.

اقرأ أيضاً: كيف عملت موسيقى شادي رباب على إنعاش صعيد مصر؟

ويرى البعض ومنهم الفنان أسامة عطا، أنّ المعركة مع حمو بيكا مفتعلة؛ لأنه وفق تصريحه لـ"حفريات" غلبان وفقير وضعيف، وأن نفس الأغاني يغنيها محمد رمضان وغيره ولا يستطيع أحد أن يقترب منه. وتوقع عطا أن ينتصر بيكا في النهاية؛ لأن الفن هو إمتاع في المقام الأول، والجهور هو من يحكم، وهو الفيصل الوحيد، وأنه يستطيع أن يقول إنه لا يوافق على أغاني هاني شاكر، وأن ما قدمه طوال عمره فن هابط، هذا لو خضع الفن للآراء الشخصية، لكنه لن يطالب بمنع هاني شاكر؛ لأنّ الفن لا يمنعه أحد، والفن الهابط سينتهي تدريجياً.
في المقابل رأى الموسيقار منير الوسيمي نقيب الموسيقيين الأسبق، وعلي الشريعي، رئيس لجنة التفتيش والمتابعة، في تصريحات إعلامية، أنهما لن يعتدّا بأي مغنٍ سوى المسجل في النقابة، وذلك بعد دخول عدد من الدخلاء علينا ممن يسمون أنفسهم مغني مهرجانات، غير مؤهلين للتعامل مع الجمهور ولا تمت أغانيهم للفن بصلة بل وقد تسيء إلى أمن الوطن.
في إطار نفس المعركة كتب الناقد السينمائي مدحت العدل تغريدة عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، قال فيها: "أرفض تماماً الطريقة التي تكلم بها (حمو بيكا) أمام النقابة وأرفض تهديداته، لكن دعوا الناس تختار من تحبهم حتى لو لم يكن ذوقكم. حمو بيكا ومن هم مثله نتاج مجتمع نعيشه بالفعل، والحل ليس المنع، لكن أن نصنع أغنيات أجمل وأروع فيحبها الناس".

اقرأ أيضاً: شيطنة الموسيقى في إيران

الفنان هاني شاكر خرج في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي تامر أمين عقب اعتذار حمو بيكا له، وقال إنّ الأغاني تفتقد الرومانسية في الوقت الحالي، موضحاً أنها اختلفت وتعتمد على الإيقاع السريع أكثر من التركيز على اختيار الكلمات والصوت المناسب، وإن إعجاب الناس بفن "المهرجانات" يرجع إلى غرابة الألفاظ المستخدمة والصوت، وغياب الوعي والفطرة الكاملة للجيل الجديد لتحديد الجيد، متابعاً بقوله: "الغرابة في الكلام بتساعد على عمل الدماغ، لو أي حد فايق سمع الكلام ده، عمره ما هيعجبه".
الغريب أنّ جامعة الأزهر تدخّلت في النزاع، إذ قالت الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه إنّ هذا النوع من الأغاني "حرام شرعاً"، وإنّ الشرع "أباح الغناء بضوابط كثيرة منها ألا يثير الفتن، وأن يكون هادفاً كالتوصية بالوالدين، أما ما نراه من مهرجانات تسعى لإثارة الشهوات ولا تلتزم بأي ضوابط فهذا انحلال، وليس غناء، وحرام بشكل كامل".

إلا أنّ الناقد طارق الشناوي، قال في تصريح لـ "حفريات" إنه ليس من حق هاني شاكر نقيب الموسيقيين، منع حفلات حمو بيكا ومجدي شطة، متسائلاً: لماذا الخوف؟ فالمجتمع المصري هاجم الفنان أحمد عدوية وقت ظهوره بضراوة، لكن الآن يُنظر إليه كرائد للأغنية الشعبية، والفن لا يبقى  فيه سوى الجمال، والظواهر القبيحة تختفي.
وتساءل الشناوي أيضاً: ماذا يعني أنّ نقابة تطالب بالقبض على مغنٍ أو ممثل لاختلاف ذوقي معه؟ إن هذا اللون صار منتشراً في مصر بكل أطيافها، من القرية للمدينة، من فرح يقام في الشارع إلى فرح في فندق 7 نجوم.. الإسفاف اللفظي يعاقب عليه القانون، عندما تجد كلمة مسفّة أو لفظاً نابياً لا يمكن السماح به. هم يقدمون حالة واحدة تتشابه، ويعتمدون على الارتجال لتوصيل معنى لا يملكون عمقاً ولا إضافة مثل 90% من أغانينا الاستهلاكية، فهذه الأغنيات بطبعها تسلي الناس، ثم بعدها بمرحلة زمنية يبحثون عن أخرى، لدينا نوع من الأغاني لا تريد له النقابة الانتشار، وهو المهرجانات، وما التوصيف الصحيح لهم؟ (المؤدي)، فهم ليسوا مطربين، ولكن حتى المؤدي من حقه أن يتواجد في إطار قانوني.. لقد قدموا حالة خاصة، وتناولتهم أفلام تسجيلية تسعى للبحث عن حقيقة الظاهرة بكل أبعادها، وعلينا أن ندرس ونحلل.

اقرأ أيضاً: كيف اختلفت رؤية الفقيه والفيلسوف للموسيقى؟
أما الكاتبة ياسمين الخطيب فكتبت على صفحتها: أغاني المهرجانات فن شعبي يعبر عن هموم وأحلام طبقة قوامها السواد الأعظم من الشعب المصري، وهي فن الغلابة وليس من حق أحد أن يفرض عليهم ما يسمعونه، ويحرمهم مما اختاروه بحجة إفساد الذوق العام، متساءلة: من فينا لم يسمع "مافيش صاحب يتصاحب" ولا "تبقى معدية"، مشيرة لأغنية عبد العزيز محمود التي غناها من ألحان السنباطي "يا شبشب الهنا يا ريتني كنت أنا".
الكاتب الصحافي، عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة "الشروق"، كتب قائلاً: هل يعقل أن يكون هناك مطرب تسجل إحدى أغانيه أكثر من عشرة ملايين مشاهدة على اليوتيوب، ولا يعرفه العديد من الإعلاميين، وليس فقط المواطنون؟!. وهل هناك عالم فني آخر مواز لعالم الفن والطرب الطبيعي، لا نعرف عنه شيئاً؟
يتابع عماد الدين حسين: ما يشغلني أكثر هو كيف أمكن لهذا المطرب، استقطاب أكثر من عشرة ملايين مشاهدة، لدرجة أن إحدى أغانيه احتلت مراكز متقدمة على موقع "الساوند كلاود" الذي خلا من كل كبار المطربين الذين نعرفهم؟!، فلنتوقف عن لغة الاستعلاء قليلاً ونبحث بهدوء وبعمق عن السؤال كيف وصل هذا الرجل إلى هؤلاء الملايين، في حين فشل الجميع؟! وهل نلومه لأنه استطاع أن يعبر عن هؤلاء الناس بلغة يفهمونها، أم أن المشكلة في ثقافة مجتمع ظلت تتراجع حتى وصلت إلى هذا القاع؟! وهل هو قاع من وجهة نظرنا نحن، من ندعي أننا المثقفون فقط، أم أنه أمر نسبي، وما هي الطريقة المثلى للارتفاع بأذواق الناس، دون احتكار الحكمة والمعرفة المطلقة؟!


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية