منظمات الإخوان الحقوقية: تقارير مشبوهة ومعلومات مضللة

منظمات الإخوان الحقوقية: تقارير مشبوهة ومعلومات مضللة


24/12/2020

في مسعاها نحو الانتشار القطري والدولي، وفي سياق مخططاتها التحريضية، عملت جماعة الإخوان على التغلغل في هيئات المجتمع المدني ومنظماته، ما فتح لها حواضن جديدة، أرادت من خلالها ممارسة نوع من التأثير على المنظمات الدولية ذات الصلة، خاصة في ظل اختراقها المجال الحقوقي، وتأسيسها منظمات ذات طابع مدني، شكلاً، لكنّها تسعى نحو ترسيخ منطلقات التنظيم وأهدافه من حيث المضامين والتحركات.

 

مع انهيار حكم الإخوان بمصر العام 2013 ظهرت الخلايا النائمة وكشفت المراكز الحقوقية الإخوانية عن وجهها الحقيقي

وعليه جرت تحت السطح مياه كثيرة، ونشطت في أعقاب أحداث "الربيع العربي"، الخلايا الإخوانية النائمة، بحيث تمكنت الجماعة في هذا السياق إنشاء مؤسّسات خاصّة بها، تحت غطاء الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، بعضها كان يتبع التنظيم بشكل مباشر، والبعض الآخر كان يدور في فلك الهيمنة الإخوانية.

ومع انهيار حكم الإخوان في مصر، عقب ثورة 30 حزيران (يونيو) العام 2013، ظهرت الخلايا النائمة، وكشفت المراكز الحقوقية الإخوانية عن وجهها الحقيقي، وهو ما يتفق معه، سامح عيد، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أكّد فيها أنّ "جماعة الإخوان المسلمين تسعى نحو تضمين أسماء مسجونيها على قوائم حقوق الإنسان، من خلال المنظمات التابعة لها، والتي يمنحها التنظيم صفة الدولية، دون أنّ يكشف عن تبعيتها له، كمركز الشهاب في لندن".

 

تحت غطاء حقوق الإنسان تعمل المراكز الحقوقية التابعة للجماعة على إصدار تقارير مشبوهة

وأضاف عيد لـ"حفريات" أنّ "تلك المراكز تقوم بإعداد تقارير ودراسات تزعم أنّها موثقة، رغم أنّها ليست دقيقة، وإنّما تحفل بالأكاذيب والروايات المختلقة حول أوضاع المعتقلين من عناصر التنظيم، المتهمين في قضايا إرهابية موثقة، حيث ترسلها إلى المنظمات الدولية ذات الصلة، لممارسة الضغط على الحكومة من جهة، والمطالبة بحق اللجوء السياسي لأعضاء الجماعة من جهة أخرى".

مراكز دولية وهمية في التنظيم

تحت غطاء حقوق الإنسان، تعمل المراكز الحقوقية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، على إصدار تقارير مشبوهة، كما إنّها تتلقى تبرعات وأموالاً من دول داعمة للتنظيم، وعلى رأسها قطر وتركيا، بهدف المشاركة في إحداث الفوضى والبلبلة، وإثارة الرأي العام، وتحريض المجتمع الدولي في الوقت نفسه.

تعمل المنظمات الحقوقية الإخوانية في الخارج، تحت غطاء تدعي أنّه دولي، وتصدر من وقت إلى آخر تقاريرها الخاصّة بالأوضاع الحقوقية في مصر، خاصّة ما يتعلق بسجناء التنظيم، ففي 25 حزيران (يونيو) الماضي، مارس الإخوان المسلمون دعاية مكثفة، بالترويج لتقرير الجماعة أنّه صادر عن منظمات حقوقية دولية، ويتناول منهجية التعذيب في السجون المصرية، وأغفلت الجماعة عن عمد أنّ المراكز التي ذكرها التقرير وهي: مركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، ومؤسسة السلام لحماية حقوق الإنسان، كلها تابعة للإخوان المسلمين.

 

تغفل جماعة الإخوان أنّ المراكز التي تؤيد مزاعمها كالشهاب ومؤسسة عدالة كلها تابعة لها

جدير بالذكر أنّ مركز الشهاب الذي يتخذ حالياً من لندن مقراً له، سبق وأنّ اعتقلت قوات الأمن المصرية، خلف بيومي، رئيس المركز، ومحامي الإخوان المسلمين، على خلفية تحريضه على ممارسة العنف والانتماء إلى جماعة محظورة، في أعقاب فض اعتصام رابعة، العام 2013، ويعمل المركز باستمرار على ترويج الشائعات، ونشر رسائل استغاثة مفبركة، يزعم أنّها مسربة من السجون المصرية، وتتعلق بتعذيب المعتقلين، بحسب زعمه، كما تنشط منظمة عدالة لحقوق الإنسان، والتي يديرها المحامي المنتمي للإخوان، محمود جابر، وتتخذ من الأراضي التركية مقراً لها، في مجال ترويج الشائعات، والتعريض بالنظام المصري، في حين يدير القيادي الإخواني، علاء عبد المنصف، منظمة السلام الحقوقية، والتي تمارس نفس الأدوار المشبوهة.

أهداف معلنة وحقائق خفية

من بين الأهداف المعلنة لمركز الشهاب الإخواني، العمل على رعاية ودعم سجناء الرأي، لكنّه في حقيقة الأمر يعمل على توفير الحماية القانونية، للعناصر المتهمة بارتكاب جرائم إرهابية، مع تمرير معلومات مضللة حول أوضاع المساجين، وكذلك الاتصال بجهات خارجية، كالبرلمان الأوربي ومنظمة العفو الدولية، وأيضاً الهيئات الحقوقية التابعة للأمم المتحدة، بهدف وضع أجندة عمل شبكية، يمكن توظيفها في خدمة أهداف الجماعة، والنيل من النظام المصري.

 ويرى الباحث في الحركات الإسلامية، طارق أبو السعد، أنّه "يجب قبل الحديث عن أيّ مؤسسة إخوانية، أن نفهم وظيفة تلك المؤسسة، وعلاقتها بالتنظيم، فقد تكون المؤسسة حقوقية أو خيرية او تعليمية، أو تتبع أيّ فرع من أفرع المؤسسات، وقد يبدو للمتابع أنّها تهتم بتخصصها المعلن؛ تربوية، تجارية، ثقافية، حقوقية، وأنّها تعمل بشكل حيادي، وهذا غير حقيقي، فكل المؤسّسات التابعة للإخوان، تكون مرتبطة بخطة الجماعة، ولها دور وظيفي، تخدم من خلاله على باقي المشروع الإخواني".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: رهانات سياسية فاشلة ومزايدات تفتقد لمنهج سياسي

ويؤكد أبو السعد في تصريحه لـ"حفريات"، أنّه "عندما يكون هدف الإخوان تبييض وجههم من الإرهاب، نجد كافة المؤسسات التابعة للتنظيم، تقوم بأدوار مختلفة، ولكنها تصب في النهاية في صالح هذا الهدف، عن طريق ضخ طروحات دعائية حول براءة الإخوان من التهم الموجهة لهم، أو إيجاد مبرر لارتكاب عناصرهم عمليات إرهابية، وإلقاء المسؤلية على الدولة"، لافتاً إلى أنّ "خطة الإخوان الحالية هي تشويه صورة الدولة المصرية، في ظل عودة الحزب الديمقراطي إلى الحكم في الولايات المتحدة، في ظل وعود وهمية بالنظر في مظلومية الجماعة".

اقرأ أيضاً: أمريكا ومحاربة "الإخوان"... هل فات الأوان؟

 أمّا عن المجال الحيوي الذي تنشط فيه المراكز والجمعيات الحقوقية التابعة للجماعة، فيرى أبو السعد، أنّها حالياً "تتركز على الترويج لانتهاك الدولة المصرية لحقوق الإنسان، مع محاولة تضخيم الملف الحقوقي، ودعمه بروايات مختلقة، وافتعال قصص لانتهاكات يجري الترويج لها عبر عناصرهم المتمركزة على وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل قوي وكثيف وغوغائي، من أجل هدف وحيد، هو تشويه الدولة المصرية".

رأس الحربة في هذه المهمة المشبوهة، هي جمعيات حقوق الإنسان، سواء الإخوانية، أو المخترقة من قبل جماعة الإخوان، يساندهم في تلك المهمة عدد من الصحافيين في مواقع الإخوان ومنابرهم غير الرسمية، ولجانهم الإلكترونية، ومن ثم تنتقل عدوى الاتهام للدولة، أو عدوى التعاطف مع أصحاب المظلومية إلى الشارع العربي والمصري، "مثل هذه الحكايات والمرويات، تمثل نوعاً من الشغب السياسي، والصياح الهستيري"، بحسب توصيف، طارق أبو السعد، "الذي يفسد بالضرورة موضوعية أيّ قضية تقف وراءها الجماعة، ويفقده الطابع المهني، وبالتالي يغيب الوضوح، وتعم الضبابية، ويتساوى الصادق مع الكاذب، بحيث يفقد الناس ثقتهم في أيّ مصدر".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية