مَن يوقظ إيران مِن أوهامها؟

مَن يوقظ إيران مِن أوهامها؟


14/04/2021

فاروق يوسف

بعكس ما يشيعه المتعاطفون الغربيون مع إيران من أن الهجمات (الإسرائيلية) على المنشآت النووية الإيرانية ستكون مصدر تعقيد للمفاوضات الجارية في فيينا، يمكن القول إن إفراغ السلة الإيرانية من وسائل الضغط والابتزاز سيخدم تلك المفاوضات وسيسرع من وتائرها وسيدفع إيران إلى أن تكون واقعية أكثر وقريبة من اللغة التي يتحدث بها العالم، كونها اللغة التي يحرص أصحابها على إعادة دولة الملالي إلى المنطقة باعتبارها دولة يمكن التعايش معها لا الوحش الذي يخشى الجميع شروره.

تحتاج إيران إلى مَن يوقظها من أوهامها القائمة على أساس خرافي.

العدوان الإيراني المستمر على المصالح العربية لا مبرر له سوى تلك النظرة الاستعلائية المغرورة التي آن لها أن تُكسر وتنتهي لتعود إيران إلى اداء دورها الايجابي في المنطقة بعيدا عن الحقد الطائفي والتحجر القومي المعبرين عن طريقة ضيقة وجاهلة وغبية في قراءة التاريخ.

ولأن العقائدية الإيرانية قد ذهبت بعيدا في عدوانيتها فلا مجال للجمها واحتوائها إلا عن طريق القوة. فإذا كان الإيرانيون قد صاروا يلهثون في مسعاهم لامتلاك سلاح نووي فليس أمام العالم وقد استهلك كل وسائل الحوار السلمي معها سوى أن يوقف ذلك اللهاث حفاظا على ما تبقى منها ولم تهرسه أنياب الحرس الثوري الملوثة بدم الشعب الإيراني.  

وقد لا ينفع في شيء أن تظهر إيران كما لو أنها الدولة المعتدى إليها.

فالمنشآت النووية الإيرانية التي لم تعلن جهة مسؤولية القيام بضربها ليست منشآت مدنية ولا مواقع عسكرية دفاعية. إنها مختبرات لانتاج أكثر الأسلحة فتكا.

وإذ ترى إيران أن من حقها الانتساب إلى النادي النووي فإنها في الوقت نفسه لا ترى أن من حق جيرانها أن يعيشوا بأمن واستقرار وسلام.

في سياق تلك المعادلة الغريبة فإن حصول إيران على السلاح النووي لابد أن يعني بالضرورة وضع كل الدول المحيطة بإيران وبالأخص الدول العربية تحت تهديد الضرب بالسلاح النووي.

إيران دولة لا يمكن أن يثق بها أحد

لقد نشرت صواريخها البالستية في كل الأماكن التي وصلت إليها من خلال أتباعها. ومن هناك صارت تخطط لإدارة حروبها المستقبلية التي ستكون حروبا بالوكالة تدفع ثمنها الشعوب في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وما يفعله الحوثيون حين يقومن بقصف المنشآت المدنية السعودية بين حين وآخر بصواريخ إيران البالستية لم يكن سوى تمهيد لما يمكن أن تشهده المنطقة إذا ما استمر العالم في تعامله السلبي مع الخطر الإيراني.

إن لم تفقد إيران الأمل في الحصول على السلاح النووي وتقيد قدرتها على انتاج الصواريخ البالستية ونشرها وتجبر على تغيير سياساتها في المنطقة وقطع صلتها بالتنظيمات والجماعات الارهابية فإن شعوبا كثيرة ستواجه مصيرا أسود بسبب مشروعها التخريبي القائم على التوسع.

قد يُقال أن ضرب منشآت داخل العمق الإيراني يشكل عدوانا على دولة لها سيادتها. وفي ذلك القول قدر لافت من تزييف الحقيقة. فإيران وفق المعطيات التي سبق ذكرها لا تخطط لاستعمال ما تنتجه منشآتها تلك في الدفاع عن سيادتها الوطنية ضمن حدودها المعترف بها. وهو ما يعني أن عمل تلك المنشآت لا يشكل شأنا إيرانيا داخليا.

أن يمد العالم من خلال طرف ما يده إلى خرائط الطريق التي وضعتها إيران على طاولة المرشد الأعلى فإن ذلك لا يشكل عدوانا. وإذا ما أردنا اللجوء إلى القياس فإن على العالم أن يتعامل مع إيران مثلما يتعامل الحرس الثوري مع الدول المحيطة.

يستبيح الحرس الثوري الإيراني أربع دول عربية على الأقل. وهو يخطط أن يستولي على مياه دولية شاسعة لكي يمارس فيها أعمال القرصنة. ذلك يمكن أن يشكل أساسا لتعامل المجتمع الدولي مع إيران بالمثل.

لذلك فإن إيران لا تستطيع الدفاع عن نفسها بالوسائل السلمية من نوع اللجوء إلى مجلس الامن فهي مدانة قبل أن تُضرب ولا يُشكل ضربها نوعا من العدوان عليها.

اما لو فكرت إيران بخيار الرد العسكري وهو خيار مستبعد فإنها لن تجد مَن يقف معها حين تحارب وتُهزم. ذلك لأنه لا يوجد طرف في العالم يمكنه أن يعتبر لجوءها إلى الخيار العسكري دفاعا عن النفس. ثم ليس من مصلحة أحد أن يقف مع إيران، الدولة التي ظلمت شعبها حين حرمته من التنمية التي ذهبت أموالها إلى التسلح.  

من الافضل بالنسبة للعالم أن تذهب إيران إلى أية مفاوضات صفر اليدين من أجل أن يكون المستقبل أكثر سلاما. 

عن "ميدل إيست أونلاين"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية