البرهان في "الصندوق" ونائبه في السوق... خارطة مالك عقار: لا أحد يهتم!

البرهان في "الصندوق" ونائبه في السوق... خارطة مالك عقار: لا أحد يهتم!

البرهان في "الصندوق" ونائبه في السوق... خارطة مالك عقار: لا أحد يهتم!


20/08/2023

يستغرب كثيرون أنّه بمجرد تنصيبه نائباً لرئيس مجلس السيادة السوداني، غير المعترف به من القوى السياسية والمدنية، وفي ظروف استثنائية وحرب تدور في العاصمة الخرطوم وأجزاء واسعة من غرب البلاد، أصبح المتمرد السابق (مالك عقار) أكثر ملكية من الملك نفسه.

فبعد أن كان ينتقد السياق العام (الحكومي) كله، منذ استقلال البلاد وحتى قبيل تسميته نائباً للبرهان، ويطالب بتغييره من ألفه إلى يائه، حتى أنّه قال إنّ الحكومة غيّرت اسمه من (نوجيفا) إلى مالك، في طفولته الباكرة عندما التحق بالمدرسة.

يحكي عقار لبرنامج تلفزيوني محلي أنّ مدير المدرسة اضطُر إلى تسميته مالك، عندما عجز عن كتابة اسمه الحقيقي (الصعب) على حدّ تعبيره.

(4) أوتاد

مواقف رئيس فرع الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال)، عقب إبرامه اتفاق جوبا للسلام في آب (أغسطس) 2020، لم تكن داعمة للتحول المدني الديمقراطي، وإنّما كانت ميّالة إلى المشاركة في السلطة عبر صفقة مع قيادة الجيش، وهذا ما جعله يؤيد انقلاب البرهان على حكومة عبد الله حمدوك في تشرين الأول (أكتوبر) 2021.

الآن، يطرح مالك (نوجيفا) سابقاً، خارطة طريق وصفها كثيرون بأنّها شديدة الاختلال؛ إذ تسعى للحفاظ على النظام القديم ـ محل نقده ـ قبيل أن يتسنم منصبه الراهن، مع اختلاف الظروف والبيئة والمناخ.

وتقوم خارطة النائب على (4) أوتاد، تتمثل في: تشكيل حكومة لتسيير شؤون الدولة، وفترة تأسيسية لإعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة، وإنهاء وجود أيّ تشكيل عسكري خارج القوات المسلحة، والانتخابات العامة.

حرب تدور في العاصمة الخرطوم وأجزاء واسعة من غرب البلاد

على أن تشرف السلطة التنفيذية (حكومة التسيير) على تنفيذ خارطته التي وصفها بالخطوة الأولى التي تقود إلى تنظيم انتخابات ديمقراطية في البلاد، وإلى عملية سياسية شاملة تضم جميع القوى السياسية المدنية المهتمة بتأسيس الدولة السودانية.

رسائل لن تصل

بما أنّ قوات الدعم السريع هي إحدى أطراف الحرب، فإنّها لن تستمع إلى الرسالة التي وجهها إليها عقار، لأنّها لا تعترف به كنائب لرئيس مجلس السيادة المنصب الذي كان يتولاه قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خصوصاً بعد حديثه عمّا سمّاها سلسلة جرائم وانتهاكات ارتكبتها قوات الدعم السريع خلال الحرب، مستثنياً الجيش من ذلك.

بطبيعة الحال، فإنّ النظام السابق الذي يدير هذه الحرب من وراء ستار، ويشارك فيها علانية عبر كتائب الظل لن يقبل من عقار نصيحته أن يحفظ بضاعته منتهية الصلاحيّة، وها هم الإسلاميون يطالبون بتغيير قائد الجيش وعقار وترك المعركة لهم

إذاً، أحد أطراف الحرب صار خارج الخارطة، وهذا ما عبّر عنه صراحة مستشار قائد الدعم السريع يوسف عزت، في مداخلة مع قناة (الجزيرة)، أنّه لا يعترف بسلطة مالك عقار كنائب لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، مؤكداً التزام (الدعم السريع) بمنبر جدة والمبادرة الأمريكية السعودية.

رسالة (عقار) إلى قوات الدعم السريع، ستظل ـ لذلك السبب الذي ذكره عزت ـ معلقة في الهواء، ولأسباب أخرى على رأسها أنّ عقار نفسه يمتلك جيشاً منفصلاً عن الجيش السوداني النظامي، وظل يقاتله (40) عاماً، فيما كانت قوات الدعم السريع جزءاً من الجيش، وتقاتل بجانبه جميع المتمردين، بمن فيهم مالك نفسه.

لذلك، يقول مراقبون إنّ على الرجل أن يوفر نصيحته التي أزجاها للدعم السريع بضرورة أن يكون هناك جيش واحد، فيما لم يدمج جيشه حتى الآن.

من وراء حجاب

بطبيعة الحال، فإنّ النظام السابق الذي يدير هذه الحرب من وراء ستار، ويشارك فيها علانية عبر كتائب الظل وميليشيات البراء بن مالك والدفاع الشعبي وقوات العمل الخاصة (ميليشيات هيئة العمليات سابقاً)، لن يقبل من عقار نصيحته أن يحفظ بضاعته منتهية الصلاحيّة، وها هم الإسلاميون يطالبون بتغيير قائد الجيش وعقار وترك المعركة لهم.

بالعودة إلى خارطة الطريق، فإنّ أموراً كثيرة احتوتها، ليست محل خلاف ونزاع،  وفقاً لمراقبين، لكنّ شخص عقار نفسه ومنصبه والجهة التي يمثلها تضعف المبادرة وتطيح بها.

يقول مراقبون إنّ على الرجل أن يوفر نصيحته التي أزجاها للدعم السريع بضرورة أن يكون هناك جيش واحد، فيما لم يدمج جيشه حتى الآن

فالرجل اكتسب منصبه الراهن نائباً لرئيس مجلس السيادة أثناء الحرب، ووقتها لم يعد أحد يعترف بالبرهان نفسه كرئيس لمجلس السيادة، بل قبل ذلك بكثير، أي عقب انقلابه على الحكومة المدنية الانتقالية في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، وخرقه للوثيقة الدستورية وتعطيله العمل في مؤسسات الدولة. كما أنّ موقف حركته من التحول المدني الديمقراطي كان صفراً، عقب تأييدها انقلاب البرهان.

مالك ليس الرجل المناسب لطرح أيّ مبادرات جدية لإيجاد حل سلمي للحرب السودانية، ربما هذا رأي جميع الأطراف، ما عدا البرهان وصديقيه الفريقين شمس الدين الكباشي وياسر العطا.

اعتذار لا يفيد

تضمنت خارطة (عقار) اعتذاراً للشعب السوداني عمّا سمته (الإخفاق في تأسيس الدولة السودانية)، وأضاف: "ستتوقف الحرب في نهاية الأمر على مائدة التفاوض"، مشيراً إلى أنّها اشتعلت لأسباب سياسية متعلقة بتركة الفساد وسوء إدارة التعددية السودانية الذي ورثه بلدنا السودان على مرّ حكوماته المتعاقبة؛ لا سيّما حكومة النظام السابق المخلوع.

ودعا عقار إلى بناء وتأسيس دولة سودان ما بعد الحرب، من خلال إيجاد معالجة نهائية لأسباب الحروب بالسودان، وأنّه لا سبيل إلى ذلك إلا عبر التنفيذ العاجل لخارطته، التي قال إنّها تهدف للوصول إلى جيش مهني وطني واحد، وإلغاء جميع مظاهر الوجود العسكري أو شبه العسكري خارج قيادة القوات المسلحة السودانية.

وكشف الرجل أنّه بصدد الاجتماع بولاة الولايات السودانية المختلفة لتنفيذ ما وصفها بخطة لتسيير دولاب عمل الدولة واستعادة الحياة الطبيعية في البلاد ما أمكن.

وشدّد أنّ خارطة طريقه ستبدأ بتجميع قوات الدعم السريع بعيداً عن المناطق المدنية للفصل بينها وبين الجيش، والالتزام بعدم تعريض المواطنين لخطر الاقتتال؛ حتى تكتمل عملية وضع إجراءات خارطة طريق الترتيبات الأمنية.

هذا لن تقبله قوات الدعم السريع، بحسب محللين سياسيين ومراقبين، وهو بالفعل ما حدث، فقد تم رفض المبادرة جملة وتفصيلاً من قبل قوات الدعم السريع من جهة، ومن قبل فلول النظام السابق من الإخوان المسلمين من جهة أخرى، وقد تحفظت عليها بعض القوى السياسية المدنية، واكتفت أخرى بالصمت، وآثرت عدم التعليق. 

مواضيع ذات صلة:

الخرطوم طهران عن طريق موسكو... هل أجبرت الحرب البرهان على اقتفاء خُطى سلفه؟

البرهان وحميدتي إلى طاولة حوار... والشعب السوداني إلى كارثة إنسانية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية