مصدر عسكري لـ"حفريات": خبراء إيرانيون ولبنانيون يديرون القتال في اليمن

مصدر عسكري لـ"حفريات": خبراء إيرانيون ولبنانيون يديرون القتال في اليمن


09/11/2021

اعترف المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية الجنوبية في حديث لـ"حفريات" بأنّ هناك خبراء إيرانيين ولبنانيين موجودون في صنعاء، ويقومون بتركيب وتجميع الطائرات المسيّرة، وإدارة أعمالها الاستطلاعية والقتالية وتدريب عناصر من المليشيات الحوثية على ذلك."

اقرأ أيضاً: لقاءات حصرية لـ"حفريات" مع صور لتصاعد المعارك في الضالع اليمنية

أما عن دور الإخوان في بناء الترسانة العسكرية للحوثيين، فيبدأ منذ عام 2012، عقب إطاحة الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، مع بداية التخادم الإخواني - الحوثي من أجل إطاحة صالح، واقتسام اليمن، ولكن رغم تنكر الحوثي للإخوان، وتصدره المشهد السياسي والميداني على حسابهم إلا أنّ هذا التخادم ظلّ على حاله، وليس شرطاً أنّ يكون بين جميع مكونات الإخوان المسلمين، وذراعهم السياسية، حزب التجمع الوطني للإصلاح، بل عبر أفراد وقيادات من الجماعة والحزب، كما حدث في محافظة شبوة الجنوبية، بينما كنت قيادات إصلاحية أخرى تقاتل الحوثي في مأرب.

ترسانة الحوثي العسكرية

تملك ميليشيات الحوثيين "جماعة أنصار الله" ترسانة عسكرية كبيرة، حصلت على معظمها من معسكرات ومخازن الجيش اليمني، منذ العام 2012، بتواطؤ قيادات عسكرية يمنية، وفي إطار تحالفها مع الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، حتى الصدام بينهما عام 2017، ووفرت هذه الترسانة القدرة العسكرية للحوثيين في قتالهم ضدّ المقاومة الوطنية اليمنية الشعبية والقوات العسكرية التي رفضت الانصياع لانقلابهم.

المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية الجنوبية، المقدم محمد النقيب

وهناك علاقات وطيدة بين إيران والحوثيين منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وتلقت عناصر حوثية دراسات عسكرية ودينية في إيران ومناطق حزب الله في لبنان، وبدأ الفصل الأكبر من التعاون العسكري بينهم منذ عام 2011، مع الاحتجاجات المناهضة لنظام صالح، والتي أنبأت بإطاحته، فلم يكن تحوّل الحوثيون من جماعة منزوية في محافظة صعدة، تلملم جراحها بعد حرب طويلة خاضتها مع الجيشين اليمني والسعودي منذ العام 2004، إلى جماعة تحكم معظم الشمال اليمني، وتملك طائرات مسيرة وصواريخ باليستية تضرب العمق السعودي، مجرد تطورات حدثت في عدّة أعوام فقط، بل ضمن مخطط إيراني طويل الأمد، يمتد على مدار عقود.

 

اقرأ أيضاً: اليمن: جرائم الحوثيين لا تتوقف في "العبدية"... والتحالف يبدأ عملية فك الحصار

ويقول المتحدث العسكري باسم القوات الجنوبية، المقدم محمد النقيب عن ترسانة الحوثيين العسكرية، إنّ تراكم البناء العسكري للحوثيين، لا سيما التسليح جاء من مصدرين: إيران وسلاح الجيش اليمني في الماضي والحاضر، فخلال حروب صعدة سيما جولتها الأخيرة جرى تمكينهم من اغتنام ألوية عسكرية ومحاور عسكرية، وعلى رأسها محور صعدة، الذي يتبع المنطقة الشمالية الغربية، والتي كان يقودها جنرال جماعة الإخوان في اليمن علي محسن الأحمر.

المتحدث العسكري الجنوبي، محمد النقيب لـ"حفريات":  عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء نفذت إيران جسراً جوياً،  نقلت من خلاله أطناناً من الأسلحة إلى اليمن

وأضاف النقيب لـ"حفريات": بعد تشارك الحوثيين وجماعة الإخوان ساحات وخيام ما سُميت بـ "ثورة الربيع العربي"، وما تبعها من سقوط نظام صالح، وسيطرة الجماعة عبر حزب الإصلاح على السلطة ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، تمكن الحوثي من السيطرة على عتاد مناطق عسكرية برمتها، وكان أكثر هذه المناطق تسليحاً هي المنطقة العسكرية الشمالية الغربية.

وتابع: عندما اقتحم الحوثيون صنعاء استولوا على ترسانة عسكرية في كل من الفرقة الأولى مدرع التي كان يقودها علي محسن الأحمر، وكذا من معسكرات ومخازن الحرس الجمهوري، وفي الفرقة الأولى توجد مخازن نصف الجيش اليمني، ولواء مدفعية، ولواء دفاع جوي، ولواء مدرع (مائة دبابة)، والمئات من سلاح المدفعية منها ذاتية الحركة.

دور الإخوان في تسليح الحوثيين

ويسيطر حزب الإصلاح الإخواني على قرار الرئاسة والحكومة اليمنية، والجيش اليمني، وحتى حين تم تشكيل حكومة المناصفة بين الشماليين والجنوبيين، أواخر العام الماضي، وضع الإخوان العراقيل أمامها ولم تستمر في عدن إلا لوقت قليل، وحتى مع عودتها لم تعد بكامل طاقمها.

وعبر ذلك تمكن الإخوان من مفاصل الدولة في الجيش والمحافظات والقوى الأمنية، ففي محافظات الجنوب يتحكم الإخوان في محافظات شبوة وجزء من أبين وحضرموت والمهرة، وحشد الإخوان عسكرياً ضدّ المجلس الانتقالي الجنوبي، واستنزفوا قدراته في إطار صراعهم للسيطرة على الجنوب، بينما في الوقت ذاته يمرح العدو الحوثي في مناطق المهرة والشواطئ المطلة على بحر العرب بتواطؤ السلطة الإخوانية، فمعظم تهريب السلاح والخبراء إلى الحوثيين من إيران وحزب الله تمرّ عبر المناطق التي يحكمها الإخوان في جنوب اليمن، فضلاً عن دور جارة خليجية لهذه المناطق.

 

اقرأ أيضاً: إدانات واسعة لإعدامات الحوثيين... هل يسكت العالم على الجريمة الوحشية؟

وفي ذلك، يقول النقيب: الذي حدث أنّه بدور إخواني جرى تمكين الحوثي من وضع يده على سلاح الجيش اليمني، والسيطرة على معظم محافظات الشمال دون مقاومة، وعندما أعلن التحالف العربي عن عاصفة الحزم، تسابق من سلم الحوثي سلاح الجيش إلى تصدر واجهة تلقي الدعم من التحالف، وكان من الطبيعي أنّ يتسلح الحوثي من ذات الدعم.

وذكر المتحدث العسكري الجنوبي أنّه خلال العامين الماضيين ذهب سلاح ما يُسمى الجيش الوطني في منطقتين عسكريتين إلى الحوثي، وكله من الدعم اللوجستي المقدم من التحالف، وشيء كهذا لا يحدث إلا وفق تسليم واستلام، وأضاف: المؤسف أنّ قيادات ذات الجيش المسيطر عليه من قبل جماعة الإخوان تتعذر بنقص الامداد اللوجستي عقب كل هزيمة تُمنى بها أمام الحوثي، غير أنّه وللعجب تكشف المليشيات الحوثية وعبر إعلامها الحقيقة، باستعراضها كماً هائلاً من الأسلحة والعتاد والآليات التي اغتنمتها.

وكان حزب الإصلاح الإخواني في مأرب أصدر بيانا بمعية أحزاب أخرى مطلع الشهر الجاري، حمّل فيه التحالف العربي والحكومة مسؤولية التقدم الحوثي، بسبب نقص الدعم والعتاد، في تجاهل واضح للدور المحوري للطيران السعودي في تعطيل الزحف الحوثي.

في تصريح لـ"حفريات" أكد مصدر لبناني، فضل عدم الكشف عن هويته، المعلومات عن وجود العناصر الحوثية في معسكرات تدريب في مناطق حزب الله داخل الأراضي اللبنانية

وتعليقاً على البيان أشار رئيس مركز فنار لبحوث السياسات، الباحث اليمني، عزت مصطفى لموقع "العرب" إلى أنّ البيان خطوة تمهيدية من الإخوان لعقد صفقة تسليم مدينة مأرب للحوثيين وفق اتفاق شراكة، وذلك بعد نجاح الطرفين في استنزاف قبائل مأرب في قتال الحوثيين، دون تقديم الإخوان دعماً لها، كوّن القبائل عدواً مشتركاً للطرفين، فضلاً عن إجبار التحالف العربي على قبول تسوية سياسية بين الإخوان والحوثيين، تستبعد الانتقالي الجنوبي.

دور الحرس الثوري وحزب الله

ويقول المتحدث العسكري الجنوبي، محمد النقيب لـ"حفريات":  عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء نفذت إيران جسراً جوياً،  نقلت من خلاله أطناناً من الأسلحة إلى اليمن، وقبل ذلك بثلاثة عقود عملت على تغذية مليشيات الحوثي بالفكر الطائفي والمال والسلاح.

 

اقرأ أيضاً: ما علاقة تنظيم القاعدة في اليمن بالحوثيين؟.. وهذه آخر جرائمه

وذكر أنّ التسليح الإيراني بعد بدء عمليات التحالف العربي في 2015 اتخذ شكل التهريب للأسلحة النوعية، من طائرات مسيّرة، وقطع الصواريخ الموجهة، وأسلحة وذخائر المشاة، ويقوم خبراء إيرانيون ولبنانيون من حزب الله في صنعاء بتركيب هذه القطع، وإدارة الأعمال الاستطلاعية والقتالية، وتدريب عناصر الحوثي على ذلك.

ولا يمكن أنّ يحدث التهريب بشكل دوري وعلى مدار أعوام من المناطق التي تحكمها جماعة الإخوان في جنوب اليمن دون تنسيق معها، ويقول النقيب: هناك تربيطات حوثية - إخوانية، فالذي يسلّح الحوثي بسلاح التحالف، يمتلك منافذ بحرية غير شرعية كميناء قانا في شبوة، وتحدث عمليات التهريب وفق تعاون بين الطرفين.

وخلال الفترة القريبة الماضية، بينما تحتدم المعارك في مأرب، انسحبت قوات الجيش التي يقودها الإخوان من مواقعها في الضالع، وفرضة نهم، ثم الجوف والبيضاء ومديريات في مأرب حتى وصلت إلى مديريات في شبوة: مرخة العليا، بيحان، العين، ومناطق في عسيلان، وحالياً انسحابات من السليم والصفراء، ودخل الحوثي كل هذه المناطق دون قتال، بينما لم يستطع التقدم في الجبهات التي ترابط فيها القوات الجنوبية، ولم يكن في الانسحابات الإخوانية أية خطط تكتيكية بل أشبه بعملية تسليم لمناطق إستراتيجية للحوثيين، مكنتهم من في نهاية المطاف من الاستيلاء على 12 مديرية من أصل 14 في محافظة مأرب.

وخلال الأعوام الثلاثة الماضية أعلن التحالف العربي مرات عدّة عن قتل عدد من الخبراء العسكريين الإيرانيين واللبنانيين في اليمن.

 

اقرأ أيضاً: أطفال اليمن يدفعون ثمن إرهاب الحوثيين.. وهذا ما حذرت منه تقارير حقوقية

 وفي تصريح لـ"حفريات" أكد مصدر لبناني، فضل عدم الكشف عن هويته، المعلومات عن وجود العناصر الحوثية في معسكرات تدريب في مناطق حزب الله داخل الأراضي اللبنانية.

وفي تقرير نشره معهد "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، استعرض الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، مايكل نايتس، بيانات عن القدرات العسكرية التي حازتها ميليشيات الحوثيين عبر إيران وحزب الله، فيما يتعلق بالطائرات المسيّرة وتحديث الصواريخ وتعزيز دقة صواريخ المدفعية وتطوير قدرات الصواريخ الباليستية إلى مديات تهدد الملاحة البحرية والعمق السعودي وقناة السويس.

ودعا نايتس الولايات المتحدة إلى إعادة تغيير إستراتيجيتها في التعاطي مع الحوثيين، "على الرغم من أنّ الحرب لدحر الانقلاب الحوثي أصبحت بمثابة نقطة لجذب الانتقادات السياسية في الولايات المتحدة، يجب على واشنطن إجراء مراجعة محايدة لسياستها تجاه الحوثيين، وتقييم نواياهم المستقبلية ليس تجاه الأمريكيين والمنشآت الأمريكية في المنطقة فحسب، بل أيضاً تجاه إسرائيل والشحن الدولي والسعودية وإيران وحزب الله."

وشدد على أنّه "إذا خلصت مثل هذه المراجعة إلى أنّ الحوثيين سيكونون على الأرجح خصماً للولايات المتحدة في المستقبل بغض النظر عن كيفية انتهاء الصراع في اليمن، فيجب على المسؤولين البدء بالتفكير في إستراتيجية احتواء الآن وليس لاحقاً. وبالنظر إلى تعاظم ترسانة الحوثيين البعيدة المدى والتزامهم بشعارهم الرسمي "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، يبدو مثل هذا التخطيط للطوارئ حكيماً بالفعل."




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية