هل تحتضن ألمانيا حركة فتح الله غولن؟

هل تحتضن ألمانيا حركة فتح الله غولن؟


16/07/2018

تحظى حركة التركي المتهم بالتخطيط لمحاولة الانقلاب على أردوغان، في 15 تموز (يوليو) 2016، فتح الله غولن، في ألمانيا بتعاطف كبير في وسائل الإعلام والسياسة، حتى لدى الكنائس الكبرى، وفق تحريات قامت بها وكالة "دويتشه فيله".

الاستخبارات الألمانية تتعامل مع حركة غولن على اعتبار أنّها جمعية مدنية للتكوين الديني والعلماني

في المقام الأول يُنظر لأنصار الحركة كضحايا لأردوغان، فبالنسبة إلى مدير الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND)، برونو كال، يتعلق الأمر فقط "بجمعية مدنية للتكوين الديني والعلماني".

هذه اللامبالاة تجاه حركة فتح الله غولن، يجسدها أيضاً جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني: باقتراح من وزير الداخلية في ولاية راينلاند-بفالز عكفت في العام 2014 مجموعة عمل لعدة فروع للمخابرات الداخلية في الولايات الألمانية على مراقبة الحركة، وتوصلت إلى نتيجة مفادها "لا توجد أدلة كافية على وجود تطلعات معادية للدستور". لكن في الوقت نفسه تبين، إثر معلومات من وزارة الداخلية في راينلاند-بفالز، خلال التحقيق، أن كتابات غولن تضمّ "فقرات تحتاج إلى البحث فيها بعين نقدية، من بينها حرية المعتقد، ومجال تطبيق الدين في الحياة العامة، والموقف من الملحدين".

وتتهم البرلمانية من حزب اليسار، أولا يلبكه، الحكومة الألمانية بـ "حماية" حركة غولن، وحتى الأعضاء الذين من المحتمل أنهم ارتكبوا جرائم في تركيا. وقدمت العضو في لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان، وبشكل متكرر، عدة طلبات إحاطة بما يخص التعامل مع الحركة، لكن يلبكه ترفض تسليم عناصر من الحركة إلى تركيا، لأن المتهمين لن يتلقوا محاكمات عادلة هناك "لكن يمكن محاكمتهم هنا"، بحسب ما ترى السياسية اليسارية.

الحكومة الألمانية تعلن رسمياً أنها لا تؤوي قادة عسكريين متهمين بالتخطيط للانقلاب على أردوغان

وتدعي تركيا أن العديد من المسؤولين عن المحاولة الانقلابية في صيف 2016، هربوا إلى ألمانيا، وفي منتصف تموز (يونيو)، نشرت صحف تركية عنوان منزل في حي نويكولن البرليني، حيث يقيم فيه أحد المخططين المفترضين للانقلاب: عادل أوكزوس؛ الذي يقال إنّه "كإمام لسلاح الجو" أصدر أوامر لضباط موالين له للتحرك في المحاولة الانقلابية الفاشلة. وتكشف تسجيلات عن وجوده في ليلة الانقلاب في قاعدة لسلاح الجو بالقرب من أنقرة. وتطالب الحكومة التركية بتسليمه، وتعلن الحكومة الألمانية رسمياً أنها لا تعلم ما إذا كان عادل أوكزوس يوجد في ألمانيا، لكن تم فتح تحقيقات بالأمر، وقال شخص يسكن في المنزل: إنّه "قابل رجلاً في المنزل يشبهه كثيراً"، وتفيد صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" بأنّ أوكزوس نقلته السلطات إلى مكان آمن.

وتنفي حركة غولن التورط في أي جرائم عنف، وتقول إنها تنشط فقط في مجالات الحوار والتعليم، لكن حتى في ألمانيا خسرت الحركة بعد المحاولة الانقلابية الكثير من المساندين، وثلاثة من 30 مدرسة تابعة لغولن أغلقت أبوابها، لأن الآباء الأتراك سحبوا أبناءهم منها، كما تم حلّ حوالي 85 من أصل 170 مؤسسة تقدم دروس تقوية للطلاب والتلاميذ، وبعد ذلك أخذ هذا التوجه يتغير ببطيء، إذ تمكنت ثانوية في برلين من رفع عدد تلاميذها مجدداً.

طلب نحو 10000 مواطن تركي الحصول على اللجوء في ألمانيا، خلال عامي 2017  و2018

تستفيد هذه المؤسسات من آلاف أعضاء الجماعة الدينية الهاربين إلى ألمانيا من تركيا، بينهم موظفون حكوميون سابقون ومعلمون ورجال أعمال. ففي عام 2017 وحده قدم نحو 8000 مواطن تركي طلب الحصول على اللجوء، وفي الشهور الثلاثة الأولى لهذا العام نحو 2000 مواطن. وهؤلاء القادمون الجدد يلقون الرعاية من جمعيات ومؤسسات مقربة من غولن، ويحصلون على المشورة القانونية والمساعدة للالتحاق بدروس اللغة، وإيجاد فرص عمل، ومنازل للسكن، ونسبة الاعتراف بحق اللجوء لهؤلاء، بحسب ما تقول الحركة، "عالية"؛ ففي برلين تصل إلى نحو 90%.

وفي مقابلة مع القناة الأولى للتلفزة الألمانية؛ حذر عضو سابق في حركة غولن السلطات الألمانية من التعامل غير الانتقادي مع هذه "الطائفة"؛ فهي تملك "بنية هيكيلية موازية سرية"، "الشكل الخارجي" لا يتطابق مع الواقع: "ليست مجالس إدارة النوادي والجمعيات من تملك السلطة، بل الأئمة هم من يملكونها، وهؤلاء الأئمة ينحدرون من تركيا، ويتم نقلهم تحت ذرائع مختلفة إلى ألمانيا، كصحفيين أو محاسبين، ويمكثون نحو ثلاثة أعوام هنا".

وتعتزم حركة غولن مواجهة الاتهامات في ألمانيا بمزيد من الشفافية، ولا سيما "جمعية الحوار والتعليم" مع رئيسها إركان كاراكويون، التي تجتهد منذ الانقلاب للترويج في وسائل الإعلام الألمانية لتصوير حركة غولن كمشروع مضاد لنظام أردوغان، ويقول كاراكويون إنّ قيمها الدينية متوافقة مع الغرب.

وحتى الكنائس في ألمانيا لا تجد مشكلة في التعامل مع حركة غولن، ودار هردر للنشر الكاثوليكية تصدر منذ أعوام كتباً من تأليف فتح الله غولن وأنصاره، وليس عجباً أن يقول إركان كاراكويون: "ألمانيا في طور التحول إلى مركزنا الجديد".

حركة غولن تعتزم مواجهة الاتهامات في ألمانيا بمزيد من الشفافية وتجتهد لتصوير الحركة كمشروع مضاد لأردوغان

وتتهم الحكومة التركية ما تُسمى حركة "خدمة" التابعة للداعية الإسلامي فتح الله غولن، بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية، في 15 تموز (يوليو) 2016، التي قُتل فيها أكثر من 290 شخصاً. وتوجد عدة قرائن على مشاركة الحركة في تلك المحاولة الانقلابية، إلا أن الحكومة التركية لم تقدم إلى يومنا هذا دلائل قاطعة على ذلك التورط.

وبعد المحاولة الانقلابية، حصلت حملة تطهير لا مثيل لها في تركيا: حوالي 100 ألف شخص تم تسريحهم من الوظائف الحكومية، وتم اعتقال 40 ألفاً آخرين، وغالبيتهم كانوا أعضاء مفترضين أو فقط متعاطفين مع حركة غولن، وأُجبر عشرات الآلاف على الهرب من البلاد. والكثير من المدارس المقربة من غولن الموزعة في أماكن كثيرة من العالم، وعددها نحو 800 مدرسة، في 150 دولة، أُجبرت على الإغلاق ليس فقط في تركيا؛ بل في بلدان إسلامية أخرى مثل؛ كوسوفو وماليزيا، وجرى بضغط من الحكومة التركية إغلاق تلك المدارس وطرد المعلمين.

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية