منابر الإخوان للتلاعب بحقوق الإنسان

منابر الإخوان للتلاعب بحقوق الإنسان


26/12/2020

داليا زيادة

ليس أمهر ولا أظلم من جماعة الإخوان المسلمين في استغلال القيم الإنسانية العليا كغطاء لتحقيق مآربهم الخبيثة، فقد لبسوا قناع الدين حين أرداوا خداع القواعد الشعبية في مصر من أجل تمكينهم سياسياً، ولبسوا قناع الوطنية حين أردوا خداع الحالمين بالديمقراطية والطامحين إلى التغيير في ثورة يناير، ويلبسون الأن قناع المدافعين عن حقوق الإنسان لخداع المجتمع الدولي بإعطاء أنفسهم شرعية كاذبة للتحدث باسم المعارضة السياسية أو المجتمع المدني في مصر، على أمل أن تنقذهم تلك المساعي الخائبة من التوجه العالمي الحالي لتصنيفهم المستحق كتنظيم إرهابي دولي.

"المنبر المصري لحقوق الإنسان" هو أحدث الكيانات الهلامية التي اختلقها الإخوان الهاربون، كمنصات وهمية تتيح لهم التواصل مع صناع القرار في أمريكا وأوروبا على خلفية الدفاع عن حقوق الإنسان، وقد سبق وكون الإخوان كيانات هلامية مماثلة منها المجلس الثوري في جنيف وتحالف الحقوق والحريات في أمريكا، فلا هي منظمات حقوقية ولا مراكز أبحاث ولا حتى لديها مواقع اليكترونية تحمل أي معلومات مفيدة، ولكن فقط مبادرات مؤقتة تظهر وتختفي حسب كثافة التمويل المقدم وانقضاء المهمة التي صنعت من أجلها.

أما عن المنبر المصري لحقوق الإنسان فيبدو أنه سيكون أكثرهم فشلاً، حيث أن أول تحركاته تعكس قدر كبير من سوء التخطيط، برغم كل الأسماء الشهيرة التي أعلنت انضمامها للتحالف، وبرغم تنوعهم هذه المرة على عكس الكيانات الإخوانية الهلامية السابقة التي كانت تعتمد على اعضاء جماعة الإخوان بشكل أساسي، فقد ذهب المتآمرون بمنتهى السذاجة إلى الكونجرس الأمريكي لعمل جلسة استماع حول التعديلات الدستورية المصرية، دعك من أن هذا شأن مصري خالص وأنه لا توجد أي بطولة أو حتى منطق في الذهاب إلى الكونجرس الأمريكي لمناقشة التعديلات الدستورية المصرية، في الوقت الذي يفتح فيه البرلمان المصري أبوابه لكافة أطياف المجتمع لمناقشة التعديلات المقترحة، لكن ما يثير الذهول حقاً هو أن المتحدثين في هذه الجلسة هم فنانين مصريين مثل عمرو واكد وخالد أبو النجا وشاب من مدوني اليوتيوب أسمه جو. ما هي أهليتهم الأكاديمية أو القانونية أو المهنية التي تؤهلهم لمناقشة تفاصيل تعديل الدستور في مصر؟ لا شيء.

في المقابل، ما زالت أحاول إيجاد تفسير مقنع لانضمام أحد أكبر الأسماء وأقدمها في العمل الحقوقي المصري، وهو بهي الدين حسن رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي خرج من مصر بمنظمته عام 2013، رغم توجهه اليساري، إلى تحالف إخواني صريح يضم في قيادته أشخاص مثل الإخواني الأمريكي محمد سلطان، وكيف يسمح بهي حسن لنفسه أن يكون بوقاً في يد الجماعة المصنفة كتنظيم إرهابي في مصر وكثير من الدول العربية وبعض الدول الأوروبية، فقد قال معتز الفجيري منسق المنبر في أول لقاء له على قناة إخوانية ناطقة باللغة العربية تبث من بريطانيا، أن الهدف من هذا الكيان الهلامي هو "إيجاد صيغة توافق على خلفية حقوق الإنسان تسمح بإعادة عرض فكرة المصالحة داخل مصر" وهو بالطبع هنا يتحدث عن المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو أقصى أمال الجماعة الإرهابية التي أصبحت منبوذة في معظم أرجاء المعمورة اليوم.

لا أظن أن شيئاً كبيراً سيخرج من هذه الكيانات الهلامية ويكون ذو تأثير يذكر على مصر أو على علاقاتها مع أمريكا أو علاقاتها الدولية بشكل عام، لكن علينا أن ننتبه لضرورة التحرك بشكل منظم ومن خلال منظمات حقوقية مصرية مؤهلة للتخاطب مع المجتمع الدولي وتوعية الرأي العالمي بحقيقة الأمور داخل مصر، وما أكثر المتعطشين للحصول على معلومات حقيقية ومحايدة عن مصر في دوائر صناعة القرار الأمريكية والأوربية بعيداً عن ما يسوقه الإخوان من أكاذيب بالتعاون مع منظمات حقوقية دولية تدفع لها قطر ملايين الدولارات كل عام، نحن بحاجة لملأ هذه الفجوة في أقرب وقت، وإلا استمر الإخوان في التحدث باسم مصر حتى يصبحوا مصدراً مصدقاً وتضيع الحقيقة.

عن "مركز دراسات الديمقراطية الحرة"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية