هل ينجح الكاظمي في تخليص العراق من الفساد والميليشيات؟

هل ينجح الكاظمي في تخليص العراق من الفساد والميليشيات؟


22/12/2020

يتحرى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إيجاد ممرات سياسية آمنة، من خلال تنويع مصادر علاقاته الخارجية، سواء السياسية أو الاقتصادية، وكذا إيجاد شراكات إقليمية، حيوية وإستراتيجية، في محيطه العربي، بما يتيح له تنفيذ أجندته الإصلاحية، والتخلص من أعباء العقود الماضية التي ظلت فيها بغداد مرتهنة لصالح قوى خارجية؛ وهو الأمر الذي نجم عنه استنزاف مواردها، من جهة، وتنامي حالة السيولة الأمنية، من جهة أخرى، إضافة إلى الاضطراب السياسي والمجتمعي المستمرين.  

العراق ساحة للتنافس الإقليمي

وفي ظل حالة التبعية التي شهدتها بغداد، وتضخم أدوار وكلاء إيران السياسيين في أجهزة ومؤسسات الدولة، تبدو تحركات رئيس الوزراء العراقي الخارجية، ضرورية وغير تقليدية، لكنها محفوفة بتعقيدات سياسية وأمنية داخلية عديدة، في ظل القبضة الثقيلة للأطراف الأخرى.

من بين الأوضاع السلبية الناجمة عن تأزم المشهد السياسي العراقي، قيام الميليشيات المدعومة من طهران بتهريب النفط عبر الأنفاق التي تخضع لسيطرتها الأمنية

ومن بين الأوضاع السلبية الناجمة عن تأزم المشهد السياسي العراقي، قيام الميلشيات المدعومة من طهران بتهريب النفط عبر الممرات الحدودية والأنفاق التي تخضع لسيطرتها الأمنية، كما هو الحال، في ميناء خور الزبير، الواقع في محافظة البصرة، جنوب العراق، والذي يسيطر عليه تنظيم "عصائب أهل الحق"، إحدى الميلشيات التابعة للحشد الشعبي العراقي، مما تسبب في خسارة العراق لمليارات الدولارات من عوائد المنتجات النفطية، خاصة، وأنّه يعتمد على 95% من دخله القومي على هذه الثروة الطبيعية.

ووثق موقع "لويدز ليست إنتليجنس"، المتخصص في المعاملات البحرية، أنّ أربعين ألف برميل من النفط العراقي، يتم تهريبهم، بواسطة الميليشيات المدعومة من طهران، وموضحاً أنّ "إيران تمكنت من تحميل 2.1 مليون طناً من النفط، في كانون الثاني (يناير) الماضي، وهو ما يقترب من ضعف الكمية، عام 2019، والتي بلغت نحو 1.3 مليون طن".

اقرأ أيضاً: "فورين بوليسي": العراق يسير نحو الانهيار... فهل ينجح الكاظمي في مساعيه؟

ومع تفاقم الوضع السياسي، وتداعياته الاقتصادية الصعبة، قامت الحكومة، قبل أيام قليلة، بالإعلان عن إجراءات اقتصادية مؤثرة؛ حيث خفضت سعر صرف العملة المحلية، بنسبة تزيد على 20%.

وقال البنك المركزي العراقي، إنّه قرر رفع سعر بيع الدولار للبنوك، وشركات الصرافة، إلى نحو 1460 ديناراً، من 1182 ديناراً للدولار الواحد، بغية تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجمة عن تدهور أسعار النفط.

الاقتصاد والفساد السياسي

وتابع البنك المركزي، أنّ السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار هو "سد فجوة التضخم في ميزانية العام 2021، وذلك بعد انهيار أسعار النفط العالمية، حيث إنّ الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا، أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة، وقد جاءت هذه الخطوة الاستباقية لتفادي استنزاف احتياطيات البنك الأجنبية، ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين".

ودشنت بغداد والقاهرة، مؤخراً، اتفاقيات اقتصادية مهمة؛ حيث أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أنّ الشركات المصرية ستنفذ مشروعات تنموية في العراق، وذلك في مقابل الحصول على واردات البترول، كما ستقوم القاهرة بتشكيل لجنة لمتابعة الخطة الاقتصادية المشتركة، خاصة، وأنّ هناك نحو 15 اتفاقية أخرى، تم توقيعها، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

اقرأ أيضاً: التمدّد التركي في العراق.. هل يقف عند حدود الاقتصاد؟

جاءت الاتفاقية الأخيرة بعد اجتماع اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، في بغداد، قبل نحو شهرين، وذلك بين رئيس الوزاء العراقي ونظيره المصري، حيث صرح الأخير بأنّ "انعقاد الجلسة الرئيسية لاجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، يأتي في توقيت بالغ الأهمية، تشهد فيه المنطقة تطورات متلاحقة، تلقي بانعكاساتها على دول المنطقة كافة، وهو الأمر الذي يستدعي تعاون مصر والعراق، وتضافر جهودهما على جميع المستويات، لمواجهة هذه التحديات والمخاطر المشتركة، وذلك من خلال إقامة شراكة استراتيجية، مبنية على الإيمان بوحدة المصير، والمصالح المشتركة، وعمق العلاقات بين الشعبين الضاربة في جذور التاريخ".

مصر والعراق.. الإعمار مقابل النفط

كما كشف رئيس الوزراء المصري عن وجود عدد أكبر من المشاريع المشتركة بين مصر والعراق والأردن، والتي سيجري الكشف عنها وتنفيذها، عقب قمة ثلاثية، مطلع العام 2021.

الصحفي العراقي علي ناجي لـ"حفريات": الصفقة العراقية المصرية جزء من الصفقات التي قامت بها بغداد مع الصين والاردن، فضلاً عن التعاون الاقتصادي مع واشنطن

ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء العراقي على "ثوابت السياسة المصرية تجاه العراق، والتي ترتكز على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وسيادته، ورفض جميع أشكال التدخلات الخارجية في شؤونه، أو الاعتداءات غير الشرعية داخل حدوده"، مشدداً على "تفهم مصر الكامل للخصوصيات السياسية والتاريخية والجغرافية للعراق، والتي تؤهله لأن يكون ساحة لتلاقي المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمي والدولي".

اقرأ أيضاً: تركيا تحتاج إلى زيارة الكاظمي أكثر من حاجة العراق... لماذا؟

وفي حديث لـ"حفريات"، أكد الصحفي العراقي، علي ناجي، أنّ الصفقة العراقية المصرية، تعد جزءاً من الصفقات التي قامت بها الحكومة العراقية مع الصين والاردن، فضلاً عن التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة الامريكية، مؤخراً، بهدف توسيع نشاطها وتبادلها التجاري، بيد أنّ الصفقة مع القاهرة تواجه مجموعة من الأزمات؛ لأنّ بغداد مثقلة بالديون والاقتراضات الداخلية والخارجية، مما جلعها تقوم بإجراءات اقتصادية صعبة، مثل زيادة الضرائب، وتقليل رواتب الموظفين، خاصة، مع ارتفاع سعر الدولار.

الصحفي العراقي علي ناجي

وثمة سؤال، برأي الصحفي العراقي، يتعلق بسبل الحكومة العراقية لتعمير مناطقها عبر الشركات المصرية، وهي مقترضة ثلاث مرات، خلال شهرين فقط، كما ستلجأ للاقتراض، مجدداً، لجهة إجراء الاستحقاقات الانتخابية؛ إذ نفذت حكومة الكاظمي مجموعة إجراءات في إطار محاولات الإصلاح الاقتصادي، التي نجمت عنها خفض قيمة صرف سعر الدينار العراقي أمام الدولار، لتصبح 1470 ديناراً لكل دولار بسعر بيع العملة الأجنبية، وهو ما سوف تظهر انعكاساته على موظفي الدولة، والقطاعات أو الشرائح الوسطى والدنيا في المجتمع العراقي، والمرتبطين بقطاع الدولة.

اقرأ أيضاً: تحليل: إيران من دون العراق ستكون معزولة

ويلفت ناجي إلى أنّ رواتب الموظفين، ستشهد تراجعاً وانخفاضاً كذلك، خاصة، مع زيادة الضرائب المتوقعة، بنسب متفاوتة، حسبما توضح الموازنة العامة للدولة، وهو ما سوف يتسبب في موجة غضب شعبي وعدم استقرار سياسي.

وإلى ذلك، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي: "أنا أول المتضررين من هذه الإجراءات، خاصة، ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية عامة، ستقوم الناس بشتمي، لكني لا أستطيع الضحك عليهم بسبب هدف وغاية انتخابية"، مضيفاً: "البلاد تأسست منذ عام 2003 وحتى الآن على أخطاء تهدد النظامين الاجتماعي والسياسي بالانهيار الكامل ما لم تعالج تلك الأخطاء. نحن نقوم بعملية قيصرية ونخوض مغامرة، حتى لا نخضع لمعادلة الفساد السابقة. إنّنا بحاجة لقرارات صعبة وشجاعة، وهذا ما نحاول القيام به".

كما أعلن وزير المالية العراقي، علي عبد الأمير علاوي، عن زيادة مخصصات الرعاية الاجتماعية، في إطار تدابير ستتخذها الحكومة لتعويض العواقب السلبية على الفقراء، بعد تغيير سعر الصرف.

وقال علاوي في بيان رسمي إنّ "تغيير سعر الصرف سيساهم في تقليل العجز في الموازنة ويساعد الدولة في تحقيق التزاماتها تجاه دفع الرواتب والتقاعد ودعم الفئات الهشة في المجتمع".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية