أردوغان يغدر بمسلمي الإيغور ويخطط لتسليم 50 ألفاً منهم للصين

أردوغان يغدر بمسلمي الإيغور ويخطط لتسليم 50 ألفاً منهم للصين


10/08/2020

لا ينفكّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يدلي برأيه في أيّ حدث، لا سيما إن كان أبطاله من المسلمين؛ إذ سرعان ما يرتدي حُلّة الخلافة، مثلما فعل قبل أكثر من عام مع مسلمي الإيغور، ذوي الأصول التركيّة، الذين تعرضوا للتعذيب والاعتقال على أيدي السلطات الصينية، ليطلّ أردوغان، في آذار (مارس) من العام الماضي، معلقاً على وضع الإيغور بأنّه عار على جبين الإنسانية، ومتهماً كلّ رؤساء الدول الإسلامية بخذلان المسلمين.

الموقف الأوروبي الرافض للتدخل التركي في ليبيا، مع اقتصاد أنقرة المتعثر، دفعا أردوغان إلى التوجه نحو الصين، حتى لو كان هذا على حساب قضيته الإسلامية التي يروّج لها

ولأنّ لا شيء ثابت في السياسة سوى التغير الدائم، عاد أردوغان بعد أربعة أشهر فقط، ليخبر العالم أنّ المسلمين الإيغور يعيشون بسعادة، وأنّ تركيا حريصة على وحدة الأراضي الصينية، واليوم يخطط لتسليم 50 ألفاً منهم إلى الصين؛ فلماذا تراجع "الخليفة" عن نصرة رعاياه؟

لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة

في زيارته، العام الماضي، إلى الصين، أفادت وسائل الإعلام الرسمية، على لسان الرئيس التركي المشهور بدفاعه عن المسلمين، بأنّ "سكّان إقليم شينغيانغ الصيني يعيشون بسعادة، بفضل المسار الاقتصادي المتصاعد للصين، جاءت تلك التصريحات بعد بضعة أشهر من خلافات بين بكين وأنقرة، في أعقاب بيان الخارجية التركية، الذي أصدرته في شباط (فبراير) من العام الماضي، وأكدت فيه قائلة: "لم يعد سراً أنّ أكثر من مليون تركي من الإيغور يتعرضون لاعتقالات تعسفية، وللتعذيب، وغسيل الأدمغة السياسية في معسكرات الاعتقال والسجون"، واختتمت الخارجية بيانها بأنّ أنقرة في مباحثات مع بكين لحلّ هذه الأزمة.

لماذا تراجع "الخليفة" عن نصرة رعاياه؟

لكن سرعان ما تهاوت تلك الشوفينية الإسلاموية، أمام تهاوي الليرة التركية، التي تعاني من تذبذب مستمرّ، خاصة منذ عام 2015، ومنذ ذلك الوقت والرئيس التركي يترنّح طالباً المساعدة من ألمانيا، مستخدماً ورقة اللاجئين السوريين للضغط على المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي نفت حكومتها تقديم أيّة مساعدات لأنقرة، بالرغم من الضغوط السياسية التي مارستها تركيا على ألمانيا، منذ عام 2018، وبالتوازي مع هذه الأزمة لم يجد أردوغان حرجاً من احتلال الشمال السوري، وأسلمة قضيته، طمعاً في الخروج من أزمته الداخلية، لكنّ سوريا لم تجلب له سوى المزيد من الأزمات المالية، فهرع إلى الصين، التي يشتبك معها في سوريا، ويتودّد إليها منسحباً من دعمه المزعوم لمسلمي الإيغور.

أفادت وسائل الإعلام الصينية على لسان أردوغان بأنّ سكّان إقليم شينغيانغ الصيني يعيشون بسعادة

 وبحسب الباحث في العلوم السياسية، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، بدر يوسف؛ فإنّ "ما يمارسه أردوغان هو النهج المعتاد للإسلاميين في تركيا، بل وأينما حلّوا وفي كلّ زمان".  ويضيف يوسف في حديثه لـ "حفريات": "بالطبع أردوغان يتلاعب بالإيغور، فهو يستغلهم باسم الدين والقومية الطورانية؛ ولا ننسى أنّ من طبيعة الإسلاميين في تركيا، البراجماتية وإعلاء المصلحة على أيّة قيمة، ولذلك، سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى نشر نموذج الإسلام التركي؛ لأنّه النموذج الذي يمكنها التعامل معه، تركيا أردوغان لن تتأخر في بيع الإيغور، طالما هناك مصلحة أعلى؛ إذ استخدمتهم من قبل كورقة ضغط على الصين لصالح الأمريكيين والأوروبيين، والآن تبيعهم مثلما فعلت مع تتار القرم من أجل المصالح الاقتصادية".

الغضب الصيني

وفق تقرير نشرته صحيفة "فورين بوليسي"، في تموز (يوليو) من العام الماضي، أوضحت فيه؛ أنّه "بتصريح أردوغان، الذي أغضب الصين وردت عليه بقوة، سرعان ما انهارت أنقرة، التي تتمثّل أولوياتها الآن في إعادة إحياء الروابط التاريخيّة وتعزيز التعاون مع الصين؛ حيث تسعى تركيا للحصول على دور رئيس في مبادرة الطريق إلى بكين، عبر سكّة حديدية بين الصين وتركيا، والتي يجب أن تمرّ عبر شينغيانغ، وبما أنّ أردوغان لديه دولة يديرها، فلن يشعر بالعواطف حيال هذه القضية، التضامن الإسلامي هو شعار حملة جيدة وعلاقات عامة دولية جيدة، لكنّ أردوغان قلق على مصير الاستثمارات الصينية داخل بلاده، في وقت تمرّ تركيا فيه بأزمة اقتصادية تفاقمت مع أزمة كورونا".

ما يمارسه أردوغان هو النهج المعتاد للإسلاميين في تركيا، بل وأينما حلّوا وفي كلّ زمان

ويشير بدر إلى أنّ "تركيا تلعب دائماً لعبة مزدوجة، فإن كانت تكسب الصين الآن، وتقلق على مستقبلها الاقتصادي مع بكين، خاصة مع اهتمام الصين بمشروعها "الحزام والطريق"، وطموحات تركيا في ارتباط مشاريعها التنموية بهذا المشروع؛ فهي أيضاً تقوم باستفزاز الأمريكيين والأوروبيين، للحصول على مكاسب أكثر؛ حيث تمثّل تركيا بوابة مهمة لأوروبا، وحائط صدّ أمام القوى الآسيوية، وهناك قلق من تنامي الوجود الصيني على الحدود الأوروبية"، خاصةً بعد أن ساعدت الصين تركيا في الحصول على قرض بقيمة 3.6 مليار دولار للطاقة والنقل، في إطار تعثّر الاقتصاد التركي.

أروغان يتخلص من مرتزقته

يبدو أنّ الموقف الأوروبي الرافض للتدخل التركي في ليبيا، مع اقتصاد أنقرة المتعثر، دفعا أردوغان إلى التوجه نحو الصين، حتى إن كان هذا على حساب قضيته الإسلامية التي يروّج لها، وهو ما يتطرق إليه الباحث بدر يوسف، بقوله: "علينا ألا ننسى أنّ تركيا كانت بمثابة أداة أسلمة القضية السورية سابقاً، وأنّها قامت باستجلاب المقاتلين والجهاديين، ومنهم الإيغور، إلى داخل سوريا، والآن حان وقت الحصاد، وتركيا تريد التخلص من هذا الخزّان الجهادي، فترسله إلى ليبيا، أو تعقد صفقات مع مخابرات بلاد هؤلاء الجهاديين لتسلّمهم، ومسألة التخلص من الإيغور جزء من ذلك".

وبحسب تحقيق نشرته صحيفة "صنداي تليغراف" البريطانية، فإنّ الرئيس التركي بصدد التخلص من أكثر من 50 ألف من مسلمي الإيغور، عبر دولة ثالثة؛ إذ أورد التقرير شهادات حيّة لبعض الأشخاص تمّ احتجازهم في السجون التركيّة، لتجهيزهم لرحلة العودة إلى الصين.

ويبدو أنّ الاحتياج إلى مثل هذا النوع من الدعايات الإسلاموية من قبل أردوغان لم يعد يحقق الأهداف المنشودة، والتي تعدّ الدعم الاقتصادي للبلاد أهم الأولويات؛ إذ يمثّل خروج البلاد من أزمتها المالية التي تزلزل كرسي حكم أردوغان وحزبه.

اقرأ أيضاً: مسلمو الإيغور: الصين تفصل الأطفال المسلمين عن عائلاتهم

المصالح الاقتصادية وحدها كانت محركاً لأردوغان لتغيير موقفه الذي أعلن عنه منذ عام 2009، منذ أن كان رئيساً للوزاء، واصفاً ما جرى مع مسلمي الإيغور في الصين بالإبادة الجماعية، ليعاود الكرّة، عام 2015، ويقدم مأوى للفارين من الصين إلى بلاده، إلّا أنّ بكين استخدمت سياسة العصا والجزرة، بحسب وصف صحيفة "نيويورك تايمز"، بعد تصريحات السفير الصيني بأنقرة، دينغ لي، ردّاً على انتقادات تركيا، لوكالة "رويتزر" قائلاً: " إذا اخترتم سبيلاً غير بنّاء، فسوف يؤثر سلباً في الثقة والتفاهم، وسينعكس ذلك على العلاقات التجارية والاقتصادية"، وبعد التراجع التركي صرّح لي بأنّ "الصين تريد مضاعفة استثماراتها في أنقرة إلى 6 مليارات دولار، ومضاعفة أعداد السائحين بحلول عام 2021".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية