الإخوان في باراغواي "إرهابية".. هل بدأ حصار الجماعة؟

الإخوان في باراغواي "إرهابية".. هل بدأ حصار الجماعة؟

الإخوان في باراغواي "إرهابية".. هل بدأ حصار الجماعة؟


24/02/2023

وافقت المفوضية الدائمة لكونغرس باراغواي، أمس، على اعتبار "الإخوان المسلمين" جماعة "إرهابية تهدد الأمن والاستقرار الدوليين، وتشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة"، وفقاً لمسودة القرار الذي قدمته سابقاً ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس المكونة من 45 عضواً، بحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "ألتيما هورا" التي احتفت بهذا القرار، الذي يأتي في سياق حصار جماعة الإخوان التي اتخذت من أمريكا اللاتينية مركزاً كبيراً للتموضع والانتشار.

التموضع الإخواني بالباراغواي 

وصلت الجماعة إلى باراغواي فعلياً عام 1987 عن طريق (الندوة العالمية للشباب الإسلامي) التي ابتعثت إلى هذه الدولة النائية بعض الدعاة لكنهم كانوا ينتمون للإخوان؛ وكان منهم أحمد توتونجي، الذي رعى انتشارها بتنسيق مع فرع التنظيم في البرازيل والأرجنتين، وفي هذا الوقت لم يكن المسلمون يتجاوزون 10 آلاف نسمة، إلا أنّهم الآن أصبحوا أضعاف هذا العدد يقيمون في المدن الرئيسية، وعلى رأسها العاصمة أسونسيون، التي تأسس فيها بدعم من سليمان الراجحي مسجد صغير في مدينة (ثيوداد ديل ايستي) كان ذلك نهاية عام 1987، ثم المركز الخيري الثقافي الإسلامي في العاصمة عام 1990.

الشيخ علي عبدوني عضو مجلس شورى الجماعة بأمريكا اللاتينية

ووفق مصدر خاص بـ"حفريات"، فضّل عدم ذكر اسمه، تكفّلت الجماعة عن طريق الندوة الإسلامية بدعم 30 داعية وتعيينهم في الباراغواي ليكونوا أئمة للمركز الإسلامي وكان منهم الشيخ أمين الكرم (سوري) والشيخ أحمد المحايري (سوري) والشيخ محمد حسان عجاج (سوري)، إمام المركز الذي تم تعيين الفلسطيني الشيخ فادي بن أحمد الجعفراوي الإخواني السروري مكانه، من قبل مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل التي يترأسها الإخواني الشيخ علي عبدوني (لبناني) ومديرها الإخواني الشيخ جهاد حمادة (سوري). 

وافقت المفوضية الدائمة لكونغرس باراغواي، أول من أمس على اعتبار "الإخوان المسلمين" جماعة "إرهابية تهدد الأمن والاستقرار الدوليين، وتشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة"

وقد قام المركز مؤخراً بتأسيس فرع بمدينة إنكارناسيون الحدودية مع الأرجنتين، التي تبعد 370 كيلومتراً عن العاصمة؛ حيث يوجد أكبر تجمع للمسلمين في المنطقة المسماة بالمثلث الحدودي، وهي نقطة تلاقي الحدود بين الباراغواي والبرازيل والأرجنتين، وهي منطقة ينتشر فيها حزب الله وتنظيمي القاعدة وداعش، وكذلك جميع أنواع التجارة الممنوعة من المخدرات وتبييض الأموال وتهريب السلاح؛ وغير ذلك من التنظيمات الإرهابية في العالم.

التطور والتحول في عمل الإخوان في باراغواي

على نفس خطى الجماعة وتنظيمها الدولي، يعمل الإخوان وفق واجهات ولافتات لا ترفع الشعار أو الاسم مطلقاً؛ بل عن طريق مؤسسات دعوية ومالية واجتماعية وثقافية؛ بل ويشاركون في مؤتمرات للدول العربية بهذه الواجهات، مستغلين قوانين دول أمريكا اللاتينية التي سنحت لهم بمزيد من الحرية والتحرك.

من اليمين الشيخ عبد الحميد متولي رئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا اللاتينية مع الدكتور خالد الراجحي والسلفي المصري حمادة غازي، نائب رئيس الجامعة

يقول مصدر مقرب في دولة مجاورة لباراغواي لـ"حفريات"، فضّل عدم ذكر اسمه، إنّ الجامعة الإسلامية الأمريكية "بمنيسوتا" في أمريكا اللاتينية هي التي تساهم في نشر فكر الجماعة في باراغواي والبرازيل والأرجنتين ودول القارة، وتحوي جميع أطياف الإسلام السياسي من سلفية سرورية وإخوان مسلمين وسلفية جهادية تكفيرية، وهي جامعة افتراضية أسست من أجل إصدار شهادات علمية، لتعزيز المستوى العلمي لأتباعها، لإظهارهم كمؤهلين للعمل بمختلف الأماكن العلمية في العالم، وبهدف نشر فكر وأهداف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ويقودها الآن المصري عبد الحميد متولي ويعاونه اللبناني محمد البقاعي والمصري السلفي الحركي حمادة غازي، وحامد الإدريسي الإخواني السروري المكفول من الداعية نبيل العوضي، ومن مؤسسة عيد القطرية، صاحب العلاقة القوية بالشيخ محمد صالح المنجد، الإخواني السروري صاحب قناة وأكاديمية "زاد"، الذي سُجِن عام 2017 بتهمة التستر على رموز الاخوان والتعاون معهم، ومايزال في السجن إلى حد الآن بالمملكة العربية السعودية.

أشار المصدر إلى أنه من أهم الشخصيات الإخوانية في باراغواي الشقيقان ياسر ومحمود الحاج، اللذان انتقلا إلى فنزويلا في جزيرة مارغريتا، وهما من لبنان من أصول فلسطينية، ومنذ عام سافرا إلى كندا، وكذلك محمد أحمد أبو عرابي، ونائبه السيد الحاج يحيى جمعة، الذي يقوم بأعمال المركز الإسلامي.

الشيخ جهاد حمادة الإخواني مدير مكتب الندوة العالمية في البرازيل والشيخ علي عبدوني والشيخ طارق(سوري) سلفي سروري يشتغل في جمعية إحياء التراث الاسلامي بالكويت

هذا ويضاف إلى ما سبق عدد من المنظمات التي تمثل الجماعة وتعمل الآن في أمريكا اللاتينية وهي مدعومة من التنظيم الدولي، ومنها (هيئة كبار العلماء)، (مؤسسة منهاج) وهي مؤسسة لها فرع في إسطنبول، ومؤسسة (ضياء) وهي أيضاً لها فرع رئيسي في إسطنبول.

الخلاصة، أنه من ثمار التواجد الإخواني في الباراغواي وأمريكا اللاتينية بشكل عام أنّ الصف الأول الذي يقود العمل الآن في أمريكا اللاتينية كلهم تربوا في بلدانهم الأصلية على يد الجماعة وخاضوا تجربة كبيرة معها، كما بدا أنّ خيطاً يجمع هذه الشبكة في أقطار أمريكا اللاتينية، رغم محاولات التخفي وراء العمل الاجتماعي، أو التعاون مع مؤسسات رسمية مثل رابطة العالم الإسلامي، واتضح ذلك من خلال التكتلات، والتجمعات التعاونية، والاجتماعات والمؤتمرات التي جرت مراراً، وكان من الواضح أنّ التحرك لم يكن من قبل عناصر الجماعة داخل تلك الدوائر فحسب؛ بل جرى توظيف مقربين في شبكة للارتباط واضحة، تحت مسمى الإسلام والمسلمين، أو حماية الأقليات.

من ثمار التواجد الإخواني في الباراغواي وأمريكا اللاتينية بشكل عام أنّ الصف الأول الذي يقود العمل الآن في أمريكا اللاتينية كلهم تربوا في بلدانهم الأصلية على يد الجماعة وخاضوا تجربة كبيرة معها

وكذلك أنه في إطار استغلال الجمعيات سيطرت الجماعة بالفعل على المساحة الموجودة بسبب أيديولوجيتها الإسلامية، وتأثيرها التكويني على طريقة تفكير المسلمين الذين يعيشون كجاليات، ولم يجدوا سوى الجماعة التي تقوم بتحديد وصياغة الأجندة الإسلامية وتتواجد في الحوارات مع النخب المسلمة وغير المسلمة في وسائل الإعلام والحكومة والأكاديميات، فضلاً عن أنها تقوم بتوفير الخدمات الاجتماعية للعائلات، والتشغيل فيما يسمى الحلال.

حامد الإدريسي السلفي الإخواني السروري في حوار مع الشيخ فادي الجعفراوي إمام في المركز الإسلامي في الباراغواي، عبر فضائية زاد التابعة للسلفي السروري الشيخ محمد صالح المنجد المسجون حالياً في المملكة العربية السعودية

لكنّ المفارقة المبشرة بتحولات جديدة في هذا المشهد، أولاً، إنّ هناك حالة من الوعي الجديد، أو الاهتمام بأمريكا الجنوبية أدت إلى تطور ملموس في التواصل الرسمي بين مسلمي القارة وعدد من دول العالم الإسلامي ومنها؛ مصر والإمارات والسعودية، التي أقامت مراكز إسلامية كبيرة كمركز الملك فهد الثقافي الإسلامي في بيونس أيرس في الأرجنتين، ومسجد الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز البراهيم في كاراكاس في فنزويلا، أو المنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية، التي تتفاعل الآن بشكل كبير. ثانياً: إنّ المنظمات الإخوانية الرئيسة التي تجاوزت جمود وتقوقع مساجد الجالية إلى أنواع كثيرة من العمل الحركي أصبحت غارقة في مهمات استهلاكية مثل تجارة الحلال، للحصول على أموال كثيرة. 

ثالثاً: إنّ الركود التنظيمي العميق الذي أصاب الجماعة في أقطارها الرئيسي انسحب بالتالي على أمريكا اللاتينية. 

رابعاً: التنافس الحاد ما بين المنظمات الإيرانية وأذرعها مثل حزب الله، انسحب بالتالي على المؤسسات الإخوانية، التي انشغلت في معارك استقطابية.

نشاط إسلامي قام به المركز الإسلامي في الباراغواي من تأطير الشيخ فادي الجعفراوي السلفي السروري

ومن المتوقع أنّ الإخوان في أمريكا اللاتينية سيستمرون في خطتهم القديمة، بنفس طريقة العمل، لكن بصورة جديدة، وهي اللجوء إلى التخلي عن مشروع الجماعة العالمي ظاهرياً، مع الاحتفاظ بعلاقات داخلية سرّية مع التنظيم، والتحلل من الخطاب الديني القديم للجماعة، ومحاولة خلق مؤسسات جديدة، إلا أنّ الانتباه الحالي لخطورة الجماعة والتموضع الكبير سيكون من نتيجته حصار التنظيم كما حصل في الباراغواي، وسيحصل في دول أخرى قريباً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية