هل يعيد قائد فيلق القدس الإيراني ترتيب البيت الشيعي في العراق؟

هل يعيد قائد فيلق القدس الإيراني ترتيب البيت الشيعي في العراق؟


14/11/2021

تسعى قوى "الإطار التنسيقي" المعترضة على نتائج الانتخابات العراقية التي جرت في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى التقليل من زخمِ الدعم الدولي والمحلي الذي حظيَّ بهِ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بعيدَ فشل محاولة اغتيالهِ بثلاث طائرات مسيّرة، تمكنت إحداها من استهداف منزلهِ صباح الأحد الماضي.

استبدال الأسلوب التصعيدي "المسلّح" بأسلوبِ الاحتجاج السلمي، هو ما تسعى إليهِ القوى الخاسرة، التي حشدت أنصارها ثانيةً، مساء أول من أمس الجمعة، واعتصمت أمام بوابات المنطقة الرئاسية الخضراء، رافقتها تصريحات لزعاماتٍ "ولائية" بمقاطعة العملية السياسية في حال عدم معالجة الطعون على نتائج الانتخابات "بشكلٍ حقيقي وجاد".

وتعزى تغييرات الفعل السياسي للقوى الموالية لإيران؛ إلى تواجد قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال اسماعيل قاآني في العاصمة بغداد، الساعي لحلِّ "عقدة" البيت السياسي الشيعي وأزمة الثقة التي تضرب بمجملِ أطرافه، وأدانَ قاآني محاولة اغتيال الكاظمي، وهي محاولة يتهمُ بتنفيذها طرفان "ولائيَّان" أحدهما "كتائب حزب الله العراقي"، وثانيهما "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي. 

قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني يلتقي مصطفى الكاظمي ويدين محاولة اغتياله ويطالب الكرد بالحياد.. وزعيم "تحالف الفتح" هادي العامري يلوّحُ بمقاطعة العملية السياسية

وعلى الضفةِ الأخرى، يحاولُ زعيمُ "التيار الصدري" مقتدى الصدر، رسمَ خريطةِ تحالفاتهِ الساعيةِ للظفرِ بحكومةِ أغلبيةٍ سياسية، قبيل المواجهة الحاسمة مع غريمهِ الطائفي زعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي. الراعي الرسمي لقوى "الإطار التنسيقي" الخاسرة في الانتخابات.
الجنرال الإيراني بين أربيل وبغداد

ودفعت محاولة اغتيال رئيس الوزراء المنتهية ولايتهُ مصطفى الكاظمي، التي رافقتها ردودٌ شاجبة من قبل دول المنطقة والمجتمع الدولي، إلى تواجد قائد فيلق القدس الإيراني اسماعيل قاآني في العاصمة بغداد، لتدارك أزمة فصائلهِ المتباينة في الأداء السياسي والاحتجاجي.

اقرأ أيضاً: العراق يمضي إلى بناء دولة دون الالتفات إلى تهديدات حلفاء إيران

وكشفَ مصدرٌ مطلع، أنّ "الجنرال الإيراني زار مصطفى الكاظمي في مقر رئاسة الوزراء، وأبدى شجبهُ لمحاولةِ اغتياله الأخيرة"، مبيناً لـ"حفريات"، أنّ الضيف الزائر "أبلغ الكاظمي بوقوف طهران إلى جانب القانون العراقي ومقرراتهِ بشأن التحقيق في عمليتي نتائج الانتخابات، ومحاولة اغتيال رئيس الحكومة".

والتقى قائد فيلق القدس، بسائر قوى "الإطار التنسيقي" في محاولة منهُ لترتيب أوراقهِ التي بدت خارج السيطرة؛ نتيجة تباين سلوك السياسيين الموالينَ لإيران ما بين مواجه شرس لشخص رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وآخر يناورُ في سبيلِ تلافي الخسارة التي قد تفقدهُ السلطة المشارك بها.

اقرأ أيضاً: وزير الموارد المائية العراقي لـ"حفريات": سنحاكم إيران لقطعها المياه عنا

وأكد المصدر، أنّ قاآني "زارَ أربيل بعد مغادرتهِ بغداد، والتقى بوفدين من حزبيّ الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وطالبهما بانتظار حسم المكون الشيعي لموقفهِ السياسي بشأن رئيس الحكومة المقبلة، وعدم الدخول في الاستقطاب التي تسعى إليه الكتل الشيعية الفائزة"، في إشارة إلى التيار الصدري.

العامري يلوّحُ بالمقاطعة السياسية
تكررت كثيراً جملة "مقاطعة العملية السياسية" في الإعلام السياسي العراقي، من قبل ساسة المكون السني المعارض للتغيير الذي طرأ على البلاد بعد نيسان (أبريل) 2003، ولكن هذه المرة خرَجَتْ من أكبر القوى الشيعية التي حكمت العراق قرابة الـ 18 عاماً. ويبدو أنّ مرارةَ الخسارة هي التي دفعتْ زعيم "تحالف الفتح" هادي العامري إلى التلويحِ بذلك.

السياسي الليبرالي قصي محبوبة لـ"حفريات": البيت السياسي الشيعي، يعاني من أزمةِ ثقة بين أطرافهِ وهذه عقدة الخلاف بينهم .. وأي طرف يخرج من السلطة سوف يسحق

وقال العامري، لدى لقائهِ وفدَ الاتحاد الوطني الكردستاني بمكتبهِ في بغداد  إنّ "الإرباك والتخبط بعمل المفوضية سبب رئيسي في الأزمة السياسية الحالية"، مشيراً إلى أنّ المفوضية تعهدت قبل الانتخابات بعدة إجراءات لطمأنة القوى السياسية بعدم تزوير النتائج لكنها لم تلتزم بأي منها.

وتابع: "لن نقبل بفرض الإرادات وقد نلجأ لمقاطعة العملية السياسية بالكامل، إذا لم تعالج الطعون بشكل حقيقي وجاد"، متهماً ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت بـ"التحكم بالمفوضية ولها دور سلبي وتدخلات خارج نطاق عملها".

 لكنّ "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، ردَّ على تصريحاتِ حليفهِ في "الإطار التنسيقي" وقال إنهُ :"لا يفكر إطلاقاً بخيار الانسحاب من العملية السياسية لكونهِ خياراً صعباً، ولهُ تداعيات خطيرة، ونحنُ مع الخيارات والآليات القانونية في استرجاع حقوق الكتل السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات".
الأطراف الشيعية وانعدام الثقة

وأكد عضو الائتلاف كاطع الركابي، أنّ "دولة القانون تنتظر ما ستقومِ بهِ الهيئةُ القضائية من إجراءاتٍ بشأنِ الطعون المقدمة من قبل القوى السياسية والمرشحين"، وأضاف: "نحنُ نحترم ما سيصدر من القضاء، خصوصاً أنّ ما سيصدر ملزم للمفوضية وكذلك القوى السياسية".

وعن هذا التقاطع في مواقف الأطراف الشيعية المنضوية في "الإطار التنسيقي"، أوضح الدكتور قصي محبوبة، وهو سياسي ليبرالي، أنّ "قوى الإطار التنسيقي ليس بينها ثقة"، متسائلاً: "لماذا يجلس نوري المالكي وهو الفائز في الانتخابات مع الكتل الخاسرة داخل الإطار؟".  

 أوضح الدكتور قصي محبوبة، وهو سياسي ليبرالي، أنّ قوى الإطار التنسيقي ليس بينها ثقة

اقرأ أيضاً: قائد فيلق القدس الإيراني في العراق بعد محاولة اغتيال الكاظمي... لماذا؟

وأكد لـ"حفريات"، أنّ "البيت السياسي الشيعي، يعاني من أزمةِ ثقة بين أطرافهِ وهذه عقدة الخلاف بينهم"، مبيناً أنّ "كل طرف شيعي لو خرج من السلطة سوف يسحق".

وأشار إلى ضرورة "الذهاب إلى لغة الأرقام الانتخابية، لأنه لا يوجد شيء اسمهُ أوزان معنوية واجتماعية، هذه الأوزان في الجانبين الديني والاجتماعي"، مضيفاً: "على الفائز الانتخابي أن يقود الحكومة بعيداً عن المنطق السياسي الرمادي، لأنّ الناس لم تعد تقتنع بوزراء ومسؤولين مجهولي الهوية السياسية".
 الصدر بصددِ حسم الاتفاقات السياسية

وفي ظلِّ هذهِ الأجواء السياسية المشحونةِ من أطرافٍ شيعيةٍ موالية لإيران، يذهبُ زعيمُ "التيار الصدري" بعيداً عنها، راسماً خريطة تحالفاتهِ السياسية التي يرومُ من خلالها تشكيل "حكومة الأغلبية" الطامحِ إليها.

عصام حسين، القيادي في التيار الصدري الفائز الأول في الانتخابات (73 مقعداً)،علقَ بشأن الأحداث الجارية قائلاً: "ما جرى خلال الأيام الماضية، سيسرّع من تشكيل الحكومة، على اعتبار أنّ الازمة بدأت تتصاعد، خصوصاً بعد المشادة بين المتظاهرين والقوات الأمنية واستهداف منزل الكاظمي، وهذا يعني أنّ هناك جهات تريد إدخال العراق في صراعات حتى تخرج بأفضل الحلول لأحزابها".

اقرأ أيضاً: لبنان والعراق أخوة في إيران

ولفت الى أنّ "قضية الاعتراض على نتائج الانتخابات كانت البداية ووصلت إلى حد استهداف للكاظمي، وهذا أمرٌ خطيرٌ جداً، وعليهِ ستتشكل الحكومة بأسرعِ وقتٍ لضبطِ إيقاع هذه الجماعات"، مؤكداً أنّ "المفاوضات سيتم استئنافها بعد المصادقة على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية، على اعتبار أنّ الجلسة الأولى للبرلمان، يجب أن تشهد اختيار رئيسه، وبعدها ستستمر مفاوضات تشكيل الحكومة".

ونوه الى أنّ زعيمهُ مقتدى الصدر "وضع الحدود النهائية للاتفاقيات السياسية مع باقي الكتل التي تفاوضَ معها، ولم يتبق سوى الإعلان عن الكتلة الأكبر واختيار رئيس البرلمان فقط".

نفي قضائي للتزوير الانتخابي

ونفت أعلى سلطة قضائية في العراق، حدوث تزوير في نتائج الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، لعدم وجود دليل قانوني يؤكد عملية التزوير.

وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إنّ "المزاعمَ بشأن تزوير الانتخابات لم تثبت بدليل قانوني معتبر إلى الآن"، مشيراً إلى "استمرار التحقيقات بشأنِ استهدافِ المحتجين على نتائج الانتخابات".

وأكد زيدان، الذي زارهُ رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في مقر المجلس، أنّ "التحقيق متواصل في محاولة اغتيال الكاظمي، لكنه لا يزال في مراحلهِ الأولى".

ويفسّر الدكتور غازي فيصل، رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، سلوك الكاظمي بُعيدَ محاولةِ اغتياله بقوله إنّ "مصطفى الكاظمي، شخصٌ لا يبحثُ عن حلول عسكرية، بل يبحثُ عن حلولٍ سياسية، وعن الحوار السلمي مع القوى المعارضة له، وهذا الأمر يجب أن يقدر ويحترم".

 الدكتور غازي فيصل، رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية: مصطفى الكاظمي، شخصٌ لا يبحثُ عن حلول عسكرية، بل يبحثُ عن حلولٍ سياسية
وأبلغ "حفريات"، أنهُ "على الرغم من استخدام المعارضينَ له آليات مواجهة حادة، لكنّ الكاظمي يمتنع عن اتخاذ قرار المواجهة العسكرية، لأنهُ جزء من حرصهِ كرئيس للوزراء على أمن واستقرار البلد، وعدم دفعهِ نحو حربٍ دمويةٍ أهلية، سيدفعُ ثمنها على الصعيد البشري والاقتصادي والأمني والاجتماعي، لاسيما أنّ العراق يخوض من 2003 كل حالات الحروب والاضطرابات".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية