هل ستتطور الهجمات البحرية بين إسرائيل وإيران إلى مواجهة مفتوحة؟

هل ستتطور الهجمات البحرية بين إسرائيل وإيران إلى مواجهة مفتوحة؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
28/04/2021

تشكّل الهجمات البحرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران ضدّ سفن الشحن التجارية المارة عبر البحر الأحمر، تهديداً إستراتيجياً خطيراً لكلا البلدين، وذلك مع تصاعد وتيرة هذه الاستهدافات مؤخراً، وتزايد المخاوف من تطورها إلى حرب بحرية مفتوحة بين الدولتين، قد تخرج فيما بعد عن السيطرة.

وتعرضت سفينة شحن إيرانية من نوع سافيز، في 6 نيسان (أبريل)، لهجوم قرب السواحل اليمنية في البحر الأحمر، وذلك بتفجير لغم لاصق أسفل السفينة أدّى إلى عطبها، اإتهم الحرس الثوري الإيراني إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم على السفينة، والتي ما تزال في مكانها عالقة نتيجة أضرار تمنعها من الإبحار مجدداً.

وهاجمت إسرائيل عشرات السفن الإيرانية من البحر الأحمر جنوباً حتى الساحل السوري شمالاً، وتسببت الهجمات بتشويش حركة معظمها وخسائر تقدر بمليارات الدولارات، وبحسب تقارير عسكرية إسرائيلية، فإنّ وحدات الكوماندوز البحرية الإسرائيلية، نفذت ما يقارب من 12 هجوماً ضدّ سفن إيرانية منذ عام 2019، وذلك رداً على محاولات إيران تعطيل حركة الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق هرمز.

تصعيد إيراني محتمل

ووفق "القناة الإسرائيلية الـ 11" تحدثت عن مصادر عسكرية قولها؛ إنّ "الجيش الإسرائيلي يستعد لتصعيد الهجمات البحرية ضدّ إيران، خاصة مع ورود معلومات تشير إلى احتمالية ردّ وتصعيد من قبل إيران ضدّ السفن الإسرائيلية".

ما يخيف إسرائيل بشكل كبير هو امتلاك إيران للقنبلة النووية، والخوف من محاولات دول عربية السير نحو امتلاك سلاح نووي وصولاً إلى القنبلة النووية

وأشارت القناة العبرية إلى أنّ "إسرائيل تعمّدت معاقبة الإيرانيين، لأنّ السفينة التي تعمل في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية مسؤولة عن قيادة عمليات عسكرية بحرية، وانطلق منها زورق الكوماندوز البحري الذي وضع اللغم في سفينة شحن السيارات، التي يملكها رجل أعمال إسرائيلي أثناء تواجدها في خليج عمان قبل عدة أسابيع" .

الخبير العسكري الإسرائيلي، رون يشاي

وقال الخبير العسكري الإسرائيلي، رون يشاي، إنّ "استهداف سفينة الاستخبارات الإيرانية سافيز، يشير إلى وجود تصعيد جديد في الحرب البحرية بين إسرائيل وإيران، وطريقة إسرائيلية لتذكير الأمريكيين بما يعرف بدبلوماسية حركية سرّية، تهدف لردع إيران طالما ليس هناك تأثير لإسرائيل على واشنطن فيما يجري من محادثات للعودة إلى الاتفاق النووي".

حرب مفتوحة

ورجّح المراسل العسكري في موقع "وللا" العبري، أمير بخبوط، أن "العمليات الإسرائيلية البحرية ضدّ إيران حرباً مفتوحة بين الجانبين، وتعرض بذلك المصالح الإسرائيلية الحساسة للخطر، مبيناً أنّ "الأضرار التي لحقت بالسفينة الإيرانية في البحر الأحمر، تشير إلى تغيير جذري في سياسة النشاط العسكري الإسرائيلي تجاه إيران، لأنّ هذا الهجوم أدّى إلى إحداث عطل كبير بالسفينة".

اقرأ أيضاً: كيف سيشكل الامتناع عن التعاون مع المحكمة الجنائية ضرراً لإسرائيل؟

بدوره، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي، عامر خليل، إنّ "عمليات الاستهداف من قبل الجيش الإسرائيلي، سوف تتواصل سواء من خلال عمليات التخريب داخل المنشآت النووية، كما حصل مرات عديدة في مفاعل نطنز، أو من خلال عمليات الاغتيال للعلماء النوويين، واستهداف الناقلات الإيرانية في البحر الأحمر".  

المختص في الشأن الإسرائيلي، عامر خليل

ويشير خليل، في حديثه لـ "حفريات": إلى إنّ "إيران تمتلك قدرات عسكرية ونووية، وإسرائيل تسعى لمنع إيران من التقدم والتطور العسكري في هذا المجال، لذلك هناك احتمال بتضاعف الهجمات بين الجانبين، وصولاً إلى إمكانية حدوث حرب مفتوحة بين إسرائيل وإيران، وهذا أمر وارد ومطروح لدى القيادة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، في ظلّ المساعي المستمرة لعرقلة امتلاك إيران للسلاح النووي ودعم حلفائها إقليمياً".

أمريكا تحرج إسرائيل

ويضيف المختص في الشأن الإسرائيلي: "أمريكا، ومن أجل التوصل إلى حلول جذرية في الشرق الأوسط، ورغبتها فى العودة إلى تفاهمات مع إيران حول البرنامج النووي، تتعمّد بنشر تقارير لعمليات سرّية قامت بها إسرائيل ضدّ إيران وتحرجها للضغط عليها، وهذا ما أزعج إسرائيل عندما تحدثت تقارير إعلامية أمريكية عن وقوف إسرائيل وراء استهداف سفينة "سافينز" الإيرانية". 

اقرأ أيضاً: انسداد سياسي في إسرائيل يهدّد بالتوجه إلى انتخابات خامسة

وتابع: "الإدارة الأمريكية الجديدة لديها أولويات ومصالح في الشرق الأوسط وإسرائيل جزء من هذه المصالح؛ لذلك بالنسبة لأمريكا العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران تعدّ خطوة مهمة حالياً، وذلك لتهدئة الأوضاع الساخنة في الشرق الأوسط والمسؤولة عن إشعالها إيران وميليشياتها، وبهذا لا يمكن لإدارة بايدن تلبية مطالب إسرائيل الحساسة في الوقت الحالي، وأبرزها منع أمريكا للعودة إلى الاتفاق مع إيران".

اقرأ أيضاً: هل تنجح إسرائيل في تشكيل حلف ناتو ضدّ إيران؟

وبسؤاله عن محاولات الإنكار المتبادلة من قبل إسرائيل وإيران عن الهجمات التي تطال الناقلات في البحر الأحمر، بين المختص في الشأن الإسرائيلي، "بالنسبة لإيران إعلانها تبنّي الهجمات، يشكّل لها إحراجاً على المستوى السياسي الدولي، وسيعطي ذلك ذريعة لفرض مزيد من العقوبات الدولية عليها، أما إسرائيل فهي تمتنع خوفاً من إقدام إيران وميليشياتها على تنفيذ عمليات انتقامية بحقّ الإسرائيليين في دول العالم الخارجي".

انفجار نطنز سيزيد التوتر

 ويبدو أنّ الانفجار الذي وقع في مفاعل نطنز النووي الإيراني، واعترفت مصادر إسرائيلية بوقوف الموساد الإسرائيلي وراء الهجوم، سيشكّل مزيداً من التوتر في المنطقة، بعد أن أحدث الانفجار، بحسب مصادر إيرانية، أضراراً واسعة في المفاعل، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن أجهزة الطرد المركزية في المنشأة، وهو ما أفقد إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم في هذه المنشأة، التي تضمّ قرابة 7000 جهاز طرد مركزي.

اقرأ أيضاً: لماذا تسعى إسرائيل إلى التقرّب من النظام السوري؟

ويحذّر مراقبون من توسّع وتيرة الصراع بين إسرائيل وإيران، وتعقيد جهود إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لإقناع إيران بإعادة فرض قيود على برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها، في حين أنّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين محادثات فيينا حول البرنامج النووي الإيراني والأضرار التي لحقت بالسفينة الإيرانية، سافيز، وهذا يدل على وجود تخريب إسرائيلي لإحباط جهود الإدارة الأمريكية.

المختصّ في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي

في إطار ذلك، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي؛ أنّ "إسرائيل ستكثّف من هجماتها ضدّ معاقل إيران وناقلاتها في البحر الأحمر في الوقت الحالي، من أجل إيصال رسالة لإدارة بايدن، التي تبذل جهودها للتوصل إلى تفاهمات مع إيران، بأنّ إسرائيل غير ملتزمة بأيّ اتفاق دوليّ مع إيران، وأنّها خارج المفاوضات الحالية ومخرجاتها".

إيران ستتجاوز المرحلة

وأوضح الهندي، في حديثه لـ "حفريات": أنّ "إيران ستتجاوز كافة العقبات مع إسرائيل في هذه المرحلة، فهي تتمتع بسياسة الصبر وضبط النفس، وتتعامل وفق مصالحها بما يحقق استمرارية مشروعها الأساسي، وليس من مصلحتها الدخول في حرب مباشرة حالياً مع إسرائيل تستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة".

المختص في الشأن الإسرائيلي عليان الهندي لـ"حفريات": إسرائيل ستكثّف من هجماتها ضدّ معاقل إيران وناقلاتها في البحر الأحمر في الوقت الحالي

وأشار المختص في الشأن الإسرائيلي، إلى أنّ "إيران تمتلك أعداداً كبيرة من المنشآت النووية في باطن الأرض، وإمكانية ضرب إسرائيل لوحدها هذه المنشآت أمر مستحيل، فضرب منشأة نووية واحدة يحتاج إلى عدد كبير جداً من الطائرات، إلى جانب أنّ المسافة الكبيرة التى ستقطعها إسرائيل للوصول إلى إيران، والبالغة 5000 كيلو متراً، ستكون محفوفة بالعديد من المخاطر، لأنّ الطائرات ستمرّ في أجواء دول معادية لها وهذا خطر عليها".

ويعتقد الهندي: أنّ "إسرائيل هي الخاسر الأكبر من الحرب السرية البحرية الدائرة في منطقة البحر الأحمر، لأنّها تحاول باستمرار وضع قدم لها في المنطقة، وذلك لقطع الطريق على إمدادات السلاح الإيراني لحركات المقاومة، سواء في غزة أو لبنان، وفي حال تزايدت وتيرة الهجمات، فسيزعزع ذلك عمليات المراقبة الاسرائيلية هناك، فمن مصلحة إسرائيل إبقاء المنطقة هادئة".

وتوقّع: "في حال فشلت جهود الإدارة الأمريكية في الوصول إلى اتفاق مع طهران حول البرنامج النووي، فمن المرجح أن تتجه المنطقة إلى فوضى عارمة، تستغل إثرها إسرائيل الغضب الأمريكي من إيران، وتشنّ هجوماً واسعاً على إيران بمساعدة أطراف خارجية". 

وأبلغ الهندي "حفريات": بأنّ "ما يخيف إسرائيل بشكل كبير هو امتلاك إيران للقنبلة النووية، والخوف من محاولات دول عربية السير نحو امتلاك سلاح نووي وصولاً إلى القنبلة النووية، وهذا يؤكد تحليلات الخبراء الإسرائيليين"، الذين يقولون، إنّ الدول العربية غير ديمقراطية، وإمكانية حدوث انقلابات فيها أمر وارد وبقوة، فالخوف يكمن في سيطرة منظمات معادية على هذه الدول، والاستفادة من الخبرات العسكرية الخارجية وامتلاك أسلحة نووية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية