اللواء عباس وسقوط الإخوان في سباق الكذب!

اللواء عباس وسقوط الإخوان في سباق الكذب!

اللواء عباس وسقوط الإخوان في سباق الكذب!


28/03/2023

محمد صلاح

يبدو كأن المستوى المزري الذي وصل إليه تنظيم الإخوان الإرهابي ليس إلا محصلة لانهيار البنية العقلية للتنظيم، حتى أصبح يرتكب حماقات تسيء إلى الجماعة ورموزها وقادتها وعناصرها، فصار يسقط بسهولة في سباقات الكذب التي كان يحصل فيها دائماً على المركز الأول، ويغرق بالجماعة أكثر في مستنقع الفشل. في زمن سابق كان العنصر الإخواني حريصاًً على شكل الجماعة وصدقيتها وانطباعات الناس عنها، يكذب ولكن يَحبك الكذب حرصاً على صورة تنظيمه، يهتم بشكله على حساب عقله لأن الشكل يظهر أمام الناس بينما المضمون قد يكشف جهله، يقتل لكن بعد أن يرسّخ في قناعات الناس أنه يجاهد. الآن صار الإخونجي يكذب ويجهر بالجهل ويقتل من دون أن يكترث أنه يذهب بتنظيمه إلى الهاوية.

فجأة ضجت مواقع إلكترونية وصفحات تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي على شبكة التواصل الاجتماعي بخبر عن اجتماع جمع رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل مع ممثلين للأحزاب والقوى السياسية، بهدف رسم سيناريو للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، وجرى في الاجتماع المزعوم الاتفاق على ترشيح ثلاثة سياسيين ينافسون الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأن يحصل كل منهم على عشرة في المئة من أصوات المقترعين لينال السيسي السبعين في المئة الباقية من الأصوات!

على الفور جُهزت الديكورات، ونُصبت الاستوديوات، وأضيئت المصابيح، وجلس المذيعون في مواجهة الكاميرات ليطرحوا أسئلة في برامج تبث من فضائيات إخونجية عن الإفلاس الذي تعيشه السياسة المصرية في عهد السيسي، بينما اجتهد ضيوف البرامج في طرح نظريات حول الرخاء السياسي الذي كانت تعيش فيه مصر في السنة التي حكم فيها الإخوان مصر! والمصائب والبلاوي والفقر الذي ضرب البلاد بعدما وقف الشعب ضد إرادة الله وناصب الإخوان العداء وأطاح الرئىس الشرعي محمد مرسي صاحب مشروع النهضة، الذي وصفه في خطبة شهيرة أن له رأساً وجسماً ومؤخرة! وحتى تكتمل الحبكة، أو هكذا اعتقد الإخوان، كان لا بد من بعض التوابل والبهارات عن الانقلاب الذي تمكن والشرعية التي أطيحت، والمهم أن يخرج المتحدثون بالطبع بنتيجة مفادها أن السيسي هو السبب في كل كوارث مصر... والعالم!

في مصر يطلقون على أخبار كتلك أنها "أخبار مضروبة"، ومنذ عصفت رياح الربيع العربي بالمنطقة، غرق المصريون، وغيرهم من الشعوب العربية، في أمواج من المعلومات الكاذبة والحوادث المفتعلة والشائعات المغرضة والأخبار المضروبة، وبمرور الوقت اكتشف المصريون أنهم كانوا ضحايا آلة إعلامية ضخمة تبث الأكاذيب وتمارس التحريض، وتسعى دائماً إلى اغتيال كل معارضي الإخوان معنوياً وتصفيتهم إنسانياً، وأن منصات نُصبت وصوّبت بثها وصفحاتها وموجاتها باتجاه عقول المواطنين العرب في كل مكان، لتبييض وجوه الإخوان وغسل سمعة الجماعة، وإخفاء كل خطأ وقع فيه ذلك التنظيم عبر عقود، سواء تورط الإخوان في عمليات إرهابية أو تآمر الجماعة على الجميع من أجل الوصول إلى السلطة.

المهم أن القوى السياسية وأقطاب الأحزب نفوا جميعاً الخبر المزعوم، بينما ضحك المصريون على المستوى المتدني في التأليف والفبركة لدى إعلام الإخوان، فهم حصَّنوا أنفسهم ضد ألاعيب وأكاذيب وطوفان يومي من "الأخبار المضروبة"، وصاروا يتهكمون على محتوى المنصات الإعلامية الإخوانية ويستغربون حجم الإنفاق المالي على مشروع لا يحقق سوى الفشل، وبمجرد بث الخبر والسباق الذي جرى بين منصات الإخوان وقنواتهم على ترويجه، سخروا من سذاجة التفكير لدى صانعه والجهل الذي سيطر على مروجيه.

صحيح أن ترويج فبركة المعلومات ونشر الأخبار الكاذبة واستخدام الشائعات هي من أساليب الحرب اللامتماثلة، واعتمد عليها الناشطون ومحركو الربيع العربي وناشرو الفوضى والخراب، لكن الفشل الذي لحق بالإخوان كان يستدعي على تلك الجماعة أن تطور من نفسها، وأن تبحث عن آليات جديدة لتحقق الأذى للآخرين. فالظروف تغيرت والسنوات مرت والحقائق ظهرت، ولم يعد الناس يستجيبون لكل شائعة بسرعة، وصاروا لا يخرجون من منازلهم ليحتشدوا في الميادين لمجرد أن إخونجياً زعم أن زميلاً له قُتِل في ذلك الميدان، أو أن الشرطة تذبح المواطنين في هذا الشارع.

صار الناس يبحثون أولاً عن مصدر المعلومة، ويسألون عن دور الإخوان فيها، ثم يتوجسون حين يلاحظون أن كل الإخوان في العالم جيّشوا أنفسهم لترويج تلك الكذبة، أو هذه المزاعم، وأخيراً تأتي السخرية من أموال تنفقها جهات ودول تدعم التنظيم على مر السنوات لم تحقق شيئاً، وجهود بذلها الإخوان لم تسفر إلا عن مزيد من السقوط للجماعة في مستنقع الفشل. لاحظ هنا أن أكاذيب الثورجية والإخوان أيام الربيع العربي كانت تعيش فترات أطول، فالناس وقتها كانت لديهم دوافع للتصديق والاقتناع بها، الآن صارت الكذبة تُكتشف بمجرد إطلاقها، والشائعة تموت قبل أن تؤثر، وحتى ساحة الإنترنت والترتيبات التي استخدمها الإخوان واعتقدوا أنهم الأكثر براعة وخبرة وحنكة فيها، دخل عليها المدافعون عن أوطانهم وامتلكوا أدواتها وتباروا فيها، وبدوافع وطنية سجلوا انتصارات على لجان إلكترونية ينتظر أعضاؤها الأوامر لينفذوها من دون وعي أو تفكير.

عن "النهار العربي"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية