إعلام الإخوان.. لماذا فشل وما مآلاته المستقبلية؟ دراسة حديثة تجيب

إعلام الإخوان.. لماذا فشل وما مآلاته المستقبلية؟ دراسة حديثة تجيب


20/04/2022

اعتمدت جماعة الإخوان على الإعلام كأحد أهم الأذرع، التي ساهمت في رسم صورتها الخاصة وتثبيت قواعدها داخل مصر وخارجها، وكذلك تعزيز قدرتها على تجنيد الأعضاء الجدد، منذ نشأتها في عام 1928 على يد مؤسسها حسن البنا، ثم توالت الأدوار مع انتشار الجماعة وتوسع نشاطها الحركي لتدفع منظومتها الإعلامية أيضاً نحو لعب أدوار جديدة.

 وفي أعقاب عام 2013، وما شهده من سقوط مدوٍّ للتنظيم في مصر، تبعته سقطات متتالية في معظم الدول العربية، ثم تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي، تكشفت مهمة جديدة للإعلام الإخواني تمثلت في محاربة المصريين وشن هجمات مكثفة ومتلاحقة بغرض إثارة الفوضى ودفع المواطنين لتنيفذ مخططات عدائية ضد البلاد.

وبشكل تفصيلي تناولت الدراسة السابعة "النشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة الإخوان المسلمين.. الرؤية، الأهداف، المستقبل"، الصادرة ضمن موسوعة "جماعة الإخوان المسلمين" التي يصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بصفة دورية، آليات توظيف الإخوان للمنظومة الإعلامية كأحد أدوات الحرب ضد المنطقة العربية، فضلاً عن كونها منصات ترويجية لنشاط التنظيم وعاملاً مؤثراً في قدرة القيادات على حسم الصراع فيما بينهم.

 

وظفت الجماعة، منذ نشأتها، وسائل الاتصال والإعلام التي كانت متاحة في ذلك الوقت، وعلى رأسها الصحافة الورقية، في نشـر أفكار الجماعة وتحقيق أهدافها في التعبئة والتحشـيد وكسب الرأي العام

 

وبحسب الدراسة، فقد "أولت جماعة الإخوان المسلمين أهمية كبيرة للإعلام منذ نشأتها عام 1928؛ وجعلته أحد أهم الركائز التي تقوم عليها بنيتها التنظيمية والدعوية"، وتتمثل وظائفه، بحسب الدراسة، في مجموعة من الأهداف التي يسعى الإخوان لتحقيقها والتي تتمحور حول "نشـر فكر الجماعة، والدعوة إلى أستاذية العالم والترويج لفكرة إحياء الخلافة".

كيف وظفت الجماعة "الإعلام" لحسم المعارك السياسية؟

وترى الدراسة، التي أعدها مجموعة من الباحثين في المركز، أنّ الجماعة قد "نجحت في تطوير ممارستها الإعلامية حتى تكون في مستوى التجاوب مع متطلباتها في الانتشار الجماهيري وخوض المعارك السـياسـية، وقد أدركت مدى أهمية ازدواجية الخطاب والمناورة في صقل العبارة والتوظيف البراغماتي للأحداث المأساوية من تاريخ الأمة وملاحم قياداتها التاريخية منذ البعثة المحمدية في إقرار منظومة مفاهيمية منسجمة مع المرجعية الأيديولوجية لتنظيمها السـياسـي ومطامحه".

أولت جماعة الإخوان المسلمين أهمية كبيرة للإعلام منذ نشأتها عام 1928

وبحسب الدراسة "سمحت أطروحة "ترابط الدين والسـياسة" للجماعة بالولوج إلى السـياسة بواسطة الدين والتدخل في الدين بواسطة السـياسة، وهي أطروحة تأسست على جملة شعارات روجتها الجماعة عبر أدواتها الإعلامية والاتصالية، مثل شعار "الإسلام هو الحل" الذي بات يعبر عن لازمة في خطاباتها الأيديولوجية؛ وبهذا أتاحت هذه الأطروحة للجماعة ممارسة التَّقِيَّة والبراغماتية في خطاها نحو التغيير السـياسـي، ومن ثم التعبير عن مفهومها لحاكمية الشـريعة وجاهلية المجتمع بلغة تحظى بالمقبولية في الأوساط المسلمة".

وأوردت الدراسة أنّ: جماعة الإخوان المسلمين وظفت منذ نشأتها وسائل الاتصال والإعلام التي كانت متاحة في ذلك الوقت، وعلى رأسها الصحافة الورقية، في نشـر أفكار الجماعة وتحقيق أهدافها في التعبئة والتحشـيد وكسب الرأي العام، ولتمكين الجماعة من التغلغل في المجتمع المصـري والمجتمعات العربية والإسلامية الأخرى.

 

لعبت منظومة الإعلام الإخواني ولاتزال على بعد غاية في الأهمية يتمثل في "تصفية الخصوم" لصالح مشروع الجماعة، بالتشويه وتزييف الحقائق وتوجيه الاتهامات التي تصل أحياناً لـ "التكفير"

 

لم تتأخر جماعة الإخوان المسلمين، وفق الدراسة، عن اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة والإعلام الرقمي وامتلاك أدواته ووسائله، حيث وجدت فيه أداة ناجعة تساعدها في كسـر احتكار الدول لهذا المجال ولنشـر أفكارها بصورة أسـرع في المجتمعات العربية من جانب، ووسـيلة مهمة للدفاع عن الجماعة وتحسـين صورتها بالترويج لنفسها بوصفها جماعة معتدلة تؤمن بالديمقراطية والحريات العامة من جانب آخر.

أداة لتشويه الخصوم

وتشير الدراسة إلى بعد غاية في الأهمية، يرتبط بالدور الوظيفي الذي لعبته منظومة الإعلام الإخواني ولاتزال تمارسه، يتمثل في "تصفية الخصوم" لصالح مشروع الجماعة، بالتشويه وتزييف الحقائق وتوجيه الاتهامات التي تصل أحياناً لـ "التكفير".

 وبحسب الدراسة، "تعامل إعلام الإخوان المسلمين مع المعارضة أو الخصوم بأساليب مختلفة، بعضها ينطوي أحياناً على التقليل من القدر أو الشأن أو حتى التسخيف، كما لجأ هذا الإعلام إلى أسلوب بث الشائعات بغرض التأثير في هؤلاء الخصوم".

 

أحد أهم أسباب فشل إعلام الإخوان، وفق الدراسة، يتمثل في الابتعاد عن أخلاقيات العمل الإعلامي؛ حيث افتقد المصداقية، ودأب على بث بعض الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنه الدقة والموضوعية

 

وأضافت: "أجاد الإخوان استخدام الإعلام في صناعة البطولة وخاصة خلال الفترة التي تولوا فيها الحكم في مصـر؛ حيث جرى إظهار الأشخاص الذين تولوا الشأن العام على أنهم أبطال ويتميزون عن غيرهم ممن ينافسونهم".

وترى الدراسة أنّ الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين لا ينفصل عن منظومة القيم الرئيسـية للجماعة التي تسعى إلى ترسـيخها بين المنتمين إليها، وخاصة قيم الولاء والسمع والطاعة، باعتبارها تشكل ركيزة الحفاظ على البناء التنظيمي والإداري للجماعة.

وتشير إلى أنّ الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين اتسم بالاعتماد غالباً على المشايخ والدعاة وعلماء الدين وليس على الخبراء والمتخصصـين، وتقديم ذوي الثقة على أصحاب الخبرات والكفاءات.

لماذا فشل الإعلام الإخواني؟

ترجع الدراسة أسباب فشل الإعلام الإخواني إلى عدة أسباب أبرزها؛ الإفراط في الاهتمام بالجوانب السـياسـية والصـراعات القائمة، وإهمال هموم الناس ومتابعة الجهات المعنية بها؛ وهذا من أهم أسباب تراجع شعبيته.

أجاد الإخوان استخدام الإعلام في صناعة البطولة وخاصة خلال الفترة التي تولوا فيها الحكم في مصـر

كما تشير، الدراسة، إلى البراغماتية كسمة أساسـية من سمات إعلام الإخوان؛ حيث غدت وسائل الإعلام المختلفة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أدوات للدفاع عن أفعال أو قرارات الجماعة، حتى لو كانت متناقضة مع الأسس التي قامت عليها أو المبادئ التي شكلت أدبياتها.

وتؤكد أنّ أحد أهم أسباب فشله أيضاً، يكمن في الابتعاد عن أخلاقيات العمل الإعلامي؛ حيث افتقد المصداقية، ودأب على بث بعض الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنه الدقة والموضوعية، كما حرض بعد ثورة 30 يونيو وعزل الرئيس الإخواني محمد مرسـي على العنف ضد نظام الحكم في مصـر وضد بعض المؤسسات وأصحاب مهن معينة، ودعم الجماعات المسلحة التي مارست العنف والإرهاب في البلاد، وسعى كذلك لتغذية التوتر في المجتمع المصـري.

وتشير الدراسة أيضاً إلى استخدام إعلام الإخوان لغة غير لائقة في مواجهة خصومه والمختلفين معه، وقد جلبت هذه اللغة عليه انتقادات شديدة، وخاصة أنها اعتُبرت خارجة عن المهنية وعن أخلاقيات العمل الإعلامي.

وتخلص الدراسة إلى أنّ مجموعة من المؤشـرات برزت مؤخراً كدليل على عدم قدرة إعلام الإخوان بعد عام 2013 على الاستمرارية؛ ومنها: الصـراعات والانقسامات الداخلية التي انعكست على هذا الإعلام، وانتشار الفساد داخله كما في قناة "الشـرق"، وضعفه وعدم قدرته على مواجهة القنوات المصـرية المنافسة له، وتحوله إلى أداة في يد تركيا.

وأضافت: يواجه إعلام الإخوان في هذه المرحلة أزمة حقيقية كبرى تضعه على طريق الاختفاء أو "الموت الإكلينيكي" بالنظر إلى مجموعة من العوامل؛ من بينها: فقدانه بيئته الأصلية التي كان يعمل فيها وهي البيئة المصـرية، وغياب التعاطف من قِبل الشعب المصـري، وخسارته الملاذ الذي وفرته تركيا له، وصعوبة إيجاد ملاذ آخر له، وتحوُّله إلى مجرد منصة ممولة بمال سـياسـي بهدف التشهير بالخصوم، بالإضافة إلى الخلافات الداخلية التي تعانيها الجماعة، وفشلها في تحقيق أهدافها.

مواضيع ذات صلة:

لماذا انتفضت لجان "الإخوان" الإعلامية؟

التقارب العربي التركي: هل دخل إعلام الإخوان نفق المجهول؟

هل يساهم سلاح الإعلام في حسم الصراع داخل جماعة الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية