هل تستطيع الحكومة العراقية ضبط الحدود رغم التحديات؟

هل تستطيع الحكومة العراقية ضبط الحدود رغم التحديات؟


31/05/2021

تولي حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ملف الحدود الممتدة بين العراق وجارتها إيران عناية خاصة، فمع الأسابيع الأولى لعمر الحكومة العام الماضي، وجّه الكاظمي بنشر المكامن الأمنية وانتشار الجيش لضبط عمليات التهريب، وتربط العراق بإيران حدود تمتد لنحو 1300 كلم.

وتتزاحم الملفات وتتداخل التحديات التي يواجهها العراق، حتى داخل الملف الواحد، فمثلاً ملف التهريب، يتنوع بين تهريب المواد الممنوعة، سواء السلاح أو المخدرات، وكذلك السلع الرئيسية التي تمثل أزمة وتؤدي إلى تردي أوضاع العملة، وتمثل منافساً أرخص سعراً أمام السلع العراقية، فضلاً عن ملف تهريب الآثار. 

اقرأ أيضاً: الكاظمي و"دويلة إيران" في العراق

وبينما يستعد العراق لإجراء الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، والتي من المفترض أن تتمخض عن حكومة جديدة، وقّعت حكومة الكاظمي اتفاقاً مهماً مع الأمم المتحدة في 27 أيار (مايو) 2021، يتمثل في رقمنة المنظومة الجمركية في العراق، بحيث تتوافر شبكة بيانات جمركية ضخمة، تمكّن الأجهزة الأمنية من تعقب الواردات، وسدّ الثغرات أمام تهريبها. 

وهذا يعزّز المنظومة في مواجهة جزء من المشكلة المتمثل في تهريب المواد الغذائية أو إدخال السلع إلى السوق العراقية، إلا أنه لا ينهي أزمة تهريب السلاح أو المخدرات. 

ويُرجع الكاتب العراقي أسعد عبد الله أزمة التهريب في العراق إلى تسعينيات القرن الماضي. ويقول بحسب ما أورده موقع "صوت العراق": شهد عقد التسعينيات ولادة المهن المنحرفة في العراق، نتيجة ضعف القانون وانحسار سلطة الدولة، فظهرت مهن من قبيل تجارة المخدرات، وبيع العملة المزورة، وتهريب الآثار، وحتى بيع الأعضاء البشرية والنساء.

كاتب عراقي: بعد 2003 زالت الدولة البعثية لتتشكل دولة بنظام مختلف، ظاهره الحرّية والديمقراطية، وباطنه فوضى مخيفة مع تغييب غريب لسلطة القانون

وتابع: بعد 2003 زالت الدولة البعثية، لتتشكل دولة بنظام مختلف، ظاهره الحرّية والديمقراطية، وباطنه فوضى مخيفة مع تغييب غريب لسلطة القانون؛ ما جعل المهن المنحرفة تتكاثر وتنمو وتتطور، ليتحوّل أصحابها إلى ذوي حصانة أو إلى وحوش لا قدرة على كبحهم.

ويعمل المسؤولون العراقيون على أكثر من محور بالتزامن، ففي الوقت الذي وقّعت فيه الحكومة الاتفاق الأخير مع الأمم المتحدة لمكافحة التهريب، كان الرئيس العراقي برهم صالح قد قدّم مشروعاً إلى البرلمان يهدف إلى استعادة أموال العراق من الفاسدين. 

اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء العراقي يلوّح بالاستقالة: اتركونا نعمل

وقال الرئيس العراقي عن القانون: إنّ "مشروع القانون يسعى لتعزيز عمل الدولة العراقية، لاستعادة أموال الفساد ومحاسبة المفسدين، وتقديمهم للعدالة، ونأمل من مجلس النواب مناقشة المشروع وإغناءه، وإقراره للمساعدة في كبح جماح هذه الآفة الخطيرة، التي حرمت أبناء شعبنا من التمتع بثروات بلدهم لأعوام طويلة".

وأوضح الرئيس العراقي، في مقطع مصوّر بثته الرئاسة، أنّ المشروع يتضمن إجراءات عملية استباقية رادعة، وخطوات لاحقة لاستعادة أموال الفساد.

وأضاف: "الفساد ظاهرة عابرة للحدود، خسر العراق بسببها أموالاً طائلة تُقدر بالمليارات، وتخمن إحصاءات وبيانات حكومية ودولية أنّ مجموع واردات العراق المتأتية من النفط منذ 2003 يقارب ألف مليار دولار، وهناك معطيات ومؤشرات تخمن أنّ ما لا يقل عن 150 مليار دولار من صفقات الفساد تم تهريبها إلى الخارج".

اقرأ أيضاً: العراق.. الحكومة بمواجهة الميليشيات

وقال الرئيس العراقي: "هذه الأموال المستباحة كانت كفيلة بأن تضع البلد في حال أفضل. ولا يمكن التعامل معها في الإطار المحلي فقط، وفي هذا الصدد يسعى مشروع القانون لاسترداد هذه الأموال عبر إبرام اتفاقات مع البلدان، وتعزيز التعاون مع المنظمات والجهات الدولية المتخصصة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة لكبح هذه الظاهرة".

 

 الرئيس العراقي: أكرر دعوتنا، التي سبق أن تقدمنا بها إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لتشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد على غرار التحالف الدولي ضد داعش

 

وأردف: "أكرر دعوتنا، التي سبق أن تقدمنا بها إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لتشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد، على غرار التحالف الدولي ضد داعش، حيث لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بتجفيف منابع تمويله المستندة على أموال الفساد، بوصفها اقتصاداً سياسياً للعنف، إذ إنّ الفساد والإرهاب مترابطان متلازمان ومتخادمان، ويديم أحدهما الآخر".

اتفاق ضبط الحدود 

في غضون ذلك، أعلن وزير المالية العراقي علي عبد الأمير علاوي، الخميس الماضي، توقيع وثيقة تحديث نظام الهيئة العامة للجمارك مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد".

اقرأ أيضاً: ملاحقات المتورطين باغتيال الناشطين العراقيين. ماذا في وسع الكاظمي؟

وقال علاوي خلال مراسم التوقيع: "بلدنا بحاجة إلى تحسين معايير الإدارة العامة في جميع دوائر الدولة، وإنّ وزارة المالية ملتزمة بتقديم أفضل الممارسات الدولية في جميع وحداتها، ونحن ننفذ برنامجاً مهماً مع الأمم المتحدة للارتقاء بأنظمة الإدارة المالية"، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز". 

وأضاف علاوي: "الوزارة عازمة على تطبيق نظام البيانات الجمركية الإلكترونية في الهيئة العامة للجمارك، والذي قدّم مجاناً بثمرة جهود اجتماعات ولقاءات مستمرة مع مؤتمر الأمم المتحدة".

وقال: إنّ "فريقاً من خبراء الأمم المتحدة تبنّى عملية تنصيب النظام وتدريب كوادر هيئة الجمارك والمعتمد في أكثر من 80 دولة للإسهام بتبسيط الإجراءات الجمركية".

 

علاوي: فريق من خبراء الأمم المتحدة تبنّى عملية تنصيب النظام وتدريب كوادر هيئة الجمارك والمعتمد في أكثر من 80 دولة للإسهام بتبسيط الإجراءات الجمركية

 

ولفت الوزير العراقي إلى أنّ "ذلك سيعمل على توثيق المعلومات الجمركية وتبادلها بين الدول ومكافحة التهريب الجمركي، بالإضافة الى توحيد الوثائق والبيانات بين مؤسسات الدولة".

وفي السياق ذاته، كشف مسؤول في وزارة النقل العراقية عن تفاصيل المشروع الجديد، الهادف إلى وقف نزيف العملة العراقية، وهدر أموال البلاد في صادرات مهربة في الأصل.

اقرأ أيضاً: مياه العراق.. تناقص رهيب ينذر بكارثة تصل المدن

وقال المسؤول الذي تحفظ على ذكر اسمه: إنّ "المشروع الجديد يهدف إلى الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث يمكن بعد الانتهاء من المشروع الجديد مراقبة البضائع في الشاحنات بشكل فعّال، والتثبت من البيانات الجمركية المصاحبة، وتبادل المعلومات مع جهات مساندة بشأن طبيعة تلك البضائع، وفيما إذا كانت موافقة للمواصفات المطلوبة وكذلك المدرجة في لائحة التعريف".

وأضاف المسؤول في حديث لموقع "سكاي نيوز" أنّ "أبرز الأهداف من هذا المشروع هو وقف عمليات التهريب، التي تتم أحياناً بطريقة شبه رسمية، وعبر المسارات القانونية، وهذا يعود إلى ضعف الرقابة، وفقدان المنظومة التكنولوجية التي تمتلكها أغلب دول العالم، فضلاً عن تحقيق واردات كبيرة من المشروع، عبر الجباية، ودفع الجمارك عن البضائع والسلع، وكشف زيف بعض الواردات التي تمثل خطراً على المواطنين".

واعتبر أنّ "أتمتة الجمارك ستزيد الشفافية في تقييم الرسوم، وطريقة دفعها، حيث تغيب العملات الورقية المتداولة، ويتمّ استبدالها ببطاقات دفع إلكترونية، وهذا سينهي أعقد ملفات الفساد في البلاد".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية