"الفنادق الحلال" في تونس: تجارة للربح أم مخطط لأسلمة المجتمع؟

تحقيقات

"الفنادق الحلال" في تونس: تجارة للربح أم مخطط لأسلمة المجتمع؟


13/08/2018

تحقيق : حنان جابلي


يحلو لبعضهم أن يسميها "السياحة الحلال"، ويروق للبعض الآخر أن يطلق عليها "السياحة الإسلامية"، ويعتبرها أغلب التونسيين نمطاً دخيلاً على المجتمع. ويقصد بهذا المصطلح، الوافد على عالم السياحة: الفنادق والمنتجعات السياحية التي لا تقدم برامج أو وجبات ومأكولات أو أنشطة مخالفة للشريعة الإسلامية، وفي صدارة الممنوعات الخمور، ولا يسمح لغير المتدينين، وغير المحجبات، أو غير المنقبات بدخولها.
وتروّج هذه الفنادق إلى أنها توفر مرافق ترفيه مُنفصلة للرجال والنساء، وتؤمّن مناطق شاطئية خاصة للنساء فقط، ومناطق شاطئية مُختلطة للعائلات مع مراعاة السباحة بالزي الإسلامي.

إدراج مفهوم "الفنادق الحلال" من قبل حركة النهضة  ليس أمراً اعتباطياً أو مجرد تحركات تحكمها العاطفة نحو الدين

وقد يكون بديهياً أن يبحث التونسيون عن فنادق تقدم الطعام الحلال في الدول غير المسلمة، ولكن ما يثير التساؤلات ظهور هذا النوع من الفنادق، هل يعني ذلك أنّ بقية الفنادق التي يرتادونها عادة حرام، أم أنها لا تقدم وجبات طعام حلال؟
المعطيات التاريخية تشير إلى أن "السياحة الحلال" في تونس بدأت في السنوات الأخيرة بعد الثورة، وتحديداً سنة 2012، حين قامت مجموعة من نشطاء المجتمع المدني والأئمة وجمعيات قرآنية من محافظة صفاقس جنوب البلاد، بدعوة أشخاص وعائلات إلى التجمع والاتفاق مع أحد الفنادق التي تعاني مشاكل مادية على تشغيلها لفترة معينة، شريطة أن يلتزم بضوابط هذه "السياحة الإسلامية" خلال فترة بقائهم، الأمر الذى أثار موجة غضب شعبية ضد هذا التوجه، محذرين من تأثيرها على هوية الدولة.
تمت دعوة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في احتفالية افتتاح الفندق

صناعة سياسية
اهتم بهذا النوع من السياحة فيما بعد أصحاب الفنادق، الذين قرروا غلق أبوابها خلال الصيف بسبب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بهذا القطاع منذ عام 2015، حيث يتم فتح هذه الوحدات السياحية بشروط ومعايير تستجيب لخصوصية عملائه من العائلات المحافظة والمتدينة، على غرار منع تقديم الخمور، وغياب مظاهر أخرى كارتداء "البيكيني"، أو استعمال الموسيقى الصاخبة، كما يمنع الاختلاط بين الجنسين، ويخصص حمام سباحة خاص للنساء وآخر للرجال، فيما ينظم مساء سهرات دينية ويخصص أماكن لأداء الصلاة،.
ولقيت هذه الحملة الدعائية  لهذا الصنف رواجاً واسعاً من قبل الأحزاب الإسلامية في تون،س وأهمها حركة النهضة الإسلامية، وقد أشعل الإشراف العلني الأخير لزعيمها راشد الغنوشي رفقة قياديين في حركته، على الافتتاح الرسمي لفندق سياحي بمدينة ياسمين الحمامات بداية حزيران (يونيو) الماضي وتقديمه صبغة الفندق على أنه "حلال"، الجدل في البلد.

أساليب الدعاية للفنادق الحلال خطوة استباقية لتنفيذ برامج دولة الخلافة الإسلامية، لاسيما مع الدعوات المتكررة لفصل الإناث عن الذكور

و أثنى الغنوشي، خلال كلمة ألقاها بالمناسبة، على المشروع والمبادرة، معتبراً أنّ الترفيه والحداثة لا يتناقضان مع القيم الإسلامية.
الخبر تناقله العشرات من رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بمزيج من الانتقاد والسخرية، من العودة بتونس إلى مربع الجدل بشأن الهوية، ومحاولة ضرب قطاع السياحة، مرة أخرى.
واعتبر بعضهم أنها متاجرة بالدين، معترضين على إطلاق تسمية “حلال” التي توحي بأن الفنادق الأخرى التي يرتادها التونسيون عادة هي "حرام"، فيما رأى آخرون أنه مجرد مشروع تجاري يحاول الاستفادة من الدعوة الدينية، لأنّ علامة "حلال"، تجذب فئة كبيرة من السياح.

اقرأ أيضاً: كيف وصلت السلفية المتشددة إلى تونس؟
وفي تصريحات صحفية، قال صاحب النزل، وهو مستثمر شاب في مجال السياحة والفندقة، إنه قام بدعوة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في احتفالية افتتاح الفندق، الذي اختار له صبغة عائلية يمنع فيها تقديم المشروبات الكحولية، معتبراً أنّ مثل هذا النوع من السياحة العائلية بات يستقطب شرائح مهمة من السياح التونسيين والجزائريين على وجه الخصوص.
وتابع: "حرصت على حضور الشيخ راشد الغنوشي في الاحتفالية، التي أقمتها رفقة ثلة من قياديي الحركة، لعدة اعتبارات، أولها المكانة، التي يحظى بها الشيخ باعتباره شخصية وطنية، إضافة إلى أنّ دعمه لنا ولمشروعنا السياحي العائلي أمر مهم جداً"، حسب قوله.
نمط دخيل على المجتمع

"السياحة الحلال" هدفها البزنس
ويتفق أغلب التونسيين على أنّ "السياحة الحلال" نمط دخيل على المجتمع ولها غايات وأهداف سياسية لحركة النهضة الإسلامية التي تحاول تشديد قبضتها على الحكم، وبسط نفوذها السياسي  .
واستغرب جل الذين أجرت "حفريات" مقابلات معهم إدراج مفهوم سياحة الحلال في تونس، موضحين أنّ هذه المصطلحات تقف حولها أجندات سياسية إسلامية تسعى إلى ضرب هوية التونسيين وخلق باب التفرقة بهدف تحقيق الربح المادي.
كما يؤيد تسعة أشخاص من رواد وسائل التواصل الاجتماعي من بين عشرة سألتهم "حفريات" عن موقف وزيرة السياحة والصناعات التقليدية التونسية، سلمى اللومي الرقيق، التي شددت في أكثر من تصريح إعلامي، على أن تسمية سياحة "حلال" غير موجودة في تونس، وليست لها علم بوجودها، وأن هذه التسمية غير واردة في وزارة السياحة، حسب قولها.

اقرأ أيضاً: توسع تركي على حساب الاقتصاد التونسي المنهك
ويوافق سبعة أشخاص من بين عشرة، سألتهم "حفريات" عبر "فيسبوك" و"تويتر" موقف المندوبة الجهوية للسياحة بنابل، رداً على الاتهامات الموجهة إليها بالترويج لـ "السياحة الحلال" على إثر حضورها افتتاح "فندق حلال" بالحمامات، رفقة راشد الغنوشي، أنّ "مفهوم السياحة الحلال غير موجود في تونس بتاتا"، فيما رفض ثمانية أشخاص من بين عشرة سئلوا عن موقف مسؤولة جهوية عن السياحة حول تشجيع هذا النوع من الاستثمار بالمحطة السياحية ياسمين الحمامات، واعتبروا أنه يفرق بين التونسيين.
ويشير مختصون في المجال إلى أنّ افتتاح فنادق تحمل هذه العلامة  "أمر غير مقبول ولا يوجد أي إطار قانوني ينظم مثل هذا النوع من النزل في تونس، ويجب إيجاد حل لهذا الأمر واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع وزارتي السياحة والداخلية.".
و يرى المحلل السياسي والاعلامي عبد الجبار المدوري في تصريح لـ"حفريات" أنّ هذا النوع من السياحة، الذي تروج له بعض النزل والمؤسسات، هو "نمط دخيل على الواقع التونسي"، مشيرا إلى أن "صعود حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم بعد الثورة ساعد في ذلك".
ويضيف أن ما شجع على انتشار هذا النوع من السياحة هو "الربح السهل الذي توفره بأقل التكاليف في ظل صمت السلطات الرسمية وعدم تدخلها لتنظيم القطاع وفق المعايير المتعارف عليها، ومحاسبة المخالفين".

اقرأ أيضاً: جهادي تونسي وجد نفسه أكثر تطرفاً من "داعش" فاختار الفرار
وعبر المدوري عن تخوفه من الانعكاسات وصمت السلطات التونسية التي لم تتدخل لفرض احترام الحريات الفردية في المؤسسات السياحية بما في ذلك حرية اللباس والأكل والشرب بعيداً عن التصنيف العقائدي والطائفي.
من جهته، اعتبر منصور العبدولي صاحب وكالة أسفار، في تصريح لـ"حفريات"، أنّ هذا النوع من السياحة سيجلب فئة معينة من السياح المحليين ممن يريدون أن يثبتوا أنهم ملتزمون دينياً، وهم في الحقيقة غير ذلك، فضلاً عن الفئة التي تلتزم بضوابط الدين ليس قناعة بل من أجل إقناع الآخرين بأنها متدينة.
وأضاف أنّ السياحة "الحلال"، تجربة جديدة في تونس، قد تحقق عائدات محلية، لكنها لن تكون مصدراً لإدخال العملة الصعبة للبلاد، لأنها لن تجذب السياح الأجانب، باستثناء السياح الجزائريين والليبيين.
وأكد العبدولي أن السياحة "الحلال"، علامة تجارية بامتياز، والدليل على ذلك، أنّ فندقاً في جربة فتح أبوابه السنة الماضية على أنه "حلال"، لكنه غيّر علامته التجارية هذا الموسم وأصبح فندقاً عادياً، لأنه لم يحقق الأرباح التي توقعها بعلامة "حلال".
 تستقبل المحجبات والمنقّبات والعائلات المتدينة وتمنع الاختلاط بين الجنسين

تداعيات على تركيبة المجتمع والأمن القومي
تجربة الفنادق الحلال التي تمنع الخمور والتي تستقبل المحجبات والمنقّبات والعائلات المتدينة، ولا توزع الخمور، وتمنع الاختلاط بين الجنسين، قد تخلق مشاكل كبرى، خاصة أنها تحاول استرجاع اقتصادها المتهاوي، وأمنها المهدد، وقد يكون لها تأثيرات سلبية ليس على القاعدة الاقتصادية فحسب، بل تشمل حدود الأمن القومي .
تبعات هذه الخطوة سترفع الاحتياطات الأمنية التونسية أكثر للتصدي للمتطرفين دينياً، والذين يمكنهم استغلال هذه الفنادق لتنفيذ هجمات إرهابية، وهو ما يثير حفيظة وزارة السياحة التونسية التي تسعى إلى تلميع صورة تونس التي عرفت كساداً اقتصادياً منذ وصول حركة النهضة للحكم، خاصة في ظل تحذيرات الدول الأوروبية لمواطنيها بعدم التوجه إلى تونس؛ خشية  تنفيذ عمليات إرهابية مرتقبة.

اقرأ أيضاً: النساء بين تطور القانون في تونس والارتهان للنص في مصر
ويخشى محللون في الشأن السياسي، أن تستغلّ حركة النهضة التي ذكرت منذ أشهر في اجتماع الكونغرس، وصنّفت في باب الأحزاب التي تتبنى فكر الإخوان المسلمين، "السياحة الحلال" لتكون بمثابة نسخة مشروع قانون التوبة الذي سبق أن دعمه رئیس حركة النھضة راشد الغنوشي، الذي أشار أنذاك إلى أنه يهدف إلى إعادة استيعاب الشباب العائد من بؤر التوتر، بما أنّ هذه الفنادق ستكون وجهة للمتشددين الذين، سيصعب تعقبهم داخل فنادق سياحية لتنفيذ هجماتهم، وهو ما سيسهل عليهم القيام بعمليات إرهابية تستهدف ضرب القطاع السياحي.
وكانت تونس قد تعرضت لثلاث هجمات كبرى في عام 2015 استهدفت سيّاحاً في منتجع بمدينة سوسة ومتحف باردو، وأسفرت عن مقتل عشرات السياح الغربيين.

اقرأ أيضاً:هكذا يتحوّل الشباب العاطل عن العمل في تونس إلى "قنبلة موقوتة"
وفي هجوم آخر وقع في نهاية 2015 قُتل خلاله 14 عوناً من الحرس الرئاسي، عندما فجّر مهاجم حافلتهم، وبقيت تونس في حالة طوارئ منذ ذلك الوقت.
كما يخشى مراقبون للشأن التونسي، من التداعيات السلبية لهذا النوع من السياحة الذي سيفتح المجال لتحريم وتحليل الفنادق، مما قد يؤثر على تدفق السياح الأجانب، خاصة في ظل تراجع قيمة الدينار التونسي مقابل الدولار واليورو، وتراجع مكانة السياحة.
أساليب الدعاية لهذه الفنادق خطوة استباقية لتنفيذ برامج دولة الخلافة الإسلامية

"تجارة بالدين"
أساليب الدعاية لهذه الفنادق، هي في نظر مراقبين، خطوة استباقية لتنفيذ برامج دولة الخلافة الإسلامية، لاسيما مع الدعوات المتكررة لفصل الإناث عن الذكور في قطاع مقاعد الدراسة ووسائل النقل العامة، والدفع نحو تنفيذ برنامج الإخوان المسلمين عبر ضرب النسيج المجتمعي، وتغيير النمط السائد، الذي ينتهج خطاب التحريم وتكفير الآخرين، وهو ما أسفر عن أحداث دموية عاشتها تونس في أسوأ  فترة منذ وصول حركة النهضة الإسلامية للحكم.
وأسفرت مواجهات بين فصيلها الشبابي بالكليات الجامعية مع منظمة الاتحاد العام لطلبة تونس اليساري عن إغلاق الكليات، وأنذر بسنة جامعية بيضاء، كما أدى خطابها السياسي الذي دعا الى استئصال المعارضين العلمانيين، إلى اغتيال قياديين بالجبهة الشعبية اليسارية، منهم النائب محمد البراهمي، وشكري بلعيد، ولطفي نقض.

تروّج هذه الفنادق إلى أنها توفر مرافق ترفيه مُنفصلة للرجال والنساء، وتؤمّن مناطق شاطئية خاصة للنساء فقط

وفي استبيان نشرته معدّة التحقيق على موقعي "تويتر" و"فيسبوك" أكد سبعة من بين عشرة أشخاص أنّ حركة  النهضة تسعى إلى  العودة بتونس إلى مربع الجدل بشأن الهوية، ومحاولة ضرب قطاع السياحة، مرة أخرى، عبر توظيف خطابها الديني لمزيد ربح المال، تمهيداً للمشروع الكبير المتمثل في أسلمة المجتمع، فيما أكد تسعة من بين عشرة أشخاص أنّ وصول حركة النهضة إلى الحكم ساهم في كساد القطاع السياحي وتراجع قيمة الدينار التونسي، معتبرين أنّ النهضة تحاول تقسيم المجتمع التونسي، عبر الاستيلاء على مؤسسات الدولة وغرس مشروعها التجاري بخلفية دينية.
كما توضح التصريحات المتطابقة لجل الذي جرى سؤالهم، أنّ هذه الخطوة تأتي في إطار تفتيت السيادة، وتندرج في "إطار إمبراطورية التشتيت والتفتيت والتقسيم والفوضى"، معتبرين أنّ زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي "الذي قسم المجتمع إلى مسلم وعلماني يواصل مسيرة التقسيم من خلال الفصل بين فندق حلال وفندق حرام، وفضاء للنساء وفضاء للرجال من أجل الاستعداد لحملته الانتخابية".

اقرأ أيضاً: شيخة تونس سعاد عبد الرحيم لـ"حفريات": الحجاب حرية شخصية
وتقول الناشطة في المجتمع المدني، ريم الطقوقي في تصريح لـ "حفريات"، إنّ أطرافاً سياسية بعينها، "تتعمد توريد مصطلحات غريبة عن المجتمع التونسي، الذي اعتاد على التعايش السلمي بين جميع مكوناته من المحافظ والحداثيّ والمتديّن وغير المتديّن والمحجّبة وغير المحجّبة".
هذه الممارسات، في نظر الطقوقي، لا تتعدى كونها "تكريساً للتخلف، وممارسة التجارة المغلقة بالدين، بهدف إقامة حدود داخل المجتمع الواحد وخلق تصدعات داخله".
وفي هذا السياق، تؤكد فرح حمدوني، صاحبة وكالة أسفار بمحافظة سيدي بوزيد وسط البلاد، لـ"حفريات"، أن مفهوم "السياحة الحلال غير موجود، وأن بعض الفنادق تروج لعلامة حلال، بهدف استغلال الدين من أجل الربح المادي لاغير".
وأفادت بأنّ وكالتها لا تتلقى طلباً للحجز في هذه الفنادق، وأن الحرفاء يختارون الفنادق على اعتبار الأسعار والعروض المقدمة فقط، مشيرة إلى أنها "تتلقى تقريباً صفر طلب على الفنادق الحلال من جملة 200 ألف حريف".
هدف الحركة كان واضحاً، وهو إقامة مجتمع مصغر يكون مسلماً

مشروع أسلمة المجتمع
ولا يتوقع الخبير الدولي في الهندسة المالية والنقد ياسين بن اسماعيل في تصريح لـ"حفريات"، أن يكون لهذا النمط من السياحة مردود جيد، لأن تونس ليست "المدينة المنورة"، ولن تكون وجهة للباحثين عن السياحة "الحلال"، كما يروج لها.
وأضاف أنها "مجرد توجه استهلاكي، يواكب رغبات المستهلك، ويقدم له الخدمات التي يرغب فيها، وليست توجهاً عميقاً يلتزم بالدين ويرعاه"، مشيراً إلى أنها شبيهة جداً بعلامة "حلال"، في أوروبا التي يقصدها العرب المتدينون وغير المتدينين.

اقرأ أيضاً: تونس: من أزمة الدولة إلى أزمة الحزب الحاكم
إدراج مفهوم "الفنادق الحلال" من قبل حركة النهضة الإسلامية، كما يتبين، ليس أمراً اعتباطياً أو مجرد تحركات تحكمها العاطفة نحو الدين، وإنما هو خطة إستراتيجية جديدة هدفها تنفيذ برنامج أسلمة المجتمع عبر مراحل، والسيطرة مجدداً على عقول الناس، لذلك يعتبر مراقبون أنّ النهضة لم تعد  تنظر إلى العلاقات الاجتماعية والاقتصاد على أنها مجرد أنشطة ثانوية تُصنّفُ في خانة أعمال التقوى أو أداء فرائض الشرع، بل يعتبرونها المحرك الرئيسي للسيطرة على عقول الناس، وعلى المؤسسات المالية، عبر إنشاء المصارف الإسلامية الموازية للبنوك الحكومية، وإقامة  "الفنادق  الحلال".
ومَن جرى سؤالهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكدوا أنّ حركة النهضة، منذ وصولها للحكم عقب ثورة أطيحت بنظام بن علي سنة 2011 ، حاولت أن تستفيد من ربط الظروف التي يعيشها الناس من بؤس وتفكك قيمي وعائلي مستفيدة من مُرَكّب الإحساس بالذنب والاحترام المزوّد بالحنين الذي يكنّه المسلم للدين، رغم أنه لا يتقيد بالفرائض ولا يؤدي العبادات ويحرص على أن يقول: إنه مسلم لمحاولة غرس برنامجها الإخواني.

اقرأ أيضاً: هل تونس أمام ثورة ثقافية وتشريعية؟
وسعت حركة النهضة والأحزاب الإسلامية في هذا الإطار، إلى العمل الحثيث على تكييف النظام المدرسي مع الإسلام بحظر مواد التدريس التي تتناقض مع الإسلام، وبمنع الاختلاط، وهو ما أدى الى توقف الدروس في عديد من الكليات أهمها كلية منوبة التي عُلقت فيها الدروس، وهو ما أثار جدلاً سياسياً وإعلامياً، ويشير مراقبون وناشطون إلى أنّ هدف الحركة كان واضحاً، وهو إقامة مجتمع مصغر يكون مسلماً.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية