العالم قلق من تصريحات الأتراك عن غزو آيا صوفيا بالسيف

العالم قلق من تصريحات الأتراك عن غزو آيا صوفيا بالسيف


12/07/2020

ترجمة: محمد الدخاخني

تعدّ آيا صوفيا رمزاً لإسطنبول، ومركز الجذب السياحي الأكثر شعبية في تركيا، وفي كل عام، يتجوّل ملايين الزوار تحت قبتها القرميدية الضخمة، وأمام لوحاتها الجصية المتقنة، مما جعل هذا الموقع السياحي ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي العالمي،

اللاهوتي إحسان إلياجيك: لا وجود لمبرر ديني لتحويل آيا صوفيا إلى مسجد. إنّ حقّاً يتحصل عليه بالسيف ليس من القرآن؛ فضمّ المواقع الثقافية بالقوة محرم

لكنّ آيا صوفيا أكثر من مجرد تحفة معمارية: لقد كانت دائماً رمزاً سياسياً، أيضاً.

بني هذا الهيكل الضخم على يد الإمبراطور البيزنطي، جستنيان، في القرن السادس الميلادي، وعندما غزا العثمانيون القسطنطينية عام 1453، قام السلطان محمد الثاني على الفور بتحويل الكاتدرائية إلى مسجد، واستخدم مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، الكنيسة في فعل آخر ذي أهمية رمزية؛ حيث حوّل أيا صوفيا، عام 1935، إلى متحف، مما نقل رسالة مفادها أنّ تركيا الحديثة دولة علمانية.

الآن، يخطط الرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان، أيضاً، لجني رأس مال رمزي من المبنى، الذي يقع في منطقة الفاتح وسط إسطنبول، بالنسبة إلى كثير من ناخبي أردوغان، الذين يميلون إلى التعاطف مع القوميين الإسلامويين، ترمز آيا صوفيا إلى غزو العثمانيين للقسطنطينية المسيحية، وتفوّق العالم الإسلامي.

حلم المسجد يتحقق

يضغط أردوغان، الذي هو أيضاً زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم، بأقصى ما يستطيع لقلب قرار أتاتورك وإعادة فتح آيا صوفيا، باعتبارها مكاناً للعبادة الإسلامية، ولطالما كان هناك حديث في تركيا حول إمكانية تحويلها مجدداً إلى مسجد، لكن هذه المرة تتخذ الخطط شكلاً واضحاً.

 يوم الخميس، قبل الماضي، نظرت المحكمة الإدارية العليا في تركيا، مجلس الدولة، في قضية تبحث ما إذا كان مرسوم أتاتورك لعام 1935، الذي تحوّلت بموجبه آيا صوفيا إلى متحف، صالحاً من الناحية القانونية، وسوف يعلن الحكم في غضون 15 يوماً.

وقد جاءت مبادرة حزب العدالة والتنمية مصحوبة بخطاب قومي، فقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، نعمان كورتولموس: "آيا صوفيا ملكية جغرافية لنا، وأولئك الذين فتحوها بالسيف يمتلكون أيضاً حقوق ملكيتها"، وتابع: "آيا صوفيا تحت سيادتنا".

يبدو الحزب الحاكم واثقاً من أنّ خططه ستمضي قدماً، ويوم الإثنين، الذي وافق الذكرى 567 لغزو القسطنطينية، سمح حزب العدالة والتنمية لأحد الأئمة بتلاوة سور من القرآن في آيا صوفيا، وبعد ذلك، كانت هناك تكهنات علنية حول ما إذا كان قد اتخذ قراراً بالفعل، وتمّت الاستعدادات الأولية.

انقسام رمزي

ينظر إلى مبادرة أردوغان على أنّها محاولة لتغيير مزاج الناخبين الأتراك لدعم حزب العدالة والتنمية، وتشير غالبية الاستطلاعات إلى أنّ الحزب قد فقد تأييداً كبيراً له في الآونة الأخيرة، ونتيجة لذلك، عمل أردوغان في الأشهر الأخيرة على تحفيز المشاعر القومية بين السكان.

ومع ذلك، قد تؤدي هذه الخطوة الأخيرة إلى خلق انقسام جديد.

جاءت مبادرة حزب العدالة والتنمية مصحوبة بخطاب قومي، فقال نائب رئيس الحزب، نعمان كورتولموس: آيا صوفيا ملكية جغرافية لنا، وأولئك الذين فتحوها بالسيف يمتلكون أيضاً حقوق ملكيتها

 وكان بطريرك القسطنطينية، بارثولوميو الأول، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، قد أعلن معارضته الشديدة لتحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وخلال خدمة كنسية في إسطنبول، رأى أنّ آيا صوفيا من بين أهم المباني التاريخية للحضارة البشرية، وأصرّ على أنّها لا تنتمي فقط إلى أصحابها الحاليين، لكن إلى "البشرية جمعاء".

وفي تصريح لـ "دويتشه فيله"، قال نيكولاس أوزون أوغلو، رئيس اتحاد المواطنين الأتراك من أصل يوناني في إسطنبول؛ إنّه يعتقد أنّه من الخطأ تحويل آيا صوفيا إلى موضوع خلاف سياسي.

وأضاف أنّ المبنى يمثّل الحرية بين الأديان والحضارات. وتابع: "التصريحات التي تتحدث عن "غزو آيا صوفيا بالسيف" يجب أن تكون مصدر قلق لمجتمعنا بأسره".

"لا وجود لمبرر ديني"

هناك أيضاً قلق في العالم الأكاديمي من تغيير غاية آيا صوفيا، يقول أدهم إلدم، وهو مؤرخ من جامعة بوغازيتشي في إسطنبول: "على مدار الـ 1,500 عام الماضية، خدم المبنى ديانتين عالميتين دون الحاجة إلى أيّ تغيير جذري في هندسته المعمارية". وتابع: "لا يوجد سوى عدد قليل من المباني من هذا النوع في كافة أنحاء العالم، وتجب حمايتها"، ويضيف إلدم: "آيا صوفيا تمثل أيضاً تراثاً ثقافياً عالمياً مشتركاً للبشرية: هل نريد تطويق هذا التراث وإخفائه؟ ألا نفضل تقديمه للعالم كله؟".

اقرأ أيضاً: لماذا الآن؟.. توقيت تحويل آيا صوفيا إلى مسجد يكشف نوايا أردوغان

ويتبنى اللاهوتي إحسان إلياجيك وجهة نظر مماثلة، ويعتقد أنّه لا وجود لمبرر ديني لتحويل آيا صوفيا إلى مسجد، ويقول: "إنّ حقّاً يتحصل عليه بالسيف ليس من القرآن؛ فضمّ المواقع الثقافية بالقوة محرم"، كما يصف إلياجيك آيا صوفيا بأنّها رمز للسلام بين العالمين الإسلامي والمسيحي.

اقرأ أيضاً: آيا صوفيا.. أردوغان يحشد لإعادة شعبيته التي بدّدتها مُقامرات السياسة والاقتصاد‎‎

لكن يبدو أنّ الرئيس أردوغان غير منزعج من هذه الاعتراضات؛ حيث أخبر الجالية الأرثوذكسية اليونانية في تركيا مؤخراً: "تقولون لنا: "من فضلكم، لا تحولوا آيا صوفيا إلى مسجد"، أتقصدون أنه على تركيا الانحناء لإرادتكم؟ إننا بانتظار قرار مجلس الدولة، وبعد ذلك سنتخذ الخطوات اللازمة".

المصدر:

بيلين أنكر ودانيال بيلوت، "دويتشه فيله"، 2 تموز (يوليو) 2020

https://www.dw.com/en/turkeys-hagia-sophia-becomes-a-political-battleground/a-54018499



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية