إهانة أخرى لتركيا

إهانة أخرى لتركيا


16/11/2020

عائشة المري

عاد التوتر للعلاقات التركية الأميركية بعد إعلان الخارجية الأميركية عن جولة واسعة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، تشمل سبع دول من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا والقوقاز والشرق الأوسط، بهدف مناقشة مسائل هامة في طليعتها مكافحة الإرهاب وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، فضلاً عن الحريات الدينية، وذلك في الفترة بين يومي 13 و23 من شهر نوفمبر الجاري. وكان من المستغرب أن يخلو برنامج الزيارة المعلن لتركيا من أي لقاء بين وزير الخارجية الأميركي ومسؤولين أتراك، حيث سيتوجه بومبيو إلى إسطنبول للقاء البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، الزعيم الروحي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي حول العالم، لمناقشة القضايا الدينية في تركيا، وسيطرح «موقف الولايات المتحدة الثابت إزاء حرية الأديان في كافة أنحاء العالم» وفقاً لبيان الخارجية الأميركية، وهو ما اعتبرته تركيا إهانةً أميركيةً وتدخلاً في شؤونها الداخلية.
وبدأت جولة بومبيو الخارجية الجمعة الماضي، وسيلتقي في محطته الأولى الرئيسَ الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته ومسؤولين بارزين آخرين، ثم سيتوجه إلى إسطنبول حيث سيبحث مع البطريرك برثلماوس الأول القضايا الدينية في تركيا، وبعد ذلك سيسافر إلى تبليسي، حيث سيجتمع مع رئيسة جورجيا ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، كما سيلتقي بومبيو بالزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية الجورجية البطريرك يليا الثاني. ومن ثم سيزو إسرائيل، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ومن إسرائيل سيتوجه بومبيو إلى دولة الإمارات، حيث سيلتقي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ثم يتجه إلى قطر، ومن ثم ستكون السعودية محطته الختامية، حيث سيلتقي ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان. 

وقد انتقدت الخارجية التركية بيان وزارة الخارجية الأميركية ووصفته بأنه «غير ملائم للغاية»، مؤكدةً أن تركيا تحمي حقوق المواطنين من مختلف الأديان في ممارسة دياناتهم بحرية. وكان «تقرير الحريات الدينية» لعام 2020 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية في مايو الماضي، قد وجَّه انتقادات قوية لتركيا، مؤكداً أنه في عام 2019 ظلَّت ظروف الحرية الدينية في تركيا «مقلقة». وانتقدت واشنطن قرار تركيا تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد بعد أكثر من سبعين عاماً على قرار أتاتورك وقف الصلاة فيه، مما أثار انتقادات واسعة داخل تركيا وخارجها، كما أثار استياء الطوائف المسيحية الأرثوذكسية، حيث أعلن المجلس العالمي للكنائس (يمثل 350 كنيسة ومقره جنيف)، في رسالة وجهها للرئيس التركي، أن هذا القرار يهدد بتشجيع «طموحات مجموعات أخرى، خارج تركيا، تسعى إلى تغيير الأمر الواقع وإحياء الانقسامات بين المجتمعات الدينية». وتعد آيا صوفيا أحد أقدم الآثار البيزنطية في العالم، ويعتبر أتباع الكنيسة الكاثوليكية أن آيا صوفيا رمز ديني فقدوه.
ويمثل تجاهل وزير الخارجية الأميركي للمسؤولين الأتراك في أنقرة واقتصاره على زيارة البطريك في إسطنبول، إهانة أميركية مقصودة تتعدى ملف الحريات الدينية وتحويل «آيا صوفيَا» مسجداً، إلى الخلافات السياسية الأميركية التركية.
ومع استمرارِ ضبابيةِ المشهدِ الانتخابي الأميركي، تعطي جولة ِبومبيو الحالية دلالات متباينة، أوضحها الدلالة الدينية. فهل تراهن الحكومة التركية اليوم على تغيير السياسة الخارجية الأميركية في عهد جو بايدن، وتتجاهل الرسائل الدينية التي تحملها زيارة بومبيو لإسطنبول؟

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية