"الجحيم تحت الأرض"... مخططات إسرائيلية لمواجهة الأنفاق في غزة

.........

"الجحيم تحت الأرض"... مخططات إسرائيلية لمواجهة الأنفاق في غزة


05/11/2023

طالما مثلت شبكة أنفاق غزة الضخمة التي بنتها حركة حماس تحت أرض قطاع غزة جحيماً لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وسرّاً عصياً عن الكشف طوال أعوام، كما تُعدّ التهديد الأكبر، والرعب الأول أمام الجندي الإسرائيلي.

وقد أظهرت تلك المخاوف صحيفة (معاريف) الإسرائيلية التي عنونت مقالة حول الأنفاق بعنوان "الجحيم تحت الأرض"، مؤكدة أنّ القضاء على شبكة الأنفاق التي حفرتها حماس تحت قطاع غزة تعدّ أحد أكبر التحديات أمام الجيش الإسرائيلي في سعيه لحرمان الحركة من كل "قدراتها على التحرك".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ تشعب هذه الأنفاق سيرغم القوات البرية على خوض "حرب بـ (3) أبعاد"؛ تواجه فيها نيراناً غزيرة تطلق من المباني، ومن المسيّرات، وكذلك من تحت الأرض.

ووفقاً لبعض التقديرات، تُعدّ أنفاق غزة التي يبلغ طولها (500) كيلومتر الأكبر بالعالم بعد شبكة المنشآت التي بنتها كوريا الشمالية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة (معاريف) العبرية، حيث يعتقد أنّ حماس تستخدمها لتخزين الطعام والوقود والأسلحة، كما يتواجد فيها قياديو الحركة لاتخاذ القرارات العسكرية، عدا عن استخدامها الأبرز والذي يتمثل بتنفيذ عمليات عسكرية تجاه جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ووفقاً لحركة حماس، على لسان زعيمها يحيى السنوار، فإنّ التقديرات تتحدث عن وجود (1300) نفق بطول (500) كيلومتر، ويصل عمق بعضها إلى (70) متراً تحت سطح الأرض، كما أنّ معظم هذه الأنفاق يبلغ ارتفاعها مترين، ويصل عرضها إلى مترين، وقالت وكالة (رويترز): إنّ عمق بعض الأنفاق يصل إلى (80) متراً.

وتنقسم أنفاق غزة إلى (3) أنواع على النحو التالي: أنفاق هجومية وظيفتها شن عمليات عسكرية ضد العدو الإسرائيلي، وأنفاق دفاعية تستخدم داخل غزة ووظيفتها نصب الكمائن وتنقل المقاتلين بعيداً عن أعين الطائرات، وأنفاق لوجستية تستخدم لإدارة المعركة وتوجيه المقاتلين وتخزين الذخائر والعتاد العسكري وتحوي مقاسم الاتصالات السلكية الداخلية.

تستخدم حماس أنفاق غزة لتخزين الطعام والوقود والأسلحة

كما تستخدم تلك الأنفاق لنقل جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يتم أسرهم، وفق شبكة الجزيرة للإعلام.

ونقل موقع إخباري إسرائيلي شهادات لجنود جيش الاحتلال من ساحات المعارك المحتدمة في قطاع غزة مع مقاتلي المقاومة، تحدثوا فيها عمّا سمّوه "حرب فتحات العيون"، في إشارة إلى شبكة الأنفاق وطريقة استخدامها من قبل مقاتلي الفصائل.

وكتب موقع (والا) أنّ معظم عمليات إطلاق النار على جنود الجيش الإسرائيلي تأتي من "آلاف الآبار" وشبكة أنفاق طويلة ومتفرعة داخل قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ "التحدي الأبرز للجيش هو تطهيرها بشكل كامل، ومنع هجمات مفاجئة في وقت لاحق من المناورة البرية".

صحيفة معاريف: القضاء على شبكة الأنفاق التي حفرتها حماس تحت قطاع غزة أحد أكبر التحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي

واعتبر تقرير مطوّل لوكالة (أسوشيتد برس) أنّ شبكة أنفاق غزة تُعدّ التهديد الأكبر للقوات الإسرائيلية التي يعلن قادتها بشكل مستمر أنّهم عازمون على تنفيذ اجتياح بري واسع.

وقال التقرير: إنّ قتال الجيش الإسرائيلي تحت الأرض سيجرده من المزايا التكنولوجية التي يمتلكها، وسيمنح حركة المقاومة الإسلامية حماس مزايا قتالية فوق الأرض وتحتها؛ نظراً إلى أنّها الجهة التي صممت أنفاق غزة، وتعلم مداخلها ومخارجها السرية. 

وتُعدّ "حرب الأنفاق" من أكثر الحروب صعوبة على مدى التاريخ البشري؛ حيث يمكن للطرف المنشئ للنفق أن يختار المكان الذي ستبدأ به المعركة، ويحدد كيف ستنتهي، وهذا ما كان جليّاً في تصريحات المقاومة الفلسطينية التي أكدت مراراً على استعدادها لتنفيذ ضربة موجعة للجيش الإسرائيلي في حال بدئه في عملية اجتياح بري للقطاع.

وبين التقرير أنّ "إسرائيل" استعانت بالقصف الجوي، واستخدمت متفجرات على الأرض لتدمير الأنفاق، إلا أنّ كل ذلك ليس كافياً لتدمير هذه الشبكة وتطهيرها بشكل كامل.

وحول طرق مواجهة إسرائيل للأنفاق، كشفت صحيفة (تلغراف) البريطانية عن تجهيز إسرائيل لسلاح سرّي سوف تستخدمه في حال إقدامها على اجتياح بري للقطاع.

(1300) نفق بطول (500) كيلومتر، ويصل عمق بعضها إلى (70-80) متراً تحت سطح الأرض

وقالت الصحيفة: إنّ إسرائيل سوف تستخدم ما يُعرف بالقنابل الإسفنجية لسدّ أنفاق حماس، حيث لا تحتوي القنبلة على متفجرات، إلا أنّها تحدث انفجاراً مفاجئاً للرغوة التي تتوسع بسرعة، ومن ثم تتصلب لتشكل حاجزاً يسدّ بوابة النفق أمام المقاومين.

وأوضحت الصحيفة أنّ إسرائيل بنت شبكة أنفاق وهمية في قاعدة (تسيليم) العسكرية بالقرب من حدود غزة، وأخضعت جنودها لتدريبات على كيفية استخدام القنابل الإسفنجية عام 2021.

وتحتوي الأجهزة المتخصصة للقنبلة على حاجز معدني يفصل بين سائلين، وبمجرد إزالة الحاجز تمتزج المركّبات بعد أن يرمي الجندي القنبلة نحو الهدف.

وتُعدّ القنبلة الإسفنجية خطرة وفق (تلغراف)، فبالرغم من أنّها تُعدّ مستحلباً سائلاً من الناحية الفنية، إلا أنّ بعض الجنود الإسرائيليين فقدوا بصرهم بسبب سوء التعامل مع الخليط المكون للقنبلة.

 استخدامها الأبرز هو تنفيذ عمليات عسكرية تجاه جيش الاحتلال

كما سربت صحيفة (ميدل إيست آي) قبل أيام خبراً عن أنّ الاحتلال ينوي ضخ غاز الأعصاب في الأنفاق، ليشلّ المقاومين، ويمكن جيش الاحتلال من استرداد الرهائن.

وفي السياق، كشفت مجلة (فوربس) الأمريكية عن خطة إسرائيلية محتملة تقوم على إرسال تل أبيب طائرات من دون طيار (درونز) إلى داخل أنفاق حماس، وتدرس إسرائيل هذه الإمكانية بهدف عدم المخاطرة بقواتها، لكنّ محللين عسكريين أكدوا أنّ النفق أسوأ مكان للمسيّرات، فالبيئة الضيقة مليئة بالعقبات، وأيّ حركة يمكن أن تكسر شفرة المروحة وتعطل المسيّرات.

أنفاق غزة (3) أنواع: هجومية وظيفتها شن عمليات عسكرية، ودفاعية ووظيفتها نصب الكمائن، وأنفاق لوجستية تستخدم لإدارة المعركة وتوجيه المقاتلين والتخزين.

أضف إلى ذلك أنّ الطائرات المسيّرة تعتمد عادة على نظام تحديد المواقع العالمي GPS الذي يعطل عمله أصلاً تحت الأرض.

كما أنّ موجات الراديو لا تنتقل عبر العوائق، لذلك سيفقد المشغل الاتصال بالمسيّرة بمجرد أن تكون بعيدة عن الأنظار.

وكشفت (فوربس) أيضاً أنّ بعض شركات التكنولوجيا تطرح استخدام أجهزة استشعار مضادة للتصادم وشفرات مروحة محاطة بأقفاص واقية، والاعتماد على برامج ذكية معروفة باسم التعريب المتزامن ورسم الخرائط أو SLAM، الذي يشبه إلى حد كبير ما يفعله البشر بشكل غريزي، أي إنشاء صورة ذهنية للمكان بهدف العثور على الطريق بسهولة دون الحاجة إلى خارطة.

لا شك أنّ بعض هذه الحلول مطروحة، إلّا أنّها غير مضمونة، ليس فقط على المستوى التكنولوجي، بل أيضاَ بسبب عدم معرفة طبيعة أنفاق حماس التي تطرح الكثير من التحديات.

وتلّمح (فوربس) إلى أنّه سيكون من الصعب جداً الاعتماد فقط على الآلات والمسيّرات في الأنفاق.

صحيفة (تلغراف) البريطانية: إسرائيل تجهز سلاحاً سرّياً تستخدم فيه ما يُعرف بالقنابل الإسفنجية لسدّ أنفاق حماس

وخلصت المجلة إلى القول إنّه إذا اضطُرت القوات الإسرائيلية للتقدم إلى عمق غزة، فإنّ المسيّرات ستتقدم الجيش ومعداته القتالية.

وبشأن الأسلحة التي ستستخدمها إسرائيل في سعيها لتدمير شبكة الأنفاق رغم تعقدها، قال الخبير العسكري جمال الرفاعي لموقع (سكاي نيوز عربية): منذ بداية أزمة 7 تشرين الأول (أكتوبر) وإسرائيل تحضر لهجوم بري لتدمير الأنفاق، ولاحظنا أنّها استخدمت قنابل ذكية كانت ترفض واشنطن أن تمدها بها في الماضي، وهي قنابل لها نوعان من الرؤوس؛ الأول تدميري، والثاني يعمل على خرق التحصينات والخرسانات.

وتستطيع هذه القنابل اختراق (3) طبقات إسمنتية قبل الانفجار، وهي فعالة ضد الأنفاق.

كما لاحظنا أيضاً اعتماد إسرائيل على القنابل الارتدادية أو الزلزالية، والتي تعبث بالقشرة الخارجية للأرض عن طريق إصدار موجات ارتدادية ضخمة مثل الزلزال، فتتسبب في اهتزاز قوي للمبنى أو النفق المستهدف، وتعبث بأساساته وينهار، هذه القنبلة تطلق من الطائرات الحربية، وقد تطلق من الدبابات والمدافع.

صحيفة (ميدل إيست آي): الاحتلال ينوي ضخ غاز الأعصاب في الأنفاق، ليشلّ المقاومين، ويمكن جيش الاحتلال من استرداد الرهائن

هذا إلى جانب تزويد إسرائيل جنودها بقنابل غاز الأعصاب، رغم أنّها محرمة دولياً، حيث إنّ غراماً واحداً من هذا الغاز قادر على قتل شخص بالغ في ثوانٍ.

ومن ضمن خطط إسرائيل ضخ هذا الغاز في الأنفاق، كما تخطط أيضاً لاستخدام المياه لإغراقها.

معظم هذه الأنفاق يبلغ ارتفاعها مترين ويصل عرضها إلى مترين

وهناك شكوك بالطبع في استطاعة إسرائيل التسبب بتدمير كلّي لهذه الأنفاق، فهذا يحتاج لسيطرة برية كاملة على القطاع، وعلى مدار أعوام طويلة لم تستطع إسرائيل القضاء على شبكة الأنفاق هذه، والتي ظلت تتوسع وتتضخم طوال الأعوام الماضية.

ويبلغ طول "مترو أنفاق غزة" حوالي (500) كم، بعمق حوالي (13) متراً تحت سطح الأرض،  وهو مجهز بـ "أفخاخ متفجرة".

مجلة (فوربس) الأمريكية: خطة إسرائيلية محتملة تقوم على إرسال تل أبيب طائرات من دون طيار (درونز) إلى داخل أنفاق حماس

ويعمل مقاتلو حماس في شبكة معقدة من الأنفاق المعززة، وكلها يمكن أن تخفي كميناً، أو تكون مفخخة أو مليئة بالمتفجرات ومعدة للانهيار، وهذا يعني أنّ الجيش الإسرائيلي سيظل بحاجة إلى نشر مئات الآلاف من القوات لاجتياح "مترو غزة" وتحييد كل مقاتلي حماس.

وقالت حماس في عام 2011 إنّها قامت ببناء أنظمة الأنفاق بطول (500) كم، وعلى الرغم من أنّ المحللين يشتبهون في أنّ هذا الرقم مبالغ فيه، فمن المؤكد أنّ الجماعة قامت بتوسيع الشبكة بشكل كبير منذ ذلك الحين.

وتتفرع شبكة مترو الأنفاق الآن إلى مئات الأميال عبر قطاع غزة، لتصل إلى مدن خان يونس وجباليا ومخيم الشاطئ للّاجئين.

مواضيع ذات صلة:

صحيفة أمريكية تكشف خطة إسرائيل لتدمير أنفاق حماس... هذه تفاصيلها

إسرائيل وضعت خطة لإدخال كميات محدودة من الوقود إلى غزة... ما التفاصيل؟

مقترح برلماني جديد بإدخال الجيش التركي إلى غزة... لماذا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية