السلفية الحركية وحدود التأثير داخل مصر

السلفية الحركية وحدود التأثير داخل مصر

السلفية الحركية وحدود التأثير داخل مصر


12/07/2023

تمزج السلفية الحركية بين المنهج السلفي الكلاسيكي، كسائر التيارات السلفية الأخرى، مع التصور التنظيمي لجماعة الإخوان، وبالتالي فإنّ ذلك يتيح لها العمل السياسي ومشروعية المعارضة للأنظمة والحكومات، ومن ثم فهي تتمايز داخلياً في اتجاهين: الأوّل يدعو إلى ممارسة العمل السياسي والمشاركة الديمقراطية، لكنّه أقرب إلى فكر سيد قطب والدعوة لتطبيق مفهوم الحاكمية؛ ومن أبرز منظّريه، محمد بن سرور زين العابدين، ومحمد قطب، وأتباع الجبهة السلفية المصرية، والآخر هو تيار الصحوة الإسلامية في السعودية (سفر الحوالي، وسلمان العودة)، والثاني: يؤكد على ضرورة الدخول في العمل السياسي، وتشكيل الأحزاب السياسية، والاستفادة من هامش الديمقراطية؛ إلا أنّه في الوقت نفسه ضد مبدأ الخروج على الحاكم، مع الالتزام بالخط السلمي، وتجنب المواجهة مع النظم السياسية، ومن أبرز منظريه محمد عبد المقصود.

السلفية الحركية والتمدد إلى الخارج

قفزت السلفية الحركية في مصر عقب ثورة 25 كانون الثاني (يناير)، وبرزت في الأضواء الجبهة السلفية، وحركة طلاب الشريعة، وتيار الإسلام الجديد، وحركة أحفاد صلاح الدين السلفية، وحازمون، وكلهم يرجعون إلى سلفية القاهرة، حيث يوجد الآلاف من أتباع هذا التيار الذين تتلمذوا على يد رفاعي سرور، ومحمد عبد المقصود، ونشأت أحمد، وفوزي السعيد، وسيد العربي، وغيرهم.

تمددت السلفية الحركية خارج القاهرة، خاصة محافظات الإسكندرية ودمياط والفيوم ومدن القناة، ثم تراجع نشاطها الميداني مع سيطرة الدولة المصرية على التيارات الإسلاموية وملاحقتها لقياداتها المتورطة في العنف أو المحرضة عليه بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، وفرّ عدد من أبرز دعاة هذا التيار إلى الخارج، مثل محمد عبد المقصود، وقادة الجبهة السلفية، ثم اختفى نشاط بعض تكتلاتها  مثل "حازمون"، و"ائتلاف شباب مصر الإسلامي"، و"ائتلاف دعم المسلمين الجدد"، و"سلفيو كوستا"، وهم مجموعة من الشباب السلفيين الذين ظهروا في نيسان (أبريل) 2012.

قفزت السلفية الحركية في مصر عقب ثورة 25 يناير وبرزت في الأضواء الجبهة السلفية

اعتمدت السلفية الحركية عقب عزل جماعة الإخوان من الحكم استراتيجية الكمون، خوفاً من تعرضهم لملاحقات أمنية، وبعضهم سافر إلى خارج مصر، وانصهر في تحالف مع جماعة الإخوان، خاصة أتباع جبهة الكماليين.

تمددت السلفية الحركية خارج القاهرة، خاصة محافظات الإسكندرية ودمياط والفيوم ومدن القناة، ثم تراجع نشاطها الميداني مع سيطرة الدولة المصرية على التيارات الإسلاموية وملاحقتها لقياداتها المتورطة في العنف أو المحرضة عليه بعد وصول السيسي إلى السلطة

ومارس أتباع السلفية الحركية نشاطاً افتراضياً من خارج مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل قيادات "الجبهة السلفية"، وهم خالد سعيد وأحمد مولانا وهشام كمال، إضافة إلى استضافة القنوات الموالية للإخوان لأتباع هذا التيار، مثل محمد عبد المقصود ونشأت أحمد.

تحالف أتباع السلفية الحركية مع تيار التغيير (الكماليون)، ويقومون بالتدريس في معسكراتها، ومنهم أحمد مولانا، ومحمد إلهامي، كما يعملون في مؤسسات هذا التيار مثل مؤسسة (ميدان)، ومركز (حريات) التابع للجماعة الإسلامية المصرية، إلا أنّ ما يضعف أتباعها هو الأجنحة المتعددة الموجودة فيها، والتنازع داخلها ما بين صنوف من القادة حول التغيير الفوقي والسفلي للدولة، والتحالف مع الإخوان ثم التخلي ظاهرياً عنهم، والتباين الواضح ما بين قيادات الداخل والخارج تكتيكياً، والانقطاع الجيلي البائن بها، إضافة إلى ضعف التمويل، وفشلها في نسج التحالفات طوال تاريخها، ثم الحصار الأمني لها.

بروز تيار الأمّة إلى النور

مع التحولات الجارية في عموم كل التيارات السلفية، بما فيها الحركية، ظهر (تيار الأمّة) إلى النور، وهو من أخطر التيارات التي تم تشكيلها منذ عامين في تركيا، وهو تيار ثوري، يضم في أجنحته عدداً من العناصر والمجموعات التي تنتمي إلى السلفية الحركية.

يرأس التيار محمود فتحي، ويبلغ من العمر (40) عاماً تقريباً، وهو سلفي جهادي، كان خطيب أحد المساجد السلفية، وفي أيام الربيع العربي أسّس حزب الفضيلة، أحد الأحزاب التي كانت موالية لجماعة الإخوان، وكان يدعم ترشح حازم صلاح أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية، وعقب عزل الجماعة، تم حل الحزب، وهرب إلى إسطنبول، وعمل بقناة (الشرق)، وكان يقدّم أحد البرامج.

يتلقى تيار الأمّة، ومحمود فتحي شخصياً، عناية فائقة من النظام التركي، وهو يؤدي دوراً لصالح تركيا في ليبيا وسوريا، وفي الفترة من عيد الأضحى السابق إلى اليوم زار مدينة جنديرس بسوريا، ثم مدينة سرت بليبيا بصحبة وفد تركي على رأسه ياسين أقطاي مستشار أردوغان السابق

برز محمود فتحي خلال الدعوة العام الماضي لتظاهرات 11/11، وهو الذي كان ينسق هذه التظاهرات، وهو الذي دعا إلى فعاليات متعددة مثل (اطمّن انت مش لوحدك)، (حملة تغيير علم مصر)، وحملة "اسحب فلوسك"، اسحب الأموال من البنوك وتحويلها لذهب أو دولار، لتكون بداية عودة الشعب تدريجياً للثورة.

وفي حملة "اطمن انت مش لوحدك"، دعا محمود فتحي بقوله: "أحد أهم تكتيكات حملة اطمن أنت مش لوحدك التي لم يعلن عنها، ألّا نترك أحداً من المشاركين بالحراك يتم اعتقاله... ابنوا مجموعات من (5)/ ولا تسمحوا باعتقال أحد منكم أو من غيركم، ويتعاهد الجميع ألّا يترك الشرطة تعتقل أحداً، وتكون هذه رسالة تطمين من الجميع إلى الجميع.

من أهم الشخصيات المنضمة لتيار الأمّة: المنصف المرزوقي، رئيس تونس السابق، مجدي سالم، محمد عبد المقصود، إسلام الغمري، محمد إلهامي، نصر الدين غزلاني.

 المنصف المرزوقي

خطة تيار الأمّة هي: صناعة وعي وتيار ثوري شعبي، وفق محمود فتحي الذي يقول: لا ثورة بلا تيار شعبي ولجان عمل وخطة وقيادة، فالأقلية المنظمة أغلبية والأغلبية العشوائية أقلية... تيار يتوافق أفراده على الحد الأدنى من الأفكار والأهداف، وفي القلب منه لجان عمل تدير أعمال التيار، يبدأ حملات تدريجية تحمل فلسفة الثورة.

نشر تيار الأمّة الرسائل التعريفية الـ (5) له؛ وهي: بناء القيادة الفكرية والرمزية والتنظيمية، وكيفية بناء المجموعات الثورية، والحاضنة الشعبية، وأزمة المعارضة، والنخبة المصرية.

يتلقى تيار الأمّة، ومحمود فتحي شخصياً، عناية فائقة من النظام التركي، وهو يؤدي دوراً لصالح تركيا في ليبيا وسوريا، وفي الفترة من عيد الأضحى السابق إلى اليوم زار مدينة جنديرس بسوريا، ثم مدينة سرت بليبيا بصحبة وفد تركي على رأسه ياسين أقطاي مستشار أردوغان السابق، وقد قام بإطلاق مشروع سكن كريم عقب الزلزال التركي، وكان يتلقى تبرعات يقدمها للحكومة التركية عن طريق حساب خاص على صفحته.

يشير ظهور تيار الأمّة إلى التحولات الدائمة، في عموم السلفيين بشكل عام، إلى استمرار السلفية الحركية في لعب أدوارها التقليدية، وإلى التجديد الذي أصاب الجيل الجديد منها، الذي أصبحت السياسة تُقدّم لديه على الفقهي والفكري.

مواضيع ذات صلة:

هل جنت السلفية المدخلية والجهادية على السنّة؟

نحو مقاربة أكثر تقدمية لدراسة الحركة السلفية الجهادية

إبراهيم السكران: السلفية المغلقة ترتدي قناع النقد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية