أوساط تونسية تحذر من توظيف النهضة للأئمة في الانتخابات

أوساط تونسية تحذر من توظيف النهضة للأئمة في الانتخابات


06/03/2018

وسام حمدي

تعالت أصوات الأحزاب التقدمية واليسارية والمثقفين المحذرة من مساعي حركة النهضة الإسلامية المراهنة مجددا على الأئمة ورجال الدين إما بترشيحهم لترؤس قوائمها الانتخابية وإما بإجبارهم على التفرغ لاستغلال المساجد كأبواق دعائية لها خلال الحملات الانتخابية، قبل شهرين من تنظيم تونس أول انتخابات محلية عقب ثورة يناير 2011 والمزمع إجراؤها في 6 مايو المقبل.

واستبقت وزارة الشؤون الدينية في تونس تأكيد هذه المخاوف عبر إعلان الوزير أحمد عظوم أنه تم إعفاء خمسة عشر إماما من الصعود على المنابر لإلقاء خطب الجمعة بصفة مؤقتة إلى فترة ما بعد الانتخابات البلدية القادمة.

وموازاة مع الإجراءات الحكومية المتخذة لتحييد المساجد ورجال الدين خلال الانتخابات البلدية المرتقبة، تضاربت الأنباء في الساحة السياسية حول عدد الأئمة الذين يترأسون قوائم انتخابية لحركة النهضة والذين تم قبول ترشحاتهم بصفة نهائية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وأكدت شخصيات سياسية تونسية، ومنها الدبلوماسي السابق سمير عبدالله، في تدوينات على صفحات التواصل الاجتماعي وجود ما بين 20 و25 إماما خطيبا ترشحوا للانتخابات البلدية صلب قوائم حركة النهضة.

ونفى نوفل الجمالي النائب والقيادي عن حركة النهضة، لـ”العرب”، إمكانية وجود أئمة ضمن القوائم الانتخابية لحركة النهضة حيث قال “لا أعتقد أن هناك أئمة ترشحوا للانتخابات صلب قوائم حركة النهضة”.

وأكد الجمالي أن الجدل الذي أثير حول ترشح عدد من الأئمة للانتخابات أو محاولة تصنيفهم كمرشحين عن النهضة يدخل في خانة الحملات الانتخابية للعديد من الأحزاب التي لا هم لها في البلاد سوى مخاصمة النهضة أو بناء مشاريعها وبرامجها على معاداتها. لكن عماد الخميري الناطق الرسمي باسم حركة النهضة أكد، لـ”العرب”، وجود البعض من الأئمة ضمن قوائم حركة النهضة إذ أفاد بأن “كل القوائم الانتخابية لحركة النهضة في الانتخابات البلدية تضم بنسبة 99.99 بالمئة مواطنين عاديين أما النسبة المتبقية فيمثلها أئمة خطباء بالمساجد”.

وأوضح الخميري أنه يوجد بين المرشحين عن حركة النهضة للانتخابات البلدية المقبلة اثنان أو ثلاثة فقط من سلك الأئمة، مضيفا أن الإمام الخطيب مواطن كبقية المواطنين ومن حقه المشاركة في الحياة العامة والانتخابات.

ونفى الخميري صحة الأرقام التي تشير إلى وجود أكثر من 25 إماما ضمن قوائم حركة النهضة، حيث قال “لا أعتقد أن هذا العدد صحيح بدرجة كبيرة”.

وأكد أن حزبه اتخذ حتى قبل الإجراءات التي مضت في تنفيذها  وزارة الشؤون الدينية قرارا بوجوب إبعاد أي إمام يترشح صلب قوائمها الانتخابية عن مهام الإمامة، إلى أن تتضح الرؤية بشأن فوزه أو فشله في الاستحقاق المحلي عندما تصدر هيئة الانتخابات النتائج النهائية.

واعتبر مراقبون أن مواصلة مراهنة حركة النهضة على الكوادر الدينية في المعارك السياسية تؤكد مرة أخرى فشلها أو عدم إرادتها في فصل الدعوي عن السياسي، بعد أن أعلنت عن اتخاذ هذه الخطوة منذ مؤتمر الأخير في مايو 2016.

واتخذت وزارة الشؤون الدينية إجراءات وقائية تشمل إعفاء كل الأئمة المرشحين للانتخابات البلدية من مهامهم بشكل مؤقت، لكن رغم ذلك لم يخف جل الفاعلين السياسيين توجساتهم من تواصل توظيف المساجد ودور العبادة لمصلحة حركة النهضة على شاكلة ما حصل في محطات انتخابية سابقة في عام 2011 أو الانتخابات التشريعية والرئاسية في عام 2014. وقال زهير حمدي الأمين العام لحزب التيار الشعبي (حزب قومي وأحد مكونات الجبهة الشعبية)، لـ“العرب”، إن “ترشيح حركة النهضة لعدد من الأئمة ضمن قوائمها الانتخابية يؤكد ما أشرنا إليه في الكثير من المرات أنها لم تستطع التخلص من إرثها الديني وأنها لا تريد التخلص من الدعوي والتخصص في العمل السياسي”.

وأضاف مشددا على ضرورة أن تفصل الدولة في هذه المسألة بصفة قانونية تؤدي إلى القطع نهائيا مع الزج بالمساجد وبرجال الدين في معارك انتخابية، مشيرا إلى أن ذلك لا يكون إلا عبر تحييد الأئمة ومنعهم من الترشح للانتخابات.

وأكد حمدي أن الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الشؤون الدينية بإعفاء الأئمة من أداء مهامهم وعدم إلقاء خطب الجمعة إلى فترة ما بعد الانتخابات “لا تعتبر حلا ناجعا”، معتبرا أنه كان من الضروري إعفاءهم بصفة نهائية “لأنه بإمكانهم العودة في ما بعد إلى الإمامة وترؤس المجلس البلدي في نفس الوقت”.

وحذر من مخاطر مواصلة حركة النهضة توظيف المساجد لخدمة أجنداتها الانتخابية لا فقط عبر ترشيح أئمة صلب قوائمها، بل بجعل المساجد إطارا ناطقا باسمها وقد يوجه الرأي العام لمصلحتها عبر الزج برجال الدين في شتم وسب الخصوم السياسيين مثل ما حصل في العامين 2011 و2014.

وأضاف حمدي “لا نستغرب أبدا من مواصلة مراهنة حركة النهضة على الكادر الديني في خطاباتها السياسية”، موضحا أنه بالنسبة لها كل الطرق مشروعة للسيطرة على المشهد السياسي في تونس بدليل أنها رشحت أيضا ضمن قوائمها الانتخابية العديد من وجوه النظام القديم الذي تتظاهر علنا بمعاداته ونبذه.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية