هل تتجه روسيا لتهميش إيران في تسوية الأزمة السورية؟

هل تتجه روسيا لتهميش إيران في تسوية الأزمة السورية؟


15/03/2021

لا يخفى التنافس الروسي ـ الإيراني على النفوذ وتحقيق أكبر مكاسب ممكنة جرّاء الحرب الدائرة في سوريا منذ عقد، وفيما تعاني إيران أوضاعاً صعبة في كافة الاتجاهات، استغلت روسيا ذلك لطرد ميليشيات تابعة لإيران من حقل غاز ونفط حيوي.

وهكذا في غضون أسبوعين، تتعرّض إيران لاستهداف إحدى الميليشيات التابعة لها بضربة أمريكية، ولطرد من موقع حيوي جنوب الرقة على أيدي روسيا، في وقت تتجه فيه الأخيرة إلى عقد تفاهمات مع المملكة العربية السعودية، فقد سبق الضربة الأخيرة زيارة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الرياض.

عبادي: التنافس الروسي ـ الإيراني في سوريا قديم ومتواصل للسيطرة على أكبر موارد اقتصادية ممكنة

وقالت مصادر إعلامية أمس: إنّ قوات من "الفيلق الخامس" التابع لروسيا فرضت سيطرتها على حقل "الثورة" النفطي جنوب غرب الرقة، بعد انسحاب ميليشيات "فاطميون" التابعة للحرس الثوري الإيراني، وذلك بعد ساعات من سيطرتها على حقل "توينان" للغاز في منطقة الطبقة بريف الرقة عند الحدود الإدارية لبادية حمص الشمالية الشرقية.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف

ويُقدّر إنتاج حقل "الثورة" حالياً بنحو 2000 برميل نفط يومياً، بعدما كان 6 آلاف برميل قبل عام 2010. وينتج حقل "توينان" الذي كان يخضع للسيطرة الإيرانية، وتشرف عليه شركة "هيسكو"، نحو 3 ملايين متر مكعب من الغاز النظيف يومياً، و60 طناً من الغاز المنزلي، وألفي برميل من المكثفات، بحسب ما أوردته جريدة "الشرق الأوسط".

الباحث المتخصص في الشأن الإيراني محمد عبادي أرجع أسباب انسحاب الميليشيات الايرانية من الحقل النفطي إلى حمايتها، خصوصاً من ضربات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، التي سبق أن شنت هجمة قبل أسابيع استهدفت بها إحدى الميليشيات العراقية التابعة لإيران.

الروس لا يرغبون بالانسحاب الإيراني الكلي من سوريا لكيلا يضطروا للدفع بجنودهم على الأرض

وحول التنافس الروسي ـ الإيراني في سوريا قال عبادي في حديثه لـ"حفريات": إنّ ذلك التنافس يأتي في المرتبة الثانية، فهو قديم ومتواصل بين القوتين للسيطرة على أكبر موارد اقتصادية ممكنة، فكلّ طرف منهما يسعى لتحصيل أكبر مكاسب ممكنة على حساب الطرف الآخر، لذا فإنّ الفرصة حالياً مواتية لروسيا لتحقيق ذلك، وأضاف: من يستطيع أن يغتنم الفوائد الأكثر للحرب من الروس والإيرانيين، فسوف يعمل كل حساب للتوازنات الدولية.

وأشار الباحث المتخصص في الشأن الإيراني إلى أنّ تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا يعود أيضاً إلى الرغبة الدولية في حلّ الأزمة السوريا بحلٍّ سياسي يعطي الفرصة للمعارضة للمشاركة في الحكم.

الوكالة الشيعية للأنباء كشفت عن اجتماع ثلاثي جمع وزراء خارجية قطر وروسيا وتركيا وتجاهل إيران

ولا يعتبر الباحث أنّ ذلك الانسحاب سيكون الأخير، قائلاً: إنّ إيران ستسحب ميليشيات أخرى، خاصة الأكثر بروزاً كالميليشيات العراقية والأفغانية وغيرها، تماشياً مع تلك التغيرات، إلّا أنّ ذلك لا يعني أنها ستنسحب بشكل كلي من سوريا، فالأمر محض انسحاب تكتيكي.

ولفت إلى أنّ الروس أنفسهم لا يرغبون في الانسحاب الإيراني الكلي من سوريا، لكي لا يضطروا إلى الدفع بجنودهم على الأرض؛ إذ تعتبر روسيا أنّ الميليشيات الإيرانية وقود رخيص تحرقه في تلك الحرب.

ولا تُعدّ سياسة روسيا لجني ثمار تعرقل إيران بالجديدة أو وليدة الضربة الأخيرة، التي أفقدت طهران أحد حقول النفط السوريا، فقد لوحظ هذا التكتيك منذ كانون الثاني (يناير) بالتزامن مع ارتفاع حدة التوترات بين إيران وإسرائيل.

اقرأ أيضاً: هل تعود سوريا إلى الجامعة العربية من البوابة الخليجية؟

وكانت روسيا قد طالبت إسرائيل في الشهر نفسه بعدم تنحيتها عن التهديدات الإيرانية في سوريا، وتنفيذ ضربات بصورة منفردة دون إشراكها، وذلك عقب شنّ إسرائيل غارة جوّية على مواقع نفوذ إيرانية.

استغلت روسيا أوضاع إيران الصعبة لطرد ميليشيات تابعة لها من حقل غاز ونفط حيوي

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إنّ موسكو اقترحت على إسرائيل إبلاغها بالتهديدات الأمنية المفترضة الصادرة من الأراضي السورية، لتتكفل بمعالجتها، لكي لا تكون سوريا ساحة للصراعات الإقليمية، الأمر الذي تعتبره إيران طعنة في الظهر، وفق تصريحات مسؤولين إيرانيين، بحسب ما أوردته جريدة "البيان".

 بل ذهب وزير الخارجية الروسي إلى أبعد من ذلك، فقد قال في مؤتمره الصحفي: إذا كانت إسرائيل مضطرة للردّ على تهديدات لأمنها تصدر من الأراضي السورية، فقد قلنا لزملائنا الإسرائيليين مرات عدة: إذا رصدتم مثل هذه التهديدات، فيرجى تزويدنا بالمعلومات المعنية.

وفي السياق ذاته، بدأت وسائل إعلام موالية لإيران في الهجوم على توجه روسيا في تنحية إيران في سوريا.

وتناولت الوكالة الشيعية للأنباء "شفقنا" اجتماعاً ثلاثياً جمع وزراء خارجية قطر وروسيا وتركيا، وركز على القضايا الإقليمية والعالمية، وعلى رأسها سوريا، وقد ناقش وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ونظيره الروسي سيرجي لافروف ووزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو القضايا الإقليمية والعالمية، بما في ذلك سبل حلّ الأزمة السورية، ومحادثات السلام الأفغانية، والوضع في دول الخليج، وكذلك القضية النووية الإيرانية.

اقرأ أيضاً: الإمارات تطلق النداء الأخير لإنقاذ سوريا

ولفتت وكالة الأنباء إلى تنحية إيران قائلة: لكنّ النقطة المهمّة في هذا الاجتماع هي أنه لم توجّه دعوة لإيران لحضور هذا الاجتماع، وكانت طهران "الغائب الأكبر" عنه، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذه القضية تدلّ على أنّ عقد هذا الاجتماع قد يعني بداية جهود سياسية ودبلوماسية من روسيا وتركيا وقطر للتخلي عن مسار أستانة، وتهميش إيران في رسم مستقبل سوريا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية