اتفاقية تركية ليبية جديدة ببنود غامضة... أردوغان يستمر في استنزاف أموال الليبيين

اتفاقية تركية ليبية جديدة ببنود غامضة... أردوغان يستمر في استنزاف أموال الليبيين


02/09/2020

تستمرّ حكومة "العدالة والتنمية" الحاكمة في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان في خطط استنزاف مقدرات الشعب الليبي بحجج واهية تتعلق بالتعاون الاقتصادي.

وفي بيان صحفي قال البنك المركزي التركي، أول من أمس، إنّه وقع مذكرة تفاهم مع البنك المركزي الليبي تحدد شروط تعاون مستمر بين الجانبين، ببنود غامضة لم يتمّ الكشف عنها في البيان.

وقال المركزي التركي: إنه يهدف بتلك المذكرة إلى تدعيم العلاقات الاقتصادية والتعاون المالي بين البلدين، وهي المبررات نفسها التي تعتمدها السلطة التركية للاستحواذ على الموارد المالية لليبيين.

من جهته، نشر مصرف ليبيا المركزي التابع للسراج بياناً مقتضباً قال فيه: إنّ محافظه الصديق الكبير أبرم اتفاقاً مالياً ووقّع مذكرة تفاهم مع نظيره التركي مراد أويصال.

وتضمنت مذكرة التفاهم "العديد من أوجه التعاون في مجال عمل المصرفين المركزيين، بما يحقق التطوير المؤسسي ورفع القدرات البشرية".

 

البنك المركزي التركي يوقع مذكرة تفاهم مع البنك المركزي الليبي بحجة دعم العلاقات الاقتصادية والتعاون المالي ببنود غامضة لم تكشف

 

كما تضمنت المذكرة "التعاون في مجال التدريب وتطوير المنظومات المصرفية وأنظمة الدفع الإلكتروني".

 لكنّ البيان لم يخض في تفاصيل هذا التعاون، ولم يتحدث عن جدول زمني لتنفيذه.

ويرى مراقبون أنه كلما ضاق الخناق بحكومة طرابلس، تلجأ لعقد اتفاقيات اقتصادية مع الحكومة التركية وذلك للحصول على دعم عسكري، وهو أمر تكرّر في الصراع المسلح بين ميليشيات الوفاق والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، حسبما نقلت "ميدل إيست أون لاين".

اقرأ أيضاً: ليبيا: الحراك يتصاعد ضد حكومة الوفاق وبهذه الطريقة يواجه السراج المظاهرات

وتثير التعاملات داخل البنك المركزي الليبي شكوكاً كبيرة حول الشفافية مع تصاعد الحديث عن عمليات نهب وسرقة تورّط فيها قادة الميليشيات وقيادات بارزة في تنظيمات الإخوان المسلمين، ما مثل أحد أسباب الاحتجاجات في طرابلس وجزءاً من الخلاف مع الجيش الوطني الليبي.

لكن وفقاً لوجهة نظر رئيس لجنة إدارة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي بالشرق الليبي رمزي الآغا، فإنّ الاتفاق يفرض مزيداً من السيطرة التركية على البنك المركزي الليبي.

وأضاف الآغا في حديث صحفي نقلته "سكاي نيوز": إنّ "الأصل ألّا يكون التدريب (المزعوم في الاتفاق) مقتصراً على دولة واحدة بعينها، بل يجب أن يكون مفتوحاً على العديد من الخيارات".

ويعني الاتفاق عملياً دراية واسعة بعمل مصرف ليبيا المركزي والعاملين فيه، كما أنّ حكومة طرابلس ملزمة بدفع تكاليف التدريب وأنظمة الدفع الإلكتروني والمنظومات المصرفية التي ستحدّدها أنقرة.

 

مراقبون: كلما ضاق الخناق بحكومة طرابلس تلجأ لعقد اتفاقيات اقتصادية مع الحكومة التركية وذلك للحصول على دعم عسكري

 

وهذا ليس أول تعاون بين مصرف ليبيا المركزي والبنك المركزي التركي؛ إذ سبق أن قدّم الأول إلى الثاني ودائع بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي، في وقت يشكو الموظفون في ليبيا من تأخر صرف الرواتب منذ أشهر، فضلاً عن انقطاع الكهرباء والماء وشحّ الوقود.

وكشفت وثائق مسربة في وقت سابق، نشرتها وسائل إعلام ليبية، أنّ المصرف المركزي حوّل في المجمل 12 مليار دولار إلى تركيا، توزعت بين 8 مليارات دولار وديعة في المصرف المركزي التركي، و4 مليارات نقداً لحكومة أنقرة.

وفي كانون الثاني (يناير) الماضي سارعت حكومة الوفاق في طرابلس لنجدة الليرة التركية المتهاوية من خلال ضخ 4 مليارات دولار في خزينة المصرف المركزي التركي، في الوقت الذي يعاني فيه الليبيون من شحّ في السيولة.

 

وتستغل أنقرة هذه الودائع من أجل تحقيق مصالحها الخاصة بعيداً عن مصالح الليبيين، مثل سد العجز المتفاقم في البلاد، خصوصاً أنّ هذه الودائع ستظل لسنوات في تركيا بلا فوائد أو عوائد.

ولا يملك الصديق الكبير شرعية، فقد أقاله مجلس النواب الليبي المنتخب من الشعب، لكنه ظلّ بمنصبه في طرابلس بسبب دعم الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق له.

وقال مسؤولون في حكومة السراج: إنّ علاقاتها مع تركيا "اضطرارية"، مؤكدين أنّ قرار أنقرة التدخل في النزاع الليبي مرتبط بشكل مباشر مع خططها الاقتصادية بالمنطقة.

 

رمزي الآغا: الاتفاق الأخير يفرض مزيداً من السيطرة التركية على البنك المركزي الليبي

 

هذا، وأبرمت تركيا وليبيا سلسلة اتفاقات كان آخرها في آب (أغسطس) الماضي، الذي حلّ المشكلات العالقة بين الشركات التركية وأصحاب العمل في ليبيا، ومهّد لمشاريع جديدة هناك.

ومن بين بنود الاتفاق، ستتمكن حوالي 100 شركة تركية، تخلت عن مشاريعها في ليبيا عام 2011 بسبب الحرب والفوضى حينها، من العودة إلى تلك المشاريع مع الحصول على تعويضات عن الأضرار التي لحقت بها، إلى جانب صفقات بقيمة 16 مليار دولار.

وفي تموز (يوليو) الماضي، أفضى اتفاق بين الطرفين إلى السيطرة التركية الكاملة على الواردات البحرية إلى مناطق الغرب الليبي، التي تسيطر عليها ميليشيات حكومة السراج.

اقرأ أيضاً: الخروج من عباءة الممول: هل تقتدي قطر بتركيا في ليبيا؟

وكان أردوغان قد أبرم مع السراج اتفاقين في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي: الأول يهدف إلى ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا، والثاني عسكري أمني.

وبدا أنّ أردوغان يريد من الاتفاق الأول السيطرة على الحقول الغنية بالنفط في مياه المتوسط، رغم أنّ بعضاً منها يعود لقبرص واليونان، ولاقى هذا الاتفاق تنديداً إقليمياً ودولياً.  

وسعى الاتفاق الثاني، كما هو معلن، إلى تقديم دعم لحكومة السراج، لكنه أعطى أنقرة عملياً موطئ قدم جنوبي المتوسط وموقعاً جديداً للنفوذ والسيطرة.

واتضح ذلك عندما أعلنت أنقرة استحواذها بشكل أو بآخر على قاعدتين استراتيجيتين في ليبيا، هما قاعدتا الوطية الجوية ومصراتة البحرية، كما منحها الاتفاق سيطرة كبيرة على الاقتصاد والأموال الليبية عبر التفاهمات المتتالية.

ووفق ما ذكرت وكالة "رويترز"، فإنّ المسؤولين الأتراك وحكومة الوفاق ناقشوا أيضاً المدفوعات المستحقة للشركات التركية عن أعمال الطاقة والبناء السابقة في ليبيا، كما بحثوا السبل التي يمكن لتركيا أن تساعد من خلالها في الاستكشاف وعمليات الطاقة، بما في ذلك التعاون في كل مشروع يمكن تصوره للمساعدة في وصول الموارد إلى الأسواق العالمية.

 

المصرف المركزي في طرابلس يقرر فتح اعتمادات مستندية للشركات التابعة لقيادات الوفاق والإخوان، وحرمان شركات المنطقة الشرقية

 

هذا بالإضافة إلى الاتفاقية التي أبرمتها شركة تركية مع الجمارك الليبية، والتي تتيح للشركة السيطرة على صادرات ليبيا ووارداتها، وجني المليارات من الدولارات بحجج تنظيمية للقطاع.

في خطوة تؤكد سيطرة تركيا وحكومة الوفاق على مصرف ليبيا المركزي، ونهبهم أموال الليبيين، قرّر المصرف فتح اعتمادات مستندية للشركات التابعة لقيادات الوفاق والإخوان، المتعاونة مع الشركات التركية، وحرمان شركات المنطقة الشرقية من أيّ اعتمادات، وفق ما نقلت صحيفة المرصد الليبية.

وخلال البيان الدوري الأسبوعي الذي يعلنه البنك لطلبات فتح الاعتمادات المستندية، كشف البنك عن المصارف والشركات التي يُتاح لها فتح اعتمادات مستندية لاستيراد السلع والمواد الغذائية، وتبين أنّ غالبية تلك الشركات تابعة لشخصيات من الإخوان وآخرين مقرّبين لحكومة الوفاق، وتتركز كلها في غرب ليبيا، فيما تمّ حرمان المصارف التابعة للحكومة الليبية المؤقتة في الشرق.

اقرأ أيضاً: مرتزقة تركيا في ليبيا عقبة أمام الحلّ السياسيّ

وبما يتعلق بما سبق، كشف الباحث والمحلل الليبي حمد المالكي، في تصريح للعربية، أنّ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، الخاضع لحكومة الوفاق، لا يمنح أيّ اعتمادات للمصارف التي تخضع إدارتها لسلطة البرلمان الليبي والحكومة الليبية المؤقتة، ومن بينها مصارف الوحدة والتجاري الوطني والتجارة والتنمية وجميعها تقع في برقة.

الصفحة الرئيسية