سياسيون إسرائيليون بعد هزيمة ترامب: السماء سقطت على إسرائيل

سياسيون إسرائيليون بعد هزيمة ترامب: السماء سقطت على إسرائيل


كاتب ومترجم فلسطيني‎
14/11/2020

ترجمة: إسماعيل حسن

رغم تعهّد جو بايدن بأنّه إذا فاز في انتخابات الرئاسة الأمريكية سيتعهّد بضمان أمن إسرائيل والحفاظ على قدرتها للدفاع عن نفسها، إلا أنّ هناك مخاوف في الأوساط الإسرائيلية من فوزه وما سيسبّبه من تقليل فرص ضمّ المستوطنات في الضفة الغربية إلى جانب الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، وعلى مدار عقود من الزمن؛ قدّمت أمريكا كافة أشكال الدعم لإسرائيل، وخلال فترة الأعوام الأربعة الماضية التي قضاها ترامب كرئيس للولايات المتحدة، تعدّ تلك الفترة من أكثر الفترات انحيازاً لإسرائيل منذ إنشائها؛ إذ قدّمت الإدارة الأمريكية في عهده كافة أشكال الدعم والمساندة لإسرائيل.

فوز بايدن شكّل ضربة قاسية لنتنياهو، فبالرغم من تقارب نتنياهو معه، إلا أنّ تلك العلاقة لن تصل إلى حدّ التوافق الذي تحقّق مع ترامب

 وبرز ذلك بوضوح في تنفيذ ترامب لوعوده الانتخابية، التي طالما انتظرها الإسرائيليون من الرؤساء السابقين، ونجح في تحقيق جميع ما وعد به؛ حيث نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وتخلّى عن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، واعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، فضلاً عن طرحه خطّة للسلام تصبّ في مصلحة إسرائيل، الإسرائيليون أنفسهم يرون أنّ واشنطن فقدت قوّتها النسبية وتأثيرها العالمي بعد فوز بايدن؛ ما ينعكس على مواقفها من إسرائيل، بما فيها التهديد بقطع مساعداتها عنها، رغم أنّ إسرائيل تعتمد عليها الآن أقلّ من الماضي.

 لكن من الواضح أنّ هوية الرئيس الجالس في البيت الأبيض لها تأثير على إسرائيل وسلوكها في المستقبل، وبالتحديد فيما يخصّ قضية إيران والمستوطنات والفلسطينيين، وتحدّث سياسيون عن الخسارة الواضحة والكبيرة، بقولهم إنّ السماء قد سقطت على إسرائيل وخسارة ترامب يوم أسود على إسرائيل، النتيجة النهائية من فوز بايدن تعني أنّ العلاقة ستكون أقلّ من لطيفة، وستصبح أكثر صعوبة، والأهمّ من ذلك كلّه؛ أنّها مختلفة تماماً عن أجواء شهر العسل التي اتّسمت بها خلال حكم الرئيس، دونالد ترامب.

70% من الإسرائيليين يدعمون ترامب

استطلاع رأي إسرائيلي، خلال جولة الانتخابات الأمريكية، أظهر دعم 70% من الإسرائيليين لترامب، في إسرائيل أعجبوا به بأغلبية كبيرة من الأحزاب المختلفة، ليس اليمين الإسرائيلي وحده قد أعجب بترامب؛ بل الوسط أيضاً، وجزء من اليسار أراده كذلك، التقدير الإسرائيلي حول القضية الفلسطينية يبيّن أنّها ستتصدّر رأس أولويات سياسة بايدن الخارجية؛ لأنّه سيحاول تمييز نفسه عن سياسة سلفه، ومن غير المرجّح أن تبقى جميع التفاهمات مع إدارة ترامب سارية المفعول، كما أنّ البناء في مستوطنات الضفة الغربية وشرقي القدس سيعود من جديد مسألة خلافية وبؤرة توتر ونزاع مستمر، بين واشنطن وتل أبيب، وستعود إدانات الأمم المتحدة لإقامة المستوطنات، كما فعلت في أواخر عهد الرئيس السابق، باراك أوباما.

 وليس من المستبعد أن تعيد الولايات المتحدة تعريف المستوطنات على أنّها عقبة في طريق السلام، صحيح أنّ السفارة الأمريكية لن تعود لتلّ أبيب، لكنّ السفير قد لا يجلس في القدس، وبايدن سيعيد فتح السفارة الفلسطينية في واشنطن، التي أغلقها ترامب، وسيجدّد المساعدات للمؤسسات الفلسطينية، وكذلك للأونروا، لكنّه لا يعتزم استخدام المساعدة لإسرائيل كوسيلة للضغط عليها لتغيير سياساتها، مما قد يعمل على تحويل الحزب الديمقراطي ليصبح معادياً لإسرائيل.

اقرأ أيضاً: لماذا شبّه أردوغان خطاب ماكرون بالمحرقة اليهودية؟

إنّ جولة الانتخابات الأمريكية كانت مصيرية ومفعمة بالآثار على دولة إسرائيل، بايدن هو رجل مؤيد لإسرائيل وملتزم بالحلف الإستراتيجي بيننا وبين الولايات المتحدة، كما أنّ السناتورة، كاميلا هاريس، مؤيدة لإسرائيل، هي وبايدن كانا بين المرشحين الديمقراطيين الوحيدَين اللذين عارضا ممارسة ضغط أمريكي على إسرائيل عبر تقليص المساعدة الأمريكية، مع ذلك، وفي السنوات الأربع من ولاية ترامب، للمرة الأولى في التاريخ، لم يسجّل أيّ شجب أمريكي لأيّ نشاط عسكري أو سياسي إسرائيلي؛ فإدارة بايدن المستقبلية ستتحدّى إسرائيل جداً بسبب خلافات عميقة في موضوعين جوهريين، المسيرة السياسية التي ستتنكر فيها الإدارة لخطّة القرن، والعودة إلى مخطط أوباما وكلينتون، أي حلّ الدولتين على أساس حدود 67 وعاصمة فلسطين في القدس الشرقية، كما ستعيد الإدارة فتح القنصلية الأمريكية شرق القدس، التي شكّلت قبل ترامب سفارة أمريكية بحكم الأمر الواقع للفلسطينيين، وستستأنف الإدارة المساعدة الأمريكية لوكالة الغوث ولمؤسسات فلسطينية أخرى، أوقفها ترامب.

اقرأ أيضاً: لماذا تتوجس إسرائيل من تقارب العلاقات بين روسيا وحماس؟

 وستعود الإدارة لتعارض البناء الإسرائيلي في يهودا والسامرة، وكذا في القدس الموحّدة، التي في نظرها تشكّل عائقاً للسلام، وثمّة إشكالية أخرى من ناحيتنا، وهي نية بايدن المعلنة لضمّ الولايات المتحدة مرة أخرى للاتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات، هذا الأمر سينقذ النظام الإيراني من انهيار اقتصادي، ويساعده على العودة لاحتلال أجزاء مهمة في الشرق الأوسط، واستخدامها كمواقع متقدّمة ضدّ إسرائيل، ويدور الحديث في ذلك عن تهديد إستراتيجي حقيقي من قبل إيران في المنطقة.

مستقبل نتنياهو في خطر

يتّضح حالياً أنّ نتنياهو يواجه ضغوطاً هائلة في ظلّ ما يواجهه من خطر على مستقبله السياسي، في الوقت الذي تلاحقه اتّهامات الفساد وتتراجع شعبيته بسبب الأزمات الحالية، بالتالي؛ فإنّ الانتخابات الأمريكية تشكّل أهمية قصوى بالنسبة إليه ولإسرائيل على وجه العموم؛ إذ مثّلت نتيجة الانتخابات عاملاً رئيساً في تحديد ما إذا كانت إسرائيل ستواجه قريباً انتخابات أخرى أم لا، كما أنّ الرصيد الشعبي لنتنياهو مرهون بنتيجة تلك الانتخابات؛ فكافة الأوراق التي يمكن أن يستغلها نتنياهو لتعزيز مكانته في الداخل الإسرائيلي ورفع شعبيته، كانت مرتبطة بفوز دونالد ترامب.

 إنّ فوز جو بايدن شكّل ضربة قاسية لنتنياهو، فبالرغم من تقارب نتنياهو من جو بايدن على المستوى الشخصي، إلا أنّ تلك العلاقة لن تصل إلى حدّ التوافق الأيديولوجي والسياسي الذي تحقّق مع ترامب، في الواقع؛ الساحة السياسية في إسرائيل تشهد عدة أزمات منبثقة عن سوء إدارة الحكومة الإسرائيلية الراهنة للأوضاع المترتبة على أزمة جائحة كورونا، حيث شهد الاقتصاد الإسرائيلي تراجعاً حادّاً انخفضت مؤشراته، فضلاً عن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا بصورة مقلقة، تزامناً مع إخفاق الحكومة في إقرار الميزانية المخصصة للحكومة لعام 2021، ما تسبّب في زيادة الاحتقان في الداخل الإسرائيلي، وخروج المظاهرات المطالبة باستقالة نتنياهو، على مدى ما يقارب الشهرين، وما تزال متواصلة، اعتراضاً على سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي وإخفاقه في إدارة الأزمة، وهو ما يثير التنبؤات باحتمالات لجوء إسرائيل لإجراء انتخابات رابعة في حال فشل الحكومة في الخروج من المأزق الحالي.

ما مصير اتفاقات السلام؟

ومن المهم أن نسأل: ماذا سيكون مصير اتفاقات السلام حديثة العهد بيننا وبين الدول العربية؟ فمن المشكوك فيه أن يستثمر فيها بايدن بالقدر ذاته الذي كان في إدارة ترامب، الأمر الذي قد يكون حاسماً في موضوع السودان الذي يحتاج للمساعدة الأمريكية، ومن جهة أخرى؛ فإنّ الانضمام الأمريكي المتجدد لاتفاق نووي مع إيران سيجبر دولاً عربية كثيرة على الدخول في حلف إستراتيجي علني ضدّ إيران، إلى جانب إسرائيل، يبدو أننا سنضطر لأن نتنازل لتلك الدول العربية، التي لا تتلقى حوافز أمريكية, وأن نعانق دولاً عربية تحتاجنا في موضوع إيران.

اقرأ أيضاً: كيف تنظر إسرائيل إلى تقارب عباس للمصالحة مع حماس؟

بات الإسرائيليون أمام تحوّل كبير أمام هذه المناسبة التاريخية، وهنا تأتي اللحظة التي يتعيّن على إسرائيل فيها أن تسأل نفسها؛ كيف كانت مستعدة لهذه اللحظة غير المعقولة، أو أن تعترف لنفسها بأنّها لم تكن مستعدة على الإطلاق، لأنّ نظرة فاحصة تظهر أنّ إسرائيل تخلّت عن الحزب الديمقراطي، وباتت تجمع في يديها تأييد ترامب والجمهوريين فقط، يعتقد الإسرائيليون لو تمّ انتخاب ترامب لولاية ثانية؛ فإنّ الصورة ستكون واضحة جداً بالنسبة إليهم، مرجّحين أن يستمرّ بعزل إيران وتقويض برنامجها النووي أو القضاء عليه، وتعزيز السيادة الإسرائيلية في غور الأردن وزيادة الاستيطان في الضفة الغربية.

استطلاع رأي إسرائيلي أظهر دعم 70% من الإسرائيليين لترامب. في إسرائيل أعجبوا به بأغلبية كبيرة من الأحزاب المختلفة، ليس اليمين الإسرائيلي بل الوسط أيضاً

 أما فوز بايدن فيجعل الإسرائيليين متخوّفين من أن يشهدوا تغييراً جذرياً في العلاقة الأمريكية تجاههم، قد تصل إلى درجة العداء مع إمكانية تراجع حقّ النقض الأمريكي التلقائي في مجلس الأمن لصالحهم، وربما فرض العقوبات عليهم، ويحتاج هذا الخيار إلى الاستعداد له من قبلهم، وعلى إسرائيل أن تستوعب التغيّر المقبل في واشنطن لأنّها لم تعد شأناً متوافقاً عليه بين الحزبَين الكبيرَين في الولايات المتحدة الجمهوري والديمقراطي، على العكس؛ بل أصبحت قضية مثار خلاف للكثيرين في أوساطهما، وباتت محلّ نزاع عميق وطويل الأمد بينهم، ويبقى العزاء في إسرائيل أنّ بايدن، وخلال العام القادم، وربما لعامَين، سيبقى مشغولاً بقضايا داخلية، خاصّة في التعامل مع جائحة كورونا التي وعد ناخبيه بالاهتمام بإيجاد حلّ لها، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها أمريكا.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://news.walla.co.il/item/3397540



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية