الصادق الغرياني والاستخفاف بالدين.. فقه الأولويات في خدمة الإخوان

الصادق الغرياني والاستخفاف بالدين.. فقه الأولويات في خدمة الإخوان

الصادق الغرياني والاستخفاف بالدين.. فقه الأولويات في خدمة الإخوان


25/03/2024

أباح المفتي المعزول في ليبيا الصادق الغرياني لنفسه توظيف الدين لخدمة جماعته الإخوان المسلمين باسم فقه الأولويات، فخلط الدعوة لتقديم الدعم لغزة بمهاجمة دول مصر والأردن والسعودية، والتجاوز في قضايا الدين.

بينما في الواقع غاب المفتي المزعوم عن دعم قضية غزة، فلم يخرج أو يدعو لحراك سلمي في ليبيا، واكتفى بتوظيف الدين في دعوات لا تراعي فقه الأولويات، كدعوته للحرب، والتمرد على أنظمة الدول العربية باسم نصرة غزة.

ولم ينسَ الغرياني عدوه اللدود المشير خليفة حفتر من الهجوم في حديثه نفسه عن غزة وفقه الأولويات، فهاجم قراراً اقتصادياً نقدياً اتخذه مجلس النواب بالتنسيق مع المصرف المركزي لضبط السياسة النقدية. وادّعى أنّ الهدف منه تغطية نفقات أولاد المشير، دون اعتبار لما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية ناتجة عن سوء إدارة الحكومات في طرابلس والتي باركها بنفسه.

ماكدونالدز والعمرة

قال الغرياني في حلقة بعنوان "الإسلام والحياة" نُشرت على صفحته الرسمية عبر منصة (فيسبوك): إنّ "الكثير من المسلمين تأخذهم العاطفة ويتصرفون التصرف غير الصحيح الذي لا يدل على بصيرة أو فقه في الدين، زي ما تشوف الآن الآلاف ومئات الآلاف يتزاحمون على العُمرة للمرة العاشرة والعشرين، ويخرجون بطوابير زحمة، ويقفون عند (ماكدونالدز) ويأخذون وجبة، ويدفعون الدولارات لـ (ماكدونالدز) الذي يحولها بدوره إلى الصهاينة، وأهل غزة يموتون جوعاً".

المشير خليفة حفتر

وتابع: "يذهب للعمرة للمرة الخامسة والسادسة، ويصرف (5) آلاف دولار و(10) آلاف دولار و(20) ألفاً،  ويرى أنّه في أعلى درجات العبادة مع أنّه في أعلى درجات الغفلة".

وأضاف: "لو الشخص جلس في بيته في إندونيسيا أو باكستان أو في ليبيا والـ (10) آلاف حوّلها لأهل غزة نقداً، ليستعينوا بها، هو أعظم أجراً مئات المرات من ذلك الذي ذهب إلى العمرة وأعطى هذه الأموال للشركات السياحية، وأعطاها للشركات الصهيونية التي تحول الأموال للصهاينة الذين يقتلون إخواننا في غزة".

لا يمكن فصل حديث الغرياني عن موقفه المعادي للسعودية، فلو كان للمملكة موقف آخر من جماعة الإخوان المسلمين، لما صدر مثل هذا الحديث عنه. فضلاً عن ذلك، اتهم ملايين المسلمين الذين وفدوا إلى المملكة لأداء العمرة في شهر رمضان، ووصفهم بدعم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

 

دعوة الغرياني لتسليم الأموال إلى حركة (حماس) تعني تسليمها إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي طالما جمعت أموالاً طائلة باسم القضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم.

 

اللافت أنّ المفتي الذي دعا إلى تعطيل أداء شعائر العمرة، دعا الليبيين إلى الخروج في الميادين للتظاهر ضد قرارات تنظيمية في المصرف المركزي الليبي، بينما لم يدعُ إلى مثل ذلك نصرةً لأهل غزة.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، اقتصرت الصفحة الرسمية للمفتي المعزول من مجلس النواب الليبي على توظيف الدين لدعوة الشعوب لإحداث فوضى باسم نصرة غزة، في الوقت الذي لم يفعل فيه ذلك مع حكومة الدبيبة، رغم اتهامات الفساد التي تلاحقها.

ومنح الغرياني نفسه الحق للحديث عن نوايا الملايين من المسلمين الذين يبغون من عمرة رمضان أجراً يُعادل الحج، وفق الحديث الذي جاء في البخاري: "عمرة في رمضان تقضي حجة معي". وقال: "محلات (كنتاكي وماكدونالدز) أبوابها مفتوحة قبالة الحرم، والمعتمرون يتدافعون لدفع أموالهم إليها لدعم الصهاينة في طوابير طويلة، وأهل غزة يموتون جوعاً، ليس بعد هذا غفلة في ترتيب الأولويات عند المسلم".

المصرف المركزي الليبي

وكشف عن نواياه من توظيف الدين في ذلك بقوله: "من أراد أن يعين المجاهدين في غزة، فعليه أن يوصل المال إلى مقاتلي (حماس)، لا أن يسلّم الإغاثة للأمريكان الذين يتولون الإبادة الجماعية مع الصهاينة في غزة."

دعوة الغرياني لتسليم الأموال إلى حركة (حماس) تعني تسليمها إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي طالما جمعت أموالاً طائلة باسم القضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن ذلك تكشف تلك الدعوة عن عدم اكتراث بدماء عشرات الآلاف من سكان قطاع غزة الذين يدفعون أرواحهم ثمناً لمغامرة الحركة.

تخوين الأنظمة العربية

مقابل ذلك، تنشط العديد من دول العالم، وفي مقدمتها دول مصر والأردن والإمارات، للتخفيف من معاناة سكان قطاع غزة، من خلال إدخال المساعدات عبر معبر رفح البري في مصر، أو عمليات الإنزال الجوي المشتركة من مطارات الأردن ومطار العريش في مصر، ولم يُذكر لجماعة الإخوان أيّ دور في ذلك.

وكان ما يُعرف باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، قد أعلن عن مبادرة لإرسال دعم إنساني إلى قطاع غزة يتمثّل في (100) سفينة من المساعدات، شريطة تلبية مصر لمطلب زيارة وفد الاتحاد لمعبر رفح ودخول قطاع غزة. 

ومرّ نحو شهرين على تلك المبادرة دون جديد، ممّا يكشف عدم جدية الاتحاد في المساهمة في إغاثة سكان القطاع، وتفضيلهم عدم تقديم الإغاثة المزعومة طالما لم تحقق أهدافهم السياسية.

وظّف الصادق الغرياني قضية إدخال المساعدات إلى القطاع لمهاجمة دولتي مصر والأردن

بدوره وظّف الصادق الغرياني قضية إدخال المساعدات إلى القطاع لمهاجمة دولتي مصر والأردن، وقال: "لو أرادت أمريكا إغاثة أهل غزة حقاً، لسمحت لآلاف الشاحنات المتوقفة في المعابر البرية في مصر والأردن، فمن تراه يمنعها إن أرادت، السيسي أم الملك عبد الله؟".

إنّ الغرياني، ومثله جماعة الإخوان المسلمين، الذين طالما تشدقوا بفقه الأولويات، لو اعتبروا بذلك لما روجوا لدعوات تشكك في الأنظمة السياسية العربية في ظل ما تشهده المنطقة من مخاطر.

المفتي الذي دعا إلى تعطيل أداء شعائر العمرة، دعا الليبيين إلى الخروج في الميادين للتظاهر ضد قرارات تنظيمية في المصرف المركزي الليبي، بينما لم يدعُ إلى مثل ذلك نصرةً لأهل غزة

يقول الصحفي المصري حمادة عبد الوهاب في تصريح سابق: إنّه مع كل جولة من جولات التصعيد في قطاع غزة نرى من يحاول استغلال هذا الحدث الجلل والمتاجرة بآلام الغزيين الذين يقتلون وحدهم، ولا يقتل أحد غيرهم. واصفاً لـ (حفريات) موقف الإخوان المسلمين بأنّه استغلال لآلام الغزيين، ومشيراً إلى أنّ دخول المساعدات عبر مصر يخضع لترتيبات تم الاتفاق عليها بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، كون الأخيرة هي سلطة الاحتلال، وهي التي قصفت المعبر، ولهذا كان الاتفاق ضرورياً لضمان عدم استهداف المساعدات الإنسانية.

توظيف الدين لخدمة الإخوان

في الحلقة نفسها المعنونة بـ "الإسلام والحياة" التي تحدث فيها الصادق الغرياني عن العمرة وغزة، هاجم قرار مصرف ليبيا المركزي بتنفيذ قرار رئيس مجلس النواب رقم (15) للعام 2024 بشأن فرض رسم على سعر صرف العملات الأجنبية بصفة مؤقتة.

وأصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قراراً بفرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 27%.

جاء ذلك بعدما اقترح محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير تعديل سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وفرض رسم مُقدّر بـ27% على النقد الأجنبي، وفق ما نشرته (بوابة الوسط) الإخبارية الليبية.

حمادة عبد الوهاب: موقف الإخوان المسلمين استغلال لآلام الغزيين

يأتي ذلك القرار لتصحيح أسعار صرف العملة التي وصلت في السوق الموازية إلى نحو (7) دنانير للدولار، بينما كان السعر في المصرف المركزي قبل فرض الضريبة نحو (4.8) دنانير للدولار. ويأتي القرار لوقف نزيف الاحتياطي الوطني من العملات الأجنبية، في ظل استشراء الفساد والتحايل على الأرصدة الأجنبية لدى المصرف المركزي من قطاعات واسعة من المستوردين.

ورفض الغرياني القرار لصدوره عن مجلس النواب الذي سبق أن قاد ضده انقلاباً في العام 2014، وقال: "الضريبة (المكس) التي فرضها المصرف المركزي على سعر صرف الدولار هي لتغطية التزامات حفتر وديونه على الخزينة العامّة". تلك التصريحات تعكس الخلافات الواسعة التي يعاني منها معسكر الإخوان المسلمين في ليبيا، والذي يواجه تهديدات كبيرة بعد توجه المجتمع الدولي إلى استبدال حكومة عبد الحميد الدبيبة المتهمة بالفساد.

المفتي استغلّ الدين في تلك القضية المرتبطة بالسياسات النقدية، وقال: "فرض ضريبة على سعر صرف الدولار ظلم وغصب وأكل لأموال الناس بالباطل، وكل من يعين عليها في المركزي أو المصارف التجارية أو البرلمان هو غاصب، وكل أهل ليبيا خصومه يوم القيامة".

وقد اشتُهر المفتي المعزول الصادق الغرياني بدوره البارز في الاقتتال الأهلي الذي اندلع في ليبيا منذ العام 2011، ولعب دوراً كبيراً من خلال فتاواه في تحريض الليبيين ضدّ بعضهم بعضاً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية