إخوان تونس وحلم العودة... الحوار الوطني آخر محاولات المشاركة

إخوان تونس وحلم العودة... الحوار الوطني آخر محاولات المشاركة

إخوان تونس وحلم العودة... الحوار الوطني آخر محاولات المشاركة


15/11/2023

مع تطويق فرع تنظيم الإخوان، الممثل في حركة النهضة، بالتحقيقات في جرائم جنائية وأمنية، تستعد تونس لترميم آخر مؤسساتها التي ضربها فساد العشرية الإخوانية، عبر انتخاب مجالس محلية خالية من التنظيم، بعد أن مضت خطوات في طريقها نحو استعادة الحياة السياسية لنبضها من جديد.

لكنّ مراقبين نبهوا من أنّ الحركة تسعى للإفلات من أزمتها بالعودة إلى المشهد السياسي عبر أذرع جديدة لها، ومع بدء العد التنازلي لإجراء الانتخابات المحلية في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بدأ الإخوان وممثلوهم خارج أسوار السجن يتحركون من أجل العودة من جديد إلى المشهد.

آخر هذه التحركات ما صدر عن ممثلي جبهة الخلاص الوطني (الواجهة السياسية لحركة النهضة) من مطالب بتنظيم حوار وطني يضم كافة الأطراف، واقتراح إصلاحات تتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي "المتردي".

جبهة الخلاص تحرك خيوط عودة الإخوان

واعتبر رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي الإثنين أنّ "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متردية، وأنّ تونس تعيش أزمة مديونية خانقة، والمطلوب إيقاف النزيف عبر إصلاحات يقررها التونسيون عبر حوار وطني يضم كافة المكونات السياسية والمدنية".

وقال خلال كلمة له في ندوة صحفية عقدتها جبهة الخلاص من أجل الحديث عن القضية الفلسطينية وقانون المالية: "يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطنية لتطبيق ما يتم الاتفاق عليه، وأيضاً القيام بإصلاحات دستورية..."، مضيفاً أنّ "فشل مبادرة الحوار التي قادها الاتحاد في وقت سابق هو عدم تمثيلها لكافة الأطراف السياسية والمدنية المختلفة".

رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي

واعتبر الشابي أنّ "مشروع القانون لميزانية عام 2024 يؤكد حاجة تونس إلى الاقتراض الداخلي والخارجي، وانعدام الرؤية في تعبئة الموارد الخارجية مقابل إرهاق النظام البنكي التونسي، وفق ما أكدته وكالة التصنيف (فيتش)".

ويقول مراقبون: إنّ الالتجاء إلى آلية الحوار فرض على المعارضة التي ما انفكت ترفض إجراءات سعيّد وتوجهاته السياسية وتصفها بكونها "انقلاباً على الشرعية"، وتعتبر قوى في تونس تلك الإجراءات "تكريساً لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحاً لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي (1987ـ 2011).

وتضم جبهة الخلاص (10) مكونات سياسية إخوانية، أو موالية للجماعة؛ (5) أحزاب و(5) تنظيمات.

تستعد تونس لترميم آخر مؤسساتها التي ضربها فساد العشرية الإخوانية، عبر انتخاب مجالس محلية خالية من التنظيم.

ومن بين أعضاء الجبهة: حركة النهضة، وقلب تونس "حزب نبيل القروي"، وائتلاف الكرامة الإخواني، وحراك تونس الإرادة "حزب الرئيس السابق المنصف المرزوقي"، وحزب الأمل، بالإضافة إلى (5) مجموعات سياسية أخرى منها: مواطنون ضد الانقلاب، وتوانسة من أجل الديمقراطية "أنصار الإخوان".

هذه الأحزاب المشكلة للجبهة هي التي كانت ممثلة في البرلمان الذي تم حله يوم 30 آذار (مارس) 2022، وأعضاؤها متهمون بفضائح فساد مالي، وجرائم إرهاب، وغسل الأموال والسرقة.

وكان الشابي حليفاً قوياً للإخوان، وتحالف معهم منذ عام 2005، من خلال "تحالف 18 تشرين الأول (أكتوبر)"، وقد عمد إلى بعث حركة سياسية ساهمت بشكل كبير في تطبيع العلاقة بين الحركة الإخوانية والمجتمع التونسي وفتح حزبه (الحزب الديمقراطي التقدمي) أمامهم، ليحوّلوه إلى غطاء لنشاط حزبهم المحظور وقتها.

محاولات العودة تصطدم بالرفض الشعبي

ويصطدم طموح جماعة الإخوان في العودة بالرفض الشعبي الكاسح لعودتها إلى المشهد السياسي، بعد فشلها الذريع خلال مشاركتها في إدارة البلاد من 2011-2021، وبرز ذلك بشكل واضح خلال الاحتجاجات الشعبية التي جابت مختلف محافظات تونس في 25 تموز (يوليو)، التي طالبت بإسقاط الحركة ومحاسبتها على أعوام الحكم.

هذا، وفشلت الحركة خلال الأعوام الأخيرة في حشد الشارع التونسي، فقد فشلت كل المسيرات التي دعت إلى تنظيمها، وكانت دعوة الخروج احتجاجاً على إغلاق البرلمان  أكبر فشل عاشته الحركة في 26 تموز (يوليو) 2021.

تشهد الحركة الإخوانية انهياراً غير مسبوق في شعبيتها

وتتفق أغلب القراءات السياسية لأعوام حكم الإخوان وفشلهم بعد فترة قصيرة من تسلم السلطة على أنّ الإسلام السياسي فشل في أن يقدم نفسه كبديل سياسي مقنع للشعوب العربية، وأنّ حركات الإسلام السياسي لم تطرح أولويات حقيقية، ولم تستطع أن تنشئ مشروعاً سياسياً، أو أن تكون لها قيادات فاعلة ومحبوبة من قبل الناس، بل دخلت في خلافات مع الأطراف الأخرى ومؤسسات الدولة من أجل البقاء في السلطة.

وتشهد الحركة الإخوانية انهياراً غير مسبوق في شعبيتها، حسبما أظهرت عدة استطلاعات جرت مؤخراً، مقابل تنامي ثقة المواطنين في الرئيس قيس سعيّد ودعمهم الكبير لقراراته.

تهم ثقيلة 

كما يصطدم طموح العودة بحزمة التهم الموجهة إلى أغلب قيادات الحركة ورئيسها الغنوشي بارتكاب جرائم غسيل أموال وإرهاب، ويرى مراقبون أنّ التهم التي تواجه حركة النهضة في أروقة القضاء، ومنها غسيل الأموال، وتلقي تمويلات أجنبية، والتخطيط لاغتيالات سياسية، وقضية التنظيم السري أو "العلبة السوداء"، الذراع المسلحة السرية للحركة، والإرهاب، تستدعي إصدار قرار من رئيس الجمهورية بحلّ الحركة.

آخر هذه التحركات ما صدر عن ممثلي جبهة الخلاص الوطني (الواجهة السياسية لحركة النهضة) من مطالب بتنظيم حوار وطني يضم كافة الأطراف.

وتوقعوا أن تمهّد محاكمة الغنوشي ورفاقه، الجارية الآن في قضية التمويلات الأجنبية، إلى فتح ملفات أخرى ترتبط بجرائم الحركة، وفي مقدمتها ملف الاغتيالات السياسية، وأن يتبع هذا قرار بإنهاء الحركة.

وقد بدأ الرئيس قيس سعيّد خطوات إصلاحية عميقة في تونس بداية من 25 تموز (يوليو) 2021، بإعلان تجميد البرلمان ذي الغالبية الإخوانية، ثم حله لاحقاً، وإقالة الحكومة، وتبع ذلك تغييرات في القضاء وكافة مؤسسات الدولة، ووصلت في 25 تموز (يوليو) 2022  إلى الاستفتاء على دستور جديد للبلاد، يتبعه إعداد قانون للانتخابات، وتنظيم عمل الأحزاب والمنظمات وشروط تمويلها، ثم تختم الخارطة السياسية بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

مواضيع ذات صلة:

حركة النهضة الإخوانية تجدد الثقة في الغنوشي وتزيح التيار المعارض.. ما التفاصيل؟

الجهاز السري لحركة النهضة التونسية.. هل تكشف التحقيقات ما أخفاه الإخوان لسنوات؟

عقد من الخطايا... حركة النهضة فشلت في أخونة المجتمع وأخفقت في حكم البلاد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية