الكلام عن الديمقراطية.. والفعل إرهابي!!!

الكلام عن الديمقراطية.. والفعل إرهابي!!!


04/07/2022

الهاشمي نويرة

عاد شبح الإرهاب ليخيّم مجدّداً على تونس، وذلك مع اقتراب استحقاق الاستفتاء على الدستور المقرّر عقده يوم 25 يوليو 2022 المقبل.

وقد أعلنت وزارة الداخلية التونسية نهاية الأسبوع الماضي، عن تنفيذ عملية إرهابية استهدفت تركيزاً أمنياً قرب كنيس وسط العاصمة تونس، كما أعلنت في ذات النقطة الإعلامية عن إحباط عمل إرهابي كان يستهدف اغتيال الرئيس التونسي قيس سعيّد، مشيرة إلى أنّ جهات داخلية وخارجية متورّطة في هذه العملية، ولأوّل مرّة توجه تونس في موضوع شديد الخطورة والحساسية أصابع الاتهام إلى جهات أجنبية.

ورغم أنّ وزارة الداخلية لم تحدّد ولم تذكر صراحة هذه الجهات الدولية، أو حتى الداخلية، فإنّ الرأي العام التونسي يكاد ينطق بأسماء هذه الجهات الخارجية التي دأبت على دعم الحركة الإخوانية وحركات الإسلام السياسي عموماً، وذلك في السرّ والعلن ولها تاريخ حافل في دعم جحافل الإخوان والإرهاب.

وأمّا الجهات الداخلية فهي معلومة في تونس وهي تُثار وتُستحضر في كلّ عمل إرهابي استهدف تونس منذ 2011 وإلى يومنا هذا.

وإذ سارعت حركة النهضة الإخوانية - كعادتها - باستنكار محاولة اغتيال رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وطالبت «بالكشف عن هذه الجهات الداخلية والخارجية المتورّطة»، فإنّ القاصي والداني في تونس مقتنع بأنّ ما أتته الحركة الإخوانية من تنديد شكلي ومسموم هو من باب المخاتلة والمناورة ومحاولة رسم مسافة «آمنة» عن هذا الفعل الإجرامي والإرهابي والتفصّي من المسؤولية السياسية والفعلية لموجة «إرهاب تحت الطلب»، والتي ضربت وتضرب تونس واستقرارها الأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

وإنّ هذا «الاستنكار» لم يمنع الناطق الرسمي باسم الحركة الإخوانية عماد الخميري من وصف النقطة الإعلامية لوزارة الداخلية التونسية بـ«المسرحية الفاشلة»، مجدّداً طلب حزبه بـ«ضرورة الكشف عن الجهات الداخلية والخارجية» المتورّطة في محاولة اغتيال الرئيس التونسي قيس سعيّد، ومشكّكاً بذلك في صحّة الرواية الرسمية، ومؤكّداً في المقابل أنّ «النهضة تندّد بأيّ محاولة اعتداء على مؤسّسات الدولة» وحذّر من «مغبّة الزجّ بهذه المؤسسات في الصراعات السياسية».

ومن المعلوم والبيّن أنّ تهم التعدّي على مؤسّسات الدولة وأجهزتها الحسّاسة، سواء كان ذلك اختراقاً أو محاولة لخلق أطر موازية لها، تلاحق النهضة الإخوانية منذ 2011 وهي ملفّات لم تُفتح بصفة جدّية إلّا بعد الحركة التصحيحية لـ25 يوليو 2021 وذلك بسبب سيطرتها على بعض مراكز القوّة في القضاء والإدارة.

وليس من باب التعدّي على الحقيقة التأكيد مجدّداً على أنّ العنف والإرهاب هما من آليات العمل السياسي لجماعات «الإخوان» و«الإسلام السياسي» عموماً، ولا يُعرف لهم أنّهم قاموا بمراجعات سياسية أو فكرية جدّية حول هذا الموضوع، وكلّ ما قامت به هذه الجماعات هو من باب المناورة والتحيّل السياسي، والأساس الفكري والأيديولوجي لهذا السلوك العنيف والإرهابي هو أوّلاً: «حالة الجهاد» التي تحتّمها في تقديرهم وقناعتهم مواجهة «الأعداء»، وذلك من أجل «تحصيل السلطة» و«التمكّن» منها، وثانياً، اعتبار أنّ المجتمعات والدول التي يمارسون فيها العنف والإرهاب هي «ديار حرب» مستباحٌ فيها كلّ فِعْلٍ مهما بدا مُخِلّاً بالأخلاق وبالقيم الإنسانية المشتركة وبالعيش الآمن.

وبتقييم التجارب في بعض الدول التي عاشت مأساة الحكم الإخواني تبيّن بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ حركات الإخوان تؤمن بالديمقراطية مرّة واحدة تلك التي توصلهم إلى السلطة والحُكْمِ، ثمّ يكون العنف والإرهاب والترهيب هو أداة السلطة والحُكْمِ، وتكون إراقة الدماء هي المآل إن هي خسرت هذه السلطة، وهي لن تتوانى في فعل أيّ شيء من أجل استرجاعها.

إنّ مجابهة الخطر الإخواني يكمن أوّلاً، في فَهْمِ الطبيعة الخطرة لهذه الجماعات على الدول والأوطان وثانياً، في نجاعة هذه المجابهة ونجاحها، ولن يكون نجاحها ممكناً إلّا بتحقيق تنمية تضمن كرامة الوطن والمواطن، وكذلك وبالخصوص بتوسيع الجبهة الوطنية الداخلية؛ لأنّه لا خلاص لوطن بعمل فردي مهما كان صاحبه موهوباً وصادقاً وأميناً على البلاد والعباد.

عن "البيان" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية