أردوغان وتقليم أظافر الإخوان وترميم علاقاته الإقليمية

أردوغان وسياسة المراوغة.. تقليم أظافر الإخوان وترميم علاقاته الإقليمية

أردوغان وتقليم أظافر الإخوان وترميم علاقاته الإقليمية


21/02/2024

تساؤلات كثيرة أثارتها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة لمصر حول الموقف التركي من جماعة “الإخوان المسلمين”، خاصة أنّ أردوغان كان من المتبنينَ لموقف “الإخوان” تجاه النظام السياسي الحالي في مصر، وأول الداعمينَ للتيار “الإخواني”، حتى أنّه غالباً ما يُحسب على الجماعة.

تساؤلات تناولها مقال تحليلي نشره موقع "الحل نت"، للكاتب الصحفي صبحي نايل، تحدث فيه عن تناقضات أردوغان الذي يعدّ  من أوائل الداعمين لهذه الجماعة، لكنه في الوقت نفسه ليس عضواً في جماعة “الإخوان”، بل هو من أنصار الإسلام السياسي.

تخفف أردوغان من “الإخوان”

المقال التحليلي أشار إلى الفشل السياسي لـ “الإخوان”، والذي أدى إلى سعي العديد من الأطراف الداعمة لها للتخفّف من أعبائها، خاصة بعد التضامن الذي أبدته الجماعات الجهادية معها وتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية في مصر، وهذا ما دفع بجماعات الإسلام السياسي إلى بؤرة الاتهام. 

ويرجع ذلك إلى ظهور العمليات الإرهابية والعنيفة عقِب سقوطه في المنطقة بشكل عام، وخيبة أمل كُبرى الجماعات الجهادية المعروفة ومحاولاتها إعادة الحُكم إلى الإسلام السياسي من جديد ولو بالعنف.

وقد استند المقال إلى تصريح للباحث المصري في شؤون الإسلام السياسي أحمد زغلول شلاطة، أكد فيه أنّ ظهور هذا الاتجاه الدولي الساعي إلى حظر جماعات الإسلام السياسي، دفع العديد من الحركات الإسلاموية إلى نفي اتهامات الإسلام السياسي لها، ولمحاولة الخروج من هذا الفضاء، إذ أعلن اتحاد الجماعات الإسلامية في أوروبا، أنّه لا علاقة له بتنظيمات الإسلام السياسي، والتزامه بالقوانين الداخلية الأوروبية، وتحرص كل التيارات على ذلك. 

وهذه نتيجة طبيعية للحظر السياسي والقانوني الذي يدفع كافة الجماعات إلى نفي هذه التّهمة الموجّهة إليها، لا سيما أنّ المجتمع الدولي لا يتفاهم في مسألة الحظر القانوني، فإذا تم حظر جماعة “الإخوان المسلمين” في أوروبا ستُعد هذه نهاية فعلية لهم، خلافاً لما حدث في مصر، لأنّه في هذه الأثناء لا يصبح بمقدورهم السفر أو القيام بأعمالهم الاستثمارية أو التواجد في أوروبا. 

 

أردوغان كان من المتبنينَ لموقف “الإخوان” تجاه النظام السياسي الحالي في مصر وأول الداعمينَ للتيار “الإخواني”

 

من جانبه، أوضح الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون الإرهاب هشام النجار لموقع “الحل نت” قائلاً: إنّ الاستدارة السياسية التي عرفتها الخارجية التركية مؤخراً جاءت بعد هزيمة تيارات الإسلام السياسي منذ ثورة حزيران (يونيو) 2013، وحلفائهم من الجماعات الإسلامية المسلحة، والهزيمة جاءت بثورة ولفظ شعبي دعمه الجيش ووقف إلى جواره.

في المقابل، فشل “الإخوان” ومعاونيهم بالعودة للسلطة سواء عن طريق انتهاج الإرهاب الذي رأيناه جميعاً في سيناء، وتشكيل خلايا مسلحة وتوطيد العلاقات والروابط بين جماعة “الإخوان المسلمين” وبين الجماعات الجهادية خاصة التي كانت نشطة في سيناء، أو عن طريق ممارسة الضغوط من قوى الضغط الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان وخلاف ذلك.

وأضاف النجار أن جماعة “الإخوان” كانت تمثّل ذراع تركيا في مصر؛ لذا عطّل فشلها السياسي المصالح التركية بشكل كبير، والفشل السياسي والرفض لـ “الإخوان” على المحيط العربي الإقليمي، جعل من التخفّف من حمولة “الإخوان” أمراً ضرورياً بالنسبة لأردوغان، وحد الدعم لها وتعديل سياساته تجاه الدول الخارجية خاصة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومصر، والعلاقة بين مصر وتركيا بدأ تحسينها من عام 2021، وتم تتويجها بهذه الزيارة الأخيرة، التي تحمل طابعاً تاريخياً لحالة العداء التي عرفتها تركيا مع مصر على مدار الأعوام السابقة.

وكانت وسائل الإعلام المصرية قد قالت إنّ قيادات إخوانية بدأت مغادرة الأراضي التركية عقب زيارة أردوغان لمصر من بينهم عناصر إعلامية وعناصر من “حركة حسم” الإخوانية وكذلك عناصر أكاديمية كانت تعمل في الجامعات التركية، كما تم التضييق على عناصر أخرى وتقييد أنشطتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

إزعاج “الإخوان” لأردوغان وسياسة تقليم الأظافر

بجانب فشلهم السياسي، فإنّ النزاع القائم بين “حزب سادات/ السعادة” وبين “حزب العدالة والتنمية” التركيَين، يعدّ أحد أبرز أسباب تخلي أردوغان عن “الإخوان”، وقد زاد هذا الأمر التحركات “الإخوانية” داخل تركيا ومسارات الأوعية المالية، التي أزعجت أردوغان أيضاً.

 

الفشل السياسي والرفض لـ “الإخوان” على المحيط العربي الإقليمي جعل من التخفّف من حمولة “الإخوان” أمراً ضرورياً بالنسبة لأردوغان

 

كذلك، دفع الرفض الإقليمي وربما الدولي لـ “الإخوان” أردوغان إلى وضع شروط وحدود لتحركات “الإخوان”، إلا أنّ الجماعة الإسلاموية لم تلتزم بهذه الشروط، وهو ما مثل إزعاجاً لأردوغان وخطراً سياسياً عليه، خاصة أنّه في هذه المرحلة يسعى لتصفير مشاكله من جهة، وتصديرها للخارج من جهة أخرى. 

وهذا ما دفعه إلى محاولة تقليم أظافر “الإخوان” داخل تركيا، فعملية التحرش المستمرة من “الإخوان” والتي لا يجد أردوغان لها أي تعويض سياسي، واللامبالاة والوعي بالمسؤولية لـ “الإخوان” داخل تركيا، لم تترك لأردوغان أي خيار سوى تقليم أظافرهم والحدّ من نفوذهم.

في الأثناء، لازالت الجماعة موجودة في تركيا، وهناك لقاءات واجتماعات وتحركات ونشاطات لها داخل المحيط التركي، فالموقف التركي الأردوغاني يسير في هذه العلاقات بالكثير من الحيطة والحذر ولا يريد أن يخسر طرفاً بالكلية، فهو لا يريد أن يقف أمام الدول العربية وتعطيل مصالحه، ولا يريد أن يفقد تماماً علاقته بـ “الإخوان” ، فأردوغان يعمل بسياسة عدم الانحياز بما يعنيه الموقف من مراوغة ليكسب كافة الأطراف، وفقاً لما ورد بالمقال.

هذا وقد ظهرت آراء حول تخلّي أردوغان عن جماعة “الإخوان”، خاصة بعد زيارته الأخيرة لمصر، إلا أنّ هشام النجار يختلف مع هذا الرأي، حيث يرى أنّ الجماعة لم يتم التخلّي عنها تماماً في تركيا، بل لا تزال موجودة هناك، وحتى “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي يمثل الذراع الفكرية لجماعة “الإخوان” تتواجد في تركيا وتعقد مؤتمرات واجتماعات وغيرها.

 وهناك العديد من القيادات التي لها أنشطة وتحركات في تركيا، ولكن تم وضع شروط وحدود لهذه التحركات وفقاً للموقف التركي الأخير لتحقيق مصالح تركيا في الإقليم، فالنظام التركي حريص على عدم الفقدان التام لهذه الورقة، لحسابات داخلية وعدم الفقدان التام لجمهوره في اتجاه بناء “الإمبراطورية العثمانية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية