100,000 جندي روسي على حدود أوكرانيا: هل دقت طبول الحرب؟

100,000 جندي روسي على حدود أوكرانيا: هل دقت طبول الحرب؟


18/01/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

مع وجود ما يقدّر بنحو 100,000 جنديّ روسيّ يعسكرون على الحدود الأوكرانيّة، لم تكن هناك حاجة أكثر إلحاحاً بالنّسبة إلى زعماء روسيا وحلف شمال الأطلسيّ لإيجاد طريقة لحلّ خلافاتهم.

بالرّغم من أنّ الكرملين أنكر باستمرار أنّ لديه أيّ خطط لغزو أوكرانيا، وأنّ القوّات المحتشدة على حدود جارته الجنوبيّة تجري تدريبات عسكريّة روتينيّة، فإنّ المخاوف ما تزال قائمة بشأن الأهداف النّهائية للقوّة الروسيّة.

وتتصاعد التّكهّنات بأنّ روسيا تستعدّ لشنّ غزو واسع النّطاق لأوكرانيا منذ أن بدأت موسكو نشر قوّاتها بالقرب من أوكرانيا، في تشرين الثّاني (نوفمبر)، مع توقّع بعض المحلّلين أنّ الهجوم سيحدث هذا الشّهر.

أيّة محاولة من قِبل أوكرانيا للضّغط من أجل العضويّة بحلف شمال الأطلسيّ ستواجه مقاومة شديدة من قِبل بوتين

تُحذّر واشنطن الآن من أنّ العملية تأجّلت فقط؛ لأنّ المنطقة شهدت شتاء معتدلاً بشكل غير عادي، ممّا دفع الرّئيس الأمريكيّ، جو بايدن، إلى إصدار أمر بتشكيل فريق من خبراء الأرصاد الجويّة للمساعدة في التّنبؤ بموعد الغزو الرّوسيّ المحتمل. وأفاد المسؤولون الأمريكيّون أنّ الطّقس المعتدل نسبيّاً يجعل غزو كانون الثّاني (يناير) غير مرجّح الآن، حيث تُشكّل مناطق واسعة عبر الحدود وبالقرب من خطّ المواجهة مستنقعاً موحلاً، ممّا يوفّر ظروفاً أقلّ من مثاليّة للقتال.

طائرات هليكوبتر وطائرات مقاتلة

ومع ذلك، فإنّ القرار الروسيّ، الذي اتُّخذ في وقت سابق من هذا الأسبوع، بنقل طائرات هليكوبتر وطائرات مقاتلة باتّجاه الحدود الأوكرانيّة لم يعزّز الآمال في تخفيف حدّة التّوترات في المنطقة.

 

اقرأ أيضاً: هل يرسل بايدن قوات أمريكية إلى أوكرانيا؟.. وماذا عن فرض عقوبات على روسيا؟

تأتي هذه الخطوة في أعقاب التّدخل العسكري الروسيّ الأخير في كازاخستان، والّذي وصفته موسكو بـ "مهمّة حفظ سلام"، الذي يُنظر إليه على أنّه دليل واضح على رغبة الكرملين في التصرّف بطريقة حاسمة عندما يتعلّق الأمر بالدّفاع عمّا يعتقد أنّه مصالحه الخارجيّة.

تتصاعد التّكهّنات بأنّ روسيا تستعدّ لشنّ غزو واسع النّطاق لأوكرانيا منذ أن بدأت موسكو نشر قوّاتها بالقرب من أوكرانيا، مع توقّع بعض المحلّلين أنّ الهجوم سيحدث الشّهر الجاري

أدّى النّشاط المتزايد على الحدود الأوكرانيّة بالتّأكيد إلى زيادة التّوترات في وقت تُبذل فيه جهود دبلوماسيّة مكثّفة لتهدئة الموقف، مع مشاركة مسؤولين روس وغربيّين في سلسلة من المحادثات رفيعة المستوى على مدار الأسبوع.

عُقدت المحادثات بعد أن طرحت روسيا مجموعة من المطالب الخلافيّة، في نهاية العام الماضي، والتي سعت إلى الحدّ من أيّ امتداد لنفوذ حلف شمال الأطلسيّ في دول كانت أعضاء سابقاً في الاتحاد السوفييتي، مثل أوكرانيا.

الرّئيس الأوكرانيّ، فولوديمير زيلينسكي

كان على رأس مطالب موسكو أن يقدّم حلف شمال الأطلسيّ التزاماً بأنّ دولاً مثل أوكرانيا وجورجيا، ودول سوفيتيّة سابقة أخرى، لن يُسمح لها أبداً بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسيّ. إضافة إلى ذلك، تدعو روسيا الحلف إلى الحدّ من عمليّاته العسكريّة في أوروبا الشّرقيّة، التي تراها موسكو تهديداً مباشراً لأمنها.

التوترات تتصاعد

تصاعدت التّوترات بين روسيا والغرب بشكل مطّرد منذ العمل العسكريّ الذي شنّته موسكو عام 2014 ضدّ أوكرانيا، ما أدّى إلى الاستيلاء على شبه جزيرة القرم وضمّها، وهي الخطوة الّتي أدّت إلى تعرّض موسكو لعقوبات واسعة النّطاق.

 

اقرأ أيضاً: ما لا تخبرنا به الصراعات الجارية في أوكرانيا وسوريا وليبيا وناغورنو-قاراباخ عن مستقبل الحرب

تتمتّع أوكرانيا حالياً بوضع الشّريك مع حلف شمال الأطلسيّ، وقد أعرب الرّئيس الأوكرانيّ، فولوديمير زيلينسكي، عن رغبته في أن يصبح البلد عضواً كاملاً في الحلف، وهي خطوة من شأنها أن تلزم التّحالف بحماية سلامة أوكرانيا السّياديّة.

 

اقرأ أيضاً: شرق أوكرانيا... هل يصبح أولى ساحات المواجهة بين روسيا وأمريكا في عهد بايدن؟

عامل مهمّ آخر في النّزاع هو أنّه بموجب شروط "مذكّرة بودابست" لعام 1994، التي وقّعتها أوكرانيا، جنباً إلى جنب مع بيلاروسيا وكازاخستان، مع "منظّمة الأمن والتّعاون في أوروبا"، وافق الغرب على تزويد البلاد بضمانات أمنيّة مقابل تخلي كييف عن أسلحتها النّوويّة.

لكنّ أيّة محاولة من قِبل أوكرانيا للضّغط من أجل العضويّة بحلف شمال الأطلسيّ ستواجه مقاومة شديدة من قِبل بوتين، الّذي يرى أنّ أوكرانيا تقع تاريخيّاً ضمن دائرة نفوذ موسكو ويعارض بشدّة هذه الخطوة.

المخاوف ما تزال قائمة بشأن الأهداف النّهائية للقوّة الروسيّة

كما أنّ قضيّة أوكرانيا ليست القضيّة الوحيدة التي أدّت إلى زيادة التّوترات مؤخّراً بين موسكو والغرب. بصرف النّظر عن السّعي للحدّ من استمرار توسّع الحلف في أوروبا الشرقية، وهي العمليّة الّتي بدأت مع انهيار الاتّحاد السوفييتي، يعتقد الدبلوماسيّون الغربيّون أنّ سلوك روسيا على حدود أوكرانيا يهدف أيضاً إلى رفع العقوبات عن اقتصادها. تضغط موسكو أيضاً على أوروبا للموافقة على تشغيل خطّ أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، المثير للجدل، والذي يمتدّ من روسيا إلى ألمانيا، ليُصبح جاهزاً للعمل.

لماذا يرفض الغرب مقترحات موسكو؟

ومع ذلك، فشلت الآمال في تحقيق أيّ اختراق فوريّ في المواجهة حتّى الآن بعد أربع ساعات من المحادثات بين حلف شمال الأطلسيّ والمسؤولين الرّوس في بروكسل، والتي انتهت يوم الأربعاء، برفض القادة الغربيّين رفضاً قاطعاً لمطالب موسكو بعدم توسيع عضويّة الحلف وسحب قوّاته من أوروبا الشرقية.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسيّ، ينس ستولتنبرغ: نقلنا رسالة إلى روسيا مفادها أنّه إذا استخدمت القوّة العسكريّة فستكون هناك عواقب وخيمة؛ عقوبات اقتصاديّة، وعقوبات سياسيّة

بعد الاجتماع الذي أعقب جلسة سابقة من المحادثات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسيّ، ينس ستولتنبرغ؛ إنّ الدّول الحليفة مصرّة على أنّها لن توافق على طلب روسيا بضمان عدم انضمام أوكرانيا وجورجيا أبداً إلى الحلف، ولن تسمح لموسكو بملء المكان الذي تختار الدّول الحليفة نشر قوّاتها فيه.

قال ستولتنبرغ: "يمكننا مناقشة العديد من القضايا ولكن لا يمكننا مناقشة بعض المبادئ الأساسيّة"، وأضاف: "هناك خطر حقيقيّ من نشوب صراع مسلّح جديد في أوروبا. إنّنا نراقب الوضع عن كثب؛ لذلك نقلنا أيضاً رسالة إلى روسيا مفادها أنّه إذا استخدمت القوّة العسكريّة فستكون هناك عواقب وخيمة؛ عقوبات اقتصاديّة، وعقوبات سياسيّة".

أصدر الرّئيس الأمريكيّ، جو بايدن، أمراً بتشكيل فريق من خبراء الأرصاد الجويّة للمساعدة في التّنبؤ بموعد الغزو الرّوسيّ المحتمل

وكما قال ستولتنبرغ؛ فإنّه خلال المحادثات في مقر الحلف في بروكسل اقترح مسؤولو الحلف سلسلة من الاجتماعات الإضافيّة، لكن الرّوس لم يقبلوا ولم يرفضوا العرض.

في الوقت الحالي، من المقرّر أن تستمر الجهود الدبلوماسيّة لحلّ الأزمة؛ حيث يتصدّر النّزاع جدول أعمال اجتماع "منظّمة الأمن والتّعاون في أوروبا"، يوم الخميس، في فيينا، حيث يسعى المجلس الدّائم لأكبر هيئة أمنيّة في العالم، والتي تضمّ 57 دولة عضو، إلى كسر الجمود.

في مقابلة مع قناة "دوزهد" التلفزيونية الرّوسيّة المستقلّة، قلّل مايكل كاربنتر، سفير الولايات المتّحدة لدى "منظمة الأمن والتّعاون في أوروبا"، من أيّة احتمالات فوريّة لتحقيق اختراق في المحادثات.

 

اقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا: طبول الحرب تقرع... وأمريكا وأوروبا تتوعدان

قال: "لا أعتقد أنّه ستكون هناك أيّ نتائج ملموسة هذا الأسبوع"، وأضاف: "هدفنا الأساسيّ، من حيث المبدأ، إقامة حوار. نعم، مواقفنا متناقضة، لكن هذا لا يعني أنّه لا توجد عناصر ومجالات لا يمكننا الاتّفاق عليها".

ومع ذلك، مع وجود الكثير على المحكّ، فمن الواضح أنّه من مصلحة كلا الجانبين حلّ خلافاتهما إذا أردنا تجنّب صراع كارثيّ محتمل في أوكرانيا.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

كون كوغلين، ذي ناشونال، 13 كانون الثّاني (يناير) 2022

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2022/01/13/the-window-for-diplomacy-in-russia-nato-tensions-is-closing/



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية