الجيش التركي يتعمق أكثر في كردستان العراق

الجيش التركي يتعمق أكثر في كردستان العراق


19/05/2021

بول إيدن

تعتبر أحدث عمليات تركيا عبر الحدود ضد حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق المرحلة الأخيرة من حملة متواصلة على امتداد عدة السنوات في تلك المنطقة التي وسّعت تركيا شبكة قواعدها العسكرية فيها ودعمت مواقعها من خلالها.

وقد أطلقت تركيا عمليتي "مخلب البرق" و"مخلب الصاعقة" ضد حزب العمال الكردستاني في 23 أبريل. وهما العمليتان اللتان جاءتا بعد عمليتي مخلب النمر ومخلب النسر اللتين أعلنت عن إطلاقهما العام الماضي.

وكما هو الحال مع سابقاتهما، شملت "مخلب البرق" و"مخلب الصاعقة" ضربات جوية بطائرات دون طيار بالإضافة إلى غارات كوماندوس ضد أهداف حزب العمال الكردستاني.

وفي السنوات الأخيرة، وسعت تركيا شبكة قواعدها في كردستان العراق، والتي كانت موحودة بأعداد أقل منذ التسعينيات. وبينما احتفظ الجيش التركي بقواعد في محافظة دهوك منذ فترة طويلة، وسّع هذه الشبكة لتشمل أجزاء من محافظة أربيل لأول مرة في 2018. وتشير التقديرات إلى أن الجيش التركي يحتفظ بنحو 40 قاعدة وموقعا داخل حدود كردستان العراق ويريد زيادة هذا العدد.

في أواخر أبريل، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو عن خطة تركيا لإنشاء قاعدة جديدة في منطقة ميتينا الجبلية بالقرب من الحدود التركية. وفي اليوم التالي، زار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار القوات التركية المتمركزة في كردستان العراق.

وقال محلل الشؤون الكردية، عبد الله حواز، لموقع أحوال تركية: "استمر توسع الوجود التركي بوتيرة أسرع. فمنذ 2020، تركزت العمليات والتوسعات التركية بشكل أساسي في دهوك: في كل من مناطق شمال زاخو وشمال العمادية. كما أن تركيا موجودة في الأجزاء الشمالية من منطقة برادوست في أربيل".

وسيؤدي التوسع العسكري التركي الأخير في منطقة ميتينا، ولا سيما جبل كيستا الذي يطل على منطقة استراتيجية، إلى تقليل قدرة حزب العمال الكردستاني على العبور ذهابا وإيابا عبر حدود تركيا الجنوبية.

كما سيستمر هذا الاتجاه. ويكمن الخطر الآن في أنه بمجرد سيطرة تركيا على المناطق الحدودية، فإنها ستندفع جنوبا (ربما العام المقبل) إلى جبال قارا وقنديل، التي تقع في عمق الأراضي الكردية العراقية.

جاء إعلان صويلو الأخير عن القاعدة الجديدة في ميتينا وزيارة أكار اللاحقة للقوات في تلك المنطقة دون استشارة أي من المسؤولين العراقيين المركزيين أو حكومة إقليم كردستان. وهذه علامات على "جرأة" تركيا. ويعتقد حواز أن تركيا تستغل نوايا رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي لتحسين العلاقات مع أنقرة "بغض النظر عن الوضع في الشمال بالإضافة إلى حقيقة أن لتركيا ورقتين مهمتين ضد العراق: المياه ونفط حكومة إقليم كردستان".

وفي السنوات الأخيرة، يبدو أن العمليات التركية الواسعة عبر الحدود في كردستان العراق وإنشاء قواعد عسكرية جديدة في تلك المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي قد قللت من قدرة حزب العمال الكردستاني على شن عمليات في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية.

وقال غونيش مراد تيزكور، وهو رئيس برنامج الدراسات السياسية الكردية في جامعة وسط فلوريدا، لموقع أحوال تركية: "أعتقد أنه سيكون من الأدق أن نقول إن الدولة التركية تمكنت من احتواء تمرد حزب العمال الكردستاني داخل حدودها منذ سنة2017. وينعكس هذا الاحتواء بشكل واضح في تقلص قدرة حزب العمال الكردستاني على شن هجمات في البلاد".

وضعت عمليات تركيا حزب العمال الكردستاني في موقف دفاعي في السنوات الأخيرة. كما أشار تيزكور إلى أن ضعف الحكومة العراقية واعتماد الحزب الديمقراطي الكردستاني القيادي في إقليم كردستان على تركيا، إلى جانب علاقتها العدائية مع حزب العمال الكردستاني، هو ما يحدّ من العقبات السياسية من طريق الجيش التركي في استهدافه لقواعد حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق.

وقال: "طالما استمر هذا الارتباط بين القوى والتوازن الجيوسياسي، سيستمر الوجود التركي المتوسع في المنطقة".

كما جدد أن الصراع الجاري يجب أن يكون منفصلا عن قضيتين أوسع نطاقا: هزيمة حزب العمال الكردستاني كحركة متمردة والمسألة الكردية في تركيا.

وتابع: "من زاوية المقارنة، تكون الدولة الحالية قادرة على هزيمة التمرد عندما تتمكن من تعليق إمداده من المجندين والتمويل، وقطع شبكات الدعم الخارجية (مثل الشتات الكردي والدول الأجنبية)، وتدمير قواعده خارج الحدود الإقليمية، وإنشاء وجود جيش ذو تفوق ساحق".

في هذه الحالة، لم يحدث أي من هذه العوامل، باستثناء جزئي للنقطة الأخيرة.

وقال تيزكور: "كما لم يُحرز أي تقدم فيما يتعلق بالقضية الكردية الأكثر تعقيدا والأوسع نطاقا. حيث تشير التطورات الأخيرة إلى تراجع كبير في هذا الصدد".

وحسب حواز، يعتبر توسيع قواعد تركيا في كردستان العراق الأخير مهمّا. ويتوقع أنه سيضعف حركة حزب العمال الكردستاني عبر الحدود بشكل كبير، مشيرا إلى أن الجيش التركي قد حدد أنفاقا مهمة لحزب العمال الكردستاني وبنية تحتية أخرى بالفعل.

وقال "أتوقع أن تبقى تركيا في المنطقة إلى أجل غير مسمى، وأن يتوسع وجودها".

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية