اليونيسف تُحذر من تفشي الأوبئة في غزة... ما حجم الكارثة؟ وكيف يمكن التعامل معها؟

(يونيسف) تُحذر من تفشي الأوبئة في غزة... ما حجم الكارثة؟ وكيف يمكن التعامل معها؟

اليونيسف تُحذر من تفشي الأوبئة في غزة... ما حجم الكارثة؟ وكيف يمكن التعامل معها؟


23/11/2023

يبدو أنّ قطاع غزة على موعد مع أزمة جديدة، تتعلق بانتشار الأوبئة والأمراض داخل القطاع، نتيجة انهيار القطاع الصحي بشكل شبه كامل بسبب استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي المكثف خلال الأسابيع الماضية المستشفيات والمرضى، ومنع وصول المساعدات الإنسانية الغذائية والأدوية إلى سكان القطاع. 

وقد حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الثلاثاء المضي من أنّ "مأساة" صحية ترتسم في قطاع غزة بسبب نقص الوقود والمياه، وقال الناطق باسم اليونيسف جيمس إلدر خلال مؤتمر صحافي في جنيف: "إن لم يتوافر الوقود بكميات كافية، فسنشهد انهيار مرافق الصرف الصحي، فيصبح لدينا إضافة إلى القذائف والقنابل، الظروف المواتية لانتشار الأمراض، إنّها ظروف مثالية لحصول مأساة".

الخطر يطوق أطفال غزة

من جهتها، دعت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسيل إلى ضرورة حماية الأطفال في قطاع غزة، بعدما تخطى عدد الشهداء من الأطفال في القطاع حاجز الـ (5) آلاف.

وقالت راسيل، في منشور عبر موقع (إكس)، أوردته شبكة (سكاي نيوز) البريطانية يوم الثلاثاء: "معلم مروع آخر، لقد تجاوز الآن عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة (5) آلاف"، وأضافت: "كل واحد هو حياة انطفأت وأسرة دُمّرت، هذا يجب أن يتوقف، ينبغي حماية جميع الأطفال".

يبدو أنّ قطاع غزة على موعد مع أزمة جديدة، تتعلق بانتشار الأوبئة والأمراض داخل القطاع

وفي السياق، قال سليم عويس، مسؤول الإعلام في مكتب اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إنّ الأطفال في قطاع غزة يعانون الأمرّين، مشيراً إلى ما وصفه بالأرقام المخيفة، حيث "قتل أكثر من (3400) طفل، وأصيب ما يزيد عن (6800) طفل آخر بإصابات مختلفة".

وجدد سليم عويس دعوة المنظمة إلى ضرورة وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية. وشدد على مسؤولية الأطراف في حماية الأطفال وفقاً للقانون الدولي الإنساني، وحماية البنى التحتية المدنية التي يعتمدون عليها مثل المدارس والمستشفيات ومحطات تحلية المياه.

نقص الوقود يهدد بكارثة أكبر

يتسبب نقص الوقود بشكل كبير في تعطيل المنظومة الصحية، وقد تعطلت أكثر من (25) مستشفى من إجمالي (36) داخل القطاع؛ بسبب انقطاع الوقود منذ بدء الأزمة في 8 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. 

وتسبب منع إسرائيل إدخال الوقود إلى غزة في توقف ضخ الماء من (76) بئراً، إلى جانب توقف محطتي تحلية المياه التابعتين لـ (أونروا)، فضلاً عن توقف (15) مضخة للصرف الصحي، وهو ما يمثل خطراً شديداً على الصحة العامة، حسبما أوردت شبكة (سكاي نيوز).

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: استمرار تراكم جثث الفلسطينيين في طرقات غزة وتحت أنقاض المباني المدمرة ينذر بكارثة صحية كبرى بسبب انتشار الأوبئة

وخلّف النقص في الوقود مأساة إنسانية، بعد أن واجه أطفال خدج مصيراً مجهولاً في مستشفى الشفاء بغزة، إذ توقف العمل في قسم الحضانات بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الأوكسجين، قبل أن يتم نقلهم إلى مستشفيات في الجانب المصري.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإنّ عدد القتلى منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) تجاوز (13) ألفاً، وهناك عشرات آلاف آخرون أصيبوا، علاوة على نزوح نحو مليون ونصف المليون شخص في قطاع غزة، نصفهم من الأطفال.

تفشي الأوبئة

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري قالت منظمة الصحة العالمية: إنّها تشعر بقلق بالغ من انتشار الأمراض في قطاع غزة، حيث تسبب القصف الإسرائيلي المستمر منذ أسابيع في تكدس السكان في الملاجئ مع نقص شديد في الغذاء والمياه النظيفة.

"مأساة" صحية ترتسم في قطاع غزة بسبب نقص الوقود والمياه

وقال ريتشارد بيبركورن، ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية: "نشعر بقلق بالغ بخصوص انتشار الأمراض عند حلول موسم الشتاء"، وأضاف أنّه جرى رصد أكثر من (70) ألف حالة عدوى تنفسية حادة، وما يربو على (44) ألف حالة إسهال في قطاع غزة المكتظ بالسكان، مشيراً إلى أنّ الأعداد أعلى بكثير من المتوقع، وفقاً لـ(رويترز).

وقد دقت المنظمة ناقوس الخطر بشأن الانتشار السريع للأمراض المعدية في غزة مع تعطل المرافق الصحية وشبكات المياه والصرف الصحي، ودعت إلى تعجيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء القطاع، بما في ذلك الوقود والمياه والغذاء والمستلزمات الطبية.

ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية: نشعر بقلق بالغ بخصوص انتشار الأمراض عند حلول موسم الشتاء.. جرى رصد أكثر من (70) ألف حالة عدوى تنفسية حادة، وما يربو على (44) ألف حالة إسهال في قطاع غزة المكتظ بالسكان

وفي بيان صحفي قالت المنظمة: إنّ نقص الوقود أدى إلى إغلاق محطات تحلية المياه، ممّا يجبر الناس على شرب المياه الملوثة ويزيد من خطر انتشار العدوى البكتيرية. كما أدى نقص الوقود أيضاً إلى تعطيل جميع أعمال جمع النفايات الصلبة، الأمر الذي هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض.

وشددت المنظمة على أنّ الخطر مضاعف على السكان النازحين بشكل خاص، حيث يعيش عدد كبير منهم في ملاجئ شديدة الزحام تفتقر إلى مرافق النظافة الشخصية والمياه المأمونة بشكل كافٍ. 

كما حذرت المنظمة من أنّ الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والصرف الصحي وتناقص مستلزمات التنظيف أدت إلى استحالة الالتزام بالتدابير الأساسية للوقاية من العدوى ومكافحتها داخل المرافق الصحية، بما في ذلك بين العاملين الصحيين. هذا بالإضافة إلى الخطر الناجم عن توقف أعمال التطعيم الروتيني ونقص الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض السارية ومحدودية الاتصالات، التي بدورها تقوّض القدرة على الكشف المبكر عن الفاشيات المحتملة.

تراكم الجثث يفاقم الأزمة

في سياق متصل، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مطلع الأسبوع الجاري: إنّ استمرار تراكم جثث الفلسطينيين في طرقات غزة وتحت أنقاض المباني المدمرة ينذر بكارثة صحية كبرى بسبب انتشار الأوبئة، متهماً إسرائيل بـ "استخدام ترك الجثث المتراكمة في الطرقات وتحت أنقاض المباني كسلاح في دفع سكان غزة نحو التهجير القسري".

وأضاف المرصد الحقوقي، في بيان، أنّ "عدد البلاغات عن المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة في الهجمات الجوية والمدفعية الإسرائيلية تجاوز (4150)"، وحذّر من "كارثة صحية كبرى" ناتجة عن تعفن الجثث وتحللها في القطاع الذي يتعرض لحرب إسرائيلية دامية للأسبوع السابع على التوالي.

الوضع الإنساني شديد التدهور في القطاع

وأشار إلى أنّ الوضع الإنساني شديد التدهور في القطاع، بسبب انقطاع المياه والكهرباء وغيرها من أدوات الوقاية والدفن السليم، قد يؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض، ويسهم في مخاطر صحية وبيئية، جرَّاء احتمال أن تكون الجثث حاضنة لأمراض سارية ومعدية إضافة إلى أمراض تنفسية وجلدية.

هل من حلول؟ 

تتفق تصريحات مسؤولي وزارة الصحة الفلسطينية والمنظمات الدولية على ضرورة وقف إطلاق النار والسماح بمرور المساعدات والأدوية والوقود وعودة المنظومة الصحية للعمل بكافة طاقتها، من أجل احتواء أزمة انتشار الأوبئة والأمراض داخل القطاع. 

وفي مؤتمر صحفي من مستشفى ناصر بـ (خان يونس) الأحد، قال الدكتور أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية: إنّ الأوبئة والأمراض الجلدية باتت تنتشر بين الجرحى والمصابين في مستشفيات قطاع غزة، فضلاً عن التهابات الجهاز التنفسي، وهذا يزيد من معاناة الطواقم الطبية.

يتسبب نقص الوقود بشكل كبير في تعطيل المنظومة الصحية، وقد تعطلت أكثر من (25) مستشفى من إجمالي (36) داخل القطاع بسبب انقطاع الوقود منذ بدء الأزمة في 8 تشرين الأول الماضي

وأشار القدرة إلى أنّ سيارات الإسعاف عاجزة عن الوصول إلى المستشفيات، وأنّ الاحتلال يرتكب مزيداً من المجازر في قطاع غزة، ويحاصر مجمع الشفاء في غزة لليوم العاشر.

ولفت إلى انتشار الأوبئة بشكل كبير بمختلف أنحاء قطاع غزة، خاصة في المستشفيات التي ما زالت تعمل كالمستشفى الإندونيسي، إلى جانب مستشفيات جنوب قطاع غزة، كما تنتشر الأوبئة بشكل كبير في أماكن النزوح بالمدارس، وهذا يلقي بظلاله على الصحة العامة بالمجتمع ككل، ممّا يتطلب سرعة التدخل من قبل المؤسسات الأممية لاتخاذ إجراءات وتدابير أكثر فاعلية من أجل حماية النازحين وتقديم الرعاية الصحية لهم.

وطالب المتحدث باسم وزراة الصحة الفلسطينية المؤسسات الدولية والأممية بسرعة توفير الوقود للمستشفيات، وتأمين ممرات آمنة لنقل المصابين.

مواضيع ذات صلة:

"مراسلون بلا حدود" تتهم إسرائيل بتحويل غزة إلى مقبرة للصحفيين... تفاصيل

ما أسباب تأخير سريان اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية