انخفاض التوقعات بفاعلية "مجلس الأمن" في أزمة سد النهضة يعزز الخيارات الأخرى

انخفاض التوقعات بفاعلية "مجلس الأمن" في أزمة سد النهضة يعزز الخيارات الأخرى


04/07/2021

توجّه وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى الولايات المتحدة الأمريكية  لحضور جلسة مجلس الأمن الطارئة، التي طالبت بعقدها كل من مصر والسودان، وذلك اعتراضاً على الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي قبل الوصول إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب. 

وقبل الاجتماع المرتقب أطلق رئيس مجلس الأمن لشهر تموز (يوليو) الجاري  الفرنسي نيكولا دو ريفيير تصريحاً محبطاً، قال فيه إنّ المجلس ليس لديه الكثير الذي يمكنه القيام به في أزمة سد النهضة بين السودان ومصر وإثيوبيا، وأضاف دي رفيير أنه ليس لدينا سوى جمع الأطراف معاً للتعبير عن مخاوفهم، ثم تشجيعهم على العودة إلى المفاوضات.

وكانت مصر قد طالبت مجلس الأمن بالنظر في أزمة سد النهضة الإثيوبي فوراً وبشكل عاجل، لأنّ هذه الأزمة يمكن أن تشكل خطراً يهدد السلم الدولي.

 وزير الخارجية المصري سامح شكري

وعلى الرغم من أنّ كافة المؤشرات كانت ترجح مخالفة إثيوبيا لأي قرار يصدر عن مجلس الأمن، في ظل تأكيداتها المستمرة على المضي قدماً في عملية الملء، غير أنّ صدور أي قرار يدين الموقف الإثيوبي المتعنت في المفاوضات كان من شأنه تعزيز موقف دولتي المصب.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل ساعات من مغادرته القاهرة: إنّ الجانب الإثيوبي لم يكمل بناء سد النهضة، ولن يحجز من المياه ما كان مقرراً، وسيتم حجز ما يقارب نصف الكمية، قائلاً: "بناء السد سينتج عنه ضرر، كما أنّ الملء الثاني مخالفة أخرى من الجانب الإثيوبي، ولنا رد فعل ملائم له".

السلطات المصرية لن تدخر أي جهد في حماية الأمن القومي المصري وحقوقها المائية، كما أنّ كل الوسائل متاحة لمصر في التعامل مع أزمة سد النهضة

وأضاف شكري، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "حديث القاهرة" عبر شاشة "القاهرة والناس"، بحسب ما أورده موقع المصري اليوم، أنه حال عدم صدور قرار مناسب من مجلس الأمن بخصوص أزمة سد النهضة ستستمر مصر في العمل من خلال الاتصالات الدولية والتواصل مع الاتحاد الأفريقي، مشيراً إلى أنّ مصر تؤكد دائماً أنّ لديها العزيمة والقدرة للدفاع عن مصالحها المائية.

وتابع: "السلطة المصرية لن تدخر أي جهد في حماية الأمن القومي المصري وحقوقها المائية، وكلّ الوسائل متاحة للشأن المصري في التعامل مع أزمة سد النهضة، ومصر ترتكن إلى السلم في الإطار السياسي لتجنب الصراع والصدام والتوتر الذي قد ينتج في القرن الأفريقي"، مشدداً على أنّ تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم دليل على ذلك.

اقرأ أيضاً: السيسي: لا يجوز التفاوض على سد النهضة إلى ما لا نهاية

ويرى مراقبون أنّ مصر لجأت إلى مجلس الأمن لاستنزاف كافة الخيارات السلمية المطروحة والممكنة، خصوصاً أنها سبق أن حذّرت من أنّ عدم حسم المسألة سلمياً قد يؤدي إلى عدم استقرار في المنطقة، في إشارة إلى السيناريو العسكري. 

ويقول الكاتب المصري محمد الشاذلي: إنه على الرغم من التصريح الصادم لرئيس مجلس الأمن، من أن ّالمجلس ليس لديه الكثير الذي يمكنه القيام به في أزمة سد النهضة الإثيوبي، فإنّ المجلس في سبيله للانعقاد هذا الأسبوع لبحث الأزمة، وبالتالي فإنّ الدبلوماسية المصرية والسودانية تكون قد حققت هدفاً في خططها الرامية لحث المجتمع الدولي نحو الانتباه لوجود مشكلة تهدد السلم والأمن الدوليين في أفريقيا.

مصر لجأت إلى مجلس الأمن لاستنزاف كافة الخيارات السلمية المطروحة والممكنة

وأضاف في مقال بموقع جريدة الأهرام المصرية: أستغرب بشدة ألّا يكون للمجلس ما يفعله لإيقاف صدام وشيك قد يتحول إلى صدام مسلح بين دول أعضاء في الأمم المتحدة بسبب أزمة سد النهضة، التي خرجت فيها إثيوبيا على كل الأعراف والقوانين الدولية التي تنظم استخدام الأنهار المشتركة، وعلى الاتفاقيات والإعلانات المشتركة بين الدولتين، وكأنّ رئاسة مجلس الأمن تطلب من الأطراف المتنازعة أن تبدأ حروبها أوّلاً قبل اللجوء إلى مجلس الأمن، حتى يكون بوسعه معرفة ما عليه القيام به.

كاتب مصري: الدبلوماسية المصرية والسودانية تكون قد حققت هدفاً في خططها الرامية لحث المجتمع الدولي نحو الانتباه لوجود مشكلة تهدد السلم والأمن الدوليين في أفريقيا

وتابع: المثير أنّ من بين اختصاصات المجلس، وأنقل هنا عن موقع الأمم المتحدة، ما يلي: يضطلع مجلس الأمن بالمهام ويتمتع بالسلطات التالية: المحافظة على السلام والأمن الدوليين وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها، والتحقيق في أي نزاع أو حالة قد تفضي إلى خلاف دولي، وتقديم توصيات بشأن تسوية تلك المنازعات أو بشأن شروط التسوية، وتحديد أي خطر يتهدد السلام أو أي عمل عدواني، وتقديم توصيات بالإجراءات التي ينبغي اتخاذها.

اقرأ أيضاً: وزير الري المصري: ملف كامل بخصوص سد النهضة أمام مجلس الأمن.. تفاصيل

وكانت مصر قد افتتحت قاعدة عسكرية بحرية جديدة في البحر المتوسط باسم "قاعدة 3 يوليو"، تملك قدرات عسكرية كبيرة، ما عُدّ استعراضاً للقوة من قبل مصر، وتحذيراً غير مباشر، خصوصاً أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال خلال مأدبة على هامش افتتاح القاعدة: إنّ "مفاوضات السد لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية". 

اقرأ أيضاً: مصر استنفدت الحلول السلمية في أزمة سد النهضة... فهل اقتربت المواجهة العسكرية؟

وتحاول إثيوبيا إقحام مصر والسودان مجدداً في دائرة المفاوضات المستمرة منذ 10 أعوام تقريباً، دون أن تنتهي إلى اتفاق ملزم واضح يحدد شروط الملء ومواعيده، متبعة استراتيجية فرض الأمر الواقع. 

وتواصل إثيوبيا تعنتها في الأزمة ومواصلة التصعيد، وقال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي: إنّ بلاده تواصل أعمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق حسب الخطط المطروحة، رغم التوترات المتصاعدة حوله.

تحاول إثيوبيا إقحام مصر والسودان مجدداً في دائرة المفاوضات المستمرة منذ 10 أعوام تقريباً

وأشار بيكيلي، في تغريدة نشرها اليوم الأحد على حسابه في "تويتر"، إلى أنّ وزارته والشركة الإثيوبية للطاقة الكهربائية أجرتا أمس بالتعاون مع المقاولين تقييماً لموقع السد، مضيفاً: "أعمال بناء سد النهضة تجري وفقاً للجداول المطروحة وحسب ما كان مخططاً"، بحسب ما أورده موقع روسيا اليوم. 

وشكر الوزير آلاف عمال البناء والمستشارين وأنواع الدعم الأخرى التي تم حشدها حول مشروع السد الذي أصبح موضع خلاف متصاعد بين إثيوبيا وجارتيها مصر والسودان.

ومن المتوقع أن ينعقد مجلس الأمن الدولي الأسبوع القادم بطلب من القاهرة والخرطوم لمناقشة ملف سد النهضة، وتصرّ إثيوبيا على نيتها إطلاق المرحلة الثانية من عملية ملء السد قريباً مع بدء موسم الأمطار.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية