منصور عباس: زعيم سياسي ذو دهاء أم خادم لإسرائيل؟

منصور عباس: زعيم سياسي ذو دهاء أم خادم لإسرائيل؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
22/01/2022

منذ أن انشقّ عضو الكنيست الإسرائيلي، منصور عباس، عن القائمة العربية المشتركة، ومضى إلى تشكيل حزب القائمة العربية الموحدة، تزداد مواقفه المسيئة للقضية الفلسطينية، نتيجة تأييده المستمر للعديد من القرارات التي تخدم إسرائيل، والتي كان آخرها، وليس نهايتها، الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، إضافة إلى التصويت لصالح قانون يسمح للجيش الإسرائيلي بقمع المتظاهرين العرب في الداخل المحتل، والتصويت لصالح قرار يسمح للجيش بالتدخل لقمع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: النواة التوراتية: سلاح فتّاك لتهجير العرب من المدن الفلسطينيّة المختلطة

ومنذ هذا الانشقاق الخطير يعيش المجتمع العربي في إسرائيل في ذروة توتر سياسي لم يشهد له مثيل، فالكتلتان العربيتان تعيشان في حرب إبادة، فمن جهة تحاول القائمة الموحدة إقناع الجمهور العربي بأنّ خطواتها هي السبيل الأصح للاندماج في الدولة دون مطالب أو شروط قومية، في المقابل تتخذ القائمة المشتركة خطاً معارضاً، وتعدّ خطوات عباس انزلاقاً خطيراً نحو التنازل عن الثوابت الفلسطينية.

إدانة فلسطينية لمنصور عباس

ودانت الرئاسة الفلسطينية التصريحات المتتالية التي يصدرها رئيس القائمة الموحدة منصور عباس، والتى كان آخرها الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، حيث قالت الرئاسة الفلسطينية في بيانها، من المؤسف أن يتبنى منصور عباس رواية إسرائيل الكاذبة بدلاً من دعم نضال شعبه، وتأييد حقوقه وإدانة أعمال القتل والاعتداء والطرد التي تنفذها إسرائيل في كلّ يوم، منصور عباس أصبح  جزءاً من تيار يعزز المشروع الاستعماري الصهيوني.

صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، قالت إنّ الواقع السياسي الذي نشأ عقب انضمام القائمة الموحدة إلى الائتلاف الحكومي، رفعت إلى السطح جدالاً قاسياً جداً في المجتمع العربي، هذا الجدال يجري أساساً في الشبكات الاجتماعية، قسم من مؤيدي الموحدة يعتقدون بأنّه لا سبيل غير هذا للاندماج في الدولة، وتحقيق الحقوق المدنية والميزانيات الحكومية، مقابل ذلك يقف في الجدال الشديد زعيم القائمة المشتركة أيمن عودة، الذي يزعم بأنّ العزة الوطنية والحقوق بحد ذاتها، تؤخذ من كلّ حكومة، مهما كانت من خلال العمل السياسي والبرلماني الذكي.

ضربة لحماس

وبيّنت الصحيفة أنّ حماس فهمت بعد خطوات عباس الذي ينتمي إلى الإسلام السياسي الذي تنضوي حركة حماس تحته، بأنّه محظور على الجمهور العربي في إسرائيل، أن يكون جزءاً من الكفاح المسلح، وإنّ كانت نجحت في الماضي في تجنيد مواطني الدولة لخدمة أهدافها، والمواطنون العرب في إسرائيل أيضاً، يفهمون بأنّ كلّ علاقة مع حماس تعدّ غير قانونية ومحظورة بشكل تام.

تعد قائمة منصور عباس بيضة القبان في إسرائيل، وذلك بعد دعم القائمة العربية الموحدة للائتلاف الحكومي بمقاعدها الأربعة في الكنيست، والتي أخرجت إسرائيل من أزمة سياسية

القناة "12" العبرية، أشارت إلى أنّ منصور عباس بدأ يشعر بالقلق على حياته، بعد الهتافات التي وجهت ضدّه في مظاهرات عديدة وصفته بالإرهابي، ونتيجة لحجم الخطر الذي يحيط بعباس، ذكرت الصحيفة أنّ الكنيست الإسرائيلي يفكّر في استئجار شركة حراسة شخصية خاصة لرئيس القائمة العربية الموحدة.

ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور؛ إنّ "مجرد دخول منصور عباس في الائتلاف الحكومي، أصبح جزءاً من المنظومة الصهيونية المعادية للعرب داخل إسرائيل، في حين باءت محاولاته لإحداث توازن لصالح العرب بالفشل، لأنّه قبل بقواعد اللعبة ولم يعد قادراً على إحداث أيّ تغيير في تركيبة المنظومة".

اقرأ أيضاً: المؤتمر الجامع للفصائل الفلسطينية في الجزائر.. هل يُنهي الانقسام؟

وأشار منصور، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "زعيم القائمة الموحدة يروّج للمجتمع العربي بأنّه يسعى إلى تحقيق المساواة بين العرب واليهود، وتحقيق نقلة في الواقع المعيشي والاقتصادي للعرب، لكن في الحقيقة أفعاله أضرّت بالوسط العربي، ودمرت فكرة المساواة التي يروج لها، من خلال التماهي مع السياسات الإسرائيلية".

وأوضح أنّ "إسرائيل تستثمر تصريحات منصور عباس في تبييض وجهها أمام العالم، بالتغطية على جرائمها بحقّ الفلسطينيين سواء في الداخل أو في المناطق الفلسطينية الأخرى، كما أنّ عباس سلّم بالتفوق اليهودي، كون أنّ الحكومة الحالية تستند إلى قانون القومية الذي اعترف به عباس، والذي يعطي الحصرية في الحقوق لإسرائيل أمام العالم". 

المحلل السياسي د. سعيد زيداني لـ"حفريات": زعيم القائمة الموحدة منصور عباس كسياسي، يريد شقّ نهج جديد في الممارسة السياسية، وفرض قائمته كلاعب رئيس في الحلبة السياسية في إسرائيل

وأضاف أنّ خطوات منصور عباس فصلت المجتمع الفلسطيني إلى أجزاء، كما وأبعد جزء كبير من العرب، خاصة المؤيدين له، عن القضية الفلسطينية ومصير الشعب المحتل، كما لا يمكن لإسرائيل أن تمنح خطوات إيجابية للعرب داخل إسرائيل، كما يعتقد عباس، لذلك فإنه بقراراته يبعد الفلسطينيين أكثر عن تحقيق المساواة ".

وينص (قانون القومية)، الذي تبناه الكنيست الإسرائيلي عام 2018 واعترف به زعيم القائمة الموحدة، منصور عباس، على أنّ أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل كدولة قومية.

الواقعية السياسية

في غضون ذلك، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور سعيد زيداني، إلى أنّ "القائمة الموحدة تنادي بالواقعية السياسية، ويحاول منصور عباس من خلال تبنيه هذه الفرضية، الحصول على خدمات وإنجازات للمجتمع العربي داخل إسرائيل، كونه طرفاً مؤثراً في استمرارية بقاء الائتلاف الحكومي القائم".   

ويؤكد زيداني، لـ "حفريات"، على أنّ "زعيم القائمة الموحدة كسياسي، يريد شقّ نهج جديد في الممارسة السياسية، وفرض قائمته كلاعب رئيس في الحلبة السياسية في إسرائيل، في حين لا يستبعد زيداني أن تحقق خطوات عباس بعض الإنجازات على مستوى الميزانيات والخدمات للعرب داخل إسرائيل، حفاظاً على بقاء الائتلاف الحكومي الهشّ من الانهيار". 

ويوضح أنّ المواقف المرفوضة التي يتخذها منصور عباس تمسّ جوهرياً بالحقوق الوطنية التاريخية لشعبنا الفلسطيني، وتدعم الرواية اليهودية المزيفة التي تحتكر تاريخ فلسطين، فكان الأجدر به رفض تعريف إسرائيل كدولة يهودية، حتى لا يعطي لإسرائيل الفرصة لممارسة المزيد من الانتهاكات بحقّ الفلسطينيين".

وتابع إنّ "لم تنجح خطوات عباس في تحقيق مطالب المجتمع العربي التي يسعى لأجلها، فإنّ باستطاعته الانسحاب من الائتلاف الحكومي، فروح الحكومة الإسرائيلية الحالية بيده وبإمكانه العمل على انهيارها، لكنّ ذلك، إن حدث، سيعرّضه لخطر، فهو قبل من البداية بشروط الإئتلاف، إضافة إلى أنّ هناك تهديدات تطلقها جماعات يهودية متطرفة ضدّه وتعرّضه أيضاً للخطر".

اقرأ أيضاً: ما العجب في أن تيمّم السلطة الفلسطينية شطرَ دمشق؟

وتعتبر قائمة منصور عباس بيضة القبان في إسرائيل، وذلك بعد دعم القائمة العربية الموحدة للائتلاف الحكومي الإسرائيلي بمقاعدها الأربعة في الكنيست، والتي أخرجت هذه المقاعد إسرائيل من أزمة سياسية، أدّت إلى إجراء أربع جولات من الانتخابات خلال أكثر من عامين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية