الإخوان المسلمون: انقسامات حادة في التنظيم الأم وإفلاس سياسي وتحدٍّ للإرادة الدولية

الإخوان المسلمون: انقسامات حادة في التنظيم الأم وإفلاس سياسي وتحدٍّ للإرادة الدولية


02/02/2022

تواصل الانقسام التنظيمي على مستوى القيادة في جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث أصدرت جبهة إبراهيم منير، بياناً يوم السبت 29 كانون الثاني (يناير) الماضي، تبرّأت فيه ممن وصفتهم بالمنشقين. وفي تونس، واصلت حركة النهضة التعبير عن حالة الإفلاس السياسي التي تمر بها، حيث عقد زعيم الحركة، راشد الغنوشي، جلسة افتراضية عبر تطبيق زووم، للبرلمان المجمّد، دعا إليها حلفاء حركة النهضة من النواب. وفي ليبيا، رصدت تقارير متعددة، تحركات عسكرية للمليشيات الإخوانيّة المسلحة، اتجهت من مصراتة نحو العاصمة طرابلس، ما يهدد المسار السياسي المتعثر بالانهيار.

إخوان مصر على طريق الانهيار التنظيمي

تواصلت حدة الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين، واستمرت حرب البيانات في التصاعد، حيث أصدرت الجماعة (جبهة إبراهيم منير)، بياناً السبت 29 كانون الثاني (يناير) الماضي، تبرأت فيه ممن وصفتهم بالمنشقين، جاء فيه: "ليس منا، ولسنا منه، كل من خرج عن الصف، وكل من ساهم في شق الجماعة، وترديد الافتراءات الكاذبه بحقها".

البيان نصح المجموعة المنشقة بالعودة إلى الصف، ولفت إلى أنّ اللجنة القائمة بعمل المرشد غير شرعية، بداعي أنّها تخالف لوائح وأدبيات الجماعة. ونظراً لخطورة حالة الانقسام، والتي تضرب بعرض الحائط كل المفاهيم التي مكّنت الجماعة من البقاء لنحو قرن من الزمان، وعلى رأسها مفهوما الولاء والبراء والبيعة، طالب التنظيم بالالتزام بالبيعة، وفقاً لما ورد في البيان: ليلتئم جرح الانقسام والتشتت، ولنتحد في العمل لرفعة الدين والوطن، ونسهم جميعاً في حل أزماته الحالية.. ونستعيد الدور الحقيقي للدعوة مع المجتمع، وليكن مبضع الطبيب؛ وسيلة لشفاء الجسد".

  تواصلت حدة الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين واستمرت حرب البيانات في التصاعد

وفي السياق نفسه، أكّد صهيب عبد المقصود، المتحدث الإعلامي للجماعة (جبهة لندن)، في حوار، من اللافت أنّه جاء على قناة مكملين، عدم الاعتراف بعضوية مجموعة الستة في الجماعة، وكذا من انضم إليهم، مدعياً أنّ إبراهيم منير يسيطر بشكل كامل على مؤسسات التنظيم الفاعلة، زاعماً في الوقت نفسه أنّ مجموعة، محمود حسين، اختارت طريقاً غير طريق الجماعة.

اقرأ أيضاً: شطب التمثيل الإخواني بالمجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا.. ماذا بعد القرار؟

من جهتها، حاولت جبهة اسطنبول البحث عن أيّ مظلة شرعية، من أجل معاودة العمل داخل الأراضي التركية، حيث هيمن الإخوان، بشكل علني، على مجلس إدارة ما يسمى بجمعية الجالية المصرية في تركيا، وهي منظمة مجتمع مدني، تأسّست رسمياً في العام 2017.

 ولا يمكن اعتبار هذه الجمعية ممثلاً رسمياً وحصرياً للجالية المصرية في الأراضي التركيّة، حيث إنّ تمدد الإخوان في داخلها معروف منذ تأسيسها.

انتخابات الجمعية أسفرت عن سيطرة أنصار محمود حسين على مجلس إدارتها، ما يتفق مع رغبة جبهة اسطنبول في العمل خلف واجهة شبه رسمية، وبالتالي الحصول على غطاء؛ يمكن من خلاله التحرك في مواجهة جبهة لندن، من جهة، وكذا التماهي مع الإجراءات التركية الجديدة، التي قيدت حركة التنظيم، من جهة أخرى.

اقرأ أيضاً: لا منير ولا حسين: جبهة إخوانية ثالثة تسعى لقيادة التنظيم

اللافت في نتيجة الانتخابات، التي انعقدت في 23 كانون الثاني (يناير) الماضي، هو وصول محمد نصر الدين الغزلاني، إلى عضوية مجلس الإدارة، رغم أنّه مدرج على قوائم الإرهاب الأمريكيّة، كما ضم مجلس الإدارة عدداً من رجال الأعمال الإخوان؛ في محاولة لخلق تكتّل مالي، يضم عناصر القوة داخل جبهة إسطنبول.

إخوان تونس على خط المواجهة

في تونس، تلّقت حركة النهضة الإخوانيّة صفعة جديدة؛ حيث أصدرت دائرة الجنح السادسة، التابعة للمحكمة الإبتدائية، حكماً غيابياً بتغريم راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، 10 آلاف دينار، بعد إدانته بمخالفة قانون الإشهار السياسي؛ وذلك بعد نقل قناة الزيتونة لحفل اختتام الحملة الانتخابية لقائمتي صفاقس1، وصفاقس 2، بالمخالفة للقانون.

من جانبها، زعمت زينب البراهمي، رئيسة اللجنة القانونية لـحركة النهضة، أنّ "القناة المذكورة نقلت فعاليات الحملة، ولا يمكن منعها في إطار حرية العمل الصحافي". كما ادعت أنّه "لا يوجد أيّ تعاقد بين حركة النهضة والقناة، حتى يتم احتساب ما نقلته إشهاراً سياسياً".

البراهمي بيّنت أنّ هذا "الحكم الغيابي، بمجرد الاعتراض عليه؛ يعتبر في حكم العدم". وأضافت: "هذه الغرامة المالية لا يترتب عنها إسقاط القائمة الانتخابية، كما يتم الترويج له". كما زعمت أنّ "هناك طابعاً سياسياً في طريقة تناول القضية".

تلّقت حركة النهضة صفعة جديدة بتلقي الغنوشي حكماً غيابياً بتغريم مالي بعد إدانته بمخالفة قانون الإشهار السياسي

من جهة أخرى، حاولت حركة النهضة لفت الانتباه إليها؛ من خلال استغلال أيّ حدث، وتوظيفه للتحريض والتعريض بالنظام السياسي القائم، حيث وصفت وفاة أحد المتظاهرين في تظاهرات جرت في ذكرى الثورة، بـــأنّه "جريمة قتل شنعاء".

حركة النهضة قالت في بيان رسمي: "ندين جريمة القتل الشنعاء، على إثر وفاة رضا بوزيان، متأثراً بإصابته، بعد تعرضه للعنف الشديد من طرف أفراد الأمن؛ أثناء مشاركته في تظاهرة الاحتفال بعيد الثورة". وأضاف البيان: "يتحمل رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، المسؤولية الكاملة عن قتل بوزيان؛ نتيجة السياسات التي انتهجها منذ الإجراءات الانقلابيّة، في 25 تموز (يوليو)، وخطابات التحريض، والتعليمات باستخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين".

اقرأ أيضاً: ماذا يعني استبعاد الإخوان من مجلس المسلمين بألمانيا؟

جدير بالذكر أنّ وزارة الدّاخلية التّونسيّة أعلنت في بيان رسمي، أنّ قوات الشرطة "تحلّت بأقصى درجات ضبط النفس، وتدرجت باستعمال المياه؛ لتفريق المتظاهرين، الذين تعمدوا اقتحام الحواجز، ومهاجمة عناصر الأمن". مؤكدة أنّ قرار فض التظاهر، جاء "لخرقهم قراراً حكومياً، بمنع كافة التّظاهرات بالفضاءات المفتوحة والمغلقة، خلال هذه الفترة، للوقاية من تسارع انتشار فيروس كورونا".

وفي خطوة تعكس حالة الإفلاس السياسي لحركة النهضة، عقد راشد الغنوشي، جلسة افتراضية عبر تطبيق زووم، للبرلمان المجمّد، دعا إليها حلفاء حركة النهضة من النواب، وعلى رأسهم نواب: ائتلاف الكرامة السلفي، وقلب تونس، بينما شهد الحدث غياب نواب التيارات السياسيّة الفاعلة في تونس، وعلى رأسهم نواب: التيار الديمقراطي، وحركة الشعب، والحزب الدستوري الحر، وعدد من النواب المستقلين.

  تحركت أرتال عسكرية من مصراتة صوب العاصمة الليبية الأحد في تأهب واضح للتحرك حال تشكيل حكومة جديدة

من جهته، استنكر محسن النابتي، الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، ما حدث، مطالباً الدولة بالتدخل بحزم، قائلاً: "دولة تحترم نفسها، لا تسمح بمهزلة مثل الحاصلة الآن، حيث ينتحل فيها مواطن، صفة رئيس برلمان منحل أو مجمّد، ويستدعي مطلوبين للعدالة، ومجموعة من الفارين إلى الخارج، في جلسة افتراضية، ويُسمّيها جلسة برلمانية".

إخوان ليبيا يقرعون طبول الحرب

في تطور ميداني مباغت، تحركت أرتال عسكرية صوب العاصمة الليبية طرابلس، الأحد الماضي، قادمة من مصراتة، حيث تتمركز المليشيات الإخوانيّة، في تأهب واضح للتحرك؛ حال تشكيل حكومة جديدة، حيث جرى رصد دخول آليات ثقيلة، ودبابات، وحاويات ذخائر، إلى العاصمة الليبيّة.

اقرأ أيضاً: شطب عضوية أقدم جمعية إخوانية في ألمانيا.. هل هو أول الخيط؟

جدير بالذكر أنّ اجتماعاً عقد في العاصمة طرابلس بين قادة المليشيات الإخوانيّة؛ لتدارس سبل التحرك في الأيام القادمة، وضمّ غنيوة الككلي، قائد مليشيات جهاز دعم الاستقرار، ومصطفى قدور، قائد ميليشيا كتيبة النواصي، وضم عدداً من قادة المليشيات الأخرى، وسط حالة من الفوضى العارمة، إثر اندلاع اشتباكات عنيفة بين الميليشيات، قرب ميناء طرابلس، وميدان الشهداء.

التحركات الإخوانيّة تنذر بتدهور جديد في الوضع السياسي، ربما يترتب عليه تقويض مسار الحل السلمي، بالتزامن مع فشل إقامة الانتخابات، وعدم التوافق بين الفرقاء على خريطة طريق جديدة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية