هل يكون علماء إسرائيل هدف إيران الانتقامي؟

هل يكون علماء إسرائيل هدف إيران الانتقامي؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
21/12/2020

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل رفع حالة التأهّب، خشية من أيّ ردّ إيراني على سلسلة عمليات تعرّضت لها طهران، والتي كان آخرها مقتل العالم النوويّ، فخري زاده، وتوجيه أصابع الاتهام إلى الموساد الإسرائيلي، ترجّح تقديرات لخبراء عسكريين إسرائيليين أنّ صمت إيران على مقتل العالم زاده، يخفي في طيّاته ردّاً مدروساً وموجع لإسرائيل، ومن أبرز التقديرات التي أفصح عنها الخبراء؛ اغتيال إيران لعلماء نوويين إسرائيليين، كخطوة لثني إسرائيل عن مواصلة التسلّل للعمق الإيرانيّ واستهداف البرنامج النوويّ.

إيران، ومن خلال حلفائها على الجبهة الشمالية، لديها القدرة على ضرب حاويات الأمونيا ومصانع البتروكيماويات في حيفا، إلى جانب استهداف مطار بن غوريون

وبحسب القناة العبرية الرسمية "كان"؛ فإنّ أجهزة الأمن الإسرائيلية بثّت رسائل تنبيه لعدد من الخبراء النوويين والمسؤولين الكبار ممن يعملون في مفاعل ديمونا النووي، تطالبهم بضرورة اتّخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، تحسّباً من انتقام إيرانيّ قد يطالهم كردّ على اغتيال العالم النووي زاده، ومن بين الشروط التي وضعتها أجهزة الأمن على الخبراء؛ الامتناع عن السير في مسارات ثابتة، خشية أيّ تتبّع إيراني لحركة تنقّلهم ونصب كمائن لهم.

وتوقّع الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، ديال شبيط؛ أن تكون الأثمان السياسية للاغتيال مرتفعة جداً؛ فإن كان مقتل علماء نوويين إيرانيين شرعياً، فمن وجهة نظر إيران والعديد من دول العالم؛ فإنّ قتل علماء إسرائيليين شرعي أيضاً، فإسرائيل تغامر بتنفيذ عمليات داخل إيران، والخوف من ردّ مؤلم ما يزال متوقعاً وموجوداً.

اقرأ أيضاً: لماذا تسعى تركيا إلى ترميم علاقاتها مع إسرائيل؟

ويشير الفحص الأمني والعسكري الإسرائيلي للأوضاع المقبلة في البلاد إلى أنّ هناك متغيرات على عملية الانتقال بين إدارتي ترامب وبايدن، فسياسات الرئيسَين تختلف كثيراً، ويمكن لإيران أن تستفيد من هذا الاختلاف؛ فتقاربها مع بايدن من شأنه أن يدفع نحو تسوية النزاع القائم حول البرنامج النووي وتخفيف الضغوطات عليها، ووفق الفحص الأمني؛ فإنّ إيران لا تنوي توجيه ضربة صاروخية بعيدة المدى لأهداف إسرائيلية من داخل أراضيها، كما فعلت إبان مقتل سليماني، وإنّما تتروى لإيجاد هدف ثمين قد يسبّب حرجاً لإسرائيل.

هل تنفذ إيران هجوماً قاسياً؟

من جهته، قال الخبير في الشأن العسكري، د. محمود العجرمي: إنّ الردّ الإيراني على مقتل العالم النووي، فخري زاده، حتمي، دون أخذ رأي أيّ من الأطراف، فيما يعدّ ضرب إسرائيل في مقدمة أعمال إيران الخارجية، ولو أرادت إيران تنفيذ ضربة صاروخية لفعلت، لكنّها هذه المرة ستنفذ هجوماً قاسياً على إسرائيل، لكنها تنتظر انتهاء الأيام الأخيرة من ولاية ترامب، وذلك خوفاً من أن تقع في كمين يجرّ إيران، التي تعاني من خرق أمني وأوضاع صعبة، في مأزق يؤثّر عليها.

الخبير في الشأن العسكري، د. محمود العجرمي

وأضاف العجرمي، في حديثه لـ "حفريات": "الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت هشّة وتعاني من شلل حادّ منذ أشهر طويلة، وستدخل مرحلة جديدة من الانزلاق، نتيجة الصراع القائم بين الأحزاب السياسية، إلى جانب أنّ إسرائيل باتت مكشوفة على المناطق الحدودية، ولدى إيران قدرات تمكّنها من الوصول لاغتيال علماء نوويين إسرائيليين، ولن تتردّد، إذا كانت تنوي ذلك، فحالة الفوضى الداخلية التي تشهدها إسرائيل، تمكّن أيّة قوة دولية تمتلك خبرات من اختراق المجال الأمني لإسرائيل.

اقرأ أيضاً: لهجة التهديد والوعيد الإيرانية ترفع درجة التأهب في إسرائيل

وأشار العجرمي إلى أنّ إيران، على الرغم من الضربات الأمنية القاسية التي تكبّدتها، إلا أنّها تتمتع بقدرات قتالية قوية، فهي تعدّ من الدول المتقدمة جداً على مستوى العالم في الحروب السيبرانية، وتخوض باستمرار حروباً سرّية مع إسرائيل، فسبق أن اخترقت أجهزة ونظم معلومات إسرائيلية، وأحدثت فيها إرباكاً خطيراً؛ حيث اخترقت برامج أجهزة الدفاع الإسرائيلية، واخترقت شبكة المياه الإسرائيلية، وكان بإمكانها رفع نسبة الكلور في المياه، التي من شأنها أن تحدث تسمّماً في المياه، يؤثر على حياة المواطنين الإسرائيليين.

الخبير في الشأن الإسرائيلي د. عطية جوابرة لـ"حفريات": العلماء الإسرائيليون حذرون في تحركاتهم، وطلبوا من جهاز الأمن الإسرائيليّ تغيير الحراسات الأمنية عليهم

وتابع العجرمي حديثه: "رغم كلّ الضربات التي تواجهها إيران، إلا أنّها تواصل السير في المسار نفسه، والدفع نحو تشغيل أجهزة طرد مركزية متطورة، والعمل على ترسيخ هيمنتها في الشرق الأوسط، فاغتيال العلماء النوويين الستة على مدار السنوات الماضية، والذين كان آخرهم زاده، لن يوقف إيران في مساعيها نحو تطوير البرنامج النووي، وإسرائيل باتت على قناعة تامة بذلك.

ماذا رصدت الأقمار الصناعية؟

ورصدت أقمار صناعية صوراً تظهر تشييد إيران لمنشأة نووية تحت الأرض، في مدينة فوردو الإيرانية؛ حيث تظهر الصور أساسات البناء مع عشرات الأعمدة، التي يمكن استخدامها لدعم المبنى من المخاطر الناجمة عن الزلازل، في حين أنّ المبنى أقيم بجوار مبنى ومركز للأبحاث العلمية.

اقرأ أيضاً: كيف ستبدو سياسات بايدن حيال الملف النووي الإيراني؟

في سياق ذلك، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، د. عطية جوابرة: إنّ "إسرائيل ليست دولة مراهقة في حماية علمائها، الذين هم في أيّ وقت داخل دائرة الخطر والتهديد الخارجي، خاصة في هذه الأيام، التي تشهد صراع أدمغة وعقول، فالوصول إلى العلماء الإسرائيليين أمر صعب للغاية، حتى أنّ العلماء أنفسهم حذرين في تحركاتهم، وطلبوا من جهاز الأمن الإسرائيليّ تغيير الحراسات الأمنية عليهم، خوفاً من أيّ اختراق إيرانيّ محتمل".

الخبير في الشأن الإسرائيلي، د. عطية جوابرة

وأوضح جوابرة، في حديثه لـ "حفريات": أنّ "الدبلوماسية الإيرانية حذرة جداً في الوقت الحالي، الذي يعدّ حساساً بالنسبة لها، فإيران لا تريد أن تغضب أمريكا عليها، ولا تريد أن تتعامل أمريكا معها كما حصل في العراق، في المقابل؛ فإنّ أمريكا لا تنوي إنهاء الملف النووي الإيراني، وتعي إيران جيداً أنّها دولة مخترقة أمنياً؛ فهي غير قادرة على حماية علمائها، ولا حتى لديها القدرة على حماية منشآتها النووية التي تعرضت قبل أشهر لعمليات تخريب وتعطيل لها؛ لذلك أيّة محاولة للردّ مستبعدة في الوقت الحالي".

اقرأ أيضاً: قراءة إسرائيليّة في أهداف زيارة بومبيو لإسرائيل بهذا التوقيت

وأشار جوابرة  إلى أنّ إيران ستردّ على ما حصل مؤخراً من أضرار طالت برنامجها النووي، ولا يمكن تجاهل ذلك، حتى وإن طال الردّ، فإيران لديها قدرات صاروخية بإمكانها ضرب إسرائيل، كما أنّ هناك حلفاء كثيرون لها قريبون من إسرائيل، سواء سوريا أو حزب الله، أو على صعيد الفصائل الفلسطينية في غزة، وبإمكان إيران إعطاءهم الضوء الأخضر لتنفيذ هجمات صاروخية مؤلمة على أهداف حساسة، لكنّ طبيعة الردّ الإيراني ستكون مرتبطة بشكل كبير بطبيعة تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة بايدن، مع الشرق الأوسط، وخاصة مع إيران حول البرنامج النووي.

اقرأ أيضاً: سياسيون إسرائيليون بعد هزيمة ترامب: السماء سقطت على إسرائيل

في مقابل ذلك؛ رجّح المختص في الشأن الإسرائيلي، د. عمر جعارة، أن تقدم إيران على تنفيذ ضربة مؤلمة لإسرائيل، قد تطال شخصيات كبيرة ومهمة، لكن، بحسب جعارة، فإنّ تنفيذ مثل هذه العمليات داخل إسرائيل أمر مستحيل جداً؛ نظراً لتعزيز الأمن الإسرائيلي الحماية على العلماء منذ وقت طويل، وليس في هذا الوقت بالتحديد، لكن بإمكان إيران أن تنفّذ مثل هذا النوع من العمليات، باستهداف شخصيات إسرائيلية خارج حدود إسرائيل في أوروبا.

 المختص في الشأن الإسرائيلي، د. عمر جعارة

واستبعد جعارة، في حديثه لـ "حفريات"، أن تقدم إسرائيل، وخلال الفترة المتبقية لولاية ترامب، على تنفيذ هجمات ضدّ أهداف إيرانية، أو حتى الردّ على هجوم إيراني محتمل عليها، فالوقت ليس في صالح إسرائيل، ولا حتى إيران، في حين أنّ إيران، ومن خلال حلفائها على الجبهة الشمالية، لديها القدرة على ضرب حاويات الأمونيا ومصانع البتروكيماويات في منطقة حيفا القريبة من لبنان، إلى جانب استهداف مطار بن غوريون الوحيد في البلاد، فلدى إيران وحلفائها خيارات عديدة وصواريخ دقيقة لا تخطئ أهدافها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية